إذا استمرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لمدة أربعة أو خمسة أشهر، مع ارتفاع أعداد الضحايا، فقد تؤثر سلبا على التطبيع بين إسرائيل والمغرب، بل وقد يتراجع الأخير عنه، بحسب تحليل لفرانسيسكو سيرانو في موقع "وورلد بوليتيكس ريفيو" (WPR).

سيرانو تابع، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "منذ أن قام المغرب بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في أواخر 2020، اضطرت الحكومة والديوان الملكي للملك محمد السادس إلى الانخراط في عملية توازن غريبة".

وأوضح أنه "بينما عززت فيه العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية سريعة النمو مع إسرائيل، كان على السلطات أن تصور الموقف الرسمي للرباط على أنه لا يزال مؤيد للفلسطينيين".

واستدرك: "لكن موقف المغرب أصبح أقرب إلى عدم القدرة على الدفاع عنه"، بعد هجوم حركة "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ثم "الحرب الوحشية والمتصاعدة التي شنها الجيش الإسرائيلي على غزة".

وفي ذلك اليوم، أطلقت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات محيط غزة؛ ردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة.

وقتلت "حماس" نحو  1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 239، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.

ومنذ 43 يوما يشن جيش الاحتلال حربا مدمرة على غزة خلّفت أكثر من 12 ألف شهيد فلسطيني، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، بحسب أحدث إحصاء رسمي فلسطيني.

اقرأ أيضاً

لتحقيق توازن بين فلسطين وأمريكا.. قمة الرياض تظهر الاختلافات

التحدي الأكبر

و"التحدي الأكبر الذي يواجه مجلس الوزراء الملكي هو أن غالبية سكان المغرب يدعمون تقليديا القضية الفلسطينية، ولم يؤيد كثيرون منهم التطبيع مع إسرائيل"، كما أضاف سيرانو.

وقال إن "الملك نفسه هو الذي اختار إقامة روابط (مع إسرائيل) في إطار "اتفاقيات إبراهيم"، التي توسطت فيها إدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب في 2020".

وأردف أنه "في المقابل، اعترفت واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية (التي تتنازع الرباط بشأنها منذ عقود مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر)، وهو ما يمثل انقلابا كاملا للسياسة الأمريكية وانتصارا دبلوماسيا كبيرا للمملكة".

سيرانو زاد بأنه "قبل الحرب الحالية، نجح الملك وحكومته الملكية في جعل الروابط مع إسرائيل حقيقة جديدة لا تقبل الجدل، وتسارعت وتيرة المشاركة الدبلوماسية، إذ قام الوزراء ووفود الأعمال والقادة العسكريون من البلدين برحلات مكوكية بين الرباط وتل أبيب".

ومضى قائلا إنه "في يوليو/تموز الماضي، اعترفت إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مما فتح الباب أمام زيارة محتملة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الرباط".

اقرأ أيضاً

خبراء: لهذا نجت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل في الشرق الأوسط من حرب غزة

خيارات قليلة

و"كانت القيادة المغربية متفائلة دائما بالاعتقاد بأن العلاقات مع إسرائيل ستفلت من التشكيك في كل مرة تشتعل فيها التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن الحجم الهائل للعنف الحالي يؤثر على موقف النظام المغربي"، بحسب سيرانو.

ولفت إلى أنه في منتصف أكتوبر الماضي، تظاهر عشرات الآلاف من المغاربة في عدة مدن دعما لفلسطين، وداس متظاهرون على الأعلام الإسرائيلية والأمريكية ورددوا شعارات ضد التطبيع مع إسرائيل.

وزاد بأنه "إدراكا لمدى الدعم العميق للفلسطينيين في المجتمع المغربي، سمحت السلطات بتنظيم الاحتجاجات، وهنا تكمن المفارقة بالنسبة لحكام المغرب: فما كان ذات يوم غير مستساغ أن يقوله أي سياسي علنا أصبح الآن يصرخ به الآلاف من المغاربة في الشوارع".

ورأى سيرانو أنه "لم يعد أمام السلطات المغربية سوى خيارات قليلة للغاية، إلى جانب الأمل في أن ينتهي الصراع قريبا (...) ويبدو أن المغرب يعول على أن مسيرة نتنياهو السياسية من المرجح أن تنتهي مع الحرب".

واستدرك: "لكن هذا أيضا مفرط في التفاؤل؛ فسياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية تختلف في الحجم وليس في الجوهر عن سياسات سابقاتها من حيث توسيع السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية وتقرير المصير".

وقال محلل سياسي مقرب من دوائر الحكم بالمغرب، طلب عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع، إنه "بالنسبة للرباط، سيتوقف الكثير على المدة التي سيستمر فيها الهجوم الإسرائيلي على غزة.. إذا كانت الحرب قصيرة، فلا أعتقد أن الأزمة الحالية ستنهي التطبيع".

"لكن إذا استمر الهجوم على غزة لمدة أربعة أو خمسة أشهر، مع ارتفاع أعداد الضحايا، فإن هذا بالطبع سيضع الدولة المغربية في موقف حرج قد يؤثر على التطبيع، بل ويؤدي إلى التراجع عنه"، كما ختم المحلل السياسي.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ عقود.

اقرأ أيضاً

غزة.. السعودية ومصر والأردن والمغرب تدعو لوقف التصعيد وترفض التهجير

المصدر | فرانسيسكو سيرانو/ وورلد بوليتيكس ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تطبيع المغرب إسرائيل حرب غزة مدة حماس مع إسرائیل على غزة

إقرأ أيضاً:

«ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟

يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الثلاثاء، بالتزامن مع تصريحات له أن إسرائيل دولة صغيرة، مشبها إياها برأس القلم، الأمر الذي أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل ما يشاع عن تهجير الفلسطينيين.

ومن المقرر أن يصبح نتنياهو، اليوم الثلاثاء، أول زعيم أجنبي يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد توليه منصبه لولاية ثانية في 20 يناير.

وتهدف المحادثات بين الجانبين إلى الترتيب لجولة جديدة من المفاوضات بين إسرائيل وحركة “حماس” بشأن استمرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، اقترح ترمب «تنظيف» غزة ونقل الفلسطينيين إلى أماكن «أكثر أماناً» مثل مصر أو الأردن، ما أثار احتجاجات دولياً.

وأعلن نتنياهو قبل سفره إلى الولايات المتحدة أنه سيبحث الثلاثاء مع ترامب «الانتصار على (حماس)، وعودة جميع رهائننا ومحاربة المحور الإيراني بكل أبعاده».

وأضاف: «أعتقد أنّه من خلال العمل من كثب مع الرئيس ترامب، سيكون بإمكاننا إعادة رسم (خريطة الشرق الأوسط) بشكل إضافي وأفضل».

والاثنين، أعلن الرئيس الأميركي أنّه «لا ضمانات» على أنّ وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة بين الدولة العبرية وحركة «حماس» سيظل صامداً.

لكنّ المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي كان جالساً إلى جانب ترمب خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض سارع إلى القول إنّ الهدنة «صامدة حتى الآن ونحن بالتالي نأمل حتماً (…) أن نُخرج الرهائن وننقذ أرواحاً ونتوصّل، كما نأمل، إلى تسوية سلمية للوضع برمّته».

وتتزامن زيارة نتنياهو لواشنطن مع مواصلة إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية المحتلة بدأتها في 21 يناير.

وأجاب ترامب على صحافي سأله الاثنين عما إذا كان يؤيد ضم إسرائيل للضفة: «لن أتحدث عن ذلك»، مضيفاً أن إسرائيل «دولة صغيرة جداً من حيث مساحة الأراضي».

وأضاف: “إنها قطعة أرض صغيرة جدا. إنه لأمر مدهش ما تمكنوا من فعله عندما تفكر في الأمر، هناك الكثير من القوة العقلية الجيدة والذكية، لكنها قطعة أرض صغيرة جدا، لا شك في ذلك”.

ولا يبدو أن رفض الأردن ومصر استقبال الفلسطينيين، وهو أمر طالب ترامب بحدوثه، يثبط عزيمة ترامب الذي يتعامل مع كل تحدٍ دبلوماسي كأنه تفاوض على عقد عمل. وقال دونالد ترمب مجدداً الخميس «نحن نفعل الكثير من أجلهم وبالتالي سيفعلون ذلك».و

واعتبر ترامب إلى أن إسرائيل دولة صغيرة، مشبها إياها برأس القلم، الأمر الذي أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل ما يشاع عن تهجير الفلسطينيين.

وردا على سؤال مراسل صحفي حول مدى تأييد ترامب لضم إسرائيل للضفة الغربية، قال الرئيس الأمريكي: “إسرائيل صغيرة جدا في الشرق الأوسط، مثل رأس هذا القلم مقارنة بالطاولة. هذا ليس جيدا!”.

على إثر ذلك، انتشر فيديو التصريح كالنار في الهشيم على منصة “إكس”، حيث اعتبر نشطاء أنه خطير جدا ويكشف عن الخطط المستقبلية لترامب في الشرق الأوسط. فيما أشار آخرون إلى أن حل الدولتين بات حلما يصعب تحقيقه، وأن الضفة الغربية ستصبح ملكا لإسرائيل.

وقد وسعت إسرائيل عملية “السور الحديدي” في الضفة الغربية، وهاجم مستوطنون إسرائيليون متطرفون قرية سوسيا في الضفة الغربية، وفقا لتقارير فلسطينية أوردتها وكالة الأنباء الرسمية “وفا” مساء الإثنين.

وأفادت التقارير بأن “المستوطنين رشقوا عدة منازل بالحجارة ودمروا خزانات المياه، وألحقوا أضرارا بالسيارات، وذلك بحسب ما نقلته الوكالة عن السلطات المحلية في منطقة مسافر يطا جنوبي الخليل”.

ونشر المخرج الفلسطيني باسل عدرا، الفائز بجائزة في مهرجان برلين السينمائي العام الماضي عن فيلمه “لا أرض أخرى”، عدة مقاطع فيديو على منصة “إكس” يُقال إنها توثق الهجوم والأضرار الناجمة عنه.

وكتب عدرا: “أنا محاصر الآن من قبل مستوطنين مسلحين ومقنعين يقودون هجوما إرهابيا على مسافر يطا بينما أكتب هذه الكلمات”.

من جانبه، شارك السفير الألماني لدى إسرائيل، شتيفن زايبرت، مقاطع الفيديو التي نشرها عدرا، وعلق قائلا: “كيف يمكن أن يصبح هذا الأمر شبه يومي؟ يجب اتخاذ إجراءات صارمة ضد عنف المستوطنين المتطرفين”.

وأضاف: “إنها مسألة حقوق إنسان (للفلسطينيين الذين يعيشون هناك) ومسألة أمن، لأن لا أحد يمكن أن يكون لديه مصلحة في إشعال النيران بالضفة الغربية”.

سُئل ترامب عن ضم الضفة الغربية للاحتلال الإسرائيلي، فتجنب الرد المباشر وأجاب بطريقة أخرى

“هل ترى هذا القلم، هذا القلم الرائع؟ طاولتي تمثل الشرق الأوسط، وطرف القلم هو إسرائيل. أستخدمه كتشبيه. إنها قطعة أرض صغيرة، ومن المذهل ما تمكنوا من تحقيقه.

الشيء "المذهل! " الذي فعلته… pic.twitter.com/e09LtblNwh

— Tamer | تامر (@tamerqdh) February 3, 2025

"هل ترى هذا القلم الجميل؟ تخيل سطح مكتبي هو الشرق الأوسط ورأس القلم هو إسرائيل. هذا ليس جيداً، صحيح؟"
هكذا أجاب ترامب على سؤال حول ما اذا كان سيدعم ضم "اسرائيل" لأجزاء من الضفة الغربية. pic.twitter.com/El5T9XN8ns

— Israa Alfass ???? إسراء الفاس (@Israa_Alfass) February 3, 2025

هل ستعطي الكيان الصهيوني اراضي جديدة؟!

دونالد ترامب يُجيب : الشرق الاوسط هو مكتبي واسرائيل هي رأس قلمي.. انها دولة صغيرة وهذا ليس عادل pic.twitter.com/3Unk3OHzwn

— MUAYAD ALZAMIL (@Muayad_platform) February 4, 2025

مقالات مشابهة

  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • وزير الزراعة الإسرائيلي: السعودية أكثر وعيا وستضطر لإعادة صياغة شروط التطبيع
  • الرئيس الجزائري يعلن شروط «التطبيع» مع إسرائيل ويردّ على تصريحات فرنسا المسيئة!
  • تصريحات تبون حول التطبيع مع إسرائيل.. مناورة سياسية مفضوحة والهدف النيل من المغرب
  • إبراهيم الأمين: أمريكا تفتح رحلة لبنان نحو التطبيع.. وترامب ينتظر إضعاف حزب الله
  • رئيس الجزائر يعلن شرطا واحدا لـ "التطبيع مع إسرائيل"
  • رئيس الجزائر: التطبيع مع إسرائيل مشروط بقيام دولة فلسطينية
  • تعارض أهداف حماس وإسرائيل مشكلة لدى ترامب
  • صحيفة: ترامب ونتنياهو سيعلنان عن تقدم في التطبيع بين إسرائيل والسعودية