خلاف بقمة آبيك.. الدول الآسيوية المسلمة تدعو لوقف العدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
جاكرتا- في إشارة إلى الخلاف مع الإدارة الأميركية بشأن عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، أصدر قادة إندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي بيانا منفصلا إثر ختام قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي "آبيك" المنعقدة الخميس والجمعة في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، مشيرين إلى إصدار الرئيس جو بايدن بيانا منفصلا -بصفته رئيس القمة- بخصوص الوضع في أوكرانيا وغزة.
وأوضح القادة أن بيانهم يعكس توضيحا "أفضل وأعدل" للمحادثات حول الكارثة في قطاع غزة، مؤكدين على ما جاء في قمة الدول العربية والإسلامية الاستثنائية الأخيرة المنعقدة في الرياض، بخصوص العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
وعبّروا عن قلقهم العميق تجاه المعاناة الإنسانية الهائلة ذات الآثار السلبية للحروب والنزاعات حول العالم، داعين إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية في قطاع غزة، مشددين على الحاجة إلى توفير السلع والخدمات الأساسية بشكل فوري ومستمر وكاف، دون أي عوائق للمدنيين في جميع أنحاء قطاع غزة.
وأكد البيان أنه لا تحقيق لحل دائم ولا عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوى بالطرق السلمية بناء على القرارات الأممية ذات الصلة، وعلى أساس حل الدولتين في حدود ما قبل عام 1967، وأن تكون شرقي القدس عاصمة فلسطين.
ويعكس البيان المنفصل الخلاف بين الدول الأعضاء بشأن الوضع في غزة، وحتى أوكرانيا التي كان الخلاف بشأنها قد ظهر في قمة العام الماضي بالعاصمة التايلندية بانكوك.
يأتي ذلك فيما تطرّق بيان القمة الرئيسي، الجمعة، إلى قضايا تتعلق بالاقتصاد والطاقة والمناخ والاقتصاد الرقمي والأمن الغذائي، ولم يذكر الجوانب السياسية على اعتبار أن المنتدى اقتصادي المغزى والمنطلق بالأساس.
لكن البيت الأبيض -وكعادة الدول المضيفة أحيانا في كثير من القمم- أصدر بيانا رئاسيا خاصا بالأحوال في أوكرانيا وغزة، مكتفيا بالقول "تبادلنا الآراء حول الأزمة القائمة في غزة، وتحدث قادة الدول بمن فيهم الولايات المتحدة عن وجهات نظرهم، كما شارك بعض القادة الموقف الموحد للقمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض".
وأشار بيان البيت الأبيض إلى أن "بعض قادة الدول عارضوا إدراج هذه اللغة في بيان البوابة الذهبية لقمة آبيك 2023، على اعتبار أنهم لا يؤمنون أن آبيك منتدى لمناقشة القضايا الجيوسياسية".
في السياق ذاته، قال صحفيون إن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، فاجأ نظيره الأميركي أمام الصحفيين قبيل قمة "آبيك"، بالقول "تأمل إندونيسيا أن تسهم شراكتنا في تعزيز السلام والازدهار الإقليمي والعالمي، ولذلك تناشد الولايات المتحدة للقيام بدور أكبر لوقف الفظائع في غزة فالهدنة واجبة من أجل الإنسانية". لكن الرئيس بايدن تفادى التفاعل مع تلك العبارة عن غزة، وعاد ليتحدث عن الطقس والمناخ.
بدوره، قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم "طُلب منا أن نستنكر العدوان في أوكرانيا، لكن البعض يظل صامتا تجاه الفظائع التي لحقت بالشعب الفلسطيني على وجه الخصوص، فذلك لا يعني شيئا بالنسبة لأحاسيس العدالة والشفقة لديهم، بصراحة كم هو رائع أن نكون ثابتين في موقفنا في دعم العدالة لأرواح هؤلاء الفلسطينيين".
وأضاف إبراهيم "أوقفوا هذه الفظائع، أوقفوا قتل النساء والأطفال الآن، لأننا نشهد كل يوم مقتل المزيد من الأطفال الرضع"، لافتا إلى أنه "من المهم لآبيك أن يكون لها حد أدنى من التفاهم والتعاون والثقة بين الدول الأعضاء".
وحذّر من فشل الدول المجتمعة في التعامل مع قضايا ملحة كقضيتي أوكرانيا وفلسطين، قائلا إنه من الضروري أن يتحمل المجتمعون المسؤولية عن علاج مثل هذه المشاكل وتفادي حدوثها، مشيرا إلى أنه تحدث عن مكامن القلق هذه للرئيس الأميركي جو بايدن عشية القمة، وكذلك لرئيسة بيرو التي تستلم بلادها رئاسة "آبيك" العام المقبل.
غزة في اجتماع وزراء دفاع آسيان
ما حدث في قمة "آبيك" يكرر ما حصل -بصورة أخرى- في اجتماع وزراء دفاع رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" في جاكرتا الأسبوع الماضي، حيث كان موقف إندونيسيا مختلفا عن البيان الموحد للوزراء الذي لم يشِر إلى غزة، وركز على القضايا الأمنية الإقليمية بما في ذلك التوتر في بحر جنوب الصين.
وافتتح وزير الدفاع الإندونيسي والمرشح الرئاسي الجنرال المتقاعد برابوو سوبيانتو، الاجتماع بالقول إن "موقف إندونيسيا واضح وثابت، وهو أننا نطالب وندفع باتجاه وقف فوري للأعمال العدائية وفتح ممرات إنسانية للمساعدات الإنسانية، وأن العنف ضد السكان المدنيين يجب أن يتوقف، وفي المقابل يجب أن يستمر بذل الجهود لتحقيق هدنة وأن توسع وتسرّع مسارات إيصال المساعدات الإنسانية".
وأضاف سوبيانتو أن "إندونيسيا فاعلة في تواصلها مع مختلف الأطراف للوصول إلى تسوية لهذه القضية، والدعوة إلى إيجاد ممرات آمنة للضحايا في غزة، وأنها ثابتة في تعهداتها بإيصال المساعدات لأولئك المتضررين من هذه الكارثة، وقد أوصلنا 21 طنا من مجموع 51.5 طنا من المساعدات التي تعهدنا بها للفلسطينيين حتى الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وسنستمر في تقديم ذلك".
وتحدث عن سعي إندونيسيا لإرسال مستشفى عائم قريبا، يحمل معونات وفرقا طبية للضحايا من غزة، إلى جانب استعدادها لتقديم رعاية طبية لفترات أطول في مستشفيات داخل إندونيسيا.
ممرات آمنة
وفي ختام الاجتماع، أصدر سوبيانتو -بوصفه رئيس الاجتماع- بيانا منفصلا حول الأوضاع في الشرق الأوسط، موضحا تبادل وجهات النظر والتعبير عن القلق العميق تجاه تدهور الأوضاع في غزة، والتأكيد على ما جاء في قمة دول آسيان مع مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وبيان وزراء خارجية آسيان الشهر الماضي.
وأشار البيان إلى أن المجتمعين عبّروا عن قلقهم العميق من الهجمات التي أوقعت ضحايا بين المدنيين الأبرياء ودمرت البينة التحتية المدنية، داعين إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية، و"دعوة الطرفين" إلى احترام حرمة الأرواح والممتلكات، وحماية المدنيين بمن فيهم رعاياهم من دول آسيان، وأن يطلق سراح "الرهائن" فورا دون شروط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة فی قمة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
"سوريا" وغيوم المستقبل "الجولاني" (٥).. !!
وماذا بعد في جعبتك يا جولاني؟
لم يكن مجيئك، ولا ترأسك لبلد في حجم سوريا طبيعيًّا، ولأن الشعب السوري ذاق مرارة حكم متعثر (ليس المجال لتقييم سياساته ونظامه الآن)، فقد يرى البعض أن مجيء منقذ، (أي منقذ) لسوريا كان حتميًا. واليوم وقد أصبحت حاكمًا لها هل تعرف ماذا تُمثِّل سوريا لمصر التي فَرَضْتَ رسومًا على المصريين لدخولها؟!
عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر ٢٩ أكتوبر ١٩٥٦م، أعلَنَت سوريا التعبئة العامة اليوم الثاني ٣٠ أكتوبر، لتكون قواتها جاهزة للمشاركة في الحرب، وقَطَعَتْ خطوط أنابيب بترول الشرق، كي لا يصل إلى أوربا، ويكون ورقة ضغط على دول العدوان للخروج من الأراضي المصرية، كما استُؤنِف البَثُ الإذاعي المصري من "دمشق" عقِب ضَرْب محطة "أبي زعبل" المصرية. انتهى العدوان بعد صمود ومقاومة الشعب المصري في ٢٣ ديسمبر ١٩٥٦. ونظرًا لاستشعار الخَطَر المُتَوقَّع مستقبلاً من عدو غادِر قرر الرئيسان المصري والسوري٢٢ فبراير ١٩٥٨ إقامة وحدة ثنائية شاملة، فاتَّحدت الدولتان تحت اسم "الجمهورية العربية المتحدة" برئاسة الزعيم المصري الراحل "جمال عبد الناصر" كبداية لمشروع وحدة عربية كبرى بجيشٍ عربي واحد، وسوق عربية مُشترَكَة تقِفُ أمام أعْتى الدول الاستعمارية، ولمواجهة دولة الكيان الصهيوني التي تُشكِّل خطرًا دائمًا منذ أن زُرِعَ بينهم، واحتل "فلسطين" العربية، ولكن الوحدة كانت تؤرق دول الاستعمار التي لا يهدأ بالها إلَّا إذا فَرَّقَتْ الشعوب العربية، ليسْهُل لها إعادة استعمارها شعب تُلْو الآخر، ولكي تضمن القوة الدائمة لصنيعتهم إسرائيل المحصورة بينهم. فأَبَت الدول الاستعمارية أن تُكْمِل الجمهورية العربية المتحدة مسيرتها في التنمية، والتقدم العسكري فأوعزت لبعض حُكام الدول العربية الشقيقة، وأكدت مخاوفهم بأن الوحدة تُشكِّلُ خطرًا على عروشهِم، وتهدِّدهُم إذا ما انتقلت عدوى الثورات إلى بلادهم، فجنَّد الأعداء بعض عناصر الجيش السوري للدعوة بالانفصال، وإفشال الوحدة، وتم الانفصال بالفعل في ١٩٦١م، كما اتسمت مشاعر (بعض) الدول العربية تجاه مصر بعد سنوات طويلة من كُل حدثٍ كانت مصر فيه قاسمًا مشتركًا في المُساندة العسكرية، أو النهضة العمرانية والتعليمية والرِّعاية الطِبيَّة غير الجُحود، ونُكران الجميل.
ربما يختلف البعض في ذلك، وتتفاوت وجْهات النظر في تفسير الأحداث وتحليل علاقات الأطراف الأخرى تجاه مصر. ولكن المؤكد هو جَهْل الأجيال الحالية (هنا وهناك) بالتاريخ نتيجة لما تقوم به بعض الدول من تزييف الأحداث، فتُسقِطْ بعضها عمدًا، وتُضيف بعضًا لصالحها، وفي الحالتين تشويه للتاريخ، وإنكار فضل مصر.
(نكمل لاحقًا).. .