تجاوزت المليار يورو.. فاتورة أولية للاحتجاجات الأخيرة تثقل كاهل الاقتصاد الفرنسي
تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT
قبل عام من أولمبياد باريس وفي عالم تحكمه ديمقراطيات مشتعلة بالأزمات والحروب، لم تسلم فرنسا من التعرض لحمى شديدة العنف أثرت على صورتها في الخارج وعلى وسائل الإعلام الأجنبية التي لخصت الوضع بعبارة "فرنسا تحترق!".
ورغم استعانة الدولة بأكثر من 40 ألف رجل أمن لقمع الاحتجاجات في المدن الكبرى والمناطق الحضرية الأصغر، كانت المرافق العامة ووسائل النقل والمحلات التجارية في مرمى نيران الغضب التي اندلعت عقب مقتل الفتى نائل ذي الأصول الجزائرية على يد شرطي أثناء تفتيش مروري.
واليوم مع انتهاء العاصفة، بدأت الحكومة في تقييم حجم الخسائر التي خلفتها مشاهد الدمار على الاقتصاد الفرنسي بالأرقام.
ووفق تقدير أولي لجمعية أرباب العمل الفرنسية "ميديف"، فإن التكلفة تصل إلى أكثر من مليار يورو.
مليار يورو على الأقلوفي مقابلة مع جيفروي رودي بيزيو رئيس جمعية "ميديف"، أعلن أنه من السابق لأوانه تقديم رقم دقيق، لكن الأمر الأكيد هو أن الأضرار تتجاوز مليار يورو، وذلك بدون احتساب التداعيات التي لحقت بقطاع السياحة.
ووفق معطيات الجمعية، فقد تمت سرقة 200 متجر بالكامل و300 فرع مصرفي و250 محلا لبيع السجائر في جميع أنحاء فرنسا في الأيام التي تلت مقتل نائل.
ومن الواضح أن "أعمال الشغب" ستكلف شركات التأمين غاليا. فقد أعلن اتحاد شركات التأمين الفرنسي أن "تقييم المطالبات الأولية التي قدرت بأكثر من 6500 حتى الآن ستكلف ما لا يقل عن 280 مليون يورو على مدار 4 أيام".
وعند المقارنة، تبدو أن فاتورة الاحتجاجات المرتبطة بمقتل نائل ستكون أثقل بكثير من الأحداث التي اندلعت في ليلة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2005 إثر وفاة شابين صعقا في محطة كهرباء في أثناء اختبائهما من الشرطة.
فقد كلفت أعمال الشغب التي استمرت عدة أسابيع نحو 204 ملايين يورو، وتم تحديد وإعلان المطالبات بالتعويض آنذاك بما يقرب من 10 آلاف مطالبة.
وبمقارنة أخرى سريعة لتوضيح حجم الاختلاف؛ نجد أن عدد السيارات المحترقة في عام 2005 بلغ حوالي 9 آلاف خلال 3 أسابيع، بينما احترقت 6 آلاف سيارة في الأيام الماضية لكن في غضون 6 أيام فقط.
وبالتالي، تقدر جمعية "ميديف" أن التكلفة الاقتصادية التي واجهتها فرنسا قبل 18 عاما ستكون أقل بـ5 مرات من تكلفة هذا العام. وقد يكون سبب ذلك في طبيعة الضرر، حيث أضرمت حينها النيران في السيارات بشكل أساسي وكانت الخسائر التي تكبدتها المتاجر قليلة نسبيا.
شركات التأمين في قلب الأزمةولمواجهة الأضرار التي لحقت بالتجار وأصحاب الشركات، طلب وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير من شركات التأمين تمديد المواعيد النهائية للتبليغ وتقليل الخصومات وتبسيط الإجراءات والتعويض السريع للمهنيين الذين كانوا ضحايا لأعمال النهب.
كما طلب الوزير من البنوك تأجيل دفع الرسوم الاجتماعية والضريبية للشركات التي تواجه صعوبات بعد لقاء جمعه بممثلين عن التجار وأصحاب المطاعم والفنادق وشركات التأمين والمصارف الفرنسية.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أوضح منذر شريف أستاذ الاقتصاد والمالية في جامعة رانس وفينانسيا في باريس أن الحكومة الفرنسية "ترفض تقديم المساعدة لشركات التأمين على عكس ما فعلت أثناء جائحة كورونا، ما يعني أنها ستجد نفسها وحيدة لتعويض الجهات المتضررة".
ويثق شريف في قدرة شركات التأمين على الاستجابة بسرعة لأنها مجهزة لتسديد التعويضات لكن المعضلة تكمن في تكرار هذا النوع من المطالبات، فقد أصبحت "فرنسا تشهد مزيدا من الكوارث الاجتماعية مثل الفيضانات والكوارث الطبيعية الأخرى"، على حد تعبيره.
ويعتقد أستاذ الاقتصاد أنه في مرحلة من المراحل، ستقوم شركات التأمين بزيادة الأسعار بسرعة، ما يعني أن المشترك في التأمين سيضطر لدفع الفاتورة، أو ستضطر الدولة إلى إنشاء صندوق حكومي محدد للحصول على احتياطي معين يجعل التمويل والمشاركة في السداد مع التأمين ممكنا.
وفي حديثه للجزيرة نت، سلط شريف الضوء على مدى صعوبة تحديد التأثير الحقيقي لأعمال الشغب على المواطنين والتجار. ويشرح ذلك بالقول إنه "من السهل قياس التعويضات عند حرق منزل أو سيارة مثلا لكن العكس غير صحيح إذا تعرض متجر لتحطيم النوافذ أو السرقة أو الإغلاق".
ولا تُعد شركات التأمين الجهات الوحيدة التي لن تتلقى مساعدة من الدولة؛ إذ سيتعين على مجالس البلديات إيجاد الحلول والأموال اللازمة للقيام بكل عمليات الإصلاح خارج مظلة الحكومة من خلال خفض النفقات المستقبلية أو إلغاء بعض الأنشطة لتوفير نفقات الميزانية.
ويرى أستاذ الاقتصاد أنه من غير المستبعد أن تشهد الضرائب المحلية وضرائب الإسكان ارتفاعا في الفترة المقبلة، وهو ما سيؤدي بالمواطن إلى دفع ثمن كل هذا الضرر وتأثر قوته الشرائية.
السياحة هي الأكثر تضررايُعد قطاع السياحة، الذي كان يعول على موسم الصيف لمواصلة تحسين صورة البلاد وحصد مكاسب اقتصادية إضافية، من القطاعات الأكثر تضررا أيضا.
فقد أدت أعمال الشغب الأخيرة إلى انفجار في عمليات إلغاء الرحلات الجوية والحجوزات، خاصة من السياح الأجانب. ووصلت نسبة الإلغاء إلى أكثر من 25% وفي بعض المدن إلى 50%، وفق تقديرات متخصصين في السياحة.
وعند سؤال أحد العاملين في فندق في الدائرة الـ16 الواقعة بالقرب من برج إيفل، أخبر الجزيرة نت أن العديد من السياح ألغوا الحجز ولم يقترحوا حتى استبداله بتواريخ أخرى، خاصة السياح الذين كان من المقرر أن يصلوا من الولايات المتحدة وكندا.
ويذكر أنه في نفس الفترة من العام الماضي، حققت عائدات البلاد في السياحة من غير المقيمين وحدهم أكثر من 5 مليارات يورو. ويقدر خبراء أن القطاع قد يشهد عجزا يبلغ نحو ملياري يورو هذا العام.
وفي سياق متصل، يتنبأ شريف منذر بوقوع مشكلة في ميزان المدفوعات أو ميزان الخدمات، وعلى وجه الخصوص إيرادات السياحة، حيث تستقبل فرنسا ما يتراوح بين 60 مليونا و80 مليون سائح سنويا، ما يعني عجزا نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويشير أستاذ الاقتصاد إلى مشكلة أخرى ستواجه الاقتصاد الفرنسي وتتمثل في تردد المستثمرين الأجانب في إنشاء المشاريع في بلد يواجه اضطرابات وإضرابات لا تتوقف، وهو ما قد يؤثر على النمو الاقتصادي للبلاد بمقدار نقطة واحدة في عام 2024.
من جهة أخرى، قررت الدولة منح المتاجر أسبوعا إضافيا للتنزيلات في البلاد خلال يوليو/تموز الجاري للسماح لهم بتحقيق المزيد من المبيعات والحد من الخسائر التي تراوحت بين 20 و40% من رقم المعاملات.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نواب البرلمان عن السياحة البيئية: ركيزة لتنشيط القطاع وتعزيز الاقتصاد ودعم الصناعة المحلية بفرص استثمارية واعدة
نواب البرلمان عن السياحة البيئية: ركيزة لتنشيط القطاع السياحي وتعزيز الاقتصاد الوطني يدعم الصناعة المحلية ويوفر فرص عمل مستدامة فرصة استثمارية واعدة تتطلب تشريعات محفزة وتعاونًا بين القطاعات
اكد عدد من أعضاء مجلس النواب، أن تطوير السياحة البيئية يمثل فرصة ذهبية لدعم الصناعة المحلية وتوفير فرص عمل مستدامة للمجتمعات المحلية، حيث أن هذا القطاع يمكن أن يكون محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية إذا تم استغلاله بشكل علمي ومدروس.
أكد النائب علي الدسوقي، عضو لجنة السياحة بمجلس النواب، أن دعم السياحة البيئية يعد خطوة استراتيجية نحو تنشيط القطاع السياحي وتعزيز الاقتصاد الوطني، مشيدًا بجهود وزارة البيئة بقيادة الدكتورة ياسمين فؤاد في تطوير المحميات الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف الدسوقي أن مصر تمتلك مقومات طبيعية وسياحية فريدة، لافتًا إلى أن الاستثمار في السياحة البيئية سيسهم في جذب شرائح جديدة من السائحين الباحثين عن تجربة سياحية تجمع بين الاستمتاع بالطبيعة والحفاظ عليها.
وأوضح عضو لجنة السياحة في تصريح خاص لـصدى البلد أن الاجتماعات المستمرة بين وزارة البيئة والقطاع السياحي تعكس إدراك الدولة لأهمية التكامل بين القطاعات لتحقيق أقصى استفادة من الموارد الطبيعية، مع ضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة. وأشار إلى أن تحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء خطوة مهمة تفتح المجال أمام استثمارات ضخمة في مجالات الطاقة المتجددة، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو السياحة منخفضة الكربون، مؤكدًا أن إنشاء محطات للطاقة الشمسية بالفنادق والمرافق السياحية سيكون له أثر إيجابي على خفض تكاليف التشغيل وتقليل الانبعاثات الضارة.
وشدد الدسوقي على أهمية تكثيف حملات التوعية لشركات السياحة والمجتمعات المحلية بأهمية الحفاظ على البيئة والالتزام بالمعايير البيئية في تشغيل المنشآت السياحية. كما دعا إلى ضرورة الإسراع في إصدار التشريعات اللازمة لدعم السياحة البيئية، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين لضمان استدامة المشروعات داخل المحميات الطبيعية.
وأشار إلى أن دعم المجتمعات المحلية وتمكينها من المشاركة في الأنشطة البيئية والسياحية يعزز من فرص التشغيل ويحسن الأوضاع الاقتصادية لتلك الفئات، ما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة. واختتم الدسوقي تصريحه بالتأكيد على أن السياحة البيئية ليست مجرد منتج سياحي بل هي أداة فعالة لدعم الاقتصاد والحفاظ على البيئة في آن واحد.
ومن جانبها، أكدت النائبة إيفلين متي، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن تطوير السياحة البيئية يمثل فرصة ذهبية لدعم الصناعة المحلية وتوفير فرص عمل مستدامة للمجتمعات المحلية، مشيرة إلى أن هذا القطاع يمكن أن يكون محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية إذا تم استغلاله بشكل علمي ومدروس.
وأوضحت متي في تصريح خاص لـ"صدى البلد أن إنشاء النزل البيئية والمخيمات السياحية يتطلب دعم الصناعات المحلية في مجالات البناء المستدام، وإنتاج الأثاث والمنتجات الصديقة للبيئة، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة أمام المصانع الصغيرة والمتوسطة لتوسيع نشاطها والمساهمة في سلاسل الإمداد لتلك المشروعات. وأشادت بجهود وزارة البيئة في تطوير المحميات وإدخال الطاقة المتجددة في تشغيل المنشآت السياحية، مؤكدة أن هذا التوجه يعزز من تنافسية مصر في السوق السياحي العالمي ويواكب الاتجاهات الحديثة في السياحة المستدامة.
ضمان تنفيذ مشروعات سياحية بيئيةوأضافت عضو لجنة الصناعة أن التعاون بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص ضروري لضمان تنفيذ مشروعات سياحية بيئية قائمة على استخدام المواد المحلية الصديقة للبيئة، ما يسهم في تقليل التكاليف وتعزيز فرص التصدير للمنتجات المصرية المستخدمة في هذه المشروعات. كما شددت على أهمية تطوير برامج تدريبية للمجتمعات المحلية لتأهيلهم للمشاركة في إدارة الأنشطة البيئية، ما يضمن تحقيق تنمية مجتمعية حقيقية ويقلل من معدلات البطالة في المناطق المحيطة بالمحميات.
ودعت متي إلى التوسع في استخدام الطاقة الشمسية داخل المنشآت السياحية، مؤكدة أن ذلك لا يسهم فقط في تقليل الانبعاثات الضارة، بل يوفر أيضًا فرص عمل في قطاع الطاقة المتجددة، ويعزز من مكانة مصر في تحقيق التزاماتها الدولية في مجال البيئة. وأشارت إلى أن دعم الجمعيات الأهلية في تقديم برامج تدريبية للشباب يمكن أن يسهم في خلق جيل واعٍ بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق الاستدامة البيئية.
واختتمت النائبة تصريحها بالتأكيد على أن تعزيز السياحة البيئية ليس رفاهية بل ضرورة اقتصادية وبيئية تتطلب تضافر جهود الجميع من أجل مستقبل أكثر استدامة، مع وضع خطط واضحة لضمان تحقيق التنمية الصناعية المتكاملة في إطار بيئي مسؤول.
وفي السياق ذاته، قالت النائبة مرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن التوجه نحو دعم السياحة البيئية يمثل فرصة استثمارية واعدة يجب استغلالها بالشكل الأمثل لتعزيز الإيرادات العامة وتنويع مصادر الدخل القومي. وأشادت الكسان بجهود وزارة البيئة في وضع أسس ومعايير واضحة لتنظيم الاستثمار في المحميات الطبيعية، مشيرة إلى أن خلق بيئة تشريعية جاذبة للمستثمرين هو الضامن الرئيسي لاستدامة هذا النوع من السياحة.
توفير حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرينوأكدت الكسان في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن إدماج المعايير البيئية في القطاع السياحي يتطلب توفير حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين الراغبين في تطوير مشروعات تتوافق مع اشتراطات السياحة المستدامة، مشددة على ضرورة تعاون جميع الوزارات المعنية لتذليل العقبات التي قد تعترض المستثمرين. وأضافت أن الاستثمار في السياحة البيئية لا يعود بالنفع على الاقتصاد فحسب، بل يسهم في تحسين صورة مصر عالميًا كوجهة سياحية مسؤولة تحترم البيئة وتدعم المجتمعات المحلية.
وأشارت عضو لجنة الخطة والموازنة إلى أن تطبيق برنامج "الجرين ستار" لتقييم استدامة الفنادق خطوة مهمة لتحفيز المنشآت السياحية على تحسين كفاءتها التشغيلية وتقليل استهلاك الموارد، مؤكدة أن دعم هذا البرنامج يجب أن يكون ضمن أولويات الحكومة لما له من أثر مباشر على جودة الخدمات المقدمة للسائحين.
ودعت الكسان إلى ضرورة الاستفادة من النجاحات التي حققتها الوزارة في السنوات الماضية بتوسيع نطاق السياحة البيئية لتشمل مناطق جديدة، مع الترويج لتلك المقاصد في الأسواق الدولية. كما شددت على أهمية إشراك المجتمعات المحلية في خطط التطوير لضمان تحقيق التنمية المتوازنة وتقليل معدلات البطالة في تلك المناطق.
واختتمت النائبة تصريحها بالتأكيد على أهمية تحويل التحديات الحالية إلى فرص من خلال التشريعات الداعمة، والمبادرات المشتركة بين القطاعين العام والخاص، لضمان تحقيق أقصى استفادة اقتصادية من السياحة البيئية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
عقدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة اجتماعا موسعا مع لجنة البيئة باتخاذ الغرف السياحية برئاسة الأستاذ حسام الشاعر رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية في مصر ، لبحث ومتابعة جهود التعاون القائمة والمستقبلية لدعم الاستثمارات بالقطاع السياحي البيئي وتشجيع الاستثمارات البيئية بالمحميات الطبيعية، وكذلك مناقشة التحديات التى تواجه هذا الملف، وذلك بحضور أعضاء لجنة البيئة بالاتحاد وهم جيفارا الجافى ، والدكتورة غادة شلبى والمهندس شريف الغمراوى، والدكتور على أبو سنه الرئيس التنفيذى لجهاز شئون البيئة والأستاذة هدى الشوادفى مساعد الوزيرة للسياحة البيئية والأستاذ محمد معتمد مساعد الوزيرة للتخطيط والاستثمار والمهندس محمد عليوة مدير مشروع جرين شرم، وعدد من القيادات المعنية.
وفى مستهل الاجتماع اكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة إن التعاون بين القطاع البيئي والقطاع السياحي يمثل حجر الزاوية لتحقيق تنمية مستدامة، لافتة الى أن السياحة البيئية أصبحت محركًا رئيسيًا لجذب زوار المحميات وتعزيز الاقتصاد الوطني، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي. مؤكدة على حرص وزارة البيئة على التنسيق مع الجهات المعنية في قطاع السياحة لضمان تطبيق معايير الاستدامة البيئية، منها الحد من التلوث، وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، مضيفة أن تكامل الجهود بين الطرفين يسهم في تقديم تجربة سياحية فريدة تحافظ على البيئة وتدعم المجتمعات المحلية، مما يعزز مكانة مصر كوجهة سياحية مستدامة على المستوى العالمي.
وخلال الاجتماع، استعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد الجهود التي بذلتها وزارة البيئة في مجالى السياحة البيئية والسياحة المستدامة على مدار الخمس سنوات الماضية والرؤية المستقبلية لهذا القطاع الحيوي، لافتة الى امكانية الاستفادة من تلك الجهود والإجراءات لتعزيز التسويق والترويج للسياحة البيئية، التي تعد من الملفات ذات الأهمية الاستراتيجية للدولة المصرية، لافتة ان السياحة البيئية منتج نعمل على خلق سوق له مما تتطلب وضع تشريعات ، ومعايير واشتراطات محددة وهو ما عملت الوزارة على ارساءه خلال الفترة الماضية.
واستمعت الدكتورة ياسمين فؤاد إلى التحديات والمعوقات التي تواجه هذا الملف، والحلول المقترحة للتغلب عليها، ومن بين هذه الحلول، التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود لتوعية شركات السياحة بأهمية الالتزام بمعايير الحفاظ على البيئة في مختلف المجالات، مثل الحد من استخدام البلاستيك، وتشجيع إعادة تدوير المخلفات ، وترشيد استهلاك المياه والطاقة، والدعم الفنى للفنادق لتطبيق معايير العلامة الخضراء.
وأوضحت وزيرة البيئة أن الوزارة على أتم إستعداد لتقديم الدعم لبرنامج " الجرين ستار " المخصص لتقييم وإستدامة الفنادق والمنشآت السياحية وفقا لمعايير بيئية محددة ، وتهدف هذه الشهادة إلى تعزيز الممارسات المستدامة ، وتقليل التأثير البيئي للفنادق مع تحسين كفاءتها التشغيلية ، بالإضافة إلى مناقشة سبل التعاون مع الجمعيات الأهلية فى تدريب السكان المحليين.
وناقشت وزيرة البيئة مع أعضاء اللجنة امكانية الاستفادة من بعض المواقع بشرم الشيخ ومرسي علم لإنشاء محطات لتوليد الطاقة الشمسية واستخدامها بالفنادق السياحية وذلك اتساقا مع تحويل مدينة شرم الشيخ إلى مدينة خضراء ، وقد ثمنت سيادتها هذا المقترح ، حيث يمكن الأستفادة منه فى تنفيذ التزامات مصر فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة ودعم الاستثمارات الأجنبية فى هذا القطاع، وبالتالي دعم السياحة المستدامة.
كما تم إستعراض بعض المقترحات فى مجال التوسع فى الفرص الاستثمارية بالمحميات الطبيعية، والتى تعمل عليها وزارة البيئة حاليا داخل عدد من المحميات ، ومنها محميات جنوب سيناء ، ووادى الريان وقارون ووادى دجلة ،ومحمية أشتوم الجميل ، والصحراء البيضاء ، مع الالتزام بوضع الضوابط المنظمة وتحديد شكل الانشاءات ، ووضع الخدمات بالنزل البيئى والأنشطة البيئية بالمحميات، وقد تقدم الحضور بعدد من المقترحات فى هذا الشأن.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد ان كافة المشروعات الاسثتمارية التى يتم تنفيذها بالمحميات سواء المخيمات. او النزل البيئي وغيرها تدعم السياحة البيئية القائمة على الطبيعة، وتحقق السياحة المستدامة، فقد حرصت سيادتها على توضيح الفرق بين مفهوم السياحة البيئية، والسياحة المستدامة ، فالسياحة البيئية هي نوع من السياحة يركز على زيارة المناطق الطبيعية بطريقة مسؤولة، بهدف الاستمتاع بالطبيعة مع الحفاظ عليها ودعم المجتمعات المحلية. اما السياحة المستدامة هي مفهوم أوسع وأشمل يتضمن جميع أنواع السياحة، بشرط أن تُدار بطريقة تقلل من الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي السلبي ، مؤكدة على حرص الوزارة خلال تطوير المحميات الطبيعية على دمج المجتمعات المحلية فى إدارتها ليكونوا عنصرا أساسيا يضمن استدامتها ، مستعرضة تجربة تمكين السكان المحليين من المشاركة فى الأنشطة البيئية والسياحية داخل المحمية ، مما ساهم فى تحسين أوضاعهم الإقتصادية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية ، ويتماشى مع مبادىء السياحة البيئية والتنمية المستدامة..
ومن جانبه أعرب الأستاذ حسام الشاعر عن خالص شكره لوزيرة البيئة على حرصها المستمر على التواصل مع القطاع السياحي، مشيدًا بالدور الفاعل لوزارة البيئة في دعم الاستثمارات السياحية البيئية وتعزيز الاستثمارات داخل المحميات الطبيعية. مؤكدا أن الوزارة حققت نقلة نوعية حقيقية في مفاهيم السياحة البيئية في مصر، مما ساهم في زيادة وعي معظم شركات الدعاية السياحية بأهمية هذا النوع من السياحة، الذي أصبح توجهًا عالميًا واعدًا. مؤكدا على أهمية تعزيز التعاون بين القطاع السياحي ووزارة البيئة لتنشيط السياحة بمختلف مجالاتها، ولا سيما السياحة البيئية والثقافية، بما يتماشى مع متطلبات السوق العالمية ويعكس التطور المستمر في صناعة السياحة.