خطاب جلالة السلطان يبعث على الطمأنينة والارتياح
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
يحضر شهر نوفمبر في أذهاننا مُذ كُنا صغارًا حضورًا فريدًا؛ لأنه يقترن بتعليق الأعلام المثلثة المصنوعة من الورق مع صور للقائد بين السكك وعلى واجهات البيوت.. بالبهجة والاحتفالات وافتتاح المشروعات التنموية.. بالأمل الذي لا يخبو في قادم بهي وسعيد.
احتفل الوطن أمس بعيده الوطني الـ٥٣ المجيد وقبله بأيام أنصت أبناؤه والعالم أجمع لخطاب شامل ألقاه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ خلال ترؤسه لافتتاح دور الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان.
ولعل ما يميز هذا الخطاب السامي أنه خطاب «يبعث على الطمأنينة والارتياح» تجاه استقرار الوطن وسلامة ما يتم إنجازه حيث تناول فيه جلالته بكل ثقة «إنجازات متواصلة تحققت خلال الأعوام الأربعة الماضية في مسار التنمية الشاملة» على كافة المستويات رغم التحديات التي واجهها الاقتصاد العالمي وانعكست سلبًا على الاقتصاد العُماني وبرامجه الوطنية.
لم يأتِ جلالته في الخطاب هذه المرة على تحديد ما يتوجب القيام به من خطوات «أولية» لإعادة ترتيب البيت من الداخل؛ لأن مختلف الرؤى والخطط التي تتصل بإعادة بنيانه انطلقت بصورة فعلية وهي تشق طريقها بثبات ومُكنة.
أشار سلطان البلاد ضمن خطابه إلى أن كل ما استهدفت الحكومة إنجازه يتحقق الآن عبر الإدارة الحكيمة للموارد بتخفيف أعباء الدَّيْنِ العام وتحفيز النمو الاقتصادي وظهور التأثير الحقيقي لخطة الاستدامة المالية في المحافظة على المركز المالي للبلاد وفي كل ما بُذل في سبيل رفع كفاءة الإنفاق وعبر البرامج الوطنية التي دعمت النمو الاقتصادي وعززت الاستثمار في القطاعات الواعدة.
لقد أخذت صيغة حديث جلالته منحىً مختلفًا عما جاء في خطابات سابقة حينما أعلن «أيده الله» العزم على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتغيير واقع سلطنة عُمان عبر خارطة طريق مفتاحها «إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل بتبني أحدث أساليبه والاهتمام بدراسة طرق صنع القرار الحكومي وتوجيه الموارد المالية التوجيه الأمثل والسعي من أجل تحقيق التوازن المالي وتعزيز التنويع الاقتصادي واستدامة الاقتصاد الوطني وتطوير الأنظمة والقوانين وتبني نظم وسياساتِ عمل جديدة للاستفادة القصوى من الموارد والخبرات والكفاءات الوطنية».
خطاب جلالة سلطان البلاد المفدى استعرض خُطىً وُضعت على درب التصحيح عن اقتصاد يسير كما خُطط له قبل سنوات وفق رؤية واضحة مع وعد صادق بدعم الجهود التي تنشد تنويع مصادر الدَّخْل الوطني متمثلة في زيادة الإيرادات غير النفطية لضمان الاستدامة المالية العامة للدولة.
لأول مرة يشير جلالة السلطان المعظم إلى «نظام الحماية الاجتماعية» الذي أُوجد لإفادة كافة فئات المجتمع ونوه في جانب آخر بما أسهمت به إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولةِ ممثلة في زيادة فاعلية الأداء الحكومي وكفاءته وعن استحداث أجهزة تضمن تحسين عملية اتخاذ القرار وقياس الأداء المؤسسي والأُسس التي غايتها تبسيط الإجراءات وانسيابها لتصبح سمة بارزة في الأداء الحكومي.
كان لافتًا في الخطاب أيضًا تطرقه إلى منظومة مرفق «القضاء» وحرص جلالة السلطان على تعزيزها بالقدرات البشرية وهذا جانب غاية في الأهمية كون العدل هو أساس الحُكم والضامن لاستقرار مُستدام.
كما يتضح مدى الحرص على متابعة الجهود الوطنية التي بدأ المواطن يلمس تأثيرها في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات بمختلف المحافظات والولاياتِ والتي تنفذ وتقدم وفقاً لاستراتيجيات وخطط مدروسة وواقعية.
وتطرق جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى ما يخص تنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية والهوية الوطنية وأعاد التذكير بأهميتها ودعا في ناحية أُخرى إلى ضرورة تمكين مؤسسات التعليم والبحث والابتكار وربط مناهج التعليم بمتطلبات النمو الاقتصادي وجعل الاقتصاد الرقمي أولوية كما لم يتجاوز تقنيات الذكاء الاصطناعي بل وجّه بإعداد برنامج وطني لتنفيذ هذه التقنيات وتوطينها مع الإسراع في وضع التشريعات التي ستسهم في جعلها أحد الممكنات والمحفزات الأساسية لهذه القطاعات.
وإيمانًا من لدن جلالة سلطان البلاد بأهمية قطاع الطاقة المتجددة أمر بتسريع إجراءات هذا القطاع الحيوي ووضع الأُطر القانونية والسياسات اللازمة لنموه وتقديم الحوافز والتسهيلات لتشجيع الاستثمارات الأجنبية والصناعات المحلية والعمل على توطين هذه التقنية.
وأبدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - اهتمامه البالغ بالأحداث في الأراضي المحتلة فأكد موقف سلطنة عُمان «المُشرِف» تجاه هذه القضية المزمنة، كما أبدى اهتمامه بإظهار التمسك بالمبادئ الثابتة لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القُدس الشرقية وضرورة تحمُل المجتمع الدولي مسؤولياته والتزاماته حيالها وهذا موقف ليس بالغريب على سلطنة عُمان وسلطانها إذ تقرر إلغاء معظم مظاهر الاحتفالات بالعيد الوطني الـ٥٣ المجيد تضامنًا وتعاطفًا مع فلسطين وأهلها.
ليس بالغريب مُطلقًا أن يؤكد جلالته على ثوابت البلاد السياسية «المبنية على مبادئ حُسنِ الجِوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين» وعلى إرساء نظام عادل لتبادل المنافع والمصالح وإقامة أسس الاستقرار والسلام والإسهام فيها بإيجابية؛ لأن سلطنة عُمان كانت ولم تزل حريصة على ديمومة علاقاتها الخارجية وعلى أن يعم الأمن السلام ربوع الأرض أجمع.
آخر نقطة..
وطني لو شغِلت بالخلدِ عنهُ
نازَعَتني إليهَ في الخلد نَفسي.
أحمد شوقي
عمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جلالة السلطان
إقرأ أيضاً:
مستشار رئيس الوزراء: خطط التنمية الوطنية تعتمد على نتائج التعداد السكاني
الاقتصاد نيوز _ بغداد
أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، اليوم الأربعاء، أن بيانات التعداد السكاني ستوجه الاستثمارات الحكومية لتحسين البنية التحتية والخدمات، فيما أشار الى أن خطط التنمية الوطنية ستعتمد على نتائج التعداد.
وقال مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، في حديث لوكالة الأنباء العراقية تابعته "الاقتصاد نيوز"، إن "التعداد السكاني يمثل أداة استراتيجية أساسية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام في العراق".
وأكد، أن "البيانات الناتجة عن هذا التعداد ستسهم في تحسين الإدارة الحكومية، وتعزيز مستويات الحوكمة، فضلاً عن دعم الاستثمار وزيادة كفاءة استخدام الموارد لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة".
وأشار صالح إلى أن "التعداد السكاني الشامل يقدم العديد من المحاور الجوهرية التي تسهم في تحقيق هذه الأهداف، ومن أبرزها:
1. يساعد التعداد في تحديد المناطق التي تعاني من نقص الخدمات والبنية التحتية، مما يوجه الاستثمارات الحكومية لتحسين هذه القطاعات، إذ تشمل هذه الاستثمارات خدمات المياه، الطرق، الكهرباء، المدارس، المستشفيات، والمصارف.
2. يوفر التعداد قاعدة بيانات تفصيلية لرسم سياسات إسكانية فعالة.
3. من خلال البيانات التفصيلية حول القوى العاملة، يمكن للحكومة وضع سياسات لدعم التوظيف، وتدريب العاملين، وتحفيز القطاعات الإنتاجية بما يخدم الاقتصاد الوطني.
4. يتيح التعداد السكاني الشامل جمع معلومات دقيقة عن عدد السكان، توزيعهم الجغرافي، الفئات العمرية، والمستوى التعليمي، بالاضافة الى مساهمته في مساعدة الحكومة والقطاع الخاص على التخطيط بشكل أفضل، وتحديد الأولويات الاقتصادية والسياسات المثلى ضمن خطط التنمية الوطنية، وخصوصاً خطة التنمية 2024-2028.