غزة تظهر الفرق بين القانون الدولي و«النظام الدولي القائم على القواعد»
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
مع تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين حد العشرة آلاف في أوائل نوفمبر، حذر دبلوماسيان أمريكيان غير معلني الشخصية تعرَّضا للتهميش بسبب دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل، من أن الولايات المتحدة بحاجة ماسة إلى «أن تنتقد علنا انتهاكات إسرائيل للمعايير الدولية من قبيل الفشل في الحد من العمليات الهجومية لأهداف عسكرية مشروعة».
يشكل هذان الدبلوماسيان جزءا من جماعة متزايدة تعارض التحصين الذي توفره الولايات المتحدة لإسرائيل منذ فترة طويلة في انتهاكاتها الواضحة للقانون الدولي. وقد انتقد ملك الأردن عبد الله الثاني أنه «في صراع آخر» ـ يعني الغزو الروسي لأوكرانيا ـ أدانت الولايات المتحدة «مهاجمة البنية الأساسية المدنية وتعمُّد تجويع شعب بأكمله بحرمانه من الغذاء والماء والكهرباء والضروريات الأساسية». وتابع قائلا إن القانون الدولي «يفقد كل قيمة له في حال تطبيقه بشكل انتقائي».
وليس الملك عبد الله هو الوحيد الذي بهتته أوجه التشابه بين أوكرانيا وغزة. في جلسة عبر تطبيق زوم نظمها الكاتب بيتر بينارت بعد أسبوع من الصراع، قال رئيس الكنيست السابق أفروم بورج إن نهج الجيش الإسرائيلي ـ بتسويته البنية الأساسية بالأرض من خلال الضربات الجوية والمدفعية لتيسير حرب المدن على الدبابات والمشاة ـ يرقى إلى «الاستراتيجية العسكرية الروسية».
والدبلوماسيان على حق: فالضوء الأخضر الذي أعطاه بايدن لإسرائيل يثير الشك في شرعية «النظام الدولي القائم على القواعد». كما يوضح أيضا ماذا يكون هذا النظام حقا. لوهلة يبدو أن «النظام الدولي القائم على القواعد» شبيها بـ«القانون الدولي»، لكنه في واقع الأمر بديل القانون الدولي مصحوبا بامتيازات الهيمنة الأمريكية. وليس بايدن منافقا، على وجه التحديد، حينما يعاقب روسيا على أفعال يدعمها ماديا عندما تقوم بها إسرائيل. إنما هو يمارس الاستثنائية.
وتحريا للوضوح، يتعامل كثيرون داخل حكومة الولايات المتحدة وخارجها في أغلب الحالات مع مصطلح «النظام الدولي القائم على القواعد» باعتباره مرادفا للقانون الدولي. ولا يجد أنصار النظام الدولي القائم على القواعد غضاضة باستخدام القانون الدولي أو الإشادة به عندما يخدم الولايات المتحدة، كما في حالة سعي المحكمة الجنائية الدولية إلى اعتقال فلاديمير بوتين بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها في أوكرانيا. ولكن الولايات المتحدة لن تقدم نفسها أبدا إلى المحكمة الجنائية الدولية ICC. ففي ظل حكم الرئيس جورج دبليو بوش، ألغت الولايات المتحدة توقيعها (غير المصدَّق عليه) من المعاهدة المؤسِّسة للمحكمة. وفي ظل حكم الرئيس دونالد ترامب، فرضت عقوبات على عائلات المدعين العامين للمحكمة الجنائية الدولية الذين فتحوا تحقيقا في جرائم الحرب التي شهدتها الحرب الأمريكية في أفغانستان. وهكذا إذن هي طريقة عمل النظام الدولي القائم على القواعد. فهو لا يحل محل آليات القانون الدولي، وإنما يضع علامات إيضاحية بجانبها. فقد تكون القواعد ملزمة لخصوم الولايات المتحدة، ولكن الولايات المتحدة وعملاءها بوسعهم الانسحاب منها.
إن التاريخ الوجيز لكيفية قضاء الولايات المتحدة لحظتها في ما بعد الحرب الباردة بوصفها قوة عالمية عظمى يظهر صعود ما نسميه الآن «النظام الدولي القائم على القواعد» RBIO على حساب القانون الدولي. فعندما ترفض الأمم المتحدة الإذن بحرب على صربيا لإنقاذ كوسوفو، تصرفت الولايات المتحدة وكأن حلف شمال الأطلسي يستخدم التفويض نفسه، ولم تجد دولة من القوة ما يجعلها تتحدى ذلك. واكتسب هذا الدافع مزيدا من الطاقة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر. فكان الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 استهزاء بالقانون الدولي في حين زعم للمفارقة أنه يدعمه.
برغم أن العديد، في دوائر محترمة، قد اعترضوا على عدوان بوش الصارخ، فإن تيارا في السياسة الخارجية الليبرالية زعم أن القوة الأمريكية قادرة على إنقاذ القانون الدولي من نفسه. وفي عام 2006، اقترح الباحثان آن ماري سلوتر وجون إيكنبيري استراتيجية كبرى أطلقا عليها «عالم الحرية في ظل القانون». سعيا فيها إلى إصلاح وتعزيز المؤسسات الدولية القائمة. ولكن لو أن الأمم المتحدة «غير قابلة للإصلاح»، فقد دعيا إلى تكوين «مجموعة من الديمقراطيات» من أجل «توفير منتدى بديل للديمقراطيات الليبرالية للتفويض بالعمل الجماعي». وبهذه الطريقة، تكوّن مفهوم النظام الدولي القائم على القواعد.
وما بدأ باعتباره استجابة لحالة طارئة في البلقان هو الروتين الآن. فقد حول الرئيس باراك أوباما مهمة إنسانية تابعة للأمم المتحدة في ليبيا إلى مهمة دعم الإطاحة بمعمر القذافي. وبعد أن تحول حطام العراق إلى رعب داعش، نشرت الولايات المتحدة قوات في شرق سوريا دون تفويض من الأمم المتحدة أو دعوة من بشار الأسد. وأمر ترامب باغتيال قاسم سليماني، أحد أهم الشخصيات في الحكومة الإيرانية.
قالت ماري إلين أوكونيل، خبيرة القانون الدولي والأستاذة بجامعة كولومبيا في رسالة عبر البريد الإلكتروني إنه «لا يمكن لـ النظام الدولي القائم على القواعد RBIO أن يحل محل القانون الدولي - فالقانون الدولي متأصل في ذات مفهوم الدولة، والحدود الدولية، والمعاهدات، وحقوق الإنسان». واستدركت بقولها «ولكن النظام الدولي القائم على القواعد RBIO يقوض الاعتراف واحترام نظام القانون الدولي. إن قدرة القانون على دعم حلول التحديات العالمية من حرب وسلام إلى تغير المناخ والفقر تتدهور بشدة بسبب هذا المفهوم التنافسي المعيب للغاية».
والآن انظروا إلى ما تفعله إسرائيل في غزة. بحلول أوائل نوفمبر، كانت تقتل ما يقدر بنحو 180 طفلا يوميا. وطالب الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بالتخلي عن منازلهم في شمال غزة، وبعد ذلك، عندما امتثل مئات الآلاف، هاجم مواقع جنوب غزة التي قادهم إليها. وبعد تجويع غزة، وحرمانها من الدواء، وقطع الاتصالات عنها، وقتل صحفييها، ومحاصرة مستشفياتها بل والإغارة عليها، وتأكيد أن أماكن اللجوء الجماعي هي مواقع لحماس، زعمت إسرائيل أنها قتلت «العشرات» من قادة حماس، من إجمالي عدد القتلى الذي بلغ في ذلك الوقت 10500 فلسطيني.
ما من طريقة للتوفيق بين هذه الأرقام ومطالب القانون الدولي بالتمييز والتناسب. ومع ذلك، تدرك إسرائيل أن لديها ما هو أقوى من القانون الدولي: حماية النظام الدولي القائم على القواعد.
يرى باحثو الهولوكوست، من أمثال راز سيجال في جامعة ستوكتون وعمر بارتوف في جامعة براون، أن إسرائيل إما على عتبة أو تجاوزت عتبة ارتكاب الإبادة الجماعية وهي أفظع ما يمكن أن ترتكبه دولة تصف نفسها باليهودية. لقد أصيب بايدن بالذهول في عام 2022 عندما لم يقبل جزء كبير من العالم ـ وهي الأجزاء التي تنزع إلى المعاناة بسب القوة الأمريكية ـ الرواية الأمريكية الخاصة بالغزو الروسي لأوكرانيا. كان ينبغي أن يكون ذلك نذيرا. والآن يرى العالم إسرائيل إذ تبيد غزة بالأسلحة والدعم الدبلوماسي من أمريكا. ومن خلال القيام بذلك، يكشف بايدن ونتانياهو حقيقة النظام الدولي القائم على القواعد: فما هو بعالم الحرية في ظل القانون وإنما هو مقبرة جماعية.
سبنسر أكرمان صحفي حاصل على جائزة بوليتزر وجائزة المجلة الوطنية، ومؤلف كتاب «عهد الإرهاب: كيف زعزعت حقبة 11 سبتمبر استقرار أمريكا وأفرزت ترامب».
عن صحيفة ذي نيشن
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة القانون الدولی
إقرأ أيضاً:
النظام العالمي ينهار أمام أعيننا
ترجمة: أحمد شافعي -
بعد أسبوع ابتدأ بأسوأ اضطراب مالي في التاريخ الحديث وانتهى بأخطر تصعيد حتى الآن في الصراع الصيني الأمريكي، حان الأوان للتمييز بين التحولات لكبيرة والزلزال. إذا لم يتغير شيء، فإن العقد الحالي من هذا القرن سوف يبقى في الذاكرة باعتباره عقد الشيطان، وقد استعمل المؤرخون هذا المصطلح في وصف ثلاثينيات القرن العشرين من قبل. لن يسمه فقط موت سبعة ملايين إنسان بسبب وباء كوفيد 19 وارتفاع الفقر والتفاوت في العالم، ولكن سوف يسمه أيضًا تمزيق أوكرانيا، وإحراق غزة، وأهوال إفريقيا وغزة التي لا تكاد تلتفت إليها الأخبار، وكل عنصر من هذه يشهد على إزاحة عنيفة للنظام العالمي القائم على القواعد لصالح نظام قائم على القوة.
فها هو أمام أعيننا يتعرض كل عمود من أعمدة النظام القديم للهجوم، فلا يقتصر الأمر على التجارة الحرة إنما يمتد إلى سيادة القانون والأهمية التي طالما أوليناها لحقوق الإنسان والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير المصير، والتعاون متعدد الأطراف بين الأمم بما في ذلك من مسؤوليات إنسانية وبيئية كنا نقبلها ذات يوم بوصفنا مواطنين عالميين.
تحولات القوة هي بالطبع مادة التاريخ. وفي غضون قرنين، شهدنا قيام وانهيار أربعة أنظمة عالمية.
الأولان منها ـ أي توازن القوى الذي نشأ بعد هزيمة نابليون في مطلع القرن التاسع عشر ونظام معاهدة فرساي في ما بعد 1918 المولود بعد انهيار أربع إمبراطوريات حاكمة ـ انتهيا بكارثة الحربين العالميتين.
ثم جاء تنظيم ما بعد 1945 بقيادة الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وبعد عام 1990 الذي شهد تفكك الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو، جاء ما أطلق عليه الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب «النظام العالمي الجديد».
والآن، إذ يتحول ميزان القوى الاقتصادي شرقًا، ويترسخ مذهب تجاري جديد، فإن ما كان يسمى بإجماع واشنطن لم يعد يلقى دعمًا في أي مكان، ولا في واشنطن نفسها. فالملايين الآن يرفضون العولمة إذ يرون أنها كانت «متاحة للجميع» ولم تكن منصفة للجميع. فما هي بالتجارة المفتوحة لكنها العكس، أي قيودًا على التجارة باتت الآن تروج باعتبارها مسار أمة إلى الرخاء.
لقد كانت حيلة الرئيس ترامب التكتيكية تتمثل في استغلال التحولات العميقة التي كانت ماضية بالفعل في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للعالم: أولا، الفجوة المتسعة بين فوائد العولمة وبين ما حققته في حياة الناس اليومية، فأصبح ترامب أبرز مناهضي العولمة في العالم. كما أنه رأى كيف يمكن أن يستفيد بحملات التواصل الاجتماعي المتواصلة عبر هواتف الناس، فيحيي نظرية «الرجل العظيم» التاريخية فقد أظهر له بوتين وشي وأردوغان وكيم يونج أون قدرة القادة الشعبويين، وإن كانوا طغاة، على تحديد الأجندات.
غير أن تقلبات ترامب الهائلة تنذر بخطر أكبر. إذ يبدو أن شعار «دع الفوضى تسُد ولا تكبح جماحها» هو السائد، ورغم وجود أمل مستمر في أن يظهر عما قريب حكمٌ أشبه بالطبيعي، فلم يعد هذا الأمل أساسًا منطقيًا للتخطيط المستقبلي لأحد. فبدلا من ذلك، مع مخاطرة الولايات المتحدة والصين بتسريع وتيرة المواجهة بينهما إلى مستويات جديدة، يصبح هذا هو السؤال المطروح: هل نتجه نحو مستقبل فيه «عالم واحد ونظامان»، أم أننا ببساطة نتجه نحو الفوضى العارمة التي وسمت تاريخ أغلب القرون السابقة؟ وهل ثمة فرصة الآن لبناء نظام عالمي مستقر ومستدام؟
الواضح بعد الأحداث الأخيرة هو استحالة استعادة النظام العالمي الرابع. فنحن لا نعيش في عصر تتزايد فيه الحمائية فحسب، بل ننتقل من عالم أحادي القطب كانت الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة الوحيدة فيه، إلى عالم يضم مراكز صنع قرار أكثر تنوعًا. ولكن لأننا أيضًا في عالم أكثر ترابطًا، فنحن أكثر عرضة للأزمات ـ
من الأوبئة وحالات الطوارئ المناخية إلى العدوى المالية. ويزداد الأمر سوءًا لأن الدول قادرة، كما رأينا هذا الأسبوع، على تحويل هذا الترابط إلى سلاح تستغله لصالحها مثلما تستغل نقاط الاختناق التي ينشئها. فلو أننا راغبون في الوصول إلى ما يشبه نظاما قائما على القيم، فسوف يكون لزاما علينا في مرحلة ما أن نتفق على ميثاق عالمي محدَّث لمستقبلنا المشترك، ميثاق يقوم على ميثاق الأطلسي لعام 1941 وميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 ولكنه مصمم لقرن مختلف تمامًا.
ومثلما قال وليم بيفريدج آنذاك: «إن اللحظة الثورية في تاريخ العالم هي لحظة الثورات، لا لحظة الترقيع». على مدار الأيام القليلة الماضية، صدرت دعوات إلى التعاون متعدد الأطراف من قادة إسبانيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، وهم رؤساء هذا العام لثلاثة مؤتمرات عالمية: المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، ومؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين لتغير المناخ، ومجموعة العشرين. وكتب رئيس الوزراء الماليزي ورئيسا كولومبيا وجنوب إفريقيا: «علينا الآن، مجتمعين، أن نتحد لتطبيق القانون الدولي. والخيار واضح: إما أن نعمل معا من أجل تطبيق القانون الدولي أو نخاطر بانهياره».
ينبغي أن تتعهد جميع الدول المؤمنة بالتعاون الدولي بأن يقدم هذا الجيل، من خلال تعددية جديدة، حلولًا عالمية لما أصبح الآن مشاكل عالمية حتمية لا يمكن حلها من خلال عمل الدول القومية بمفردها أو من خلال اتفاقيات ثنائية فحسب. ثانيا، وباعتبارها لبنات أساسية في هذا المستقبل، ينبغي أن ينخرط تحالف الراغبين هذا على الفور في تعاون عملي بشأن القضايا الملحة التي لا يمكن حلها من خلال الدول القومية ـ
من قبيل الأمن العالمي، والمناخ، والصحة، والاحتياجات الإنسانية، بالإضافة إلى تدفق التجارة. وينبغي العمل على تحديث المؤسسات الدولية المعنية بهذه القضايا.
وثالثا، ينبغي أن نسعى إلى بناء جسور للتواصل مع المشككين من أمثال ترامب، وذلك بالاتفاق معه على ضرورة المعاملة بالمثل وتقاسم الأعباء بشكل عادل بين الدول، ولأن هذا العالم مثقل بالديون، فعلينا أن نقترح سبلا مبتكرة وعادلة لجمع الموارد اللازمة لتحويل هذه الالتزامات إلى أفعال.
ومن خلال معالجة إخفاقات عصر العولمة المفرطة، يمكننا جميعا أن نسعى جاهدين من أجل عالم لا يكون مفتوحا للتجارة وحدها، وإنما يشمل جميع من تخلفوا عن الركب.
قبل مائتي عام، في أوقات مماثلة بالغة الأهمية، دعا زعيم بريطاني إلى «إيجاد عالم جديد يعيد التوازن إلى العالم القديم»، والدرس المستفاد من التاريخ هو أن أي نظام جديد قابل للدوام يجب أن يقوم على أساس المبادئ الراسخة، لا على رمال المصلحة المتحركة والتفسير الضيق للمصالح الوطنية.
لقد كان جوهر ميثاق الأطلسي، إعلان التعاون الدولي المستوحى من روزفلت، يتمثل في مجموعة مبادئ تشيد بالحريات الأساسية ـ ضد استخدام القوة والحمائية، ومن أجل تقرير مصير الدول والعقود الاجتماعية الوطنية التي من شأنها سد الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وحتى لو لم يكن ترامب مناصرًا لأي من هذه الأهداف حتى الآن، فإننا لم نفقد كل شيء بعد: فوفقا لتحالف القيادة العالمية الأمريكية، يعارض 82% من الأمريكيين الانعزالية، معتقدين أن الولايات المتحدة تكون أقوى عندما «تنخرط في العالم».
وفي حين أنه لم يعد بإمكان الولايات المتحدة قيادة عالم أحادي القطب بالإملاء على الآخرين، فإن بوسعها أن تقود عالمًا متعدد الأقطاب من خلال الإقناع.
والمؤسف أنه، على الرغم من جهود كير ستارمر الشجاعة، لا يمكن لأحد الآن ضمان عدم تفتيت أوكرانيا - ومواردها - بما يشجع الطغاة في كل مكان. ولكن بوسعنا توجيه البوصلة الأخلاقية التي سترشدنا وتجعلنا أكثر استعدادًا للتحديات المقبلة.
وإننا نبقى معرضين لخطر تكرار الانزلاق إلى الفوضى العالمية في ثلاثينيات القرن العشرين، ولكن من خلال العمل المشترك بين الدول، يمكننا أن نخلق لحظة مماثلة لتلك التي شهدتها أربعينيات القرن العشرين عندما نبدأ في المهمة الجبارة المتمثلة في بناء النظام العالمي الخامس في العصر الحديث.
جوردون براون شغل منصب رئيس وزراء المملكة المتحدة من 2007 إلى 2010.