مجازر غزة تنكأ جراح سربرنيتسا.. الصمت العالمي يقتل ذوي الضحايا
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
تتشارك غزة سربرنيتسا في البوسنة والهرسك في مجازر الإبادة التي عانى منها شعبي البلدين في ظل صمت عالمي مطبق، ساهم في زيادة المعاناة، بتمكين المعتدين من الإمعان في المذابح.
وقالت سيدات من البوسنة والهرسك فقدن أحباءهن في الإبادة الجماعية في سربرنيتسا عام 1995، خلال الحرب مع صربيا، إن قتل إسرائيل لأكثر من 12 ألف مدني في غزة، لا يختلف عما عاشه مجتمع البوشناق المسلم.
وفي حديث للأناضول، روت عائشة عمروفيتش وفضيلة أفنديتش، اللتان فقدتا أقاربهما بين 8 آلاف و372 ضحية قتلوا في الإبادة الجماعية في سربرنيتسا في يوليو/ تموز 1995، أوجه التشابه بين تلك الإبادة وما يحدث في غزة حاليا.
ودخلت القوات الصربية سربرنيتسا في 11 يوليو/ تموز 1995، بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة، وارتكبت خلال عدة أيام، مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، تراوحت أعمارهم بين 7 و70 عاما.
وذكرت عمروفيتش أن ولديها (22 و26عاما) قتلا في الحرب إضافة إلى شقيقها أيضا، كما فقدت 42 شخصا من أقاربها في الإبادة الجماعية في سربرنيتسا.
ولفتت إلى أن "التعرض للقتل كان أمرا واردا لمن كانوا يقاتلون في الجبهات، لكن من راحوا ضحية الإبادة في سربرنيتسا (المُحاذية لنهر درينا شمال شرق البوسنة والهرسك)، قتلوا بوحشية تعجز الكلمات عن وصفها".
وقالت: "من تم اعتقالهم واقتيادهم بين 11 و14 يوليو، قُتلوا كيفما أرادوا (الصرب)، حتى الحيوانات لا تتصرف بهذه الطريقة، لا أعرف كيف أشرح، لكن لا يمكن أن يكون هؤلاء بشرا!".
وذكرت أن العالم بأسره في تلك الأعوام كان يشاهد ما يجرى في المدينة البوسنية.
وأضافت: "اليوم، يشاهد العالم أيضا كيف تقتل إسرائيل الناس في غزة. الجميع يشاهدون ولكنهم صامتين، وهذا يؤلمنا لأننا عشنا نفس الأحداث حتى الأمس القريب".
وأوضحت والدموع تنهمر من عينيها، أن قلبها "ينفطر ألما" جراء ما يحدث في غزة، قائلة: "عندما أشاهد ما يحدث في غزة على شاشة التلفزيون، أذهب إلى إحدى الزوايا وأبكي وأدعوا من أجل الناس هناك".
"عار على العالم"
وقالت عمروفيتش: "ماذا سيحدث الآن؟ لقد رحل من رحل (في مذبحة سربرنيتسا)، وهم يرقدون الآن في القبور. لم يعودوا موجودين، وأراهم فقط في أحلامي".
وتابعت: "ما يجري في غزة هو عار على العالم كله، لقد قُتل العديد من الأشخاص في سربرنيتسا، لكن من قتل هناك (في غزة) خلال شهر واحد أكثر ممن قُتل هنا (في سربرنيتسا). هدفهم الوحيد هو التخلص من الفلسطينيين".
ولفتت عمروفيتش إلى أن ما تشاهده اليوم في غزة يذكرها بيوم الإبادة الجماعية في سربرنيتسا.
وقالت: "روحي وقلبي يؤلمني، قلبي فارغ الآن. كنت دائما شخصا سعيدا، لكن انظر.. الشمس تبعث الدفء في كل مكان، لكنها لا تستطيع أن تدفئني، أحبائي لم يعودوا موجودين، والناس في غزة يعيشون نفس الوضع اليوم".
"خذوا العبرة من سربرنيتسا"
الشاهدة الأخرى على الإبادة الجماعية، فضيلة أفنديتش، قالت إن زوجها حامد كان في الجبهة في بداية الحرب، وابنها فيزو التحق بابيه لاحقا لحماية البلاد.
وأفادت للأناضول بأنه "عندما اضطر الجميع إلى مغادرة منازلهم في 11 يوليو، ذهبت مع ابنتي إلى المعسكر الواقع تحت سيطرة الجنود الهولنديين في بوتوكاري (بضواحي سربرنيتسا)، بينما بقي زوجي وابني في المنزل".
وذكرت أفنديتش أن زوجها كان يواسيها بالقول إن "سربرنيتسا لن تسقط"، لكنها كانت تعتقد خلاف ذلك.
وأشارت إلى أن زوجها وابنها جاءا بعد فترة إلى بوتوكاري، حيث تتمركز الوحدة الهولندية التابعة للأمم المتحدة.
وقالت أفنديتش: "ابني كان يعرف اللغة الإنجليزية، لقد أرادا التحدث مع موظفي الأمم المتحدة والجنود الهولنديين، الذين يفترض أنهم مسؤولون عن حمايتنا، عما يمكن فعله لإنقاذ الناس".
وتابعت: "من خلال تجربتي، أستطيع القول إنه من المحزن جدا أن تنتظر أمة لا تملك القوة للدفاع عن نفسها من يأتي لينقذها، لم ينقذونا ولن ينقذوا الآخرين أيضا".
ولفتت إلى أنه تم نقل ابنها وزوجها إلى المكان الذي وقعت فيه الإبادة الجماعية، واعتقدت حينه أنه تم أسرهما، ولم تكن تعلم المصير الذي ينتظرهما.
وذكرت أن أول خبر تلقته بشأن مصير زوجها كان عام 1998، حين تم العثور على جثته مفصولة الرأس في مقبرة جماعية، وتم دفنه في مارس/ آذار 2003، ولفتت إلى أنه بعد عامين عُثر على رأسه، وتم وضعه في القبر.
وأوضحت أنه تم العثور على قطعتين من عظام ولدها، لكنها لم تدفن، وانتظروا حتى عام 2013 أملا في العثور على المزيد من بقاياه، لكنهم قاموا بمراسم الدفن بعد انقطاع الأمل في العثور على أي بقايا أخرى.
وقالت أفنديتش إن "العالم يشاهد ما يحدث في غزة اليوم، لكن لا أحد يستطيع أن يقول خذوا العبرة من سربرنيتسا".
وأشارت إلى أن ما يحدث في غزة اليوم يذكرها بما عاشته خلال سنوات الحرب في البوسنة والهرسك.
ولفتت إلى أن "عدم وجود كهرباء وماء في غزة وتعرض الناس للقتل، هو الوضع نفسه ما حدث في سربرنيتسا".
وأعربت أفنديتش عن حزنها الشديد على الأشخاص الذين فقدوا حياتهم في غزة، موضحة أن "المباني المدمرة والأشخاص الذين يفقدون حياتهم والقصف والحصار هو نفس ما شهدناه في سربرنيتسا".
"إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني"
وقالت افنديتش إن "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، تماما كما ارتكب الصرب إبادة جماعية ضدنا في سربرنيتسا. هذه هي الحقيقة. ليس لدي أي علاقة بالسياسة، أقول الوضع كما هو".
وأضافت: "أشاطر آلام الأمهات اللواتي يبكين من أجل أولادهن في غزة... فلا يعرف ذلك الألم سوى الأمهات اللواتي قُتل أبناؤهن".
وتابعت" "أليس هذا حزن عظيم؟ تبا لمن يدافع عن هؤلاء القتلة ويحميهم".
ولفتت إلى أن "جميع الأمهات يبكين بنفس اللغة"، ودعت الأمهات في غزة إلى "الصمود وأن يكن أما وأبا لأطفالهن، ويحرصن على تعليم من تبقى منهم على قيد الحياة وقراءة الفاتحة على أرواح من قُتلوا".
تجدر الإشارة إلى أن القوات الصربية ارتكبت العديد من المجازر بحق مسلمين، خلال ما عرف بفترة حرب البوسنة التي بدأت عام 1992 وانتهت في 1995 بتوقيع اتفاقية "دايتون"، كما تسببت القوات الصربية في إبادة أكثر من 300 ألف شخص، باعتراف الأمم المتحدة.
ودفن الصرب القتلى البوسنيين في مقابر جماعية، وبعد انتهاء الحرب أطلقت البوسنة أعمال البحث عن المفقودين وانتشال جثث القتلى من المقابر الجماعية وتحديد هوياتهم.
وتعمل السلطات البوسنية، 11 يوليو من كل عام، على إعادة دفن مجموعة من الضحايا الذين تم تحديد هوياتهم، في مقبرة "بوتوتشاري" التذكارية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة سربرنيتسا المذابح الفلسطينيين فلسطين غزة مذابح سربرنيتسا سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البوسنة والهرسک ما یحدث فی غزة العثور على
إقرأ أيضاً:
"حماس" تدعو المجتمع الدولي لحماية الفلسطينيات من جرائم إسرائيل
دعت حركة « حماس »، المجتمع الدولي ومؤسساته إلى حماية المرأة الفلسطينية من الجرائم الإسرائيلية المتواصلة، مذكرة العالم بالجرائم التي تعرضت لها خلال حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بغزة لقرابة 16 شهرا.
وقالت الحركة في بيان بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الموافق 8 مارس/ آذار من كل عام، إن احتفاء العالم بهذا اليوم يشكل « فرصة لفضح الجرائم الصهيونية بحق المرأة الفلسطينية حيث تعرّضت لقصف همجي ومجازر اليومية وتهجير وإبعاد واعتقال وتعذيب ».
وأضافت: « ارتقاء أكثر من 12 ألف سيدة فلسطينية وجرح واعتقال الآلاف وإجبار مئات الآلاف على النزوح خلال الإبادة الجماعية بغزة، يمثل وصمة عار على جبين البشرية، خاصةً أولئك الذين يدّعون حماية المرأة وحقوقها، ممّا يضعهم أمام مسؤولية تاريخية، سياسية وإنسانية وأخلاقية، لمنع استمرار هذه الانتهاكات الوحشية ».
وأوضحت أن الأسيرات الفلسطينيات داخل سجون إسرائيل يتعرضن لـ »ابشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية، ما يكشف ازدواجية المعايير التي تنتهجها الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية في التعامل مع قضية الأسرى ».
ودعت الحركة النساء حول العالم إلى مواصلة حراكهن وفعالياتهن دعما لـ »صمود الفلسطينية وانتصارا لفلسطين والقدس وغزة وصولا إلى الحرية والاستقلال ».
كما دعت المجتمع الدولي ومؤسساته السياسية والحقوقية والإنسانية إلى حماية المرأة الفلسطينية من جرائم الاحتلال الممنهجة والمستمرة ضدها، وتمكينها من العيش بحرية وكرامة على أرضها، وممارسة حقوقها المشروعة ».
كما طالبت بضرورة « العمل على محاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق المرأة الفلسطينية ومنع إفلاتهم من العقاب ».
ودفعت المرأة الغزية إلى جانب فئة الأطفال الثمن الباهظ لهذه الحرب حيث شكلا مجتمعين ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي القتلى البالغ عددهم 46 ألفا و960 حتى 19 يناير الماضي.
وحسب منظمة « هيومان رايتس ووتش » الدولية، فإن عدد القتلى الذي نشرته صحة غزة خلال الإبادة، لا يشمل أعداد الوفيات بسبب المرض أو ممن دفنوا تحت الأنقاض، حيث قدرت أن ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي الوفيات التي بلغت نحو 8 آلاف و200 حالة حتى سبتمبر 2024، كانت من النساء والأطفال، لافتة إلى أن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تحقق من صحتها.
فيما قالت المسؤولة الأممية ماريس غيمون للصحفيين في نيويورك عبر الفيديو من القدس، في 18 يوليو 2024، إن أكثر من 6 آلاف أسرة فلسطينية فقدت أمهاتها حتى تاريخه.
وكانت مؤسسات حقوقية قد قالت إن الظروف المأساوية التي أفرزتها الإبادة من انتشار للأمراض المعدية، والإصابات الخطيرة، رفعت أعداد الوفيات في صفوف فلسطينيي غزة.
فيما شكلت فئتا النساء والأطفال ما نسبته 69 بالمئة من إجمالي جرحى الإبادة البالغ عددهم 110 آلاف و725 مصابا خلال أشهر الإبادة، بحسب تقرير لرئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني علا عوض استعرضت فيه أوضاع المرأة الفلسطينية عشية يوم المرأة العالمي.
وأشار التقرير أن 70 بالمئة من المفقودين في قطاع غزة والذي يبلغ عددهم حتى 18 يناير الماضي 14 ألفا و222 نتيجة الإبادة، هم من الأطفال والنساء، وفق التقرير.
وخلال الإبادة، اضطر مليوني شخص نصفهم من النساء للنزوح من منازلهم هربا من جحيم الغارات الإسرائيلية.
بينما تعرضت العشرات من الفلسطينيات إلى الاعتقال تخلله تعذيب وإهمال طبي.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.