رئيس الأكاديمية السلطانية للإدارة لـ«عمان»: بناء القيادات الاستراتيجية لمواكبة التطورات العالمية
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
أكد سعادة الدكتور علي بن قاسم اللواتي رئيس الأكاديمية السلطانية للإدارة أن الأكاديمية تحتضن منذ انطلاقها الجهود المرتبطة بتطوير العنصر البشري بالجهاز الإداري للدولة وفق منظور شامل، وباتساق وتوازن مع عناصر التطوير الإداري المنشود في ضوء تصور وطني متكامل يلبي الاحتياجات الحالية ويراعي طموحات سلطنة عمان المستقبلية، ويستوعب المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبشرية.
وأوضح سعادته في حوار خاص لـ«عمان» أن البصيرة السامية لمولانا سلطان البلاد المعظم - حفظه الله ورعاه - التي عبّر من خلالها عن عزم جلالته السامي على إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتبسيط الإجراءات، وحوكمة الأداء بما يتسق مع الطموحات التي تحملها «رؤية عمان 2040»، تلك النظرة الاستراتيجية التي تؤسس لنهضة متجددة كبرى لتطوير الجهاز الإداري للدولة على مستوى الفعالية والكفاءة والنظم والتشريعات والوسائل الحديثة، فالجهاز الإداري -في أي دولة- هو «العمود الفقري» الواجب الارتقاء به، كونه الركيزة التي تقوم عليها جهود التنمية كافة، وهو القاسم المشترك في كل الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والبشرية.
جهاز إداري مرن
وأضاف اللواتي: إن «رؤية عمان 2040» أولت اهتمامًا كبيرًا بهذا الأمر، إذ شملت أولوياتها حوكمة الجهاز الإداري للدولة، فجاء التوجه الاستراتيجي دافعا نحو الوصول إلى جهاز إداري مرن ومبتكر وصانع للمستقبل وقائم على مبادئ ثابتة، وهو ما يتحقق بتكامل ثلاثة عناصر أساسية، أولها يتمثل في رأس المال البشري دائم التطور في المهارات والقدرات والمعارف والثقافة المؤسسية، وثانيها يتمثل في تطور التشريعات والنظم واللوائح الإدارية وثالثها يتمثل في وسائل التقنية الإدارية الحديثة، موضحًا أنه يجب النظر إلى الصورة بكامل تفاصيلها واستيعاب ضرورة إحداث التكامل بين العناصر الثلاثة السابقة والسعي نحو إحداث النمو المتوازن بينها.
وحول مواكبة الأكاديمية السلطانية للإدارة التطورات العالمية ومنها التطور الرقمي في برامجها وخدماتها المختلفة، بيّن سعادته أنه بات من الصعب اليوم تصور إحداث التطوير بعيدًا عن التقنية؛ نظرًا لما تقدمه من تسهيلات وفوائد على كافة الأصعدة، ومنها التّعلم والتدريب. ومنذ ظهور الإنترنت، تطور شكل ومنهج وأسلوب التعلم والتدريب والتأهيل، حيث تدرج الاعتماد على التقنية وتفاوت مقداره إلى أن تم الوصول مؤخرًا إلى صيغة جديدة توازن بين ما هو تقليدي (يعتمد على التفاعل الشخصي المباشر)، وبين ما هو تقني (يعتمد على التفاعل غير المباشر)، واستثمار فوائد كل منهما، ومن أجل ذلك، تعتمد الأكاديمية السلطانية على منهجية تمزج بين خصائص كل من التّعلم الصفي التقليدي والتّعلّم الرقمي في نموذج متكامل، يستفيد من التقنيات والميزات المتاحة لكل منهما.
المساحات التشاركية
وأشار الدكتور علي اللواتي إلى أن المساحات التشاركية لها بصمة كبيرة في البرامج المنعقدة في الأكاديمية، حيث إنها تستند على منهج علمي حديث في التطوير بشكل عام، وتتيح هذه المساحات التشاركية التفاعل بين الأشخاص بما يكسب الفرد المزيد من الخبرة، ويحقق التفاعل المهني والمجتمعي الذي بدوره يجلب أيضا مشاركة الأفكار التي يمكن استخدامها لتحسين الأعمال وتطوير الفرد، مؤكدًا أن التجربة العملية التي طبقتها الأكاديمية السلطانية للإدارة أثبتت أن العمل في هذه المساحات التشاركية قد نجح بشكل ملحوظ في تجسير المسافات بين المستويات الإدارية المماثلة من مختلف المؤسسات، وكذلك بين المستويات الإدارية القيادية والتنفيذية، وهو ما يقود لأمرين الأول يحقق التقارب بين القيادات العليا في المؤسسات المختلفة بما يعزز التعاون المشترك بينها في الحياة العملية الفعلية خارج ساحات التدريب، والثاني يُحدث تقاربا ملحوظا بين القيادات الاستراتيجية في المؤسسات وقيادات التنفيذ.
وأضاف: إن هذه المساحات ساعدت على التقارب الأفقي بين المؤسسات وعلى التلاحم الرأسي بين المستويات الإدارية داخل المؤسسة الواحدة، وأسهمت في تفعيل التقارب والانسجام في التصورات والمعالجات بين القطاعات المختلفة في الدولة، وكذا بين الحكومة المركزية من ناحية والإدارة المحلية من ناحية أخرى، حيث كان لهذه الفعاليات أثر ملموس في تسريع إنجاز العديد من الموضوعات، وأفردت مساحات أوسع للنقاش والتفاهم حولها كان يصعب إنجازها بشكل تقليدي عن طريق المكاتبات أو اللجان الرسمية المشتركة.
تعزيز القدرات
وحول الأهداف المتوقعة من عملية ربط المحتوى العالمي لتعزيز قدرات القيادات ومواكبة البرامج التي تعقدها الأكاديمية المحتوى العالمي والسياق المحلي أفاد سعادته أنه من الصعب للغاية في عالم اليوم تصور أن هناك حدودًا فاصلة بين السياق العالمي والسياق المحلي، فالترابط بين ما هو محلي وما هو عالمي بات أمرًا مسلَّما به، ولا يتعارض إطلاقا مع مفهوم الحفاظ على الخصوصية المحلية، وإنما يستدعي أكثر من أي وقت مضى ضرورة استيعاب التطورات العالمية واستحضار أنسبها لرؤيتنا المحلية وخططنا التنموية والتشبع بها وليس مجرد التعرف عليها.
وقال: من أجل ذلك تعمل الأكاديمية «كمنارة» تلتقي عندها مدارس الإدارة المختلفة، من خلال علاقتها القائمة والمتجددة مع كبرى الجهات الأكاديمية العالمية، لاستيعاب التجارب العلمية والعملية الحديثة، ثم تأطيرها ونقلها ضمن السياق المحلي، لتقديم أنسب نماذج التعلم على المستويين الإقليمي والعالمي، مشيرًا إلى أن انفتاح الأكاديمية لا يقتصر على المستوى العالمي فقط، بل تهتم كثيرا بالتعامل مع المؤسسات الوطنية، وتسعى دومًا للاستعانة بالخدمات التي تقدمها تلك المؤسسات، وهو ما يساعد الأكاديمية على الاتساق أكثر مع السياق المحلي، ومن ناحية أخرى، يدعم اندماج تلك المؤسسات الوطنية مع السياقات العالمية.
الزخم المعرفي
وحول وجود خطة مستقبلية تعمل عليها الأكاديمية من أجل استحداث برامج تخصصية للفئات الأخرى غير القيادية من المؤسسات والجهات قال الدكتور علي: هناك دائما مدرستان في هذا العمل الذي نقوم به، الأولى هي التوسع في استهداف الفئات كافة، والثانية هي التركيز على فئات وفق أولويات، ولعل المدرسة الأولى يزداد فيها عدد المستفيدين، ولكن الزخم المعرفي والتركيز يكون بطبيعة الحال أقل، وتصلح هذه المدرسة في التدريب العام والدورات التقليدية، ويكون مردودها الفعلي على واقع الحال أقل، موضحًا أن الأكاديمية السلطانية للإدارة اختارت المدرسة الثانية، ووفق دراسات للاحتياجات الفعلية واستيعابًا لخطط الدولة التنموية، نركز بشكل أساسي في الوقت الراهن على مستوى القيادات الاستراتيجية وقيادات التنفيذ، بينما لا نغفل الجانب الذي يستهدف الدرجات الوظيفية الأقل ولكن من خلال «برامج تخصصية»، موجهة على نحو دقيق وتتكامل مع الاحتياجات وتعتمد على التعلم المدمج.
وأضاف: إن تركيز الأكاديمية السلطانية للإدارة في هذه المرحلة على مستوى القيادات، هو الحاجة الفعلية للتنمية، واستيعابًا لحقيقة أن تطوير القيادات ينعكس مباشرة على تطوير باقي الهرم الوظيفي بشكل أو بآخر، ويحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
التعلم التنفيذي
وأشار رئيس الأكاديمية السلطانية للإدارة إلى أن الأكاديمية تعمل وفق أحدث مفاهيم وأساليب التعلم التنفيذي وأكثرها نجاعة، من أجل تنمية وتراكم رأس المال البشري بوحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع الخاص، وباتساق مع أنسب وأحدث المدارس العلمية والعملية، بما يضمن تأطيرًا حقيقيًا للخبرات، ويضمن سلاسة انتقالها لخدمة التطوير الكلي للجهازين الحكومي والخاص.
كما تحرص على استخلاص دواعي التطوير ومجالاته المطلوبة من المشاركين في كل برنامج، من خلال تطوير «ورقة سياسات» التي يتم تداولها مع المسؤولين، من أجل اتخاذ معالجات وتدخلات للتطوير، إلى جانب حرصها على بناء شبكة علاقات إنسانية بين المشاركين في البرامج كافة، بغية توطيد العلاقات الإنسانية بينهم، التي تنعكس على نجاعة الإنجاز بشكل ملموس في الحياة العملية الفعلية، وفي هذا الصدد أنشأت الأكاديمية -باهتمام كبير- مكتبًا للخريجين يُعنى بإدارة العلاقة الممتدة مع المشاركين والحفاظ على التواصل المستمر معهم من خلال الفعاليات والمبادرات، مؤكدًا أن المكتب يعكس نظرة الأكاديمية لمجتمع الخريجين على أنه يمثل «مجتمعا قادرا على إثراء الأفكار وتعزيز المقترحات ورافدًا للمعرفة» في كافة الموضوعات التي نطرحها عليهم، كما تشجع هذه الآلية على أمر غاية في الأهمية، وهو بناء الرغبة والعزيمة لدى الخريجين للمساهمة في المحافل الفكرية والعالمية التي ترتبط مع الأكاديمية، وهو ما يعزز التواجد العماني في هذه المحافل ويدعم قوة عمان الناعمة.
وأضاف: تتبع الأكاديمية منهجا رصينا في تقييم التدريب وصولًا إلى قياس أثره، وبرغم صعوبة ذلك؛ لأن إحداث الأثر الفعلي للتدريب يخضع لعوامل عديدة ومتداخلة، وليس فقط تقديم التدريب، وكون علاقة التدريب بالأثر ليست علاقة أحادية وإنما علاقة مركبة تقتضي تضافر أطراف تلك العلاقة كافة مع الأكاديمية؛ لذا، تقوم الأكاديمية بتقييم برامجها التطويرية، بينما تقتصر دراسات قياس أثر التدريب على بعض البرامج النوعية وفق منهجيات معتمدة.
مشاركة الخبرات
وحول وجود العديد من القيادات المختلفة من جميع المؤسسات الحكومية والخاصة التي تسهم في توسع الأفكار ومشاركة الخبرات أوضح سعادته قائلا: إننا نؤمن في الأكاديمية السلطانية للإدارة بأن العنصر الأساسي في عملية التنمية هو القدرة الحقيقية على توليد الأفكار وتناقل الخبرات وانتقالها إلى حيز التنفيذ والتحقق، كما نؤمن بأن القطاعين الحكومي والخاص هما المحرك الرئيس الدافع لعجلة التنمية المستدامة، لذلك فإننا ننظر إلى التقارب بين قيادات القطاعين نظرة تتسق مع التوجهات الاستراتيجية للدولة، سواء قيادات القطاع الحكومي وحدها، أو قيادات القطاع الخاص سويا، أو كلاهما معًا، بما يعني أننا نتحرك في هذا الأمر على ثلاثة مسارات لكل منها أهميته.
ولتحقيق ذلك، قامت الأكاديمية بتصميم برامج وفعاليات في كل مسار من المسارات الثلاثة بما يضمن تحقيق الاستفادة الكبرى من توليد الأفكار، وتبادل الخبرات وتفهم المواقف، كما تقوم الأكاديمية بتصميم مسارات خاصة، وفق الأولويات الوطنية، مثل مسار قيادات الإدارة المحلية، ومسار القيادات الاقتصادية؛ وذلك لإيجاد مساحات تقارب بين القيادات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأکادیمیة السلطانیة للإدارة الجهاز الإداری للدولة من خلال وهو ما من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير الصحة: تطوير مجالات طب الطوارئ وتطبيق أحدث البروتوكولات العالمية في خططنا الاستراتيجية
أكد وزير الصحة الدكتور أحمد العوضي اليوم الخميس السعي الدائم إلى تطوير جميع مجالات طب الطوارئ مع التركيز على تطبيق أحدث النظم والبروتوكولات العالمية وإدراجها ضمن خططها الاستراتيجية لتحقيق أهداف رؤية “كويت جديدة 2035”.
جاء ذلك في كلمة الوزير الافتتاحية في الورشة التي تقيمها وزارة الصحة تحت عنوان (طب الطوارئ في الحياة البرية) وتستضيف نخبة محاضرين من الكويت والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات وعمان على مدى يومين.
وقال الوزير العوضي “إننا نؤسس اليوم لباب جديد في مجال طب الطوارئ البيئي كخطوة سباقة تؤكد تميز الكويت في الاستفادة من الابتكارات الطبية وتطبيقها على أرض الواقع” مضيفا أن هذه الورشة تأتي كمبادرة نوعية هي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط للارتقاء بطب الطوارئ ليتجاوز حدود المراكز والمستشفيات في ميادين الحياة الطبيعية سواء البرية أو البحرية.
وأوضح أن الورشة تسعى لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات لدعم جودة الخدمات الصحية في الكويت وبأهمية هذا المجال الذي يجمع بين الطب والرعاية الصحية في الحياة البرية لاسيما أن هذا التخصص يتطلب توفير الرعاية الطارئة للحوادث والإصابات أثناء الأنشطة البرية كالتخييم والصيد فضلا عن الإصابات خلال الرحلات البحرية.
جانب من المعرضوفي إطار تطوير إدارة الطوارئ الطبية أفاد بأن الوزارة افتتحت عيادة للطوارئ في جزيرة أم المرادم أغسطس الماضي كما قامت بتدريب الأطباء على التعامل مع حالات الطوارئ في الظروف غير التقليدية وتأهيلهم للاستعداد لتقديم الرعاية اللازمة المتكيفة مع البيئة المحيطة.
وفي تصريح للصحفين عقب افتتاح الورشة قال الوزير العوضي إن الوزارة حريصة على استقطاب الخبرات المحلية والعالمية في مجال طب الطوارئ البيئي إلى جانب الاهتمام بالكوادر الوطنية وتوسيع المعرفة بتطورات هذا المجال وتوفير الفرص التدريبية للأطباء والممارسين الصحيين للارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المتكاملة.
وأوضح أنه في إطار تعزيز التجربة الميدانية والتدريبية ستظم الورشة غدا زيارات لجزيرة أم المرادم وبر الصبية بمشاركة قطاعات من وزارة الداخلية والحرس الوطني والإطفاء لتأهيل قدرات الطواقم الطبية في هذه القطاعات.
من جانبه قال رئيس قسم طوارئ مستشفى العدان ورئيس مركز صباح الأحمد للطوارئ ورئيس الورشة الدكتور نواف الدهراب في تصريح مماثل إن هذه الورشة تعزز من أهمية هذا التخصص الحيوي سواء في الحياة اليومية أو في حالة ممارسة الأنشطة والمهام الاستكشافية في الحياة الطبيعية.
جانب من الحضوروأوضح الدهراب أن الرعاية الطبية في الحياة البرية تواجه تحديات مختلفة منها صعوبة التحصل على الموارد الطبية في تلك البيئات النائية إلى جانب تحديات الطقس والبيئة والمخاطر المحيطة بالكائنات الحية مثل التعرض للدغات السامة من الزواحف وكيفية التعامل معها أما على صعيد المخاطر في الحياة البحرية تتراوح بين إصابات الغوص والغرق.
وبين أن طب الطوارئ أصبح من التخصصات الضرورية في الكويت خصوصا مع تزايد الأنشطة والرحلات البرية والبحرية التي تواجه بعض المخاطر والتحديات المرتبطة بها والتي تتطلب الاستعداد الطبي وتحسين الاستجابة في حالة مواجه بعض المخاطر.
وأكد أن دمج طب الطوارئ بممارسات الحياة البرية يسهم في تعزيز الابتكار والقدرة على التعامل مع الظروف الصعبة ورفع كفاءة مقدمي الرعاية الصحية.
وزير الصحة الدكتور أحمد العوضي المصدر كونا الوسومالطوارئ وزير الصحة