د. مصطفى الهنائي لـ«عمان»: تطبيق المبادرات الرامية إلى اللامركزية وتحقيق العدالة الصحية
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
في ضوء تزايد صلاحيات اللامركزية لإيصال الخدمات الصحية التخصصية، أكدت وزارة الصحة على تحقيق الأثر الإيجابي بعد إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻌديد ﻣن اﻟﺧدﻣﺎت الطبية التخصصية ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺎت، ساهمت في تقليص فترة انتظار المرضى لتلقي العلاج الدقيق وتراجع الحالات المرضية المحولة إلى المستشفيات المرجعية بمحافظة مسقط، كما عملت اللامركزية في تقليل الفوارق ﺑين اﻟﻣﻧﺎطق وﺗﻌزيز ﺗﻘديم اﻟرﻋﺎية ﻓﻲ بيئات اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺣﻠﻲ ﺑﺷﻛل ﻣﺗﺳﺎوٍ.
وعن توجه وزارة الصحة إلى العمل نحو اللامركزية لإحداث تطورات في القطاع الصحي، قال الدكتور مصطفى بن يعقوب الهنائي استشاري أول طب الطوارئ، ومدير عام مساعد الرعاية الطبية التخصصية بوزارة الصحة خلال حديثه لـ«عمان»: تتمثل أولوية الصحة في رؤية عمان 2040 في تحقيق «نظام صحي بمعايير عالمية» كتوجه استراتيجي. وفي هذا السياق تأتي اللامركزية كأحد الأهداف الاستراتيجية الناشئة مع هذا التوجه، بهدف تعزيز جودة الخدمات الصيحة وتلبية احتياجات المجتمعات المحلية بفعالية أكبر، ويعنى مفهوم اللامركزية في النظام الصحي بنقل سلطات القرار والتنفيذ إلى المدريات العامة للخدمات الصحية في المحافظات وإلى المستشفيات المرجعية، بهدف تحسين الخدمات الصحية وتكييفها مع احتياجات المجتمعات المحلية التي يقصد بها في الخدمات الصحية أن اللامركزية في الخدمات الصحية التخصصية التي كانت قبل أعوام قليلة غير متوفرة إلا في المستشفيات الثالثية في محافظة مسقط فقط.
ويضيف الدكتور مصطفى: أن العمل ضمن نطاق اللامركزية في خدمات الرعاية الطبية التخصصية له العديد من الفوائد والتي تشمل تحسين الوصول للخدمة الطبية التخصصية للقاطنين في المحافظات، مما يقلل الحاجة إلى السفر للحصول على الخدمة في المستشفيات الثالثية، بالإضافة إلى تقليل أوقات الانتظار للعيادات والعمليات التخصصية مع تعزيز الخبرة المحلية من خلال وجود الخدمات الطبية التخصصية على المستوى المحلي التي يمكن أن تؤدي إلى نمو الخبرة الطبية في المحافظات، مما يساهم في تعزيز الاستدامة في مجال الرعاية الصحية التخصصية داخل المجتمعات المحلية ويعكس تطورا إيجابيا في القطاع الصحي بشكل عام.
وتابع مدير عام مساعد الرعاية الطبية التخصصية قائلا: اللامركزية تساهم في تقليل الفوارق بين متلقي الخدمة ما يجعل الرعاية الصحية التخصصية متاحة بشكل متساو ولجميع سكان المجتمع، ويقلل من اختلافات الرعاية بين المحافظات، بالإضافة إلى تعزيز رعاية المرضى في بيئاتهم المحلية عبر تشجيع اللامركزية على تقديم رعاية متخصصة للمريض في بيئته المحلية، بحيث يمكن للمريض أن يظل قريبا من أفراد عائلته ومجتمعه، ويزيد من راحته ويعزز حالته النفسية.
المستشفيات المرجعية
ويوضح الدكتورقائلا: وزارة الصحة عملت خلال الأعوام القليلة الماضية على تعزيز هذا النهج من خلال إضافة العديد من الخدمات الطبية التخصصية في المحافظات، وأذكر أمثلة على النجاحات التي حققتها الوزارة الأشهر الماضية في إطار سعيها نحو اللامركزية في الخدمات الطبية التخصصية في بعض المحافظات على سبيل المثال في محافظة الظاهرة تم البدء في تشغيل خدمات العناية النهارية لمرضى الثلاسيميا وعيادة صدى القلب للأطفال وخدمة التنظير للجهاز الهضمي والتنفسي، وتشغيل عيادة الألم المزمن وعمليات النزول الأبيض لعدسة العين وعمليات الليزر لعلاج شبكة العين وعمليات الياج ليزر لعلاج الجلوكوما وتنظيف عدسة العين ما بعد عملية النزول الأبيض، بالإضافة إلى الحقن داخل العين لحالات اعتلال الشبكية للكبار والأطفال الخدج، كل هذه الخدمات وفرت بمستشفى عبري المرجعي. أما في محافظة شمال الشرقية، فقد وفرت بعض الخدمات بمستشفى إبراء المرجعي، أبرزها خدمات عمليات تبديل مفصل الركبة وترميم الحوض بالإضافة إلى جراحة الأطفال وعيادة الأمراض الوراثية، وفي محافظة جنوب الشرقية بمستشفى صور المرجعي، تم البدء في تشغيل وحدة السكتات الدماغية وعيادة الأورام، وقريبا سيتم تشغيل العيادة النهارية للأورام، وإجراء عمليات السمنة بالتعاون مع المستشفى السلطاني.
كما تم تشغيل خدمات تخصصية أخرى في مستشفى نزوى المرجعي بمحافظة الداخلية، منها تصوير البنكرياس والأقنية الصفراوية بالتنظير الباطني، ومختبرات قسطرة شرايين القلب، الأشعة التداخلية والقسطرة الدماغية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، وفي محافظة شمال الباطنة بالأخص مستشفى صحار المرجعي، فقد تم البدء في إجراء القسطرة القلبية والدماغية وتشغيل وحدات السكتات الدماغية وجراحة اليد.
أثر إيجابي
يؤكد الدكتور مصطفى الهنائي على الأثر الذي تركته هذه المبادرات في دعم اللامركزية في الخدمات الطبية التخصصية بعدة طرق أهمها من خلال انخفاض فترات الانتظار للعمليات الجراحية والإجراءات التداخلية، ما يؤدي إلى تحسين الوقت الذي يحتاجه المرضى للحصول على الخدمات الطبية التخصصية، بالإضافة إلى انخفاض الحالات التي تحتاج إلى نقل للمستشفيات الثالثية في محافظة مسقط، مثالا على ذلك منذ بدء تقديم خدمات القسطرة القلبية بمستشفى صحار في شهر يونيو الماضي حصل انخفاض كبير بنسبة 70% في عدد حالات الطوارئ القلبية التي تستدعي نقلا إلى المستشفى السلطاني. هذا الانخفاض يعكس تأثيرا إيجابيا لمبادرات اللامركزية من خلال توفير خدمات القسطرة القلبية محليا بحيث يمكن للمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية قلبية عاجلة الحصول على العلاج في الوقت المناسب وتجنب الحاجة لنقلهم إلى مسافات طويلة إلى المستشفيات الثالثية، وبذلك يحصل المريض على العلاج دون تأخير، ويقلل الضغط على المرافق الصحية الثالثية مما يتيح لها التركيز على الحالات الأكثر تعقيدا.
كوادر عمانية مؤهلة
ويشير الدكتور إلى أن الوصول إلى اللامركزية لا يمكن أن يتم بدون وجود ممكنات تدعم هذا التوجه وتتضمن التكاملية بين المستشفيات الثالثية والمستشفيات المرجعية، وبين المستشفيات المرجعية نفسها والتي تتضمن تحسين الاتصالات والتنسيق بين المستشفيات وتسهيل نقل المرضى والمعدات الطبية بينها وصولا إلى الأهداف المرجوة.
كما يعتبر وجود الكوادر البشرية العمانية المؤهلة في المستشفيات المرجعية في المحافظات عاملا حاسما في جلب التخصصات الدقيقة إلى المستشفيات في المحافظات، والذي جاء كنتيجة مباشرة للنجاحات التي حققتها برامج التدريب في مؤسساتنا التعليمية المحلية وبرامج الابتعاث التخصصية خلال العشر سنوات الماضية، أضف إلى ذلك الصلاحيات الكبيرة التي منحت لمديري العموم في المحافظات لإدارة المنظومة الصحية في مؤسسات المحافظات وزيادة التنسيق بين المحافظات وصولا إلى التكاملية في الخدمات الصحية.
التطبيب عن بعد
وعن أحدث أنواع الرعاية الصحية المقدمة، قال استشاري أول طب الطوارئ: يلعب التطبيب عن بعد دورا مهما في تعزيز اللامركزية للخدمات الطبية التخصصية، حيث يسهم الطب عن بعد في توفير الخدمات الطبية للمرضى في المناطق التي تفتقر إلى خدمات طبية متخصصة في بعض فروع الطب، فلابد من الحاجة إلى السفر للوصول إلى الأطباء المتخصصين أو جلب الاختصاصيين إلى المحافظات، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية في المحافظات التواصل مع زملائهم الاختصاصيين في المستشفيات الثالثية أو المرجعية عبر الفيديو للحصول على رأيهم التخصصي، بحيث يمكن الاستفادة من التطبيب عن بعد في علاج الأمراض غير الجراحية كأمراض الطب الباطني والأطفال والعناية الحرجة وعلاج الجلطات الدماغية والقلبية وفي علاج الأمراض الجلدية.
القطاع الخاص
واستطرد بالقول: يلعب القطاع الصحي الخاص دورا بالغ الأهمية في تعزيز اللامركزية بالخدمات الطبية المتخصصة، من خلال توفير العلاج التخصصي للوافدين الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، حيث يتم تقديم فرصة للمرضى للحصول على الرعاية الطبية المتخصصة بشكل أسرع وأكثر فعالية، مما يقلل الضغط على المستشفيات المرجعية في المحافظات ويساهم في توفير الخدمات للمجتمعات المحلية بشكل افضل، وبذلك يرفع القطاع الصحي الخاص من قدرة النظام الصحي على التعامل مع الأمور الصحية المختلفة ويسهم في تعزيز الاستدامة والاستجابة للأزمات بشكل أفضل.
ويوضح مدير عام مساعد الرعاية الطبية التخصصية في ختام حديثه قائلا: إن تحقيق نظام صحي يتسم باللامركزية هو هدف استراتيجي مهم في رؤية عمان 2040 ، حيث يسعى النظام الصحي إلى توفير خدمات طبية متخصصة بمعايير عالمية في مجتمعات المحافظات وذلك من خلال التكامل بين المستشفيات والمرافق الصحية وتفعيل التطبيب عن بعد وتعزيز دور القطاع الصحي الخاص مما يؤدي إلى تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية المتخصصة وتلبية احتياجات المرضى بشكل أفضل، بالإضافة إلى ذلك العمل على تقليل الفوارق بين المناطق وتعزيز تقديم الرعاية الصحية في بيئات المجتمع المحلي، وبفضل هذه الجهود المشتركة والإنجازات التي تم تحقيقها خلال السنوات الماضية، نتوقع رؤية تحسين مستدامة في القطاع الصحي الوطني وزيادة قدرته على التعامل مع التحديات الصحية العامة وتقديم الرعاية المتخصصة للمجتمع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرعایة الطبیة التخصصیة الصحیة التخصصیة بین المستشفیات الخدمات الصحیة الرعایة الصحیة إلى المستشفیات فی المستشفیات اللامرکزیة فی بالإضافة إلى فی المحافظات القطاع الصحی للحصول على فی الخدمات فی محافظة الصحیة فی فی تعزیز من خلال
إقرأ أيضاً:
نقلة نوعية في خدمات الرعاية المركزة بمحافظات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل
أعلن الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، عن تحقيق إنجازات كبيرة في تطوير خدمات الرعاية المركزة بمستشفيات الهيئة خلال عام 2024، وذلك في إطار استراتيجية الهيئة لتقديم خدمات صحية متكاملة وشاملة على أعلى مستوى من الجودة.
السيطرة على حريق محدود بفرع التأمين الصحي في بني سويف محافظ السويس: متابعة مستمرة استعدادًا لبدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشاملصرح الدكتور السبكي، أنه تم إضافة 278 سريرًا جديدًا للرعاية المركزة بمستشفيات الهيئة في محافظات منظومة التأمين الصحي الشامل، باستثمارات ضخمة بلغت 7 مليارات جنيه، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يمثل زيادة بنسبة 47% في عدد الأسرة المتوفرة حاليًا، ويحقق نموًا بنسبة 88% مقارنة بالأعوام الأربعة السابقة.
وأوضح الدكتور السبكي، أن مستشفيات الهيئة سجلت نسبة تحسن وشفاء في وحدات الرعاية المركزة بلغت 82.8% خلال عام 2024، ما يعكس التزام الهيئة بتطبيق أعلى معايير الجودة في تقديم الرعاية الصحية. كما نجحت الهيئة في تقليل معدلات الوفيات في وحدات الرعاية المركزة بنسبة 34%، لتصبح أقل من المعدل العالمي بنسبة 13%.
وأشار، إلى أن الهيئة تمكنت من تقليص متوسط مدة الإقامة في وحدات الرعاية المركزة بأقسام الطوارئ بنسبة 25%، مما يسهم في تحسين كفاءة تشغيل الوحدات وزيادة القدرة الاستيعابية. بالإضافة إلى ذلك، انخفض متوسط الانتظار الشهري للمرضى الذين يحتاجون إلى دخول الرعاية المركزة لأكثر من 24 ساعة بنسبة 66%، ما يعكس التحسن الكبير في كفاءة إدارة الحالات الحرجة.
وأضاف الدكتور السبكي، أن الهيئة تستهدف إطلاق وحدات متخصصة لرعاية الحالات المتقدمة في وحدات الرعاية المركزة، مشددًا على التزام الهيئة بتطبيق بروتوكولات إكلينيكية موحدة لضمان تقديم أفضل مستويات الرعاية الصحية للمرضى.
وأكد رئيس الهيئة، أن هذه الخطوات تأتي ضمن استراتيجية شاملة لتطوير خدمات الهيئة الصحية، بما يدعم رؤية مصر 2030 لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، وتعزيز جودة وكفاءة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في جميع المحافظات التابعة لمنظومة التأمين الصحي الشامل.
واختتم الدكتور السبكي تصريحاته قائلاً: "إن الهيئة العامة للرعاية الصحية ماضية بخطى ثابتة نحو تحقيق تحول نوعي في الخدمات الصحية المقدمة بمصر، بما يسهم في تحسين صحة المواطنين تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل، لتصبح نموذجًا يحتذى به إقليميًا ودوليًا".