المسجد النبوي .. حكم كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلته المسجد النبوي الشريف والكعبة المشرفة.. سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية.

دار الإفتاء توجه نصائح لكل المتزوجين من أجل حياة مستقرة هل يجوز أداء ركعتين يوميا عن والديَّ المتوفيين.. أمين الإفتاء يجيب

قالت دار الإفتاء: قام سيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى -وهو من أعلام التابعين، وكان يُلَقَّبُ بخامس الخلفاء الراشدين- بتوسعة المسجد النبوي الشريف بعد أن أمره بذلك الوليد بن عبد الملك؛ فكتب بالذهب سورةَ الفاتحة وقِصَارَ السُّوَر في قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ من سورة: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ [الشمس: 1] إلى آخر القرآن؛ كما رواه ابن زَبَالَةَ عن غير واحد من أهل العلم -فيما نقله عنه أبو علي بن رُسْته في "الأعلاق النفيسة" (ص: 70، ط.

ليدن 1891م)-.


وكان رحمه الله تعالى يأمر بكتابة الآيات القرآنية الكريمة بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف وتعجبه كتابة الخطَّاط حتى يطلب منه أن يكتب له مصحفًا على مثال ما كتب على المسجد.

وأضافت: لم يَرِدْ عن أحد من الأئمة والعلماء من الصحابة أو التابعين أنه أنكر ذلك أو سعى في محوه أو تغييره، وقد كان الزوَّار والحجيج من العلماء وغيرهم، سلفًا وخلفًا، يقصدون المسجد النبوي لزيارة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والسلام عليه والصلاة في مسجده، ولم ينكر ذلك أحدٌ منهم، وذلك على اختلاف العصور إلى عصرنا هذا؛ قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (21/ 267، ط. دار الكتب المصرية): [ورُوِيَ عن عمر بن عبد العزيز أنه نقش مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبالغ في عمارته وتزيينه، وذلك في زمن ولايته قبل خلافته، ولم ينكر عليه أحدٌ ذلك] اهـ.

وأكملت الدار:  تتابع المسلمون جيلًا بعد جيل من غير نكير على تطريز كسوتها وبابها بالآيات القرآنية بالذهب وغيره، ووصف الأزرقي [ت: 250هـ] باب الكعبة في "أخبار مكة" (1/ 244، ط. مكتبة الثقافة الدينية)؛ فذكر أنه كان مكتوبًا عليه: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾.

بل نقل الإمام تقي الدين السبكي رضي الله عنه إجماع المسلمين على ذلك، فقال في رسالته "تنزل السكينة على قناديل المدينة" (1/ 276، ط. دار المعرفة): [وأما تذهيب الكعبة: فإن الوليد بن عبد الملك بعث إلى خالد بن عبد الله والي مكة ستة وثلاثين ألف دينار وجعلها على بابها والميزاب والأساطين والأركان، وذكر في "الرعاية" عن أحمد: أن المسجد يُصان عن الزخرفة، وهم محجوجون بما ذكرناه من إجماع المسلمين في الكعبة، ذكر ذلك صاحب "الطراز" من المالكية] اهـ.

وعلى ذلك نص بعض فقهاء المذاهب:

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (30/ 245، ط. دار الفكر): [قال: ولا بأس أن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب] اهـ.

ونقل الإمام الفقيه أبو علي سند بن عنان المالكي [ت: 541هـ] صاحب كتاب "الطراز" الذي شرح به "المدونة" في ثلاثين سفرًا: إجماع المسلمين على مشروعية تذهيب الكعبة، نقله عنه الإمام التقي السبكي في "تنزل السكينة" المطبوعة ضمن فتاواه (1/ 276، ط. دار المعرفة).

وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 65، ط. دار إحياء الكتب العربية): [واعلم أن تزويق الحيطان والسقف والخشب والساتر بالذهب والفضة جائز في البيوت، وفي المساجد مكروه إذا كان بحيث يشغل المصلي، وإلا فلا] اهـ.، فكراهية الكتابة بالذهب عند المالكية منوطة بكونها مُلْهِيَةً للمُصَلِّين عن صلاتهم، فإن كانت بحيث لا تشغلهم ولا تلهيهم فالمعوَّل عليه عندهم أنها جائزة.

واحتج الإمام التقي السبكي على جواز تذهيب الكعبة وفرشها بالرخام؛ حيث يقول في رسالته "تنزل السكينة على قناديل المدينة" (1/ 268-270): [وقد قيل: إن أول مَن ذهَّب البيتَ في الإسلام: الوليد بن عبد الملك..، ولمّا عمل الوليد ذلك كانت أئمة الإسلام من التابعين موجودين وبقايا الصحابة، ولم يُنْقَلْ لنا عن أحد منهم أنه أنكر ذلك، ثم جميع علماء الإسلام والصالحون وسائر المسلمين يحجون ويبصرون ذلك ولا ينكرون على ممَرّ الأعصار.. وقد تولى عمر بن عبد العزيز عمارة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الوليد، وذهَّب سقفه، وإنْ قيل: إن ذلك امتثال أمر الوليد، فأقول: إن الوليد وأمثاله من الملوك إنما تصعب مخالفتهم فيما لهم فيه غرض يتعلق بملكهم ونحوه، أما مثل هذا -وفيه توفيرٌ عليهم في أموالهم- فلا تصعبُ مُراجعتُهم فيه؛ فسكوت عمر بن عبد العزيز وأمثاله وأكبر منه؛ مثل سعيد بن المسيب، وبقية فقهاء المدينة، وغيرها: دليلٌ لجواز ذلك] اهـ.  

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسجد النبوي دار الإفتاء المسجد النبوي الشريف المدينة صلى الله علیه وآله وسلم عمر بن عبد العزیز المسجد النبوی

إقرأ أيضاً:

«إسلامي الشارقة» يستعرض المناسبات بين السور القرآنية

الشارقة: «الخليج»
عقد المنتدى الإسلامي بالشارقة، الطاولة المستديرة الثقافية بعنوان «المناسبات بين سور القرآن وآياته»، في إطار أنشطة منتدى علوم القرآن الكريم، وذلك بهدف توعية المجتمع بالسياق الزماني والمكاني الذي نزلت فيه الآيات.
ويعزز هذا التوجه من التفسير الدقيق لمحتوى ومعاني الآيات، ويشجع الأفراد على فهم أعمق للنصوص القرآنية والتدبر المستمر في تلاوتها.
وتم طرح موضوع «المناسبات بين السور والآيات» بشكل عميق وشامل، حيث تميزت الجلسة بتبادل الأفكار والرؤى، بمشاركة الأكاديميين والوعاظ الذين أثروا النقاش.
وتناولت الطاولة عدة محاور علمية، أبرزها تعريف علم المناسبات، الذي يختص بدراسة الروابط والتشابهات بين السور والآيات في القرآن الكريم، ويهدف هذا العلم إلى فهم السياق القرآني وتحديد الأسباب وراء نزول الآيات والعلاقات التي تربط بين النصوص.
واستعرضت الطاولة أهمية علم المناسبات في تعزيز الفهم العميق وتدبر معاني الآيات، ما يزيد من معرفة القارئ في تفسير الآيات بناءً على ما سبقها أو ما يليها.
وأكد المشاركون، أن نشأة هذا العلم ارتبطت ببدء كتابة التفسير، حيث بدأ العلماء في ربط الآيات ببعضها، وتطور عبر العصور ليصبح جزءاً مهماً من الدراسات القرآنية.
وتم تصنيف علم المناسبات إلى ثلاثة أنواع رئيسية، أولها مناسبات السور: يعنى بدراسة الروابط بين السور المختلفة، ثانيها مناسبات الآيات: ويهتم بتحليل الروابط داخل السورة الواحدة، ثالثها مناسبات الموضوعات: ويدرس الروابط بين موضوعات مختلفة في القرآن الكريم.
كما أثار محور علم المناسبات بين المجيزين والمانعين نقاشات حول آراء العلماء، حيث ينقسمون إلى مجيزين يرون أن هناك روابط قوية بين الآيات، ومانعين يعتبرون أن هذه الروابط قد تكون ظنية.

مقالات مشابهة

  • وسائل إعلام: الطائرات الإسرائيلية تخرق جدار الصوت على ارتفاعات منخفضة في بيروت
  • شباب يتفاجأون برؤية الوليد بن طلال أثناء تجوله بدراجته الهوائية .. فيديو
  • أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي
  • كلمة «شيخ الأزهر» تثير الجدل في مصر.. وهذا ردّه!
  • من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟
  • "الأزهر للفتوي" يحسم الجدل حول كلمة الإمام الأكبر في احتفالية المولد النبوي
  • الأزهر للفتوى: اجتزاء كلمات الإمام الأكبر عن تفضيل بعض الأنبياء تدليس
  • «إسلامي الشارقة» يستعرض المناسبات بين السور القرآنية
  • فضل الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم
  • وأهل مكة كانوا يحتفلون