في العمق: تعظيم الأيام والأعياد الوطنية فـي حياة الناشئة العمانية
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
إنَّ سلطنة عُمان وهي تستحضر الأيَّام النوفمبريَّة الوطنيَّة الخالدة، وأمجاد الثامن عشر من نوفمبر وعيدها الوطني الثالث والخمسين المَجيد بقيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم، لِتقرأَ في دَوْر التعليم نقطة تحوُّل، ومدَد قوَّة في ترسيخ مفاهيم الوطن والمواطَنة، وتأكيد قِيمة الأيَّام والأعياد الوطنيَّة؛ باعتبارها محطَّات تستجلي في النَّفْس حُب الوطن والولاء لجلالة السُّلطان، وتعظيم قِيمة الوطن في النَّفْس، وحضوره في السلوك، فهو عقيدة إيمان، إذ حُب الوطن من الإيمان، وهو منهج حياة تستقرئ النَّفْس فيه مَسيرة الأمن والأمان والسَّعادة والاستقرار، وبوح التغيير الَّذي تتَّجه الإرادة إليه في كُلِّ ما من شأنه عزَّة الوطن وكرامته والارتقاء به وازدهاره، فهو الرابطة الَّتي تحتوي الجميع، والقوَّة الَّتي يستمسك بمعصمها الكُلُّ.
وانطلاقًا من أنَّ بناء شخصيَّة النَّاشئة العُمانيَّة عمليَّة تشترك فيها كُلُّ مُكوِّنات المُجتمع ومؤسَّساته، وأنَّ القصور في أحدها أو اتِّساع مستوى التباين بَيْنَها يؤدِّي إلى خللٍ في اكتمال عمليَّة البناء، لذلك فإنَّ تعظيم قِيَم المواطنة وبناء أُطُرها بحاجة إلى تكامل دَوْر مؤسَّسات التعليم والإعلام والأُسرة والمسجد ومؤسَّسات المُجتمع المَدني في مَسيرة البناء الوطني وترسيخ قِيَم المواطنة الإيجابيَّة الفاعلة في حياة المُجتمع وأبنائه، وهو الأمْرُ الَّذي انتهجته سياسة بناء المواطنة في سلطنة عُمان، الأمْرُ الَّذي كان له أثَره في نُموِّ هذه المبادئ الوطنيَّة لِتتجلَّى في مُكوِّنات الشخصيَّة العُمانيَّة، انتصارًا للوطن والمبادئ والقِيَم والأخلاق والإنسانيَّة، وهي تنسج في مَسيرة النَّهضة خيوط الوفاء للوطن والولاء، تلك الحميميَّة الَّتي ربطت أبناء النَّهضة العُمانيَّة بالأرض والدَّولة والنَّهضة، لِتتجلَّى في إخلاص المواطن لوطنه، ودفاعة عَنْه، والذود عن حياضه، وترسيخ مبادئه، والوقوف على مبادئه، بما يؤصِّل فيهم القدوة والنموذج، ويقوِّي فيهم دافع الإرادة والعزيمة والمبادرة والتطوُّع في تعاطيهم مع قضايا الوطن وأولويَّاته واهتماماته، الأمْرُ الَّذي سينعكس إيجابًا على المنجز الوطني والمحافظة عَلَيْه، وتعظيم شأنه، والانتقال بالممارسة الوطنيَّة إلى مرحلة القوَّة القائمة على الشراكة والإنتاجيَّة وصناعة أدوات التغيير، وتوظيف الاستحقاقات الَّتي منحتها النَّهضة للمواطن وعَبْرَ ترسيخ الوعي في مشاركته السِّياسيَّة وفي المجالس البرلمانيَّة والشوريَّة وغيرها، وفي التسويق لوطنه وتعزيز المواطنة الرقميَّة، وفي التعبير عن المحطَّات الوطنيَّة الماجدة الَّتي صنعت الفارق، كالاحتفال بيوم الحادي عشر من يناير يوم تولِّي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم مقاليد الحُكم في البلاد، ويوم المرأة، ويوم الشَّباب ويوم المُعلِّم ويوم القوَّات المُسلَّحة ويوم شُرطة عُمان السُّلطانيَّة وغيرها لِتُشكِّلَ هذه المواقف والأيَّام الوطنيَّة الخالدة مع الثامن عشر من نوفمبر خيوطًا ممتدَّة لِتعظيمِ حُب الوطن وجلالة السُّلطان، والوقوف على تجلِّيات الوطن ومفاخره ومنجزاته في مختلف المجالات.
ولعلَّ ما قدَّمته المدارس على مدى العقود الخمسة الماضية من مفاخر ونماذج وطنيَّة لِترسيخِ قِيَم المواطنة والولاء للسُّلطان وإكساب الطلبة القِيَم الوطنيَّة شكَّل أحَد النَّماذج الوطنيَّة الَّتي شارك الجميع في تحقيق أهدافها وسَبر أعماقها، وكانت الأُسرة والإعلام والمسجد وجمعيَّات المرأة العُمانيَّة والأندية الرياضيَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة ومؤسَّسات المُجتمع المَدني داعمة فيها لجهود المدارس في ترسيخ قِيَم المواطنة، وتعزيز الانتماء الوطني وتعظيم مفاهيم الولاء والعرفان لجلالة السُّلطان المُعظَّم، كان له أثَره الكبير في بناء المواطنة وتقوية الحسِّ الوطني والمشاعر الراقية في حُب الوطن والفخر به والاعتزاز بمنجزاته، وأثبتت الفعاليَّات الوطنيَّة والاحتفالات النوعيَّة الَّتي تقوم به المدارس في احتفاليَّات ومشاركات مَسيرات الولاء والعرفان لجلالة السُّلطان في مختلف الولايات أو المهرجانات الطلابيَّة، وما يصحب هذه الأيَّام النوفمبريَّة من برامج وفعاليَّات تتحدث عن حُب الوطن في بوح الأطفال والصغار والكبار والرجال والنِّساء، والشعراء والكتَّاب والإعلاميِّين وغيرهم لإحياء هذه التظاهرة الوطنيَّة بروح ملؤها شغف الحُب للوطن والاعتزاز به والفخر بمنجزاته وهي تهتف بحياة جلالة السُّلطان المُعظَّم، مرددةً تحيَّة العَلَم، رافعةُ أمجاده في شموخ وعزَّة، أو ما تؤسِّسه من خلال مناهج التعليم وطرائق التدريس والأنشطة الطلابيَّة ومسابقة النشيد الوطني، وعَبْرَ الإذاعة المدرسيَّة وطابور الصَّباح وأنشطة الكشَّافة والمرشدات وغيرها، محطَّات تعليم وتعلُّم لإبقاء هاجس الوطن وحسِّ المواطنة حاضرةً في خلَد الناشئة، متفاعلةً مع مُكوِّناتها النَّفْسيَّة والفكريَّة والإيمانيَّة والعقديَّة.
وبالتَّالي انعكاسات ذلك على شخصيَّة النَّاشئة والصورة الَّتي تحملها حَوْلَ الوطن، سواء في حواراته ومناقشاته ومنصَّات التواصل الاجتماعي أو بما تجسِّده في مخرجاته في مهامه الوظيفيَّة والاجتماعيَّة، فيستشعر النشء من خلال نُموِّ هذه الروح الإيجابيَّة وتأصيلها أهمِّية استحضار القِيَم الوطنيَّة والهُوِيَّة العُمانيَّة، والحفاظ على درجة التوازنات النَّفْسيَّة والفكريَّة في التعاطي مع الأزمات والحالات الطارئة، فتستنهض القِيَم والأخلاقيَّات الَّتي عُرف بها الإنسان العُماني والتصقَتْ بالشخصيَّة العُمانيَّة، ويقرأ التعليم في أحاديث الرسول الكريم عَلَيْه أفضل الصَّلاة والسَّلام عن عُمان وأهلها في مناهجه وبرامجه، وما تحمله من شواهد تتلقَّاها مناهج التعليم بالدراسة والتمحيص والتحليل؛ خير شاهد على السِّيرة الحسَنة والأصالة التاريخيَّة الَّتي تصنع للمواطنة العُمانيَّة حضورها في هذا العالَم وموقعها الحضاري والتاريخي والإنساني في أجندته وأحداثه، وتستجلي قوَّتها من النموذج الَّذي قدَّمه الإسلام في مفاهيم حُب الوطن والانتماء له والولاء لقيادته، والمحافظة على المكتسبات الوطنيَّة، والدِّفاع عن حدود الوطن، ورعاية مصالح المواطنين بما يؤصِّله فيهم من قِيَم العمل التطوُّعي، والعمل بروح الفريق، والتكافل الاجتماعي، والأعمال الخيريَّة والمبادرات الجادَّة، أو من خلال استنهاض الهِمَم واستحضار الدَّوْر الَّذي قدَّمه الأسلاف والآباء بما يجسِّده من صوَر التضحية والفداء والصبر والجهد، لِيستلهمَ مِنْه النَّاشئة قِيَم الإيثار والمشاركة والمبادرة والإخلاص.
من هنا فإنَّ تعظيم البُعد الوطني في دَوْر التعليم والإعلام والأُسرة ومؤسَّسات المُجتمع المَدني في ترسيخ القِيَم الوطنيَّة، وتعزيز الحسِّ الوطني وقِيَم المواطنة والولاء والانتماء يأتي امتدادًا لدَوْرها المتعاظم في تحقيق الأهداف الوطنيَّة العُليا، وتأكيدًا على دَوْر التعليم بشكلٍ خاصٍّ ومسؤوليَّاته المتعاظمة في تحقيق هذا التحوُّل لِمَا يوفِّره من بنية فكريَّة ومعرفيَّة متوازنة، ويؤصِّله من ثقافة وطنيَّة يمتلكها النَّاشئة حَوْلَ سلطنة عُمان وما حباها الله من فرص وإمكانات وموارد وقيادة حكيمة تعمل من أجْلِ تحقيق الأمن والاستقرار ورفعة شأن عُمان، والمحافظة على حقِّ كُلِّ مواطن في العيش الكريم، والَّتي أسهمت ـ بلا شك ـ في تعزيز كفاءة هذه المؤسَّسات في عمليَّات التوجيه والبناء الفكري وتعميق الشعور الوجداني بالوطن وترسيخ قِيَمه وأخلاقيَّاته وثوابته، لِتصنعَ مؤسَّسات التنشئة الاجتماعيَّة ومؤسَّسات المُجتمع المَدني مع دَوْر التعليم مرحلة متقدِّمة في تحقيق تحوُّل نَوْعي ينقل المواطنة إلى مرحلة الشعور الجمعي المستدام بحُب الوطن وجلالة السُّلطان، واستشعار عظمة ما يُقدِّمه الوطن من أجْلِ أبنائه، إنَّ التعليم بذلك رابطة وطنيَّة تتشكَّل في ظلِّها مراحل العمل وتنطلق من خلالها أبجديَّات التحوُّل، ويتعاظم فيها مستوى الوعي والحسِّ الوطني والمسؤوليَّة المُجتمعيَّة الَّتي هي نتاج لِمَا تغرسه مناهج التعليم وبيئته وعناصره البَشَريَّة من قِيَم في حياة النَّاشئة، فإنَّ المدرسة والجامعة نماذج مصغَّرة للوطن الكبير بما تحويه من تفاعلات وتنوُّع في الثقافات والأفكار والقدرات والاستعدادات والمواهب والجاهزيَّة. وهي بجانب ذلك تحوي كُلَّ مُكوِّنات البناء المُجتمعي، وتصنع للإعلام والأُسرة ومؤسَّسات المُجتمع المَدني موقعًا في أنشطتها وبرامجها وشراكاتها.
أخيرًا، يبقى على التعليم وغيره من مؤسَّسات التنشئة الاجتماعيَّة كالأُسرة والإعلام والأندية الثقافيَّة والاجتماعيَّة والرياضيَّة ومؤسَّسات المُجتمع المَدني اليوم في ظلِّ تسارع المستجدَّات وتراكم المعطيات وتنوُّع المؤثِّرات الَّتي باتَتْ تفرض على النَّاشئة تحوُّلات كثيرة قَدْ تضرُّ بثوابتهم وقناعاتهم حَوْلَ الوطن والقِيَم والهُوِيَّة والمبادئ والولاء والانتماء؛ أن تجدِّدَ خيوط التواصل الَّتي ارتبطت بمَسيرة التعليم في سلطنة عُمان في بناء فكر وثقافة وعقيدة النَّاشئة، وصناعة التوازنات عَبْرَ تلبية المطالب الشخصيَّة والحفاظ على حقِّ الوطن وتعظيم حضوره في حياة النشء، وباتَ عَلَيْه أن يطوِّرَ أدواته، ويُعيدَ إنتاج ثقافة التعليم والتعلُّم في تأصيل دَوْر هذه الموجِّهات في حياة النَّاشئة والصورة الَّتي يُقدِّمها التعليم حَوْلَ دَوْر الإعلام والأُسرة ومؤسَّسات التنشئة الاجتماعيَّة ومؤسَّسات المُجتمع المَدني؛ باعتبار التعليم شراكة مُجتمعيَّة لا يُمكِن أن تصلَ إلى تقديم نموذج وطني في الأداء الصحيح إلَّا عَبْرَ مشاركة الجميع فيه، فالأُسرة والإعلام والمسجد وجمعيَّات المرأة العُمانيَّة والجمعيَّات النقابيَّة وغيرها جزء أساسي من منظومة البناء، تجسِّدها خيوط التكامل والتناغم في سبيل بناء نماذج وقدوات وقدرات تصنعها الظروف والأحداث وتبرزها المواقف، وأنَّ المواطَنة في منظومتها التشريعيَّة والتنظيميَّة والإجرائيَّة، معادلة القوَّة في توازن هذه المرتكزات في البناء التعليمي القائم على تناغم المُكوِّن النَّفْسي والفكري والمهاري للنَّاشئة، وتأكيد مسؤوليَّة البناء الفكري السَّليم للنَّاشئة وتعظيم مفاهيم المواطَنة والحسِّ الوطني والانتماء والولاء وقِيَم الوطنيَّة، وتجسيدها في إطار مشترك يقف الجميع على أهدافه وتنفيذ مبادراته وتحقيق غاياته، في الإسهام في الارتقاء بوعي المُجتمع وإدراك كُلِّ فردٍ ومؤسَّسة فيه لِدَوْره ومسؤوليَّاته ولِيقفَ على مستجدَّاته عَبْرَ ما يوفِّره من حلول مبتكرة، بما يُسهم في ترسيخ عقيدة المواطَنة في سلوك النَّاشئة، فإنَّ قدرة التعليم والمؤسَّسات الَّتي أشرنا إلى بعضها نَحْوَ إعادة تأطير هذا المسار والاستفادة من كُلِّ الفرص الَّتي أتاحتها التقنيَّات الحديثة والمنصَّات الاجتماعيَّة وتقنيَّات الذَّكاء الاصطناعي في التسويق القِيَمي، وخفض درجة القلق النَّاتجة عن تداعيات المؤثِّرات الفكريَّة على جوهر المبادئ والقِيَم والأخلاق العُمانيَّة، سوف يُسهم في تعظيم الأيَّام والأعياد الوطنيَّة في حياة النَّاشئة باعتبارها استحقاقًا وجوبيًّا للنهضة العُمانيَّة وركيزة أساسيَّة في بناء المواطنة المنتجة واستشعار القِيَم الوطنيَّة واستحضارها في سلوك وقناعة وذوق وخِطاب وترانيم وفرح وضحكات النَّاشئة العُمانيَّة.
د.رجب بن علي العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الق ی م الوطنی ق ی م المواطنة د و ر التعلیم فی حیاة الن ة الع مانی ح ب الوطن ة البناء فی ترسیخ فی تحقیق ة الوطن ة ومؤس خیوط ا م سیرة
إقرأ أيضاً:
العيد الوطني .. معنى ودلالات
يأتي العيد الرابع والخمسون حاملًا معه كل معاني الاعتزاز والفخر لنا كعُمانيين حيث نعُده مناسبة غالية وعزيزة على نفوسنا؛ لأنه يعني لنا الكثير، ويُمثل لنا رمزًا خالدًا وذكرى مُتجددة، ففي مثل هذا اليوم من كل عامٍ نسترجع بكل فخرٍ واعتزازٍ فصول ملحمة رائعة ورائدة قادت المشروع العُماني إلى فضاء آخر وحمل معه ملامح الدولة العصرية، دولة المنجزات والمؤسسات. وفي هذه المناسبة المجيدة نشعر ببهجة كبيرة لاقتران النهضة كمشروع حضاري عزز اللحمة الوطنية للأمة العُمانية، وبهذا فإن دلالة نوفمبر ترمز لمعنى أكبر وأعمق، مجسدة ميلاد نهضة وطن ومعبرة عن فصول من البناء والعطاء، فعُمان الخير تشهد -من فضل الله تعالى- وبخط تصاعدي أوج الجِد وقمة المجد في ظل الحكم الرشيد لسلطاننا القائد هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه. إن التعامل مع هذه الذكرى يتطلب مزيدًا من الجد والاجتهاد، ومعاهدة الله والسلطان الأب على العمل الدائب، حتى نواصل معه البناء والعطاء، وتعميق معنى الانتماء لهذا الوطن، والتعاون الدائم على البذل والوفاء. وفي مثل هذا اليوم يجب علينا أن نعي معنى العيد من خلال استحضار وتحقيق الدلالات المهمة التالية كلما احتفلنا بالعيد الوطني: أولًا: العيد الوطني يوجب علينا جميعًا أن نحمد الله تعالى، وأن نشكره بالقول والعمل والنية على ما نحن فيه من نعمٍ كثيرة لا يمكن أن نُحصي عددها، والتي من أجلَّها وأعظمها أننا -ولله مزيد الحمد والشكر- نعيش في وطنٍ واحدٍ مُتجانسٍ آمنٍ مُستقرٍ. ثانيًا: العيد الوطني يعني التأكيد على تمسكنا بولائنا لقيادتنا وعقيدتنا السمحة وأن نعلم جميعًا أنه لا عز لنا، ولا مجد، ولا فخر إلا بالتمسك الصادق بهذا الولاء في كل شأنٍ من شؤون الحياة. ثالثًا: العيد الوطني يعني أن يُحب الإنسان وطنه الذي يعيش فيه، وأن يترجم هذا الحب أقوالًا صادقةً، وأفعالًا نافعةً خيرة، وألّا يدّخر جهدًا في خدمته والتضحية لأجله بكل ما يستطيعه ويملكه من إمكاناتٍ وطاقاتٍ وقدرات واستعدادات. رابعًا: العيد الوطني يعني أن يظل الإنسان العُماني محورًا فاعلًا وثابتًا لكافة خطط وبرامج التنمية الشاملة في كافة مناحي الحياة، وأن يعي تمامًا دوره الفاعل في تلك الخُطط والبرامج. خامسًا: العيد الوطني يعني أن يتحقق للإنسان العُماني المزيد من الوعي الحضاري الذي يؤهله لتحقيق معنى الانتماء. سادسًا: العيد الوطني يعني الحفاظ على الأمن والاستقرار داخل الوطن، وعدم السماح لأي عابثٍ أو حاقدٍ أو حاسدٍ أو دخيلٍ بالإخلال بأمن الوطن أو المزايدة عليه، واستشعار هذه المسؤولية العظيمة عند كل فردٍ من أفراد المجتمع فيصبح الجميع عيونًا ساهرةً لحماية الوطن وحفظ أمنه واستقراره. سابعًا: العيد الوطني يعني التأكيد على المزيد من الإخلاص في العمل، وبذل الجهود الكفيلة -إن شاء الله تعالى- بتحسين الإنتاج وجودة المخرجات في مختلف المجالات والميادين العلمية والعملية. ثامنًا: العيد الوطني يعني أن يعي كل مواطن صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا أو أُنثى، دوره الفاعل في مهمة بناء الوطن انطلاقًا من قوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته». تاسعًا: العيد الوطني يعني إتاحة الفرصة لأبناء الوطن لتحقيق معنى الانتماء للوطن، وتنشئتهم على حب العمل الجاد، ودعوتهم للمشاركة في مختلف القضايا الاجتماعية، ومنحهم الثقة في أنفسهم للنقاش والسؤال والحوار الجاد، والمشاركة الفاعلة ووضع الحلول، حتى يتحقق ارتباطهم بالوطن، ويصدق انتماؤهم له. عاشرًا: العيد الوطني يعني تكريس معنى ومفهوم الوحدة الوطنية في نفوس أبناء المجتمع جميعًا، ولا سيما أن بلادنا معنيةٌ بتحقيق الأنموذج الرائع والمثل الحقيقي لتلك الوحدة التي دمجت شمال البلاد بجنوبها، وربطت شرقها بغربها، فكانت نتيجة ذلك وحدة الأرض والفكر والمشاعر والطموحات والآمال. نعم إن الانتماء للوطن يتحقق في أجمل صوره وأروع معانيه، عندما نعلم ونتيقن أن العيد الوطني ليس يومًا واحدًا في العام، ولا ينحصر في وقتٍ مُتكررٍ كل عام، كما أنه ليس مناسبةً، تنتهي بانتهاء تاريخها المحدد؛ لكنه عند العُمانيين يوم يمتد ويستمر كل أيام العام، لذلك فالجميع مدعو للعمل على تعزيز الانتماء للوطن وأن نُترجم الأقوال إلى أفعال، وأن نحول الطموحات والآمال إلى حقائق وأعمال، وأن نتأمل بصدق في نهضتها ومنجزاتها التي أجابت وبصدق عن هذه الأسئلة المحورية: كيف كنا؟ وأين نحن؟ وإلى أين نتجه؟ إن الإجابة لا تحتاج إلى كثير من الجهد، فمسار التكوين قد أتى أُكله، قائد وعد فأنجز وأوفى وبادله شعبه ولاء وحبًا، فما أجمل وما أروع أن نرى عُمان في عيدها الوطني وهي تسعد بحضارةٍ أصيلة مُعاصرة، تنطلق في عالميتها استنادا إلى المبادئ التالية: - مواكبة العصر والأخذ بكل جديد مفيد فيه من أفكار مستنيرة وعلوم نافعة وتقنيات متجددة مع التمسك دائما بالقيم والمبادئ الرفيعة والتقاليد والعادات الأصيلة. - الأخذ بأسباب التطور وفي مقدمتها الإرادة القوية والعزيمة الصادقة ومواجهة التحديات والإصرار على تذليل الصعوبات والعقبات والعمل بلا كللٍ أو مللٍ وفي إخلاصٍ وتفانٍ وحبٍ للبذل والعطاء. - استغلال الطاقات والمهارات والاستثمار في الموارد من أجل بناء حاضر مشرق عظيم والإعداد لمستقبل زاهر كريم. - مسؤولية الأجيال من أبناء عُمان في صيانة المنجزات والحفاظ عليها من كل سوء والذود عنها ضد كل عدوٍ حاقدٍ أو خائنٍ كائدٍ أو متربصٍ حاسدٍ فهي أمانة كبرى في أعناقهم يسألون عنها أمام الله والتاريخ والوطن. حفظ الله عُمان وهي ترفل في نعمة الأمن والأمان وحفظ لها قائدها المفدى وأيده بتوفيقه وأسبغ عليه نعمة الصحة والعافية والعمر المديد، وأعاد الله العيد عليه أعوامًا مديدة وأعيادًا عديدة، وكل عام والعُمانيون بألف خير. |