رئيس الوزراء: ضخ ملايين الدولارات لإقامة المصانع دليل على ثقة المستثمر الأجنبي في مصر
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
أدلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بتصريحات تليفزيونية، خلال جولته الموسعة التي قام بها في مدينتى العبور والعاشر من رمضان، يرافقه عدد من الوزراء والمسئولين.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أنه شرُف صباح اليوم بإطلاق قافلة صندوق "تحيا مصر" لإغاثة الأشقاء فى غزة، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فى هذا الشأن.
ولفت رئيس الوزراء، إلى أنه عقب اطلاق قافلة صندوق "تحيا مصر"، تحرك ومرافقوه لتفقد عدد 10 شركات ومصانع بمدينتي العبور والعاشر من رمضان فى عدد من القطاعات الانتاجية والصناعية المختلفة.
وأشار رئيس الوزراء، خلال حديثه، إلى أن الاهتمام بملف الصناعة يأتي على رأس أولويات عمل الحكومة، تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية فى هذا الشأن، والتى جاءت منذ تكليف الحكومة، وكذا العمل على تشجيع القطاع الخاص للقيام بدوره فى قيادة الاقتصاد المصري فى مختلف الأنشطة التنموية، وعلى رأسها قطاع الصناعة.
كما لفت رئيس الوزراء إلى أن جولته اليوم بعدد من الشركات والمصانع،و 95% من حجم استثمارات تلك المصانع استثمارات أجنبية مباشرة، مشيراً إلى ما شهده خلال زيارته لمدينة العبور من استثمارات سعودية في قطاع الأدوية، وما أعقب ذلك من زيارة لمصنع متخصص فيما يتعلق بمنتجات قطاع البناء باستثمار لبناني، ومن ثم الانتقال إلى مدينة العاشر من رمضان، حيث تفقد مصانع باستثمارات صينية، وايطالية، وتركية، واماراتية، وكذا العديد من الجنسيات الأخري، هذا جانباً إلى جنب مع القطاع الخاص المصري.
وأوضح رئيس الوزراء، خلال حديثه، أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تعي تماما المكان الذي يتم الاستثمار فيه، قائلا:"ما شاهدناه اليوم هى استثمارات جديدة مثل مصنعي "هاير" الصيني، و"بيكو" التركي"، وقال: هذان المصنعان من المشروعات الحاصلة على الرخصة الذهبية، وفي خلال أقل من 6 أشهر تم تنفيذ المصنعين، ومن المخطط أن يبدآن الانتاج خلال شهري فبراير ومارس القادمين، وهو ما يعني تشغيل المصنع في أقل من عام، وقيامه بالانتاج والتصدير.
ولفت فى هذا الصدد إلى أن المصنعين يستهدفان اتخاذ مصر كمركز إقليمي لمنتجاتهما، لتلبية متطلبات عملائهما فى الشرق الأوسط وأفريقيا، مؤكداً أنه ما كان ليتحقق ذلك إلا بجهود الدولة المتواصلة للعمل على حل أية معوقات من الممكن أن تواجه هؤلاء المستثمرين، وإتاحة المزيد من التيسيرات.
في الوقت نفسه، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى متابعته الدورية مع المسئولين المعنيين لكافة الخطوات المنفذة على أرض الواقع لتهيئة مناخ الاستثمار وجذب مزيد من الاستثمارات فى مختلف القطاعات، لافتا إلى ما يؤكد عليه المستثمرون من أنه لولا دعم الدولة المصرية لما تمكنا من الانتهاء من كثير من الخطوات بهذه السرعة.
وأضاف أنه يتم التحدث مع المستثمرين على العديد من المنتجات الجديدة، قائلاً فى هذا الصدد" على سبيل المثال مصنع "هاير" الذي يُعد أكبر منتج على مستوى العالم فى حجم إنتاج الأجهزة الكهربائية لمدة 14 عاما متتالية، لم يكن فى تفكيره الاستثمار فى مصر، ولكن بما تم عقده من اجتماعات ولقاءات مكثفة، تم ضخ استثمارات فى مصر لانتاج العديد من الأجهزة الكهربائية ضمن المرحلة الأولي لمصنعهم فى مصر، من شاشات، وغسالات وتكييفات، وأيضاً التكييفات المركزية التى تُعد من الصناعات شديدة التعقيد".
وأكد رئيس الوزراء ، إقرار المزيد من الحوافز والتيسيرات لمختلف المصانع، وقال : هدفنا اليوم كدولة تشجيع المصانع الجديدة التي من شأنها تقليل فاتورة الاستيراد والطلب على الدولار، حيث يسهم ذلك في إنهاء الأزمة والمشكلات الاقتصادية.
وأضاف: أوجه حديثي لكل رجال الصناعة المصريين، فالأزمة التي تشهدها مصر اليوم تمثل (أزمة عابرة)، مؤكدًا أن الأزمة الخاصة بمسألة العملة سوف تنتهي في فترة قريبة، ولكن الأهم هو ما بعد ذلك.
وأضاف: الدرس الذي يجب أن نكون قد تعلمناه من الأزمة الاقتصادية العالمية، هو ضرورة امتلاكنا لمقدراتنا ومنتجاتنا بأكبر قدر ممكن، وأؤكد على ذلك لرجال الصناعة الوطنيين، مشيرًا إلى أنه وفقًا للنماذج الصناعية التي تم تفقدها اليوم، يتبين مدى ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر في قدرات مصر والذي يظهر في ضح مئات الملايين من الدولارات في إقامة مصانع وخلال فترة زمنية بسيطة، حيث يدرك هؤلاء المستثمرون أن تلك الأزمة "عابرة" وسوف تنتهي، واثقين في إمكانات الدولة وقدراتها.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي، أيضًا إلى أهمية متابعة المسؤولين لتلك الاستثمارات، مؤكدًا أنه يتابع بنفسه ملف الاستثمار من خلال عقد اجتماعات أسبوعية مع عدد من المستثمرين، وكذا اجتماعات تتعلق بزيادة الحوافز المُقدَّمة للصناعة، والقضاء على المعوقات التي قد تقوِّض ذلك القطاع المهم، الذي تُمثل نسبته 17% من الاقتصاد المصري، ومنوهًا إلى ضرورة زيادة تلك النسبة في الفترة القادمة.
وفي الإطار ذاته، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الصناعة تُعد "الشغل الشاغل" للحكومة اليوم، لافتًا إلى اهتمامها بزيادة حجم الصادرات ليتفوق على حجم الواردات، أو على الأقل لتغطية احتياجات السوق المحلية المصرية وفق خطة واضحة. وأكد أن كل مصنع يتم إنشاؤه وكذا التوسعات الصناعية تُسهم في تقليل فاتورة الاستيراد لمصر.
وقال: ذلك هو هدف امتلاكنا القدرة في خضم الأزمات السياسية والأزمات الاقتصادية الكبيرة التي نشهدها اليوم؛ لذا أوجه كل الدعم لكل رجال الصناعة الوطنيين والأجانب.
وتابع رئيس الوزراء: ذلك المصنع الذي اتحدث منه حاليًا -في إشارة إلى مصنع "جيد تكستايل إيجيبت"- مُقام في 3 مُدن مصرية، ويسهم في توظيف 9 آلاف عامل مصري، وبالرغم من أن المصنع الرئيس مقره تركيا، إلا أن حجم الإنتاج الأكبر يتم حاليًا داخل مصر، وأضحى عدد العمالة في مصر أضعاف نظيره في المناطق الأخرى، لافتًا إلى الخطة المستقبلية للمصنع، التي ستسهم في توظيف 20 ألف عامل في غضون 6 سنوات، والتصدير بقيمة 500 مليون دولار سنويًا. وأكد "مدبولي" أن ذلك المصنع ينتج أفضل المنتجات العالمية من الملابس.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر تمتلك البنية الأساسية والموارد البشرية المؤهَلة والمدرَبة، كما تدعم الدولة بكل الحوافز والإمكانيات ذلك القطاع المهم للغاية.
وأضاف: سوف نستكمل جولتنا اليوم في مصنعين آخرين، ولكني أردت أن أشير إلى قضية "الصناعة" التي وصفها بأنها مهمة جدًا، مؤكدًا أنه لا سبيل لمصر لتحقيق النمو الاقتصادي إلا أن يمثل قطاع الصناعة الأولوية الأولى للحكومة والدولة، التي تدعم كل القطاعات.
كما لفت إلى أنه من أجل توسيع القطاع وزيادة مساهمته، لا بد من دخول استثمارات جديدة، وقال: قد شهدنا اليوم بالفعل استثمارات أجنبية مباشرة جديدة يتم إنجازها في شهور، فضلًا عن وجود خطط طموحة للتوسعات.
واختتم حديثه بمقولة: "قطاع الصناعة هو الأمل الذي نعمل عليه اليوم".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدکتور مصطفى مدبولی رئیس الوزراء إلى أنه إلى أن فى هذا عدد من
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء: مصر تمتلك إمكانات تدعمها لتلعب دورًا محوريًّا في صناعة السفن
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول "صناعة بناء السفن"، استعرض من خلاله مراحل وعمليات صناعة بناء السفن وواقع سوق تلك الصناعة عالميًّا، بالإضافة إلى عرض لأبرز التجارب الدولية في هذا المجال، والجهود المصرية في هذا الشأن.
أشار التحليل إلى أن صناعة بناء السفن تُعد إحدى الركائز الأساسية للنشاط الاقتصادي العالمي؛ وذلك نظرًا لما يشكله النقل البحري من أهمية بالغة في التجارة الدولية والاقتصاد العالمي؛ إذ يتم نقل أكثر من 80% من حجم التجارة الدولية في السلع من خلال البحر، وترتفع تلك النسبة في أغلب البلدان النامية، وهو ما يعني توافر الطلب على السفن الجديدة بشكل مستمر، وتهيمن منطقة شرق آسيا على صناعة بناء السفن؛ إذ استحوذت الصين وكوريا الجنوبية واليابان على النسبة الكبرى من إجمالي الإنتاج العالمي لتلك الصناعة في عام 2022.
وأوضح التحليل أن عملية بناء السفن تُعد واحدة من أكثر أنظمة الأعمال والإنتاج تعقيدًا؛ وذلك نتيجة التعقيد في منتجاتها النهائية؛ حيث تتطلب تلك العملية عددًا كبيرًا من المكونات والمنتجات الوسيطة، مضيفاً أن عملية بناء السفن تنقسم إلى ثلاث مراحل تشمل: عملية بناء هيكل السفينة، وعملية التجهيز، وعملية الطلاء.
وتتم عملية بناء الهيكل عبر تصنيع مكونات هيكل السفينة، ثم بعد ذلك يتم تجميعها ولحامها لتصبح منتجات وسيطة في صورة مجمعة، ثم يتم رفعها إلى الرصيف لتجميعها في الهيكل، ويدخل في تلك المرحلة العديد من المنتجات الوسيطة كالحديد والألومنيوم والنحاس والخشب واللدائن الهندسية والأسمنت والسيراميك والمطاط والزجاج.
أما عملية التجهيز فيتم خلاها تجهيز غرفة المحرك، وتجهيز سطح السفينة، وتجهيز المقصورة، وأخيرًا التجهيز الكهربائي. وتتضمن عملية الطلاء -إزالة الصدأ ووضع الطلاءات المختلفة على الأسطح الداخلية والخارجية لبدن السفينة وأجزاء التجهيز- وفقًا للمتطلبات الفنية التي تقضي بفصل السطح المعدني عن الوسط المسبب للتآكل؛ وذلك بهدف منع تعرض بدن السفينة للتآكل.
أشار التحليل إلى أن السفن تُصنَّف إلى خمس تصنيفات أساسية، وهي: السفن التجارية، والسفن البحرية، وسفن الصيد، وسفن خدمات، والسفن الداخلية، ومع التطور التكنولوجي، أصبحت اتجاهات تكنولوجيا بناء السفن تشمل بشكل أساسي تكنولوجيا إنتاج السفن منخفضة استهلاك الوقود وعالية الكفاءة، وتكنولوجيا بناء السفن الخضراء، وتكنولوجيا بناء السفن الرقمية، وتكنولوجيا بناء السفن الذكية.
أشار التحليل إلى أن صناعة بناء السفن عالميًّا مرت بمراحل مختلفة من الهيمنة التي مارسها عدد من الدول على هذه الصناعة؛ ففي البداية احتلت بريطانيا المركز الأول عالميًّا في تلك الصناعة، وكان ذلك في خمسينيات القرن التاسع عشر، ثم فقدت هذا المركز بسبب فشلها في تطوير أحواض بناء السفن الخاصة بها من الناحية الفنية، ثم انتقلت هيمنة تلك الصناعة إلى اليابان لتحتل الترتيب الأول عالميًّا بفضل النمو السريع للنظام المالي الياباني بعد الحرب العالمية الثانية، والمبادرات الحكومية اليابانية لتشجيع بناء السفن، واستمرت هيمنة اليابان على هذه الصناعة الحيوية إلى أكثر من ثلاثة عقود، حتى واجهت أحواض بناء السفن اليابانية تعقيدات في توظيف المهندسين من الشباب الكفء، وارتفاع تكلفة العمالة في ذات الوقت، وهو ما فتح الأفق أمام كوريا الجنوبية لتتولى المركز الأول عالميًّا في منتصف تسعينيات القرن العشرين، وبمرور الوقت أصبحت الصين رائدة عالميًّا في بناء السفن تحديدًا في عام 2010؛ حيث زاد إنتاج بناء السفن التجارية الصينية بنحو 13 مرة بين عامي 2002 و2012.
وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن حجم السوق العالمية لبناء السفن قد بلغ في عام 2023 نحو 158.25 مليار دولار، ومن المتوقع أن يواصل السوق العالمي نموه ليصل إلى 221.37 مليار دولار بحلول عام 2032، وذلك بمعدل نمو سنوي مُركَّب نحو 40%، ومن حيث الترتيب العالمي للدول في صناعة بناء السفن في عام 2022، فقد هيمنت منطقة شرق آسيا على تلك الصناعة؛ إذ استحوذت الصين وكوريا الجنوبية واليابان على 93% من إجمالي الإنتاج العالمي.
وأوضح التحليل أن الصين وكوريا الجنوبية تُعد من أبرز التجارب الدولية في مجال النهوض بصناعة بناء السفن واحتلال الريادة عالميًّا في هذا المجال؛ ويرجع ذلك إلى السياسات الحكومية المُتبعة في تلك الدول والتي كان لها المردود الإيجابي في تحقيق الهدف منها، فقد أولت جمهورية الصين الشعبية أهمية كبيرة لصناعة بناء السفن، وذلك من خلال التعامل معها كصناعة استراتيجية تدعم التنمية الاقتصادية، واعتماد سياسات مختلفة لتعزيز تلك الصناعة، ومن أبرز تلك السياسات ما يلي:
-تشجيع تصدير السفن في ثمانينيات القرن العشرين: حيث جعلت الحكومة الصينية تصدير السفن إلى السوق العالمية أحد التدابير المهمة للإصلاح الاقتصادي وسياسة الباب المفتوح، التي اعتمدتها في عام 1979، واعتبرت تطوير صناعة بناء السفن مهمة استراتيجية.
-تقديم الحكومة الصينية سياسات محفزة لصناعة بناء السفن: وذلك في تسعينيات القرن العشرين، اقتداءً بنجاح التجارب اليابانية والكورية، بما في ذلك تقديم الدعم، والقروض الميسرة، والحوافز الضريبية لشركات بناء السفن، والاستثمار المباشر الواسع في صناعة بناء السفن، كما تبنَّت الحكومة الصينية سياسة "المالك المحلي لبناء السفن" لدعم أحواض بناء السفن الصينية.
-وضع الحكومة الصينية في أغسطس 2006 خطة تنمية متوسطة وطويلة الأجل (2006 - 2015) لصناعة بناء السفن، وذلك ضمن هدف أكبر وهو جعل الصين أكبر دولة لبناء السفن في العالم بحلول عام 2015.
-إصدار وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية (MIIT) في يونيو 2009 خطة إعادة هيكلة وتنشيط صناعة بناء السفن، وذلك بعد أزمة ركود تجارة السفن نتيجة الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وهدفت الخطة إلى توفير التمويل اللازم لأحواض بناء السفن، وتقديم الدعم الفني والمالي.
-إطلاق الخطة الخمسية الثانية عشرة في ديسمبر 2011، والتي ركزت على تعزيز الابتكار التكنولوجي والاستثمار في البحث وتطوير تكنولوجيا صناعة بناء السفن، وإعادة الهيكلة من خلال الاندماج والاستحواذ، وتحسين جودة بناء السفن ونظام الإدارة لتعزيز القدرة على المنافسة، وتحسين ترويج صناعة بناء السفن.
-إطلاق خطة دعم بناء السفن لمدة ثلاث سنوات وذلك في يونيو 2013، بهدف إنقاذ صناعة بناء السفن المتعثرة، والحفاظ على حصة الصين في السوق العالمية لبناء السفن، وتحقيق حصة سوقية عالمية بنسبة 20٪ و25٪ للسفن عالية التقنية والمرافق البحرية على التوالي، من خلال التركيز على تسريع الابتكار التكنولوجي وتطوير تكنولوجيا التصميم والبناء للمنتجات البحرية، وزيادة العرض المحلي للمعدات البحرية والشاطئية الرئيسية، بالإضافة إلى دعم المنتجين المحليين وتوسيع الدعم المالي للاندماج والاستحواذ وجذب المشترين الأجانب.
وتعتمد الصين على تمويل السفن كسياسة تحفيزية لتقديم الدعم لأحواض بناء السفن المحلية وتعزيز الأسطول الصيني؛ ففي النصف الأول من عام 2017 أنفقت الحكومة الصينية ما قيمته 17.7 مليون دولار للصناعة بهدف تشجيع تطوير تصميمات جديدة للسفن، وقد ذهب معظم هذا التمويل إلى تصميم مشروعات لناقلات النفط الكبيرة.
أما عن تجربة كوريا الجنوبية فقد بدأت حكومة كوريا الجنوبية أولى خطواتها في ريادة صناعة بناء السفن عالميًّا من خلال تنفيذ سياسات تُشجع تلك الصناعة، والتي بدأت بإصدار "قانون تشجيع بناء السفن" في عام 1958، إلا أن القانون لم يحقق أي إنجاز بسبب نقص الميزانية، ثم تحولت بعدها الجهود الحكومية إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والسياسات، من أهمها:
-إعلان الحكومة الكورية عن "خطة إعادة هيكلة صناعة بناء السفن وتعزيز القدرة التنافسية" لعام 2009، بمشاركة العديد من الوزارات؛ بهدف إعادة هيكلة شركات بناء السفن المتأخر تسليمها، وحل الصعوبات المؤقتة المتعلقة بالتمويل في أحواض بناء السفن التي تفاقمت جراء الأزمة المالية العالمية.
-كشفت وزارة المحيطات ومصايد الأسماك بكوريا في أبريل 2018 عن خطة إحياء تهدف إلى بناء 200 سفينة بما في ذلك 60 حاوية و140 ناقلة للبضائع السائبة خلال ثلاث سنوات، ووفقًا للخطة يتم دعم مالكي السفن بنسبة تصل إلى 10٪ من تكلفة بناء الهيكل الجديد إذا استبدلوا بسفنهم القديمة سفنًا جديدة صديقة للبيئة.
-أنشأت الحكومة الكورية في يوليو 2018 شركة كوريا لأعمال المحيطات (KOBC)، برأس مال أولي بلغ 2.77 مليار دولار، والتي هدفت إلى دعم صناعة الشحن وبناء السفن المحلية من خلال الاستثمار في السفن الجديدة وتوفير ضمانات الدفع لطلبات البناء الجديدة، وتقديم خدمات استشارية للاستثمارات في الصناعة البحرية.
-إطلاق "الاستراتيجية الوطنية الأولى لتطوير وتعميم السفن الخضراء (2021 - 2030)" وذلك في ديسمبر 2020، حيث تركز الاستراتيجية على التقنيات المتقدمة الخالية من الانبعاثات التي تُمكِّن من التخلص التدريجي من انبعاثات الغازات الدفيئة (GHG) بنسبة تصل إلى 70% بحلول عام 2030، وذلك في مجالات تصميم السفن والوقود المستقبلي والطاقة المتجددة والمعدات؛ حيث تستهدف الاستراتيجية تحويل 15٪ من السفن التي ترفع العلم الكوري إلى سفن أكثر اخضرارًا.
-نشر قانون رقم 19909 الخاص بتعزيز تطوير وتسويق السفن ذاتية القيادة وذلك في يناير 2024، والذي يهدف إلى تعزيز تطوير التكنولوجيا والمعدات الرئيسة لتلك السفن، ووضع الأساس لتشغيلها الآمن، بالإضافة إلى إنشاء نظام لوجستي بحري لتسويقها.
وأشار التحليل إلى أنه في ظل الأهمية الاقتصادية لصناعة بناء السفن عالميًّا، وأهميتها الاستراتيجية في دولة كمصر، التي تمتلك إمكانات تدعمها لتلعب دورًا محوريًّا في تلك الصناعة بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، تسعى الحكومة المصرية لتوطين صناعة بناء السفن وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للصناعات البحرية، ولتحقيق ذلك تم تنفيذ العديد من الجهود والمبادرات في هذا القطاع، ومن أبرزها:
-إطلاق برنامج تطوير صناعة السفن وفقًا لاستراتيجية الدولة من أجل تطوير قطاع النقل البحري واللوجستيات حتى عام 2030، وذلك ضمن رؤية 2030 التي تم إطلاقها في فبراير 2016، ويهدف البرنامج إلى توطين وتطوير الصناعة في مصر بحلول عام 2030.
-تتبنى وزارة النقل خطة شاملة لتطوير قطاع النقل البحري واستعادة قوة الأسطول التجاري المصري؛ وذلك بهدف جعل مصر مركزًا عالميًّا للتجارة واللوجستيات، وتستهدف الوزارة الوصول بحجم أسطول الشركات التابعة لها، (وهي شركات: الملاحة الوطنية - الجسر العربي للملاحة - القاهرة للعبارات - المصرية لناقلات البترول)، إلى 31 سفينة بحلول عام 2030، وذلك لزيادة قوة الأسطول المصري بحيث يصبح قادرًا على نقل 20 مليون طن بضائع سنويًّا من البضائع الاستراتيجية كالحبوب والنفط، ونقل الركاب بين مصر وباقي دول العالم.
-تطوير الترسانة البحرية بالإسكندرية، وهي أقدم شركة في مصر والشرق الأوسط في مجال بناء وإصلاح السفن، وتضمنت عملية التطوير رفع قدرة وكفاءة الشركة الفنية، وقد نجحت الشركة بعد تطويرها في تدعيم الأسطول البحري لشركات البترول الوطنية وشركة التعاون للبترول، من خلال تقديم ناقلتي بترول مزدوجة البدن حمولة 1600 طن، والقاطرة "درويش" إلى هيئة ميناء الإسكندرية، بالإضافة إلى تصنيع أولى قاطرات الجيل الجديد من طراز (ASD) بقوة شد 90 طنًّا لتكون نواة أسطول القاطرات البحرية بهيئات مواني جمهورية مصر العربية.
-إنشاء شعبة جديدة لصناعة وبناء السفن كشعبة تابعة لغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية في يناير 2023، وتضم في عضويتها نحو 70 شركة عاملة بالمجال، وتتركز خطة عملها في تعزيز التعاون بين شركات الشعبة من أجل توطين صناعة وبناء وإصلاح السفن.
-إنشاء جامعة تكنولوجية جديدة بقناة السويس تضم تخصص صناعة بناء السفن.
وأوضح التحليل أن مصر لم تكن بعيدة عن مجال صناعة بناء السفن؛ فهي تمتلك عددًا من الترسانات البحرية كترسانات (بورسعيد وبورتوفيق والسويس والإسكندرية)، والتي يمكن أن تساهم في توطين هذه الصناعة، كما تُوجِّه مصر جزءًا من تلك الصناعة لديها إلى الخارج، ففي عام 2022 صدَّرت مصر سفنًا وقوارب وعائمات بما قيمته 3.2 ملايين دولار، وكان عام 2021 هو الأعلى في قيمة الصادرات خلال الفترة (2019 - 2022)، حيث بلغت صادراتها آنذاك نحو 67.4 مليون دولار.
وأفاد التحليل في ختامه أنه في الوقت الذي تُعَد فيه صناعة بناء السفن من الركائز الاستراتيجية للتجارة الدولية والاقتصادات الوطنية، أظهرت التجارب الدولية، مثل تجربة الصين وكوريا الجنوبية، مدى تأثير تبني استراتيجيات تنافسية على تحقيق الريادة العالمية. هذا، وتقدم تجربة مصر نموذجًا ناشئًا يُظهِر الإمكانات الواعدة لهذه الصناعة في المنطقة، خاصة مع موقعها الجغرافي الاستراتيجي.