العدوان يحاصر اليمن: مخاوف من انكماش قياسي مع توقف جهود التسوية
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
يعيش اليمن على وقع تبعات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وتصاعد الأحداث في المنطقة مع دخول البلاد في حالة ترقب وقلق وجمود سياسي، وسط توقف جهود التسوية في البلاد التي كانت تسير بوتيرة عالية للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد يتخللها ترتيبات عديدة لإدارة القطاعات الاقتصادية والموارد العامة والتوافق على خطة لإدارة عائدات الموارد النفطية بعد التوصل لإعادة تصدير النفط المتوقف منذ نهاية العام الماضي 2022.
وتسود مخاوف واسعة من تأثير كل هذه التطورات والأحداث على تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية وعرقلة خطط الحكومة اليمنية في تنفيذ برامج الإصلاحات الاقتصادية وعلاقتها بالدول والمؤسسات والصناديق المانحة وخطط إعداد موازنة العام القادم 2024. كما تتزايد التحليلات والتوقعات بدخول الاقتصاد في انكماش قياسي خلال الفترة المقبلة، وفق تقديرات البنك الدولي.
الباحث الاقتصادي علي بشير يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتبعاتها المتصاعدة على المستوى الإقليمي والدولي، ألقت بأعباء جسيمة على اليمن الذي يتجه بسبب ذلك لدخول عام مجهول على الصعيد الاقتصادي وإدارة الموارد العامة وإعداد الموازنة العامة للدولة والبرامج الإصلاحية التي ألزمت بها الدول والمؤسسات والصناديق المانحة الحكومة اليمنية بهدف استيعاب أي تمويلات متاحة لدعم الاقتصاد اليمني.
تأثيرات حرب غزة
ويشير إلى أن أهم مشكلة تواجه اليمن بسبب الحرب الإسرائيلية وتطورات الأوضاع والأحداث في المنطقة تتمثل في توقف جهود التسوية التي كانت تسير بوتيرة عالية بوساطة عمانية ورعاية المبعوث الأممي إلى اليمن، إذ يمثل ذلك مشكلة كارثية لما لها من تبعات وتأثيرات في تعثر أو إرجاء حلحلة عدد من الملفات المعقدة في إطار جهود التسوية، وأهمها إطلاقا الملف الاقتصادي الذي كان محور الصراع منذ العام الماضي بين جميع الأطراف اليمنية.
وقال البنك الدولي في تقريره الأخير إن الاقتصاد اليمني أظهر مؤشرات على التعافي في عام 2022، وأن البلاد تواجه تحديات مستمرة مع فشل الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة لمدة 6 أشهر من أبريل/ نيسان إلى أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2022 في تحقيق حل سياسي دائماً.
ويتصاعد الجدل والسخط تجاه الحكومة اليمنية منذ مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني واتهامها باستغلال الأوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة نتيجة العدوان الإسرائيلي وعقد صفقات لبيع النفط لشركات إماراتية.
بيع النفط
الخبير والاستشاري الاقتصادي في تنمية الموارد الطبيعية عبد الغني جغمان، يشرح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة اليمنية عوضا عن استشعار المخاطر الاقتصادية التي يواجهها اليمن نتيجة تغيرات الأحداث وتصاعدها في المنطقة وتبعات العدوان الإسرائيلي على غزة، عملت على الهروب من حالة العجز الذي تمر به إلى استغلال هذا الوضع والالتفاف على القوانين اليمنية النافذة ببيع كمية من النفط تصل تكلفتها إلى أكثر من مليار دولار لشركة إماراتية مجهولة تدعى "إيمو" والتي لا أثر ولا وجود لها.
ويرى أن تبعات الحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة وتصاعد الأحداث في المنطقة ستكون وخيمة على اليمن واقتصادها المتعثر مع توسع الاختلالات والفوضى والعشوائية التي تجتاح إدارة أهم مورد اقتصادي تعتمد عليه البلاد؛ وهو القطاع النفطي وعدم إدارته بطريقة مسؤولة وصحيحة في ظل بروز العديد من الممارسات، التي يعتبرها مخالفات جسيمة، تتمثل في قيام الجهات الحكومية المختصة في عدن بتنفيذ خطة لبيع الاحتياطيات المثبتة في الحقول النفطية المنتجة لشركات أجنبية، وذلك بحجة ما تواجه الحكومة اليمنية من صعوبات في التصدير منذ نهاية العام الماضي 2022؛ بسبب قصف الحوثيين لموانئ التصدير الحكومية في الشحر ورضوم بمحافظتي حضرموت وشبوة جنوب شرقي اليمن.
تبعات نقدية
وتصدرت التطورات المتلاحقة الإقليمية والدولية وتبعات العدوان الإسرائيلي على غزة جدول أعمال اجتماع البنك المركزي اليمني الأسبوع الماضي في عدن.
وذكرت مصادر مصرفية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن البنك المركزي استعرض تقارير ترصد تطورات الأوضاع الاقتصادية والمالية وتأثيرها في أداء المؤشرات الاقتصادية وموقف الموازين الداخلية والخارجية.
يأتي ذلك بحسب هذه المصادر في ضوء الأحداث المتصاعدة والمتغيرات غير المواتية على الصعيد المحلي والتطورات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية اليمنية والتدابير المتاحة للتخفيف من آثارها في اطار تكاملي مع الجهود المبذولة من قبل كافة الجهات المعنية. وعلم "العربي الجديد"، في هذا الخصوص، أن البنك المركزي اليمني حدد أهدافه بناءً على كل هذه المتغيرات والمضي بتنفيذ التزاماته بالسياسات الاحترازية الصارمة التي أعلنها مطلع عام 2022 واستمراره بتفعيل واستخدام أدوات السياسات النقدية المتاحة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وعدم اللجوء تحت أي ظرف إلى استخدام التمويل التضخمي لمواجهة نفقات الحكومة.
كما علم "العربي الجديد"، أن هذه المؤسسة العامة المعنية بإدارة السياسة النقدية خاطبت الحكومة اليمنية بالنظر إلى تطورات الأحداث على المستوى الإقليمي والدولي، ودعتها إلى بذل المزيد من الجهود في تحصيل الموارد العامة وتوريدها إلى البنك المركزي وضبط الإنفاق وإعادة ترتيب الأولويات والتسريع في إصلاح الاختلالات في القطاعات التي تستنزف كثيراً من موارد البلاد الشحيحة وإعادة توظيفها بتحسين المستوى المعيشي والخدمي للمواطنين.
ويشدد الباحث الاقتصادي والمصرفي وحيد الفودعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على ضرورة البحث من قبل الحكومة اليمنية عن سبل لدعم الريال، ولن يتأتى ذلك إلا باستعادة أهم مواردها المتمثل بصادرات النفط ومتحصلات ضرائب وجمارك السفن قبل تفاهمات الهدنة، عدى عن الدراسة والبحث والتنسيق والإعداد والتنظيم والرقابة وضبط الإيرادات وتنميتها وترشيد النفقات وغيرها من متطلبات الإدارة الفعالة للسياسات الاقتصادية للبلاد.
كما استعرض البنك المركزي اليمني تطورات عمليات المزادات الأسبوعية لبيع العملات الأجنبية والنتائج الإيجابية التي حققها باعتباره أداة تدخل فاعلة وشفافة. وأقر "المركزي اليمني" الاستمرار بعملية المراجعة والتقييم بالاشتراك مع المانحين والمنظمات الدولية المراقبة والداعمة والمؤسسات التي تقدم الدعم الفني للبنك المركزي في بناء قدراته وترقية أنظمته ووظائفه.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد انكماش الأزمة اليمنية العدوان الإسرائیلی الحکومة الیمنیة المرکزی الیمنی العربی الجدید البنک المرکزی جهود التسویة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي الأوروبي يخفض أسعار الفائدة 25 نقطة.. ويحذر من ضعف الاقتصاد
أعلن البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس عن خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الخفض الخامس منذ بدأ البنك المركزي تخفيف السياسة النقدية في يونيو من العام الماضي.
ويؤدي هذا الخفض إلى رفع تسهيل الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي، وهو سعر الفائدة الرئيسي، إلى 2.75%. وكانت الأسواق تتوقع احتمالات تزيد عن 90% لخفض بمقدار 25 نقطة أساس قبل الإعلان.
ويحاول البنك المركزي الأوروبي موازنة تسارع التضخم في منطقة اليورو في الأشهر الأخيرة مع تباطؤ النمو الاقتصادي في المنطقة. وارتفع التضخم الرئيسي في منطقة اليورو للشهر الثالث على التوالي إلى 2.4% في ديسمبر الماضي، بعد أن انخفض إلى ما دون هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% قبل عدة أشهر.
وكان من المتوقع أن يتحسن التضخم مجددا، مع تلاشي التأثيرات الأساسية الناجمة عن انخفاض أسعار الطاقة.
أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الخميس أن اقتصاد منطقة اليورو استقر في الربع الرابع من عام 2024.
وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت وكالة رويترز آراءهم توقعوا نموا بنسبة 0.1% خلال الفترة، بعد توسع بنسبة 0.4% في الأشهر الثلاثة حتى نهاية سبتمبر.
وعقب الإعلان، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد إن اقتصاد منطقة اليورو "من المقرر أن يظل ضعيفا في الأمد القريب".
ويحرص المستثمرون على قياس مدى ارتياح البنك المركزي الأوروبي للانحراف عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من حيث السياسة النقدية والتخفيف المحتمل.
وترك بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء أسعار الفائدة دون تغيير، بما يتماشى مع التوقعات وتضع الأسواق في الحسبان بشكل عام تخفيضات أقل لأسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي مقارنة بالبنك المركزي الأوروبي هذا العام.
وقالت لاجارد إن البنك المركزي الأوروبي لم يفكر في خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، مضيفة أن خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس لم يكن مطروحا على طاولة مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي عند اتخاذ قراره الأخير بشأن أسعار الفائدة.