راعت الشريعة الإسلامية ما فُطِرت عليه النفس الإنسانية من ميول ورغبات، فجعلت سدَّ حاجات الإنسان فيما جُبِلتْ عليه نفسه من المقاصد الشرعية التي تحثه على السعي في تحصيلها دون إفراطٍ أو تفريط؛ قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14].

ومن الأمور التي فُطِرَت عليها النساء حبُّ الزينة، فشَرع لهنَّ لأجل ذلك من وسائلها ما لم يُشرع للرجال كالحرير والذهب، قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18].

قال العلامة الواحدي في "التفسير الوسيط" (4/ 67، ط. دار الكتب العلمية): [قال المبرد: تقدير الآية: أوتجعلون له ﴿مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾؟ يعني: البنت تنبت في الزينة] اهـ.

وحث الشرع الشريف الزوجة على التزين والتجمل للزوج وطلب الحُسْن في نظره؛ لما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"؛ قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 2132، ط. دار الفكر): [(قال: التي تسره)؛ أي: زوجها، والمعنى تجعله مسرورًا (إذا نظر)؛ أي: إليها ورأى منها البشاشة وحسن الخلق ولطف المعاشرة، وإن اجتمعت الصورة والسيرة فهي سرور على سرور، ونور على نور] اهـ.

وقال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 528، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(إذا نظر) إليها؛ لأن ذَات الجمال عون لَهُ على عِفَّته ودِينه] اهـ.

وعن بَكْرَة بنت عقبة: أنَّها دخلت على أمِّ المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها وهي جالسةٌ في مُعَصْفَرَةٍ، فسألتها عن الْحِنَّاءِ؟ فقالت: "شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ". وسألتها عن الـحِفَافِ؟ فقالت لَها: "إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ فَاسْتَطَعْتِ أَنَّ تَنْزِعِي مُقْلَتَيْكِ فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي" أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى".

دعاء النبي في قيام الليل.. كلمات تفتح الأبواب المغلقة ويرزقك من حيث لا تحتسب سورة واحدة تزيد الرزق اقرأها كل يوم قبل ذهابك للعمل.. أوصى النبي بها

وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "أَنْ تَنْزِعِي مُقْلَتَيْكِ فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا" نصٌّ في مشروعية استعانة المرأة بما من شأنه تجميل وجهها وتحسين هيئتها وإزالة ما قد لَحِقَ بها من أمور تؤثر في زينتها.

قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (20/ 193، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولا يمنع من الأدوية التي تزيل الكلف وتُحَسِّن الوجه للزوج، وكذا أخذ الشعر منه، وسئلت عائشة رضي الله تعالى عنها عن قشر الوجه فقالت:.. إن كان شيء حدث فلا بأس بقشره] اهـ، وبمثله قال العلامة ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (25/ 45، ط. دار النوادر).

وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (1/ 161، ط. مؤسسة الرسالة): [ويتوجه وجه إباحة تحمير ونقش وتطريفٍ بإذن زوج فقط] اهـ

وفى فتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية، وجهت نصيحة أسرية لكل اثنين من المتزوجين ، قائلة "لكل منكما حقوقٌ على الآخر، فلا ينشغل أحدكما بما له ويتناسى ما عليه". 

وقالت دار الإفتاء في نصائحها للمتزوجين على صفحتها الرسمية، أن الزواج حقوق وواجبات مشتركة بين الزوجين، قال الله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ [البقرة: 228]؛ يعني: للمرأة حق على زوجها.

وللرجل حق على زوجته، فيجب على الزوج تلبية احتياجات زوجته النفسية: كالاحتواء والاحترام والشعور بالأمان والمشاركة في الرأي، وكذا الاحتياجات المالية: من نفقة وكسوة وطعام وشراب وغيرها، وكذا الاحتياجات الاجتماعية: كالسماح لها بزيارة والديها وأقاربها.

ويجب على المرأة أيضًا أن تراعي حقوق زوجها عليها، كالطاعة وحسن العشرة، وذلك حتى تستقيم الحياة بينهما وينعما بالاستقرار.

حق الزوجة على زوجها
قال الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، إن الأصل في العلاقة بين الزوجية أنها مبنية على المودة والرحمة، مشيرًا إلى قوله تعالى: « وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)»الروم.

وأضاف وسام في فيديو بثته دار الإفتاء على يوتيوب، ردًا على سؤال: ما هي حقوق الزوج على زوجته؟ أن الله تعالى قال: « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»النساء، مشيرًا إلى أن الله تعالى فضل الرجال على النساء في أمور، وفضل النساء على الرجال في أمور أخرى، وأن الله تعالى عقب بـ "وبما أنفقوا" ليدل على أن النفقة حق من حقوق المرأة على زوجها.

وذكرت الإفتاء، أن النصوص الشرعية تقضي بأن لكل من الزوجين قِبل الآخر حقوقًا تجب مراعاتها والقيام بها؛ لتدوم رابطة الزوجية ولا تنفصم عراها، مؤكدة أنه من حق الزوج على زوجته: أن تطيعه فيما هو من شؤون الزوجية مما ليس فيه معصية لله تعالى، أما شؤونها الخاصة بها كأن يمنعها من التصرف في مالها أو يأمرها بأن تتصرف فيه على وجه خاص فلا تجب عليها طاعته فيه؛ لأنه ليس له ولاية على مالها.

ماذا قال النبي عن أعظم آية في القرآن.. يغفل عنها الكثيرون 4 كلمات رددها إذا عجزت عن قراءة أذكار الصباح والمساء كاملة

الحقوق الزوجية للطرفين

ولفتت دار الإفتاء في فتوى لها، إلى أنه من حقه عليها أن تحفظ بيته وماله وأن تحسن عشرته وأن من حقه عليها أيضًا أن يمنعها من الخروج من بيته إلا لحاجة يقضي بها العرف، ولزيارة أبويها ومحارمها.

وتابعت دار الإفتاء أن له أيضًا أن يمنعها من إدخال أحد في بيته والمكث فيه (غير أبويها وأولادها ومحارمها فليس له منعها من إدخالهم ولكن له منعهم من المكث في البيت).

وأشارت إلى أن من حق الزوجة على زوجها أن يراعي العدل والإحسان في معاملتها وأن ينفق عليها ولو كانت غنية، منوهةً بأن من حقها أن يسكنها في بيت خالٍ عن أهله؛ لأنها تتضرر من مشاركة غيرها فيه وتتقيد حريتها إلا أن تختار ذلك؛ لأنها بهذا الاختيار تكون قد رضيت بانتقاص حقها.

وأردفت أنه كما يجب أن يكون المسكن خاليًا عن أهله؛ يجب أيضًا أن يكون خاليًا عن أهلها ولو ولدها من غيره؛ لما ذكر من التضرر وتقييد الحرية، وأن للزوج منع أهلها من السكنى معه في بيته.

واستطردت دار الإفتاء طبقًا لهذه النصوص: فلا يجوز شرعًا للزوجة أن تخرج عن طاعة زوجها، وأن تتصرف في المنزل بما تشاء مما لا يرضى عنه الزوج متخذة من مساعدته في المعيشة ذريعةً لذلك، مضيفة أنه لا يجوز لها شرعًا أيضًا أن تُسكِن في منزل الزوجية أحدًا من أقاربها أيًّا كانت درجة قرابتهم بغير رضا الزوج.

واسترسلت أن إنفاق الزوجة على أقاربها؛ فإن كان الإنفاق عليهم من مالها الخاص فليس للزوج منعها منه؛ لأنها حرة في التصرف في مالها، لافتةً إلى أنه إن كان الإنفاق عليهم من مال الزوج فإنه لا يجوز لها ذلك شرعًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حق الزوجة على زوجها الشريعة الإسلامية المقاصد الشرعية الزوجة دار الإفتاء الزوجة على الله تعالى على زوجها رضی الله أیض ا أن حقوق ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق

الاستغفار في الإسلام، الاستغفار هو عبادة عظيمة في الإسلام، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوبة والتقوى. 

هو وسيلة للتطهر من الذنوب والسيئات، ورجوع إلى الله سبحانه وتعالى بصدق.

 ورغم أن الإنسان قد يخطئ ويقصر في حق الله، فإن الاستغفار يفتح له باب التوبة ويمنحه فرصة جديدة لتصحيح مساره. 

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، مما يدل على أن الاستغفار هو الطريق إلى المغفرة والرحمة.

 فضل الاستغفار في الإسلام

1. غفران الذنوب:

الاستغفار هو من أعظم الأسباب التي تمنح الإنسان المغفرة من الله سبحانه وتعالى، وتُذهب عنه ذنوبه مهما كانت كثرتها.

 قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من استغفر الله غفر له" (صحيح مسلم).

الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق

2. زيادة الرزق:

الاستغفار هو سبب لجلب الرزق وزيادة النعم، يقول الله تعالى في سورة نوح: "فَقُلتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" (نوح: 10-12).

 

3. رفع البلاء:

الاستغفار يُزيل البلاء ويُخفف المصائب، ويُعتبر من الوسائل التي ترفع غضب الله وتدفع الأذى عن العبد.

 

4. تنقية القلوب من السيئات:

الاستغفار هو وسيلة لتطهير القلب من الذنوب، وتحريره من الشوائب التي قد تؤثر في علاقة المسلم بربه.

كيفية الاستغفار الصحيحة

1. الإخلاص والصدق:

الاستغفار يجب أن يكون نابعًا من القلب، مع إقرار بالذنب والعزم على عدم العودة إليه.

 

2. الإكثار من الاستغفار:

الاستغفار ليس محددًا بوقت معين، بل ينبغي على المسلم أن يكثر من قول "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".

 

3. الاعتراف بالذنب:

الاعتراف بالخطأ والتوبة الصادقة هي الأساس في الاستغفار.

 

عاجل - دعاء المطر والبرد منافع الاستغفار

1. الطمأنينة النفسية:

الاستغفار يمنح العبد راحة نفسية، ويساهم في تهدئة قلبه.

 

2. تحقيق الراحة الروحية:

بإزالة المعاصي من القلب، يحقق الاستغفار الراحة الروحية، ويقوي العلاقة بالله.

 

3. دفع الفتن والشرور:

الاستغفار هو حماية للعبد من الوقوع في المعاصي، ويبعد عنه الشرور.

 

الاستغفار في أوقات مختلفة

1. عند القيام من النوم:

"اللهم اغفر لي ذنوبي كلها دقها وجلها، أولها وآخرها، علانيتها وسرها."

 

2. عند نزول المطر:

كما في الأحاديث النبوية التي ورد فيها الدعاء أثناء المطر، حيث الاستغفار في تلك اللحظات يعد فرصة عظيمة للتوبة.

 

3. قبل الصلاة:

استغفار العبد قبل الصلاة يجعل قلبه أكثر تقوى ويزيد من خشوعه.

دعاء المطر: أوقات مباركة لطلب الخير والاستجابة

الاستغفار هو نعمة عظيمة من نعم الله تعالى، فهو يمنح الإنسان فرصة لتطهير نفسه من الذنوب والعودة إلى الله سبحانه وتعالى.

كما أن الاستغفار لا يقتصر على مجرد كلمات، بل يجب أن يكون نابعًا من القلب بصدق وإخلاص.

 فلنحرص على الإكثار من الاستغفار في كل وقت، لنجني ثماره الطيبة من مغفرة، ورزق، وراحة نفسية، ونجاة من البلاء.

 

مقالات مشابهة

  • أنوسة كوتة تروي تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة زوجها محمد رحيم
  • أهمية الاستغفار في حياة المسلم
  • عبادة تُنير وجهك في الدنيا ويوم القيامة.. انتهز الفرصة
  • الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق
  • شروط نقل الأعضاء والحكم الشرعي فيها
  • هل تجوز قراءة القرآن في سرادقات العزاء بأجر؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • حكم شراء السلع المدعمة من السوق السوداء مع العلم بحالها .. دار الإفتاء تجيب
  • حكم من يكذب في سرد الحلم أو الرؤية.. هل مصيره النار؟
  • أوقات مكروه فيها دفن المتوفى .. تعرف عليها
  • هل يتحمل الزوج مصاريف علاج زوجته؟.. مجدي عاشور يجيب