تقارب إيراني أذربيجاني.. هل فشلت إسرائيل بالتعويل على جبهة قره باغ؟
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
طهران- ردا على تصريحات مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة جيمس أوبراين، أعلنت العاصمة الأذربيجانية باكو -في بيان لها- أن الاتفاق مع إيران على طريق نخجوان هو حق سيادي لأذربيجان، مؤكدة أن أميركا ليست دولة في المنطقة كي تضر بأفعالها وتصريحاتها بجهود دول المنطقة في قضية أمن النقل.
وفي إشارة إلى اتفاق إيران وأذربيجان حول إنشاء ممر يربط بين زنغزور الشرقية ونخجوان مرورا بإيران، عوضا عن أرمينيا، كان أوبراين قد صرح بأن فتح ممر النقل في المنطقة بالقوة أمر غير مقبول، وقد تم لفت انتباه باكو إلى هذه القضية.
ومن جهة أخرى، وافق مجلس الشيوخ الأميركي (الكونغرس)، في خطوة تمثل تغييرا كبيرا في سياسة واشنطن، على قانون دفاع أرمينيا لعام 2023، الذي سيتم بموجبه وقف المساعدات العسكرية الأميركية لجمهورية أذربيجان.
ويشكل إقرار هذا القانون نقطة تحول في السياسة الخارجية الأميركية والدعم العسكري في المنطقة. وقد يسهم في التقارب الإيراني-الأذربيجاني، أيضا.
فعلى الرغم من الصراع الطويل الأمد بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناغورني قره باغ، حاولت واشنطن تاريخيا الحفاظ على علاقات متوازنة مع البلدين.
وكان أوبراين قد أعلن أن واشنطن علقت مساعداتها العسكرية وغيرها من المساعدات لأذربيجان، وألغت زياراتها رفيعة المستوى، وأرسلت رسالة إلى باكو مفادها بأن تطبيع العلاقات الثنائية لن يحدث حتى يتم إحراز تقدم في محادثات السلام مع أرمينيا.
يعتقد بعض الإيرانيين، أن في حال اتساع حرب غزة، كان من الممكن أن تضغط إسرائيل على أذربيجان لتفعيل جبهة قره باغ واستهداف إيران من هناك، لذلك بعد جولة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الإقليمية الأولى مع بداية الحرب، سارعت طهران لعقد اجتماع جمعت فيه أذربيجان وأرمينيا وروسيا وتركيا، وبحثت، ضمن المحاور، مفاوضات السلام بين أذربيجان وأرمينيا، حتى تطمئن من عدم تعاون باكو مع تل أبيب.
وبشأن إذا ما كانت هذه التطورات تمثل تقاربا إيرانيا-أذربيجانيا حقيقيا يمكن أن ينعكس على حسابات إيران في حرب غزة، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي منصور براتي أن إقرار القانون الجديد في الكونغرس الأميركي وإعلان حظر تصدير الأسلحة إلى باكو سيدفعان جمهورية أذربيجان إلى اتباع سياسة "التقرب من إيران" و"تجميد العلاقات مع إسرائيل" على المدى القصير.
وبالنظر إلى العلاقات العميقة بين تل أبيب وباكو في المجالات الإستراتيجية، خاصة العسكرية والأمنية، فمن غير المرجح أن تتجه أذربيجان نحو خيارات مثل قطع العلاقات السياسية أو حتى خفض صادرات الطاقة إلى إسرائيل، لكن من الممكن حصول تقارب مع طهران على المدى القصير للضغط على واشنطن.
ويضيف براتي في حديثه للجزيرة نت، أنه بناء على هذا، لا يمكن لطهران ومحور المقاومة أن يقدموا حسابا خاصا لتعاون باكو في القضية الفلسطينية.
التعويل على أذربيجان
في السياق، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية إن "في أدبيات القادة الإستراتيجيين الإسرائيليين يشار إلى أذربيجان باسم (لبنان) إيران".
ويعتقد -بالنسبة إلى إسرائيل- أن خلق الفتنة والصراع في الحدود الشمالية لإيران أتاح لتل أبيب إمكانية إقامة توازن في حال نشوب صراع مع حزب الله في الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
ويرى براتي أن إنشاء محطات تنصت بالقرب من الحدود أو وجود شركات إسرائيلية في محيط الحدود الأذربيجانية مع إيران يدل على تخطيط جهاز الموساد لخلق قاعدة نفوذ وزيادة مستوى التوترات على حدود إيران وأذربيجان.
ويشير الخبير إلى أنه خلال قضية نقل الوثائق النووية، وهجمات طائرات دون طيار على المراكز العسكرية النووية، وحتى في حادثة شاه جراغ في مدينة شيراز، طرحت في الأوساط الإيرانية مسألة الحدود الشمالية واستخدام أراضي أذربيجان من قبل إسرائيل بجدية.
ويختم بالقول إن "في الوضع الحالي، قادة إيران وأذربيجان، يدركون الظروف الإقليمية والدولية الحساسة، وليسوا مهتمين إطلاقا بالصراع المباشر أو بالوكالة، ولهذا السبب لم ينجح النظام الصهيوني في فتح جبهة جديدة ضد إيران في منطقة قره باغ".
توسيع الحربمن جانب آخر، يرى الخبير السياسي كيان عبد اللهي أن قضية أذربيجان وديناميكية القوى والعلاقات في المنطقة أكثر تعقيدا من العديد من الحالات الأخرى في المنطقة، حيث تقيم أذربيجان علاقات مع روسيا وإسرائيل وأميركا وتركيا وغيرها، فمن جهة، هناك خلافات كلامية مع إيران في بعض الحالات، مثل ممر زنغزور، لكن من جهة أخرى، تصر أذربيجان على أنها لا تسعى إلى المواجهة مع إيران.
ويقول عبد اللهي للجزيرة نت، إن "أميركا وإسرائيل تتحالفان مع أذربيجان إذا تحركت ضد إيران، لكنهما في الوقت ذاته تمنعان بعض أعمالها ضد أرمينيا".
ويتابع، "تعلم أذربيجان أنه، بسبب قوة روسيا في المنطقة، لا يمكنها أن تسقط كليا في أحضان الغرب وأميركا، ولهذه الأسباب والعديد من الأسباب الأخرى تحاول أذربيجان، ظاهريا على الأقل، ضبط علاقاتها مع جميع الأطراف، أي أميركا وروسيا وتركيا وإسرائيل وإيران وأوروبا، بطريقتها الخاصة التي ترى أنها تضمن لها المزيد من الفوائد والقليل المتاعب".
وبالنسبة إلى إسرائيل وأذربيجان وإيران، يعتقد عبد اللهي أن النقطة المهمة هي أن إسرائيل، بالهزيمة التاريخية التي منيت بها في "طوفان الأقصى"، ليس لديها أساسا أي إمكانية لتوسيع نطاق الحرب، مضيفا أنهم يعلمون أن توسيع الحرب يعني تعجيل موعد تدميرهم.
ويرى الخبير السياسي أن لهذا السبب يرسل الأميركيون، باعتبارهم أهم داعميهم، رسائل إلى حزب الله اللبناني، ويطلبون منه عدم الدخول في الصراع، مع أن حزب الله، كما قال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، هو الآن في وسط المعركة، وفق تعبيره.
ويختم عبد اللهي بالقول، إن "أذربيجان أكدت عدة مرات أنها لا تريد أن تصبح مكانا لصراع الأنظمة أو الحكومات من خارج المنطقة مع جيرانها، مؤكدا أن إمكانية إنقاذ إسرائيل من خلال فتح جبهة في هذه المنطقة، غير موجودة إطلاقا".
معادلة جديدةمن جهة أخرى، يرى محلل الشؤون السياسية أحمد زيد آبادي أنه منذ أن ابتعدت جمهورية أرمينيا عن موسكو، واقتربت من واشنطن، تغيرت المعادلات السابقة في القوقاز أيضا.
ويعتقد أنه من الطبيعي أن يؤدي قرب أرمينيا من أميركا إلى احتكاك بين واشنطن وباكو، وهذا بدوره أثر في علاقات باكو مع طهران.
ويخلص زيد آبادي إلى أنه "باعتبار أن إسرائيل لا تستطيع عمليا اتباع سياسة مناهضة تماما للسياسة الأميركية في القوقاز، ومن جهة أخرى، شغلت حرب غزة إسرائيل كثيرا، ولم تتدخل إيران على نحو مباشر وفعال في الحرب، لذلك توترت علاقات عدة أطراف معنية، وبدأت تنشأ معادلة جديدة، لم تتضح بعد جميع جوانبها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من جهة أخرى فی المنطقة قره باغ
إقرأ أيضاً:
تقرير: خبراء صواريخ روس توجهوا إلى إيران خلال مواجهة إسرائيل
تشير مراجعة رويترز لسجلات سفر وبيانات توظيف إلى أن عددا من كبار خبراء الصواريخ الروس زاروا إيران خلال العام المنصرم وسط تعزيز طهران تعاونها الدفاعي مع موسكو.
السجلات أظهرت أن جميع الروس لديهم خلفيات عسكرية رفيعة المستوى يشملون خبراء في الدفاع الجوي والصواريخ والمدفعية الرحلات الجوية جاءت وسط ضربات متبادلة بين إسرائيل وإيران
وحسب لتقرير جديد من رويترز، تم حجز السفر لخبراء الأسلحة السبعة من موسكو إلى طهران على متن رحلتين في 24 أبريل و17 سبتمبر من العام الماضي، وفق وثائق تحوي تفاصيل الحجزين الجماعيين بالإضافة إلى بيان الركاب للرحلة الثانية.
وأظهر مرسوم نشرته الحكومة الروسية ووثيقة على موقع وزارة الخارجية الروسية على الإنترنت أن سجلات الحجز تتضمن أرقام جوازات سفر الرجال، حيث يحمل ستة من السبعة الرقم "20" في بداية رقم الجواز.
ويشير ذلك إلى أن جواز السفر يُستخدم في أعمال رسمية للدولة، ويصدر لمسؤولين حكوميين في رحلات عمل خارجية وعسكريين يعملون انطلاقا من الخارج. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما كان يفعله السبعة في إيران.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإيرانية إن خبراء الصواريخ الروس قاموا بزيارات متعددة لمواقع إنتاج الصواريخ الإيرانية العام الماضي، ومنها منشأتان تحت الأرض، وبعض الزيارات جرت في سبتمبر.
ولم يحدد المسؤول الموقع، طالبا عدم الكشف عن هويته لتتسنى له مناقشة المسائل الأمنية.
وقال مسؤول دفاعي غربي، يراقب التعاون الدفاعي الإيراني مع روسيا وطلب عدم الكشف عن هويته أيضا، إن عددا غير محدد من خبراء الصواريخ الروس زاروا قاعدة صواريخ إيرانية، على بعد 15 كيلومترا تقريبا غرب ميناء أمير آباد على الساحل الإيراني على بحر قزوين في سبتمبر.
ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الزوار الذين أشار إليهم المسؤولون يشملون الروس في الرحلتين.
وأفادت مراجعة لقواعد البيانات الروسية التي تحتوي على معلومات عن وظائف المواطنين أو أماكن عملهم، ومنها الخاصة بسجلات الضرائب والهواتف والسيارات، بأن الروس السبعة الذين حددتهم رويترز لديهم جميعا خلفيات عسكرية رفيعة المستوى، منهم اثنان برتبة كولونيل وآخران برتبة لفتنانت كولونيل.
وأظهرت السجلات أن اثنين من الخبراء في أنظمة صواريخ الدفاع الجوي، وأن ثلاثة متخصصون في المدفعية والصواريخ، بينما يتمتع أحدهم بخلفية في تطوير الأسلحة المتقدمة وعمل آخر في ميدان لاختبار الصواريخ. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الجميع لا يزالون يقومون بتلك الأدوار، إذ تراوحت بيانات التوظيف من 2021 إلى 2024.
جاءت رحلاتهم إلى طهران في وقت حرج بالنسبة لإيران، التي وجدت نفسها منجرة إلى معركة انتقامية مع عدوها اللدود إسرائيل، تبادل فيها الجانبان شن ضربات عسكرية في أبريل وأكتوبر.
واتصلت رويترز بجميع الرجال عبر الهاتف. ونفى 5 منهم أنهم ذهبوا إلى إيران أو أنهم عملوا لصالح الجيش أو كلا الأمرين، بينما رفض أحدهم التعليق وأغلق آخر الهاتف.
ورفضت وزارتا الدفاع والخارجية الإيرانيتان التعليق على ذلك، وأيضا مكتب العلاقات العامة في الحرس الثوري، وهو قوة النخبة التي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب التعليق.
وقد أثر التعاون بين البلدين بالفعل على حرب روسيا على أوكرانيا، مع نشر أعداد كبيرة من طائرات شاهد المسيرة الإيرانية في ساحة المعركة. ووقعت موسكو وطهران اتفاقية عسكرية مدتها 20 عاما في العاصمة الروسية في يناير.