الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس: بات اللعب على المكشوف، السلطة الفلسطينيّة في رام الله المُحتلّة أصبحت عمليًا ورسميًا المُقاوِل الثانويّ للاحتلال الإسرائيليّ الغاشِم، ولكن يجِب التنويه أنّ السلطة لم تكُنْ يومًا في خندق المُقاومة، ولكن اليوم أصبحت العدوّ الرسميّ لها بالتوافق مع كيان الاحتلال، ولا نتجنّى على الحقيقة إذا قلنا إنّ الضفّة الغربيّة تقع تحت احتلاليْن اثنيْن: الإسرائيليّ والسلطويّ الفلسطينيّ غيرُ الشرعيّ.
وفي هذا السياق، قرر مجلس الوزراء الإسرائيليّ المصغر، الأحد، العمل على منع أيّ انهيارٍ للسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب، وذلك وفقًا لبيانٍ صادرٍ عن مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو. وقال ديوان نتنياهو إنّ رئيس الوزراء ووزير الحرب سيُقدِّمان للمجلس “خطوات لتحقيق الاستقرار في الوضع المدني في الساحة الفلسطينية”. ولم يذكر أي تفاصيل، ولكنّه أكّد أنّ الوزير العنصريّ والفاشيّ إيتمار بن غفير صوّت ضدّ القرار. وقالت صحيفة (هآرتس): “ينص مقترح الكابينت لمنع انهيار السلطة الفلسطينية على أنْ تلتزم السلطة بوقف أنشطتها ضد إسرائيل في الساحة القانونية والسياسية الدولية، ووقف التحريض في وسائل الإعلام وفي منظومة التعليم، ووقف رواتب عائلات منفذي العمليات، ووقف البناء في المناص (ج)”. في ذات السياق أوضحت صحيفة (يديعوت أحرونوت) في خبرها الرئيس أنّ “شعبية السلطة الفلسطينية كانت في نقطة سفلى حتى قبل العدوان الإسرائيلي على جنين (حملة “بيت وحديقة”) الأسبوع الماضي، لكن بعد الحملة، فإن ثقة الفلسطينيين بالسلطة وصلت إلى نقطة اللا عودة”. وذكرت أنّ طرد نائب القيادي محمود العالول نائب رئيس حركة فتح “دفع عباس إلى أنْ يجتمع بقيادة ’فتح‘ بشكل عاجل وأنْ يطلب من قادة الحركة في جنين بناء نفسها من جديد، والدفاع عن السلطة وقيادة الحركة”، وفق مصادر مطلعة. ونوهت إلى أنّ العالول، الذي يعتبر رقم (2) في (فتح) طردته الجماهير مع قيادات أخرى من السلطة و(فتح) حينما حضر للمشاركة في جنازة شهداء جنين عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي، وهتفت الجماهير (برة برة)، وقالت: “الفلسطينيون غاضبون على سلوك أجهزة أمن السلطة، ضمن أمور أخرى (لم تدافع عن أهل جنين ضد العدوان) على خلفية اعتقال عشرات النشطاء المسلحين، أبرزهم مصعب اشتية، الناشط في “حماس” في الضفة ورجل “عرين الأسود”، فضلاً عن ذلك، فإنّ السلطة اعتقلت خلال العدوان مسؤولين في “سرايا القدس” الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، هما مراد ملايشة ومحمد براهمة، وهؤلاء كانوا في طريقهم للدفاع عن جنين”. ولفتت إلى أنه “في يوم الجمعة ليلاً خرج إلى شوارع جنين الكثير من المسلحين من كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لـ”فتح”، وأطلقوا النار في الهواء، وتجولوا مع أسلحة مرفوعة، ورفعوا أيضًا صور ياسر عرفات (الرئيس الفلسطيني الراحل)، علمًا بأنّه بين الحركة العسكرية وتلك المدنية توجد خلافات غير قليلة، ضمن أمور أخرى حول استخدام السلاح في كل ما يتعلق بالصراع ضد إسرائيل”. وفي السياق، قال المُستشرِق الإسرائيليّ، د. موشيه إلعاد، وهو جنرالٌ متقاعدٌ في جيش الاحتلال إنّ “حسين الشيخ، مدعي تاج رئيس السلطة الفلسطينية بعد أبو مازن، أعلن مؤخرًا بأنّ “السلطة الفلسطينية قريبة من الإفلاس”، وأنّها ستتوقف عن أداء مهامها، ممّا سيؤدي على حد قوله إلى إعادة إدارة الضفة الغربية لدولة إسرائيل. وأضاف المسؤول العسكريّ الإسرائيليّ السابِق، في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) إنّه “حسب نهج الشيخ، فإنّ المسؤولة المباشرة عن الوضع ليست سوى إسرائيل. فالاقتحامات المتكررة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في “المناطق” (الضفة الغربية) والتي تخرق اتفاقات أوسلو، تؤدي بالسلطة إلى الإعلان بأنه “لم يعد بوسعها”. ولفت إلى أنّ “نبوءات الغضب عن نهاية السلطة الفلسطينية لم تأتِ مفاجئة، فكل بضعة أسابيع تطلق شخصيات رفيعة المستوى في السلطة الفلسطينية تصريحات على نمط (سنوقف التنسيق الأمنيّ) أوْ (سنرفع شكوى إلى المحكمة الدولية)، بينما يعرف الجميع بأنّه ليس خلف هذه الإعلانات أيّ شيء حقيقي، بل مجرد تصريحات تأتي تحت ضغط الجمهور الفلسطيني ليس إلّا. وإذا كان كذلك، فما الذي يدفع مسؤولي السلطة ليبثوا كل مرة من جديد فزعًا ويطلقوا تهديدات على نمط “أمسكوا بنا”؟ وأوضح المُستشرِق الإسرائيليّ أنّه “منذ قيامها في العام 1996، استثمرت مبالغ طائلة في السلطة الفلسطينية. فقد امتنعت الدول المانحة للسلطة بثبات على مدى عشرات السنين عن فحص مقاصد الأموال، وذلك منعًا لمواجهات سياسية”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه “تتناسب هذه السياسة مع فكر الدول الأوروبية وموقفها من الفلسطينيين منذ 1948 وبموجبه أُصلح الظلم اليهودي بخلق ظلم للفلسطينيين، وعليه يجب مساعدة الأخيرين. لا يدخلون في جدال مع الفلسطينيين، لا يراقبونهم ولا ينتقدونهم، بل يمدونهم الأموال وكأنهم يمدون مالاً في برميل بلا قعر”. وشدّدّ د. إلعاد أيضًا على أنّ “إدارة فاشلة للسلطة الفلسطينية طوال السنين تجد تعبيرها بديون متضخمة لا نهاية لها، ومشكوك فيه أنْ تسدد ومثال ذلك ما هو لشركة الكهرباء الإسرائيلية. وتحرص قيادة السلطة على أنّها في كلّ منحة تتلقاها تدفع قبل أي شيء آخر الرواتب للموظفين ورجال الأمن، قسم كبير من المنحة يضخ إلى جيوب كبار المسؤولين، فلا يتبقى لتقليص الديون ولتنمية البنى التحتية لرفاه سكان الضفة شيء”. وأضاف: “توقفت أجهزة أمن السلطة عن تشكيل قوة إنفاذ ناجعة وجدية في مدن الضفة، بل لا تركز إلّا على حماية قيادة أبو مازن في رام الله. لكن وخوفًا من غضب جماهيري قد يسبق الانقلاب في المجتمع الفلسطيني، نرى مسؤولي السلطة يصرحون بين الحين والآخر بأن أفعال إسرائيل ستؤدي إلى حلها”. واختتم المستشرق الإسرائيليّ، المُختَّص بالشؤون الفلسطينيّة قائلاً إنّ “السلطة لن تُحَّلْ بسبب اقتحام مقاتلي (يمام) و (دفدوفان) إلى مناطق (أ)، بل حين يتوقف ضخ الأموال. لا يبقي رأس هذا الجسم مرفوعًا إلّا المنحة من الأوروبيين الذين لا يزالون يؤمنون بإمكانية إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية وحرّة ذات استقلال اقتصادي. هذا كفيل بأنْ يحصل حين يبدأ الأوروبيون مسيرة إشفاء أبو مازن ورجاله من إدمان المنح”، على حدّ وصفه.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
السلطة الفلسطینیة
السلطة الفلسطینی
إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأونروا يُحذر من تفاقم الوضع في مُخيم جنين بسبب العدوان الإسرائيلي
أصدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينينن "الأونروا" بياناً، اليوم الثلاثاء، حذرت فيه من استمرار العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية.
وقال بيان الوكالة الأممية :"الوضع في مُخيم جنين بالضفة الغربية يتخذ منحى كارثي".
اقرأ أيضاً: صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة
وتتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية منذ عدة أيام، وارتقى عدد من الشهداء منذ بداية العدوان على الضفة.
يعاني الفلسطينيون في الضفة الغربية من ظروف قاسية نتيجة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يفرض قيودًا صارمة على حياتهم اليومية ويحدّ من حريتهم في التنقل والعمل. تنتشر الحواجز العسكرية في مختلف أنحاء الضفة، ما يؤدي إلى تعطيل الحركة بين المدن والقرى، ويؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي والتعليم والخدمات الصحية. كما يتعرض الفلسطينيون لعمليات اقتحام متكررة من قبل قوات الاحتلال، تشمل الاعتقالات التعسفية دون محاكمة وهدم المنازل بذريعة عدم الترخيص، مما يزيد من معاناة الأسر الفلسطينية ويفرض عليها التهجير القسري. إضافة إلى ذلك، يواجه الفلسطينيون اعتداءات المستوطنين، الذين يقومون بإحراق المحاصيل الزراعية والاعتداء على القرى، وسط حماية الجيش الإسرائيلي، ما يؤدي إلى تفاقم التوترات والعنف في المنطقة.
اقتصاديًا، يعاني الفلسطينيون من معدلات بطالة مرتفعة بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على الحركة والتجارة، إضافة إلى مصادرة الأراضي لصالح بناء المستوطنات، مما يحدّ من فرص العمل ويؤدي إلى زيادة الفقر. كما تعاني القطاعات الحيوية، مثل التعليم والصحة، من نقص في الموارد والإمكانات نتيجة السياسات الإسرائيلية التي تعيق التنمية. ورغم هذه الظروف الصعبة، يواصل الفلسطينيون التمسك بأرضهم وهويتهم الوطنية، وسط دعوات دولية لوقف الانتهاكات وتحقيق العدالة، إلا أن الاحتلال مستمر في فرض سياساته التي تعمّق معاناة السكان وتحدّ من فرص تحقيق الاستقرار في المنطقة.