عنصرية القبة الحديدية بإسرائيل.. قصة سكان خارج نطاق الحماية والإنذار
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
الناصرة- تتالى يوميا التقارير عن اعتراض القبة الحديدة الإسرائيلية صواريخ المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني، في حين تدوي صافرات الإنذار ليتوجه السكان فورا إلى الملاجئ المصفحة.
ولكن هناك فئة من السكان خارج نطاق الحماية والإنذار، لا تغطيهم القبة الحديدية ولا تتوفر لهم ملاجئ يمكنهم الاحتماء بها من الصواريخ.
الجزيرة نت تروي قصص قرى في أراضي 1948 الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، حيث يشكو سكانها من حرمانهم من الوسائل والاحتياطات التي تتخذها السلطات في أوقات الحرب.
ومنذ بداية معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تسقط صواريخ المقاومة الفلسطينية في قرى منطقة النقب المصنفة ضمن أراضي 1948 الخاضعة كليا لسيطرة إسرائيل.
وأدت هذه الصواريخ إلى مصرع 7 من فلسطينيي النقب وتدمير 50 منزلا، في ظل عدم تغطية نظام القبة الحديدية هذه القرى وعدم وجود ملاجئ أو نظام إنذار مبكر فيها.
ويقول سكان هذه القرى إنّ الأسباب الرئيسية وراء هذه الخسائر البشرية والمادية ترجع إلى الاحتلال الإسرائيلي، بداية بسلبه الاعتراف من 49 قرية عربية فلسطينية في منطقة النقب رغم أن سكان هذه القرى يحملون الجنسية الإسرائيلية.
وتبعا لعدم الاعتراف، لا توفر إسرائيل أي بنية تحتية لهذه القرى التي يسكنها أكثر من 150 ألف فلسطيني، وليست فيها شبكة مواصلات أو كهرباء أو مياه أو إنترنت، وليست فيها ملاجئ حتى يأوي إليها سكان هذه القرى في حال سمعوا صوت صافرات الإنذار البعيدة عنهم من البلدات اليهودية المجاورة، التي تتمتع بالملاجئ وسبل التحذير والإنذار والوقاية.
وتعمل القبة الحديدية حسب آلية تدرس مكان سقوط الصاروخ خلال عدة ثوان، فإذا ما تبيّن أنه سيسقط في منطقة مأهولة بالسكان، يُطلَق صاروخ القبة للاعتراض، وإذا اتضح أنه سيسقط في منطقة مفتوحة، تتركه القبة لوجهته من دون اعتراض.
وحسب النظرة الرسمية لإسرائيل، فإن هذه المناطق في نظام القبة الحديدية تُعرّف على أنها مناطق مفتوحة فارغة، مما يعني سقوط الصواريخ فيها من دون اعتراض.
من جهته، أكد رئيس المجلس الإقليمي لـ37 قرية من القرى مسلوبة الاعتراف عطية الأعسم وجود تمييز بحقهم، إذ قال "نحن في هذه القرى نتعرض لأبشع أنواع التمييز والعنصرية من قِبل السلطات الإسرائيلية، التي لا توفر أي بنية تحتية مدنية في بلداتنا".
ويضيف للجزيرة نت أن "إسرائيل تعتبر قرانا في النقب مناطق فارغة ومفتوحة، ونتج عن هذا الاعتبار مقتل 7 وتدمير 50 منزلا وتسجيل أضرار تجاوزت 25 مليون شيكل بفعل الصواريخ منذ بداية طوفان الأقصى".
وفي مقالة له في صحيفة يديعوت أحرونوت، تطرق الكاتب الإسرائيلي ياريڤ موهر -وهو مدير قسم البرامج في منظمة العفو الدولية في إسرائيل- إلى العنصرية التي يتعرض لها فلسطينيو النقب.
وقال إن "السكان العرب في النقب هم الأكثر تعرضا للتمييز في إسرائيل، حيث إن قراهم غير معترف بها ولا تتمتع بأي بنية تحتية وتعتبر (مناطق مفتوحة)، فلا تحميها قبة حديدية ولا يدق ناقوس الخطر هناك".
هذه العنصرية فقد بسببها نايف أبو صبيّح شقيقته فايزة (57 عاما)، التي ما إن بدأ طوفان الأقصى حتى أصاب صاروخ منزلها في قرية الباط، مما أدى لمقتلها هي وحفيدتها (13 عاما) على الفور.
وأضاف أبو صبيّح "علاوة على اعتبار السلطات الإسرائيلية والقبة الحديدية أن قرانا مناطق مفتوحة وفارغة ولا تمدّنا بأي بنية تحتية أو أساليب إنذار، تمنعنا السلطات من إدخال أي مواد من شأنها بناء بيوتنا بشكل آمن نوعا ما، مثل الإسمنت وحجارة البناء".
وقال إن الاحتلال يجبر سكان هذه القرى على بناء بيوتهم من الصفائح المعدنية (الزينكو)، التي لا تقوى على الحماية الجزئية حتى، ولذلك "بيوتنا سهلة التدمير بفعل أي صاروخ مهما كان تأثيره محدودا".
أما رئيس لجنة التوجيه العليا لعرب النقب جمعة الزبارقة، فوصف سياسة إسرائيل تجاه هذه القرى بأنها عنصرية من الدرجة الأولى.
وأردف الزبارقة "إسرائيل لا تعترف بـ150 ألفا من السكان العرب في النقب، ولا تقدم لهم أي خدمات أو ملاجئ، بل تحرمهم حتى من بناء بيوت ممكن أن تحميهم بشكل جزئي من الصواريخ، وهذه السياسة جزء من مخطط لتهجير تلك القرى، وبناء 13 بلدة يهودية على ركام البلدات العربية".
وفي تقرير لها، ذكرت لجنة متابعة التعليم في المجتمع العربي أن نحو 70 ألف طالب عربي في النقب يدرسون في مدارس لا توجد فيها تحصينات أو ملاجئ.
وشمل المسح أقل من 35% من مجمل الطلاب العرب في منطقة النقب، مما يعني أن هناك عشرات الآلاف من الطلاب يدرسون في مدارس غير محصّنة، وذلك لأن الخرائط لا تشمل جميع الطلاب في القرى مسلوبة الاعتراف.
وفي المقابل، ترصد إسرائيل ميزانيات هائلة في النقب لهدم البيوت العربية وملاحقة سكان القرى المسلوبة الاعتراف، في محاولة لتهجير الأهالي من أراضيهم وتجميعهم في أقل مساحة ممكنة، كما يحدث في قرية العراقيب التي هدمتها السلطات الإسرائيلية لأكثر من 220 مرة وعاد أهلها وأتمّوا بناءها من جديد، وهذا بهدف إقامة المستوطنات اليهودية مكان هذه القرى، وفق نشطاء النقب.
وفي حديث للجزيرة نت، قال الحقوقي مروان أبو فريح إنه "في عام 2014، قدمت عدة مؤسسات حقوقية التماسا بشأن مشكلة عدم توفير الملاجئ في القرى غير المعترف بها، وبشأن آلية عمل القبة الحديدية التي تعتبر هذه القرى مناطق مفتوحة".
ويوضح أبو فريح أن المحكمة حوّلت القرار لقيادة الجبهة الداخلية، التي قالت -بدورها- إن القرى المسلوبة الاعتراف تعتبر مناطق غير قانونية، ولهذا لم يتم تعريفها على أنها مناطق سكنية، "ومن معايير القبة الحديدية أنها لا تتصدى للصواريخ المتوجهة لهذه المناطق".
وأمام هذا الوضع، وزّعت مجالس القرى المسلوبة الاعتراف والحركة الإسلامية الجنوبية أنابيب ضخمة مصنوعة من الإسمنت على الأهالي لاستعمالها كملاجئ بدائية لتقليل الخسائر البشرية التي تنتج عن الصواريخ.
ومن المهم هنا ملاحظة أنه حينما تقول إسرائيل عبر الناطق باسم جيشها أن صاروخا سقط في منطقة مفتوحة، فإنه قد يكون سقط في الحقيقة على رؤوس أطفال في النقب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القبة الحدیدیة مناطق مفتوحة منطقة النقب فی النقب فی منطقة
إقرأ أيضاً:
مرصد حقوقي: إسرائيل تنفذ تهجيرا قسريا للفلسطينيين بغزة وسط صمت دولي
شدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بلغت ذروة مشروعها الاستعماري في قطاع غزة، لافتا إلى شروع الاحتلال بتهجير الفلسطينيين بشكل قسري خارج أرضهم تحت ذريعة "الهجرة الطوعية".
وقال المرصد في تقرير نشره عبر موقع الإلكتروني الرسمي، إن "المشروع الإسرائيلي في قطاع غزة بلغ ذروته الكاشفة، إذ لم تَعُد إسرائيل تُخفي نواياها بشأن خطتها لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، بل باتت تعلنها بصراحة وبخطاب رسمي من أعلى المستويات".
وأضاف أن دولة الاحتلال تنفذ مشروعها "عبر سلسلة من الإجراءات الميدانية والمؤسسية التي تُعيد صياغة الجريمة وتُقدّمها على أنّها هجرة طوعية، مستغلة صمتا دوليا مطبقا وفر لها بيئة آمنة لمواصلة ارتكاب الجريمة، وبلوغ هذا المستوى من الإفلات من العقاب دون رادع أو مساءلة".
وحسب المرصد، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تمضي قدما في تنفيذ المرحلة النهائية من جريمتها وهدفها الأصلي؛ وهو الطرد الجماعي للفلسطينيين خارج فلسطين، تحديدا خارج قطاع غزة، بعدما أمضت عاما ونصف في ارتكاب جرائم إبادة جماعية".
وأشار المرصد إلى أن التهجير القسري يعد جريمة مستقلة بموجب القانون الدولي، وتتمثل في طرد الأشخاص من المناطق التي يوجدون فيها بشكل شرعي، باستخدام القوة أو التهديد بها، أو من خلال وسائل قسرية أخرى، دون مبررات قانونية معترف بها.
وقالت مديرة الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، ليما بسطامي، إن "إسرائيل ارتكبت بالفعل جريمة التهجير القسري بحق سكان قطاع غزة، حين دفعتهم قسرا إلى النزوح داخل القطاع دون أي مسوغات قانونية، وفي ظروف تتعارض كليًا مع استثناءات القانون الدولي التي لا تُجيز الإخلاء إلا بصورة مؤقتة، ولأسباب عسكرية قاهرة، ومع ضمان مناطق آمنة تحفظ الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وهو ما لم يحدث على الإطلاق".
وأضافت أن "إسرائيل وظفت هذا النمط الوحشي، والمتكرر، وواسع النطاق من التهجير كإحدى أدوات الإبادة الجماعية، بهدف تدمير السكان وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة".
ولفتت بسطامي إلى أنه "رغم أن الجريمة اكتملت من الناحية القانونية، إلا أن إسرائيل ماضية في تصعيدها إلى مستوى أشد فتكا بالشعب الفلسطيني، يُجسّد منطقها الاستعماري الاستيطاني القائم على الطرد والإحلال، من خلال تنفيذ المرحلة الثانية من التهجير القسري خارج حدود الوطن".
وأوضحت أن دولة الاحتلال "تحاول تسويق هذه الجريمة على أنها هجرة طوعية، في خداع مكشوف لا ينطلي إلا على مجتمع دولي اختار التواطؤ بدلا من المواجهة، والصمت بدلا من المساءلة".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ في 25 كانون الثاني /يناير الماضي في الترويج لمخطط تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.
وتقول منظمات إغاثة إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الإنساني الدولي.