سودانيون في الجوار.. من نار الحرب إلى محنة اللجوء
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
يواجه سودانيون، لجأوا إلى أوغندا صعوبات عديدة في بعض المعسكرات ومراكز الاستقبال، حيث شكوا من تأخر الإجراءات وتدني الخدمات المقدمة، ليجدوا أنفسهم في محنة اللجوء بعد هربهم من نار الحرب.
التغيير- كمبالا: سارة تاج السر
بعد تصفية والدها، عمدة إحدى القبائل في دارفور وأربعة من أعمامها، في يومٍ واحد، لم تجد «سلوى» سبيلاً غير الفرار مع إبنائها الخمسة، من أردمتا في غرب دارفور إلى الضعين في شرق دارفور حتى تمكنت من دخول أوغندا في رحلة استغرقت شهراً كاملاً، لينتهي بها المطاف في مركز استقبال نيومانزي في مقاطعة أدجوماني.
ووسط تفشي الإسهالات والملاريا، ونقص الخدمات الصحية والمياه وشح الإمدادات الغذائية، تواصلت معاناة آلاف اللاجئين السودانيين بمراكز الاستقبال واللجوء بمناطق اروا ونيومانزي الواقعتين على بعد 475 كليومتر و460 كليومتر من العاصمة الأوغندية كمبالا.
وأدت حرب 15 ابريل بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، إلى فقدان أكثر من 7 ملايين شخص أماكن سكنهم، وسط الأوضاع الأمنية المتردية، فاضطروا للنزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى دول الجوار.
تزايد اللاجئينويقيم في مركز الاستقبال بنيومانزي، أكثر من 800 ألف أسرة هربت من جحيم المواجهات العسكرية التي اندلعت في السودان منتصف ابريل الماضي، بين الجيش والدعم السريع.
«سلوى» واحدة من السيدات اللاتي هربن من الجنينة قبل خمسة أشهر، بعد اغتيال والدها وأربعة من أعمامها في يوم واحد، لتجد طريقها إلى أوغندا فيما وصلت والدتها وشقيقتها إلى تشاد وأحد إشقائها إلى إثيويبا.
قالت سلوى في حديثها لـ«التغيير»، إنها كانت من أوائل الأسر التي دخلت المركز الواقع في مقاطعة أدجوماني بعد مغادرتها أردمتا إلى الضعين براً لتصل إلى أوغندا بصحبة أبنائها الخمسة، في رحلة طويلة استغرقت 30 يوماً.
وأشارت إلى أن الأعداد في البداية كانت قليلة ولكن عدد اللاجئين اقترب من الألف حالياً بعد وصول ما يقارب 200 لاجئ سوداني من معسكر جوبا.
ومكثت «سلوى» وأبنائها خمسة أشهر بمركز الاستقبال وتم تسليمهم شهادة توطين لمدة ثلاث سنوات، مع وعود بترحيلهم إلى مخيمات اللجوء، وهو ما لم يحدث حتى الآن، بينما كان من المفترض ألا تتجاوز إقامتهم في المركز الاسبوعين.
ولفتت «سلوى» إلى أنه حسب ما سمعت فإن هناك إشكالية بين الحكومة الأوغندية والأمم المتحدة بشأن أراضٍ إضافية لإيواء الوافدين، بسبب ازدحام المعسكرات المفتوحة حالياً.
ونوهت إلى أنه وفق ما يذكر، تخطط السلطات لإنشاء معسكر للاجئين في منطقة اريا شمال شرق كمبالا.
تحسن نسبيويعتمد المقيمون في نيومانزي في غذائهم على «الماتوكي» وهي وجبة محلية شهيرة من الموز، ويوجد بالمركز عيادة طبية إلا أنه يفتقر للمدارس.
رغم ذلك اعتبرت «سلوى» أن نيومانزي يعتبر الأفضل مقارنة بمراكز لجوء أخرى، وأوضحت أن والدتها وشقيقيها أمضوا شهوراً بمخيمات لجوء في دول مجاورة ولم يتم تسجيلهم حتى الآن.
وقالت إن الأوضاع بالمركز تتحسن نسبياً، وأن القائمين عليه في الغالب يستجيبون لمطالب اللاجئين.
وكشفت عن تفشي الإسهالات والملاريا قبل فترة، تزامناً مع أزمة مياه، وقامت السلطات بتنظيف خزانات المياه وإحضار بابور جديد، كما تم تسليمهم شرائح هاتفية ليتمكنوا من استلام المساعدات المالية المرتقبة، وقالت إن الإعانات التي وصلتهم خلال الفترة الماضية كانت عبارة عن صابون غسيل، بسكويت، أواني بلاستيكية للمياه.
ونبهت «سلوى» إلى أن حاجز اللغة يقف عثرة أمام إيصال الرسائل لمسؤولي المركز، وقالت إن أغلب الوافدين لا يتقنون الإنجليزية مما يتسبب في عدم فهم احتياجاتهم.
وبشأن الرعاية الصحية وصفتها بالجيدة، وأكدت أن ابنها استطاع إجراء عملية جراحية ناجحة «موية بيضاء» في إحدى المستشفيات بكمبالا بواسطة استشاري من جنوب أفريقيا.
ظروف قاسيةبالمقابل انتقد محمد هارون المقيم في معسكر اروا، الوضع داخل المخيم الذي يبعد 7 ساعات عن كمبالا ووصفه بالسجن إضافة إلى افتقاده للخدمات الطبية، وعدم تنوع الغذاء داخل المعسكر وانحصاره في عصيدة الذرة «عيش الريف» والفاصوليا. وقال إنهم لم يتلقوا أي دعم من أي منظمات طوال فترة وجودهم بالمعسكر التي اقتربت من 4 أشهر.
«فاطمة»- وهو اسم مستعار للاجئة سودانية- وصلت إلى معسكر اوشيا عن طريق جوبا، ومكثت فيه هي وابنتها الرضيعة اسبوعاً قبل أن تغادره بعدما اشتد بهما المرض.
وصفت طبيعة المعسكر الذي يتكون من «كرفانات» كبيرة مقسمة إلى غرف واسعة، بالقاسية لكونه يفتقد للخدمات الأساسية، فهي تحاول كل صباح التغلب على شح الماء لعدم توافر المياه النضيفة للشرب، فضلاً عن تدني الرعاية الصحية.
وذكرت أن معظم المقيمين في المعسكر- الذي يبعد 28 ساعة عن كمبالا، يضطرون لتوفير احتياجاتهم الشخصية من المراتب والأغطية الدافئة والناموسيات بصورة ذاتية، وأن سلطات المعسكر وزعت في البداية فرشات «بطانيات» للنوم سرعان ما نفدت بسبب ازدحام المستوطنة.
وقالت «فاطمة»- وهي أوغندية من جهة الأم: لم أستطع تحمل حياة المعسكر حيث اضطررنا للنوم على الأرض اسبوعاً كاملاً بدون أغطية مع تدني خدمات التغذية وانتشار الأمراض المعدية.
وتستضيف أوغندا حالياً ما يُقارب 1.5 مليون لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من البلدان المجاورة؛ السودان، جنوب السودان والكونغو الديمقراطية.
وقال البنك الدولي إن قانون اللجوء الأوغندي، يمنح اللاجئين أرضاً خصبة لينتجوا الغذاء طوال مدة بقائهم في البلاد، ويمكنهم من العمل أو إقامة مشروعات تُعينهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي أو تقلل اعتمادهم على الصدقات والتبرعات، وقد مكَّن هذا الكثير منهم من المساهمة في الاقتصاد المحلي، وأن يكون بمقدورهم إعادة بناء معايشهم ومجتمعاتهم عند العودة إلى أوطانهم.
الوسومأدجوماني أردمتا أوغندا التغيير الجيش الدعم السريع السودان اللجوء النزوح جنوب السودان دارفور كمبالا كينيا نيومانزيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أردمتا أوغندا التغيير الجيش الدعم السريع السودان اللجوء النزوح جنوب السودان دارفور كمبالا كينيا إلى أن
إقرأ أيضاً:
تداعيات الحرب السودانية تفاقم معاناة جبال النوبة
كانت قضية جبال النوبة، وما زالت، مؤسسة على التهميش الذي لم يخفت في حالات الحرب أو السلم، بل ظلت التوترات على المستويات كافة سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة، وعندما اندلعت الحرب الحالية زادت من مآسي المنطقة لطول عهد الصراع القائم هناك من دون أن يلتفت إليها الإعلام المحلي أو المجتمع الدولي.
التغيير: وكالات
عاشت منطقة جبال النوبة تاريخاً سياسياً مليئاً بالنزاعات، إذ تعرض سكان المنطقة لغزو السلطنات القديمة منذ القرن الـ16 للحصول على الرقيق، واستمر هذا النشاط خلال فترة الحكم التركي – المصري للسودان في بدايات القرن الـ19، واضطر سكان المنطقة إلى الاحتماء بسلسلة من عشرات الجبال مما زاد من عزلتهم.
وفي خضم حرب جنوب السودان التي انتهت بتوقيع اتفاق السلام الشامل (نيفاشا) عام 2005، ثم انفصاله عام 2011، عانى سكان المنطقة أيضاً، ولكن توقف الحرب في الجنوب لم ينعكس إيجاباً على المنطقة، إذ ظلت على هامش عملية السلام، وأصبحت قضاياها المنصوص عليها في الاتفاق، ضمن القضايا العالقة، حاملة اسم جنوب السودان بعد انفصال الإقليم الذي يحمل الاسم والموقع الجغرافي. وتزامناً مع إعلان انفصال الجنوب، اندلعت الحرب في جنوب كردفان بين جيش “الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال” والجيش السوداني، بسبب الخلاف على نتيجة الانتخابات في الولاية، ثم امتد النزاع إلى ولاية النيل الأزرق. وعلى إثر ذلك أسست “الجبهة الثورية” أو “تحالف كاودا” الذي جمع بين “الحركة الشعبية – شمال” بقيادة مالك عقار، وحركات دارفور المسلحة، “حركة العدل والمساواة” بقيادة جبريل إبراهيم، و”حركة جيش تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي، و”حركة جيش تحرير السودان” بقيادة عبدالواحد محمد نور.
وعندما اندلعت الحرب الحالية بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، كانت المنطقة التي مزقتها الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من نصف قرن، في خضم نزاع آخر منذ اشتعال الاحتجاجات التي أسقطت عمر البشير عام 2019، وذلك على إثر الانقسام الذي حدث في “الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال”، بين زعيميها مالك عقار وعبدالعزيز الحلو. وبينما تحالف الأول مع الحكومة (المجلس العسكري) خلال الفترة الانتقالية، ووقع على اتفاق السلام بجوبا 2020، واصل الثاني حربه على السلطة الجديدة ورفض التوقيع على الاتفاق، وكون تحالفاً مع عبدالواحد محمد نور الذي انشق عن “حركة تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي الذي أصبح في ما بعد حاكم إقليم دارفور. وبعد الإطاحة بالنظام السابق، تلاشت الآمال في التغيير لأن الحكومة الانتقالية فشلت في معالجة مظالم شعب النوبة.
قضية التهميشوكانت قضية جبال النوبة، وما زالت، مؤسسة على التهميش الذي لم يخفت في حالات الحرب أو السلم، بل ظلت التوترات على المستويات كافة سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة. وشجع انفصال الجنوب المنطقة على المطالبة بالحكم الذاتي، إذ يرى قادتها أن حرمان الإقليم من المعاملة مثل بقية الأقاليم الأخرى، قد يستمر عقوداً أخرى، لا سيما مع تمتعها بالميزة النفطية، إضافة إلى تجاهل الحكومة القائم للمنطقة، فمع كل عهد جديد تظهر تعقيدات جديدة.
وكانت منطقة جبال النوبة بانتظار حسم قضية أبيي، فعلقت ما بين الوساطات الإقليمية ورفعها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وبفضل التجميد الذي أحدثته الوساطة والمحكمة، وجد النظام السابق الفرصة سانحة لعدم حسم القضية سلباً أو إيجاباً بالنسبة إلى السودان وسكان المنطقة. من ناحية أخرى، أطالت مدة بقاء النظام لما يقارب عقداً آخر بعد اقتطاع جزء من السودان، إذ كان ذلك الحدث الأضخم منذ استقلال السودان. وأثار حفيظة تركيبات سكانية في عدد من الأقاليم، كما أثار احتجاجات وانتقادات واسعة من فرط السرعة التي تم بها انفصال الجنوب، من دون إظهار النظام السابق أي اعتراض أو مطالب بتأجيل الاستفتاء حوله، إلى حين حل القضايا العالقة، وتأتي أبيي في مقدمها.
وهناك قضية الحدود غير المحسومة فالخلاف حولها يعود لعهد الاستعمار، واقتصاد المنطقة القائم على الزراعة والرعي في مناطق تحركات موسمية تتقاسمها قبيلتا “الدينكا” التابعة لجنوب السودان، و”المسيرية” التابعة للشمال، ثم النزاع الناشئ حول النفط.
واستهدف النظام السابق المدنيين في جبال النوبة، ودمر القرى والمحاصيل والبنية الأساسية لإضعاف دعم الجيش الشعبي التابع لـ”الحركة الشعبية – شمال”. واعترف بروتوكول “ميشاكوس” 2002، الذي كان بمثابة مقدمة لاتفاق السلام الشامل بجبال النوبة كمنطقة متنازع عليها، لكنه لم يتطرق إلى التطلعات السياسية للمنطقة.
واشتمل الاتفاق الذي أبرم في عام 2002، وسمي باتفاق “جبال النوبة” على إنهاء حالة العداء وضمان حرية الحركة للمدنيين، وحركة السلع والمساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار الذي يعني وقف التحركات العسكرية وأعمال العنف والهجمات الجوية والبرية كافة، واستهداف المواطنين على أساس إثني أو ديني أو انتماء سياسي.
خصائص المنطقةوبوصف منطقة جبال النوبة موطناً لمجموعة شديدة التنوع من الإثنيات والثقافات والديانات المختلفة، إذ ظلت قضية الهوية إلى جانب القضايا الأخرى بعيدة من الحل، وربما أشد تعقيداً، بل لعبت دوراً مهماً في الصراع في منطقة جنوب كردفان. وتشمل المنطقة مكونات لأكثر من 50 مجموعة إثنية من السكان الأصليين لجبال النوبة منها (تييرا، هيبان، كواليب، مورو، أوتورو، مساكن، كاتشا)، وتختلف لغوياً وثقافياً ودينياً. وعلى رغم تنوعها، تحافظ هذه المجموعات على بعض العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية المشتركة، مثل الرقصات التقليدية ورياضة المصارعة التقليدية الخاصة بالمنطقة وأنماط الحياة الزراعية. ويتعاطف عدد من مجموعات النوبة بقوة مع مجتمعاتها المحلية، وتقاوم الاندماج في الثقافات السائدة. وربما كان هذا ما يستقوي به قائد الحركة عبدالعزيز الحلو، إذ إنه يلعب على هذا الوتر الحساس مما عمق من عزلة الإقليم. والتصور المضاد للاعتقاد السائد بأن النوبة مهمشين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، هو تشجيع الحكومة المركزية، في كثير من الأحيان، لأن تسود سياسات التعريب والأسلمة، ومحاولات تجاهل التراث الثقافي واللغوي للنوبة.
أما في التنوع الديني ففاق الإقليم كل مناطق السودان الأخرى، إذ يعتنق عدد من أهل النوبة ديانات أصلية تتضمن عبادة الأسلاف والأرواحية والمعتقدات القائمة على عبادة الطبيعة والحيوانات. وكذلك يؤمن عدد منهم بالمسيحية التي انتشرت خلال فترة الاستعمار وما بعده، بتسهيل من المبشرين الذين سلكوا المسار النيلي مستهدفين جنوب السودان. ومع اختلاف ديانات قادة الحركة الشعبية إلا أن عدداً من مسيحيي النوبة ينتمون إلى الحركة، ويرون في أصلها، الذي أسسه جون قرنق منذ خمسينيات القرن الماضي، مدافعاً عن حقوقهم.
ويتحدث سكان جبال النوبة أكثر من 100 لغة، مصنفة إلى ثلاثة أقسام لغوية رئيسة هي: “التينجر”، وهي لغة فريدة من نوعها في المنطقة قادمة من وسط أفريقيا، ويتحدث بها عدد من المجموعات الأصلية، و”النيلية” تتحدث بها بعض المجموعات ذات الروابط الثقافية الوثيقة مع جنوب السودان، والعربية تستخدم كلغة مشتركة وتزداد انتشاراً بسبب التداخل الثقافي مع مجموعات الشمال.
خلفية معقدةلكل هذا، ونظراً إلى الخلفية المعقدة، فإن الحرب الحالية عندما اندلعت زادت من مآسي منطقة جبال النوبة نظراً إلى طول عهد الصراع القائم هناك لدرجة أن الآثار الناجمة عن الحرب لم يلتفت إليها الإعلام المحلي أو المجتمع الدولي، بل ظلت غائبة عن رادار الأخبار والمتابعات ومطالبات المجتمع الدولي بضرورة تأمين المساعدات، ولم يأت ذكر المنطقة في كل هذا. كما ظل سكان المنطقة يواجهون تبادل الهجمات بين قوات الجيش وقوات الحلو، وهجمات من “الدعم السريع” من جهة أخرى.
فمع اشتداد الحرب، تعرضت المنطقة إلى موجات نزوح واسعة، وأجبر عدد من سكانها على الفرار من منازلهم، بسبب انعدام الأمن وفقدان الغذاء والمأوى والعلاج، وتعرضوا في مناطق نزوحهم الجديدة إلى ظروف أشد قسوة. كما لجأ آلاف من سكان المنطقة إلى دول الجوار، خصوصاً دولة جنوب السودان وإثيوبيا، التي سرعان ما حدثت فيها ارتدادات بسبب الضغوط التي أحدثها اللجوء على وضعها الداخلي، تمثلت في إثارة قضية وجودهم وتعرضهم لمضايقات عديدة.
وبحلول نهاية عام 2024، أعلنت الأمم المتحدة المجاعة في جبال النوبة الغربية، وهي أول مكان خارج شمال دارفور يطلق عليه هذا الوصف رسمياً.
أما ما يتعلق بالعنف الداخلي من ممارسات شملت القتل والاختطاف والعنف الجنسي، فظلت بعيدة من الضوء، إذ لم يكن بإمكان الجماعات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني رصد الوضع على الأرض. كما تقاصرت إمكاناتها عن مد المنطقة بالمساعدات اللازمة بسبب التحديات اللوجستية والمخاوف الأمنية والعزلة أيضاً، مما جعل السكان المحليين يعتمدون على مرونة المجتمع والشبكات السرية للبقاء على قيد الحياة. كل هذه الأزمات مثلت تحديات في طريق بناء السلام، وفاقمت الانقسامات بين المجتمعات وعمقت تآكل الثقة.
دائرة التعتيموهناك توقعات بأن العزلة المفروضة، بفعل الطبيعة والنزاع الدائر هناك، التي تعيشها منطقة جبال النوبة، لن تطول، وإنما سيكون هناك حراك يتخذ مسارين، الأول داخلي بأن تخرج أصوات مطالبة بالحكم الذاتي والفيدرالية، إذ إن منح المنطقة قدراً أكبر من الحكم الذاتي السياسي أو النظام الفيدرالي من شأنه أن يعمل على تمكين الحكم المحلي والحد من التهميش.
والمسار الثاني، هو تفعيل الوساطة الدولية مثل لعب دور في حض الحلو على القبول بالتفاوض من أجل السلام، أو ممارسة الضغوط الدولية عليه لضمان فتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات، خصوصاً الغذاء والدواء إلى أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية، وحماية المدنيين بإنشاء مناطق منزوعة السلاح مما من شأنه أن يحمي المدنيين ويوفر مساحات آمنة للنازحين، لا سيما أنهم وقعوا تحت دائرة التعتيم بسبب الحرب بين الجيش و”الدعم السريع”، إضافة إلى الفجوة الأساسية المتمثلة في الاستجابة الدولية لها.
المصدر: إندبيندت عربية
الوسومجبال النوبة جنوب السودان حرب الجيش والدعم السريع حرب السودان