صحيفة صدى:
2025-01-30@15:17:35 GMT

التنوُّع البيولوجي من منظور اقتصادي !!

تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT

التنوُّع البيولوجي من منظور اقتصادي !!

رغم مرور أعوام على مؤتمر الأمم المتحدة التاريخي حول البيئة والتنمية في (ريو دي جانيرو)، ما زال العالم عاجزًا عن تحقيق هدفه الرئيس (اقتصاد عالمي مستديم بيئيًّا).

فمنذ قمَّة الأرض عام 1992م ازداد عدد سكان الأرض بما يقرب من 450 مليونًا، وتصاعدت الإطلاقات السنوية من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز الرئيس من بين غازات البيوت الزجاجية إلى مستويات عالية جديدة، مما يغيِّر التركيبة ذاتها الخاصة بالجو وميزان حرارة الأرض.

يقول كرستوفر فلافن: من أجل المحافظة على التنوُّع البيولوجي على المدى الطويل، نحن بحاجة إلى إبطاء النمو في أعداد البشر، وتقليل الفقر في دول الجنوب، والاستهلاك المفرِط في الشمال، وهما اللذان يدفعان الناس إلى قطع الأشجار عن وجه الأرض.

ففي بداية القرن الماضي كان سكان العالم 1,6 بليون نسمة فقط، وبحلول نهايته كان عددهم أكثر من ستة بلايين؛ أي: بزيادة قدرها 4,4 بليون أو 300 %.

وتنامِي أعداد السكان قوَّة دافعة وراء الكثير من المشكلات البيئية والاجتماعية، ومع تزايد البشر الآن بسرعة قياسية قدرها 100 مليون سنويًّا تقريبًا، فإن إبطاء سرعة هذا النمو البشري أصبح أولويَّة ملحَّة.

على أنه لا يمكن النظر في موضوع النموِّ السكاني بصورة صحيحة دون الإشارة إلى مستويات استهلاك الموارد في كلِّ دولة على حِدَة.

فهناك ما يَقرُب من 2,5 بليون من الناس في العالم ينتمون إلى طبقة المستهلكين؛ وهم الذين يقودون سياراتهم، ويمتلكون الثلاجات وأجهزة التلفاز، ويتسوَّقون في الأسواق المركزية الكبرى، ويستهلكون الجانب الأكبر من الوقود الأحفوري، والمعادن ومنتجات الأخشاب والحبوب في العالم.

فالمولود الجديد في الولايات المتحدة – على سبيل المثال – يحتاج إلى ضِعفَي ما يطلبه مثلاه في البرازيل أو إندونيسيا من الحبوب، وعشرة أضعاف ذلك من النفط، ويسبِّب هذا المولود تلوُّثًا أكثر بكثير.

وبعملية حسابية يسيرة يظهر أن الزيادة السنوية في عدد سكَّان الولايات المتحدة البالغة بضعة ملايين ، تضع من الضغوط على موارد العالم ما يضعه 20 مليونًا من الناس الذي يضافون إلى عدد سكان الهند كل عام.

وما لم تقم الدول الصناعية بتطوير أساليب حياتية أقل كثافة في استخدام الموارد والتقنيات الأقل تلوثًا، سيكون من الصعب تطوير اقتصاد عالمي مستديم؛ سواء استقرَّ عدد سكَّان العالم في خاتمة المطاف عند 12 بليون شخص، أو عشرة، أو حتى ثمانية.

وقد خلصت الدراسات التفصيلية التي أجراها معهد “وبرتال” في ألمانيا إلى أنه عند استخدام المواد بصورة أكثر إنتاجية، سيكون من الممكن في العقود القادمة تخفيض مستويات الطاقة واستهلاك المواد في الدول الصناعية بنسبة واحد إلى أربعة، في الوقت الذي سيجري فيه تحسين مستوى المعيشة بشكلٍ فعلي، ومع ازدياد الطلب الاستهلاكي قامت الكثير من الأعمال التجارية بإعادة صياغة عمليات تصنيعها وتطوير منتجات مستدامة بيئيًّا.

فقد ذكر “بول هوكن” المدير التنفيذي التجاري في كتابه “علم التبيُّؤ التجاري”، لقد وصلنا إلى نقطة تحوُّل لا تبعث على الاستقرار، نقطة مثقلة بالاحتمالات في مدنيَّتنا الصناعية؛ إذ على أرباب الأعمال التجارية إمَّا أن يأخذوا على أنفسهم عهدًا بإصلاح التجارة، أو أن يسيروا بالمجتمع إلى متعهِّد دفن الموتى!

وعندما كانت البشرية تحاول استعادة عافيتها بعد صدمة رؤية صور الأرض من الفضاء الخارجي في عام 1960م، تنبَّأ “كينيث بولدنغ” العالِم الاقتصادي أن نفاذ البصيرة الذي أوحتْ به تلك اللحظة سيؤثِّر نهاية الأمر في الممارسات ذاتها التي تقوم عليها المجتمعات الحديثة.

فاقتصاد الكاوبوي كان يحدِّد معالم الحضارة الإنسانية بصورة متزايدة، وهو الاقتصاد الذي يستخدم الموارد الطبيعية كما لو كانت باقية دون حدود، هذا الاقتصاد كان يقف على طرف نقيض للحدود البيئية.

وسيأتي اليوم الذي سيحتاج هذا الاقتصاد فيه إلى التحوُّل إلى اقتصاد رجل الفضاء الذي يحترم – بصورة من الصور كما يفعل رواد الفضاء – الحدود البيئية الصارمة، ويحافظ على الموارد، ويُعِيد تدوير النفايات.

وكلَّما تأخَّرت المجتمعات في الشروع في هذا التحول – كما يرى بولدنغ – فإن هناك صعوبة في قدرتها على الحفاظ على مقدراتها الطبيعية.

ورغم أن الدول الصناعية وصلت إلى ما يُشبِه الطريق المسدود على مسار الاقتصاد والقائم على أسلوب الكاوبوي، فإن الدول الأكثر فقرًا سارت في أعقابها وعلى منوالها بكلِّ أسف، وهكذا – كما هي الحال في الدول الصناعية – لم يفعل الدعم المقدَّم للموارد الطبيعية في الدول النامية سوى القليل للتصدِّي للمشكلات الاقتصادية المعاصرة، ولما كان دعم الحكومات للموارد الطبيعية نادرًا ما كان ناجحًا، ولما كان هذا الدعم قد زاد في الغالب من سوء أوضاع أفقر الفقراء، فإنه بحاجة ليصبح أقلَّ ممَّا هو عليه.

ختامًا أقول:

إن على الدول الفقيرة أن تختار بين اقتصاد الكاوبوي واقتصاد رجل الفضاء، وعليها أن تتحمَّل النتائج والتَّبِعات، أو أن تجني الثمار والفوائد، وما زال الوقت مناسبًا والبدائل قائمة، والاختيارات معروضة أمام الجميع.

للتواصل : [email protected]

 

 

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الدول الصناعیة ما کان

إقرأ أيضاً:

معسكر تدريبي لمنتخب مصر استعدادًا لكأس العالم للناشئين للسلاح بالقاهرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يخوض منتخب مصر لسلاح السيف، معسكراً تدريبياً رفقة لاعبي منتخبات هونج كونج و سويسرا و الإمارات، استعدادا لخوض منافسات كأس العالم لسلاح سيف المبارزة للناشئين، خلال الفترة من 31 يناير إلى 2 فبراير.

ويهدف المعسكر لتعزيز الجاهزية البدنية والتكتيكية من خلال تدريبات مكثفة، مباريات ودية، والعمل على تعزيز الروح المعنوية والثقة بالنفس لمواصلة مشوار الإنجازات الدولية.

ويقود المعسكر التدريبي دكتور السيد سامى المدير الفنى لسلاح السيف والمدربين دكتور سامح مجدى مجدى وإسلام جمال.

وتستضيف صالات "نادي النادي" بالعاصمة الإدارية الجديدة، بطولة كأس العالم لسلاح سيف المبارزة للناشئين، بمشاركة 45 دولة مختلفة يمثلهم 471 مشاركًا، منهم 383 لاعبًا ولاعبة (221 لاعبًا و162 لاعبة) حتى الآن، بالإضافة إلى 88 مرافقًا للبعثات المشاركة من مدربين وغيرهم.

وجاءت الدول المشاركة على النحو التالي: مصر، أنجولا، الأرجنتين، أستراليا، أذربيجان، بلجيكا، البرازيل، بلغاريا، الصين، الصين تايبيه، كرواتيا، التشيك، استونيا، فرنسا، جورجيا، ألمانيا، بريطانيا، اليونان، هونج كونج، المجر، إيطاليا، كازاخستان، لبنان، لوكسمبورج، ماكاو، المغرب، هولندا، النرويج، روسيا، باراجواي، بولندا، رومانيا، صربيا، سلوفينيا، سويسرا، تركيا، الإمارات، أمريكا، أوزباكستان، فنزويلا، اليمن، السعودية، أوكرانيا، الأردن وعمان.

وتُعد مصر أكثر الدول مشاركة من حيث عدد اللاعبين في البطولة كونها الدولة المضيفة، حيث تشارك بـ31 لاعبًا ولاعبة، بواقع 16 لاعبًا في منافسات الناشئين و15 لاعبة في منافسات الناشئات.

مقالات مشابهة

  • أميركا تقرر ترحيل مئات اليمنيين من أراضيها
  • تعديل عقارب ساعة «نهاية العالم»
  • شمس أخرى على الأرض.. العالم على موعد مع إنجاز جديد| ما القصة؟
  • معسكر تدريبي لمنتخب مصر استعدادًا لكأس العالم للناشئين للسلاح بالقاهرة
  • زعيم كوريا الشمالية يُحذر من مواجهة “حتمية” مع الدول “المعادية والشريرة”
  • نائب المنيا : نتضامن مع القيادة السياسية في موقفها الرافض لتهجير أهالي غزة
  • متى سيبدأ شهر شعبان هذا العام؟ مركز الفلك الدولي يجيب
  • هذا موعد غرة شهر شعبان فلكيا
  • مناوي: استغرب العالم أجمع من البيان الذي أصدرته مليشيا الدعم السريع بعد تدميرها لكافة المستشفيات والمؤسسات الخدمية في الفاشر وآخرها المستشفى السعودي الذي تعرض لاستهداف مباشر بأكثر من 6 طائرات مسيرة ، إن هذا السلوك الإجرامي الذي يهدف إلى تقويض الخدمات الصح
  • الدول الأكثر امتلاكاً لحاملات الطائرات في العالم (إنفوغراف)