المعلومات المضللة كانت ولا تزال عنصراً مهمّاً في الحروب على مختلف أشكالها، لكن دور وأهمّية وتأثير "المعلومات المضللة" أصبح اليوم أكبر من أي وقت مضى ولا ينحصر فقط على التداعيات السياسية المحتملة أو محاولة تغيير وجهة نظر أو طريقة تفكير الشريحة المستهدفة من الناس في هذا الفريق أو ذلك، وإنما "للمعلومات المضللة" القدرة على أن تتسبب بكوارث حقيقية على أرض الواقع وأن تتسبّب بقتل الناس وأن تكون أداة لتشريع القتل وحماية القاتل وتبرير أفعاله الإجرامية تماما كما تفعل إسرائيل في غزّة.
وبشكل عام، تُعرف "المعلومات المضللة" على أنّها المعلومات الكاذبة التي يتم تعمّد اختلاقها ونشرها بقصد الخداع أو التضليل. وعادة ما يخلط البعض بين "المعلومات المضلّلة" و"المعلومات الخاطئة" في المضمون والإستخدام. لكن وبخلاف "المعلومات الخاطئة" التي يمكن أن تُنتشر عن غير قصد، تتميز المعلومات المضللة بطبيعتها المتعمدة وغالبًا ما تستخدم لتحقيق مكاسب استراتيجية أو سياسية أو مالية، ويكون إستخدامها الأمثل وقت الإستحقاقات السياسية والحروب.
خلال العقدين الماضيين، وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ مفهوم "المعلومات المضلّلة" بالانتشار بشكل أكبر، لكن تمّ ربطه ببعض الفاعلين دون غيرهم على المستوى الدولي والإقليمي، حيث جرى ربط المفهوم بشكل كبير بدول مثل الصين وروسيا وإيران للقول بأنّ الدول غير الديمقراطية هي التي تلجأ الى سلاح "المعلومات المضلّلة".
لكنّ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على الفلسطينيين في غزّة وطبيعة تفاعل الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية مع هذه الحرب على المستوى الإعلامي ـ من بين مستويات أخرى ـ، يتغيّر اليوم من هذا المفهوم ويكسر الإدعاء القائل بحصريّة الاستخدام من دول بعينها دون أخرى. المتابع للتغطية الإعلاميّة الأمريكية منذ 7 أكتوبر على الأقل، يستطيع أن يلاحظ أنّ وسائل الإعلام الامريكية تشن حرباً على الحقيقة وأنّ سلاح "التضليل الإعلامي" يلعب دوراً رئيسياً في هذه الحرب.
تُعرّف وزارة الخارجية الأمريكية المعلومات المضللة بأنها معلومات كاذبة يتم نشرها عمدًا للتأثير على الرأي العام أو إخفاء الحقيقة. إنها شكل من أشكال الدعاية التي غالبا ما تستخدم لزرع الفتنة، وتقويض المؤسسات، وتعزيز الرسائل السلبية. يمكن أن تنتشر المعلومات المضللة من خلال مجموعة متنوعة من القنوات، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية والمنتديات عبر الإنترنت.
ويقول الرئيس الأمريكي جو بايدن "هناك حقيقة وهناك أكاذيب.. وكل واحد منا لديه واجب ومسؤولية.. للدفاع عن الحقيقة وهزيمة الأكاذيب..". يشير مركز التفاعل العالمي على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنّ "التضليل يُعدّ أحد أهم أسلحة الكرملين وأكثرها تأثيرها، وأنّ روسيا قامت بتفعيل مفهوم الخصومة والتنافس في بيئة المعلومات من خلال تشجيع تطوير نظام متكامل للتضليل والدعاية. يخلق هذا النظام التكامل وينشر روايات كاذبة لتعزيز أهداف سياسة الكرملين بشكل استراتيجي. لا يوجد موضوع خارج حدود أكاذيب هذا النظام المتكامل. كل شيء، من حقوق الإنسان والسياسة البيئية إلى الاغتيالات وحملات القصف التي تقتل المدنيين، هي أهداف عادلة في قواعد اللعبة الخبيثة التي تمارسها روسيا".
هناك حرب حقيقية على الحقيقة هدفها ليس صناعة السرديّة ـ المضلّلة ـ والترويج لها، وإنما احتكار عملية التصنيع ومن ثمّ نشر الأضاليل دون نهاية لتبرير المذابح الإجراميّة التي يتم ارتكابها من قبل إسرائيل وللسماح لها بالاستمرار في فعل ذلك بينما يتم التشويش على الرأي العام ومحاولة التأثير فيه وخداعه.ويتابع: "الحقيقة تنزع أسلحة التضليل الروسية. فالكرملين يخلق وينشر معلومات مضللة في محاولة لإرباك الناس وإغراقهم بالأكاذيب بشأن تصرفات روسيا الحقيقية... ولأن الحقيقة ليست في صالح الكرملين، فإن أجهزة الاستخبارات الروسية تنشئ وتكلف وتؤثر على مواقع إلكترونية تتظاهر بأنها منافذ إخبارية لنشر الأكاذيب وزرع الفتنة. إن التضليل هو وسيلة سريعة ورخيصة إلى حد ما لزعزعة استقرار المجتمعات وتمهيد الطريق لعمل عسكري محتمل. وعلى الرغم من تورطها في هذه الأنشطة الخبيثة مرات لا تحصى، إلا أن روسيا تواصل العمل بشكل يتعارض مع الأعراف الدولية والاستقرار العالمي".
كل ما عليك فعله هو استبدال روسيا بالولايات المتّحدة في هذا النص المنشور في على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية، وسيبدو النص مطابقاً تماماً لما تفعله الولايات المتّحدة اليوم إزاء الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزّة. الأكاذيب التي يتمّ الترويج لها لا قاع لبشاعتها ويتم صنعها والترويج لها من رأس الهرم ونزولا حتى القاعدة. لماذا؟ لأنّ النص أجاب على ذلك وقال أنّ الحقيقة لا تخدم البيت الأبيض ولا إسرائيل، ولذلك هناك حرب حقيقية على الحقيقة هدفها ليس صناعة السرديّة ـ المضلّلة ـ والترويج لها، وإنما احتكار عملية التصنيع ومن ثمّ نشر الأضاليل دون نهاية لتبرير المذابح الإجراميّة التي يتم ارتكابها من قبل إسرائيل وللسماح لها بالاستمرار في فعل ذلك بينما يتم التشويش على الرأي العام ومحاولة التأثير فيه وخداعه.
ما لا تأخذه الولايات المتّحدة اليوم بالحسبان هو أنّ اعتمادها بشكل شبه كلي على التضليل الإعلامي كوسيلة من وسائل دعم إسرائيل في الحرب على الفلسطينيين في غزّة سينعكس عليها غدا بالضرورة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وحتى أمنيّاً، وسيكون من الصعب جداً حينها عكس عقارب الساعة إلى الوراء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التضليل الحرب الفلسطينيين فلسطين غزة الغرب حرب تضليل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعلومات المضللة ة الأمریکیة على الحقیقة التی یتم فی غز ة ة التی
إقرأ أيضاً:
الدمار في غزة.. ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد البيئة
خلفت الحرب في غزة خسائر فادحة في البيئة، وتلوثت إمدادات المياه، وتدفقت مياه الصرف الصحي الخام إلى البحر الأبيض المتوسط، ودمرت التربة الخصبة، وجردت الأرض من الأشجار.
أدت الحرب إلى قطع إمدادات المياه وتعطيل مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، مما تسبب في تدفق النفايات الخام عبر الأرض، مما أدى إلى تلويث البحر الأبيض المتوسط واحتياطيات المياه الجوفية الضرورية لري المحاصيل.
كما تضرر أكثر من ثلثي الأراضي الزراعية في غزة، بما في ذلك الآبار والدفيئات الزراعية، أو دُمر بسبب القصف والأعمال العسكرية.
وتظهر الصور التفصيلية التي التقطتها الأقمار الصناعية منذ بدء وقف إطلاق النار في التاسع عشر من يناير، أن 80% من أشجار غزة قد ضاعت. فضلاً عن ذلك، عانت الأراضي الرطبة الحيوية، والكثبان الرملية، والمياه الساحلية، والنهر الوحيد المهم، وادي غزة، من أضرار بالغة.
ويحذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن تجريد الأشجار والشجيرات والمحاصيل من الأشجار ألحق أضراراً بالغة بالتربة في هذه المنطقة التي كانت خصبة ومتنوعة بيولوجياً وذات مياه وفيرة، مما يجعلها تواجه خطر التصحر على المدى الطويل.
قال سعيد باقري، المحاضر في القانون الدولي بجامعة ريدينج في المملكة المتحدة، إن الطبيعة هي “الضحية الصامتة لحرب إسرائيل على غزة”.
في ظل توقف مرافق المياه، تلجأ الأسر الفلسطينية إلى أخذ المياه من آبار ملوثة محتملة أو من صهاريج غير خاضعة للرقابة.
لجنة دولية لتقصي الحقائق وتقييم الأضرار
وفي الأسبوع الماضي، دعا العالم أحمد حلس، رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية، وهو مركز أبحاث فلسطيني رائد، إلى تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق “لتقييم الأضرار ووضع الأساس لاستعادة البيئة والتعافي على المدى الطويل”.
وقال حلس، هذه اللجنة يجب أن “تعطي الأولوية لإعادة تأهيل مصادر المياه، وإصلاح التربة، واستعادة الأراضي الزراعية”.
وكشف تقرير تفصيلي لمنصة Yale Environment 360، الكثير من الأرقام والحقائق والوثائق والمصادر بشأن ما تتعرض لها البيئة في غزة، حيث تمتد أراضي غزة الفلسطينية على طول 24 ميلاً على طول ساحل شرق البحر الأبيض المتوسط، ورغم صغر مساحتها، فإنها تشكل نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي، حيث تلتقي الحياة البرية من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
وتضم أكثر من 250 نوعًا من الطيور و100 نوع من الثدييات، من القطط البرية والذئاب إلى النمس وجرذان الخلد، وفقًا لأبحاث أجريت على مدى العقدين الماضيين من قبل الخبير الأول في حيوانات ونباتات المنطقة، عبد الفتاح عبد ربه من الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، حيث كانت احتياطيات المياه الجوفية الوفيرة سبباً في دعم الحياة البرية والبشرية في غزة.
فيما قال مارك زيتون، المدير العام لمركز جنيف للمياه، الذي يدافع عن السلام من خلال الدبلوماسية بشأن المياه: “لقد وفرت الآبار الرملية الضحلة إمداداً وفيراً من المياه العذبة التي تمنح الحياة”، وكانت هذه المياه، التي تغطيها تربة خصبة، السبب وراء فرار العديد من الفلسطينيين إلى غزة بعد طردهم من ديارهم على يد الميليشيات في أعقاب إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948.
ولكن عدد سكان غزة ارتفع منذ ذلك الحين إلى أكثر من مليوني نسمة، مما يجعلها واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض ــ وهي تنافس سنغافورة، ولكن من دون ناطحات السحاب.
أدى هذا إلى فرض ضغوط هائلة على المياه الجوفية، وكان الاستخراج قبل الحرب أكبر بثلاث مرات من إعادة تغذية المياه من مياه الأمطار والتسرب من وادي غزة، الذي تقلص بسبب السدود المقامة أعلى النهر في إسرائيل.
المياه الجوفيةوتناولت مضة Yale Environment 360 ، وضع المياه الجوفية وما تسبب فيه من تسلل مياه البحر المالحة إلى طبقة المياه الجوفية، والتي وصلت إلى أن أكثر من 97% من المياه الجوفية التي كانت حلوة ذات يوم في غزة أصبحت مع 2023 غير صالحة للشرب، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وعلى نحو متزايد، اقتصر استخدام مياه الآبار على ري المحاصيل.
وتأتي إمدادات المياه العامة إلى حد كبير من محطات تحلية مياه البحر التي تم بناؤها بمساعدة دولية، بالإضافة إلى المياه التي يتم توصيلها من إسرائيل عبر ثلاثة خطوط أنابيب عبر الحدود.
ولكن منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، تقلصت الإمدادات العامة بشكل كبير ففي أكتوبر الماضي، أفادت سلطة المياه الفلسطينية بأن 85% من مرافق المياه أصبحت معطلة جزئيا على الأقل، وانخفض إنتاج ابار إمدادات المياه بأكثر من النصف، وتفتقر محطات تحلية المياه إلى الطاقة، في حين قلصت إسرائيل الإمدادات عبر خطوط الأنابيب.
ووجدت دراسة استقصائية، كشفت عنها منصة Yale Environment 360 ، أن 14% فقط من الأسر لا تزال تعتمد على الإمدادات العامة، وكان معظمهم يأخذون المياه من آبار مفتوحة ملوثة أو من صهاريج خاصة غير خاضعة للتنظيم.
وفي سبتمبر، اتهم بيدرو أروجو أجودو، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي، تقييد الوصول إلى المياه النظيفة “بأنه يستخدم بوضوح كسلاح في غزة ضد السكان المدنيين الفلسطينيين”.
بعد بدء الحرب، أصبحت محطات معالجة مياه الصرف الصحي خارج الخدمة، وأظهرت صور الأقمار الصناعية سحبًا من مياه الصرف الصحي تتدفق إلى البحر.
تسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية
وأصبح مصير المياه الجوفية الوفيرة ذات يوم ــ شريان الحياة لكل من الحياة البشرية والطبيعية ــ معلقاً بخيط رفيع.
ومع توقف معظم الآبار حالياً عن الاستخدام في الزراعة المروية، ربما يكون سحب المياه من طبقة المياه الجوفية قد انخفض، ولكن الحرب أدت إلى زيادة تلوث ما تبقى من المياه.
وتتعدد التهديدات، إذ يحذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن الجهود الإسرائيلية لاستخدام مياه البحر لإغراق ما يقدر بنحو 300 ميل من الأنفاق التي حفرتها حماس تحت غزة قد تؤدي إلى تلويث المياه الجوفية تحتها.
كما تختنق البيئة البحرية بمياه الصرف الصحي، ففي عام 2022، نجح عالم البيئة الإسرائيلي جدعون برومبرج، الذي يرأس منظمة إيكوبيس الشرق الأوسط غير الحكومية العابرة للحدود الوطنية، في إقناع السلطات الأمنية الإسرائيلية بالسماح لغزة باستيراد الأسمنت لبناء ثلاث محطات جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي على طول الساحل.
واكتمل العمل، وفي الصيف التالي، تمكن الفلسطينيون والإسرائيليون، لأول مرة منذ سنوات عديدة، من السباحة بأمان من شواطئهم المتوسطية دون مواجهة مياه الصرف الصحي الخام في غزة.
وعادت الأسماك وتم تسجيل فقمة البحر الأبيض المتوسط لأول مرة على الإطلاق قبالة غزة.
ولكن بحلول بداية عام 2024، بعد بضعة أشهر من بدء الحرب، كانت جميع المحطات معطلة وأظهرت صور الأقمار الصناعية أعمدة من مياه الصرف الصحي تتدفق إلى البحر.
تدمير البيئة المبنية في غزة يشكل أيضاً تهديداً للبيئة الطبيعية. وتقدر وكالات الأمم المتحدة، أن الحرب خلفت أكثر من 40 مليون طن من الأنقاض، التي تحتوي على بقايا بشرية، وأسبستوس ومواد خطرة أخرى، وذخائر غير منفجرة.
يؤكد بعض المحامين الدوليين، أن إسرائيل مذنبة بارتكاب جرائم حرب ضد البيئة الطبيعية في غزة بقدر ما ترتكب جرائم حرب ضد شعبها، وتحظر اتفاقية جنيف الحرب التي قد تسبب “أضراراً واسعة النطاق وطويلة الأمد وشديدة للبيئة الطبيعية”.
ووجدت تحليلات صور الأقمار الصناعية التي أجرتها مجموعة Forensic Architecture، وهي مجموعة متعددة التخصصات من الباحثين في كلية جولدسميث، وهي جزء من جامعة لندن، مكرسة لكشف “عنف الدولة والشركات”، أن أكثر من 2000 مزرعة ودفيئة ومواقع زراعية أخرى قد دمرت، “غالبًا لتحل محلها أعمال ترابية عسكرية إسرائيلية”.
ومن بين الكنوز البيئية الأخرى التي لحقت بها أضرار بالغة منطقة المواصي، وهي شريط ضيق خصيب من الكثبان الرملية بالقرب من الحدود مع مصر.
ففي الماضي كانت قليلة السكان وغنية بالحياة البرية التي تجتذبها المستنقعات الصغيرة التي تتشكل وسط الكثبان الرملية حيث تطفو المياه الجوفية على السطح.
وقد سجل 135 نوعاً من الطيور هناك، بما في ذلك العديد من طيور الشمس الفلسطينية، فضلاً عن 14 نوعاً من الثدييات و20 نوعاً من الزواحف، وتكشف صور يين للمنطقة عن فقدان شبه كامل للأشجار منذ مايو، والتي حلت محلها في بعض الأحيان حفر القصف.
كل هذا يشكل نبأ سيئاً ليس فقط بالنسبة للناس، بل وأيضاً بالنسبة للحياة البرية، فالمساحة المتاحة للطبيعة للازدهار في غزة محدودة للغاية، ومع ذلك، فقد توصلت الأبحاث طويلة الأمد التي أجراها عبد ربه إلى أنه على الرغم من الضغوط السكانية البشرية، فقد انتعشت بعض الأنواع في السنوات الأخيرة.
فبعد إخلاء سلسلة من المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة في عام 2005، “تسللت العشرات من الذئاب العربية وغيرها من الحيوانات آكلة اللحوم بشكل متقطع عبر ثغرات في الحدود إلى الشرق من قطاع غزة”.
حفرت الحيوانات جحورًا تحت الأسوار الأمنية الإسرائيلية للوصول إلى الماشية والدواجن المنزلية، بالإضافة إلى الفرائس الصغيرة التي تعيش في مكبات النفايات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي.
ولكن هناك أيضًا عوامل جذب طبيعية للحياة البرية، فوادي غزة، الذي يقسم المنطقة، يعد محطة توقف مهمة للطيور المائية المهاجرة، بما في ذلك طيور البلشون واللقالق وطيور النحام والطيور الجارحة، فضلاً عن كونه موطنًا لطائر الشمس الفلسطيني، الطائر الوطني للمنطقة.
ولا يزال الوادي يتمتع بجاذبية كبيرة على الرغم من معاناته الشديدة في العقود الأخيرة من تحويلات المياه إلى المنبع ومياه الصرف الصحي التي يتم تصريفها من مخيمات اللاجئين.
وفي عام 2000، جعلت السلطة الفلسطينية من الوادي المحمية الطبيعية الوحيدة في المنطقة، وفي عام 2022، بدأ العمل في مشروع للأمم المتحدة بقيمة 50 مليون دولار للحد من التلوث واستعادة بيئته.
ولكن مع بدء الحرب توقفت هذه الأعمال، وعلى مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية، تحول الوادي مرة أخرى إلى مجاري صرف صحي ومكب نفايات