بيروت- "لم أرسل أولادي إلى المدرسة خوفا على حياتهم منذ اندلاع المعارك في الجنوب اللبناني بين المقاومة والعدو الإسرائيلي، ومع اشتداد الأزمة أغلقت المدرسة أبوابها، وأولادي ما زالوا خارج مقاعدهم، وأنا أخاف أن يخسروا عامهم الدراسي الجديد" هذه هي حال سحر أبو عباس ابنة بلدة الخيام قضاء مرجعيون جنوبي لبنان، حيث أرغمتها الظروف على النزوح نحو البقاع إلى حين انتهاء المعارك.

وضمن خطة حكومية واكبت أوضاع التلاميذ في الجنوب -خاصة أبناء القرى الحدودية- تم إلحاقهم بالمدارس الرسمية في البلدات والمدن البعيدة عن منطقة الاشتباكات كما هو حال المدارس في مدينة صور، والتي استقبلت أعدادا كبيرة من هؤلاء التلاميذ، لكن هناك نسبة لا تزال في قراها ونسبة أخرى نزحت نحو بيروت أو البقاع أو الجبل، وهي الآن دون تعليم كما هو حال أولاد سحر.

قصف إسرائيلي بالفسفور الأبيض في بلدة ميس الجبل الحدودية على مقربة من المدرسة الرسمية (الجزيرة) التلاميذ في بيوتهم

تقول سحر -وهي أم لـ3 أولاد- إن ابنتها الكبيرة تدرس في الثانوية الرسمية، أما الابنة الثانية ففي المتوسطة الرسمية، فيما ابنها الصغير في مدرسة خاصة، وجميع هذه المؤسسات التربوية في بلدتها الخيام متاخمة للحدود الجنوبية.

وتؤكد سحر في حديثها للجزيرة نت أن ابنتيها لم تدرسا نهائيا هذا العام، لأن الأزمة اندلعت قبل أن تفتتح المؤسسات التعليمية الرسمية العام الدراسي الجديد، إذ كان من المفترض أن يبدأ في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لكن اندلاع عملية طوفان الأقصى قبل ذلك بيومين رافقته توترات على الحدود الجنوبية أدت إلى اعتداءات إسرائيلية مستمرة فلم يتسن فتح المدارس، فبقي المئات من التلاميذ دون تعليم.

وتوضح سحر أن ابنها في المدرسة الخاصة يتابع دروسه عبر الإنترنت، لكن ابنتيها في التعليم الرسمي لا تزالان دون تعليم، وتقول "التعليم اليوم متوفر لفئة دون أخرى، وهذا أمر غير منطقي وليس مقبولا على الإطلاق، فمن حق أبنائنا أن يتعلموا كباقي أقرانهم".

النزوح وأزمة التعليم

ومع اشتداد القصف الإسرائيلي على بلدة ميس الجبل الحدودية قضاء مرجعيون اضطر بلال عيسى -وهو أب لـ4 أولاد- إلى البقاء في منزله مع أبنائه بعد أن حُرموا من التعليم بسبب إغلاق المدارس أبوابها نتيجة القصف الذي طال بعضه محيط المدرسة الرسمية.

ويشير بلال في حديثه للجزيرة نت إلى أنه خرج منذ أيام عدة من بلدته إلى بلدة النميرية قضاء النبطية، وألحق أبناءه بإحدى المدارس الرسمية وفق خطة وزارة التربية، لكنه لا يخفي عدم رضاه عن المسار التعليمي، ويقول "انخراط أولادي في المدرسة الرسمية ليس كما يجب، فليس بحوزتهم الكتب اللازمة، وحتى المنهج الدراسي يختلف عما اعتادوا عليه، لكني فضلت ألا يبقوا في المنزل دون تعليم".

ما يقلق بلال هو أن اثنين من أبنائه مقبلان على امتحانات الشهادة الرسمية هذا العام، وبحسب تعبيره فإنهما "لم يدرسا شيئا حتى الآن، وهما في حالة قلق وتوتر مما ستؤول إليه الأحداث".

ويضيف بلال "كل منطقة الشريط الحدودي في حالة تربوية يرثى لها بسبب الحرب، نحن خرجنا من منازلنا، وأصبح أولادنا دون تعليم، نطلب من وزارة التربية والتعليم العالي النظر في وضعهم، خاصة في الامتحانات الرسمية".

ويقول "يجب مراعاة الظروف التي نمر بها عبر التعويض عليهم بالدروس التي لم يتسن لهم تحصيلها، وكذلك وضع امتحانات تراعي الظروف التي مروا بها".

بدورها، تقول ندى عيسى -وهي أم لـ3 أبناء كانوا في مدرسة خاصة في المنطقة الحدودية أيضا- "لا يزال أبنائي دون تعليم حتى اليوم، فلا البقاء في بلدتهم ولا النزوح نحو بيروت سمحا لهم بالدراسة".

وتوضح ندى للجزيرة نت "عندما اشتدت الأزمة نزحنا إلى بيروت، وبدأت بالبحث عن مدارس لأبنائي، لكني لم أوفق بأن ألحقهم بالمدارس الرسمية، لأنهم أساسا من مدراس خاصة، وهناك قدرة استيعابية لهذه المدارس حسب ما قالوا لي، ولا أستطيع أن ألحقهم بمدرسة خاصة في بيروت كون الأقساط المدرسية باهظة".

وتؤكد ندى أن أبناءها يلتزمون المنزل ولا يتلقون أي تعليم كمئات التلاميذ الذين يعانون الأمر نفسه، ولم يستطيعوا الالتحاق بأي مدرسة، مبدية خشيتها من أن يخسروا العام الدراسي الحالي.

متابعة حكومية

قضية هذه الفئة من التلاميذ هي محط متابعة من المعنيين وفق ما يؤكده وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال القاضي عباس الحلبي في حديث خاص للجزيرة نت، إذ يقول إن حوالي 30% من الطلاب لا يزالون خارج المدارس بسبب الوضع الأمني والنزوح، أما النسبة الكبرى فقد التحقت بالمدارس.

ويشير الحلبي إلى أن "الوزارة ستقوم يوم الاثنين القادم بخطوة تجاه الطلاب في الجنوب، حيث ستسعى لئلا يبقى تلميذ خارج مقعده الدراسي، فالجهود اليوم تنصب على تجهيز مجمعات تربوية في المناطق الجنوبية لتضم هذه الفئة من التلاميذ، وسيتم تأمين النقل لهم، لأن الأوضاع الاقتصادية صعبة أيضا".

وبرز في الآونة الأخيرة طرح يقضي بتأمين التعليم عن بعد للقطاع الرسمي، لكن هذا الطرح يصطدم بمعوقات وفق ما يؤكده الحلبي "فهذه الخطوة بحاجة إلى لوازم لوجستية من أجهزة وكهرباء وإنترنت، وهي ليست متوفرة لدى الجميع".

ويضيف "أجرينا اتصالاتنا وأحصينا العدد المستهدف الذي يتخطى 3500 تلميذ، ولدينا أمل أن نتمكن من جمعهم حيث هم في مناطقهم ونؤمّن لهم دراستهم".

وأكد الحلبي حرصه الشديد على سلامة التلاميذ بالدرجة الأولى، وعلى تأمين التعليم لهم بأي طريقة كانت، كي لا يُحرموا من التعليم، وقال "نحن لن نوفر جهدا إلا وسنبذله لتأمين التعليم للجميع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت دون تعلیم

إقرأ أيضاً:

تعليم قنا: جولة مفاجأة لمراجعة نسب الغياب بمدارس نجع حمادي

 

شدد هاني عنتر وكيل وزارة التربية والتعليم بقنا على معاقبة الغياب المتكرر والمستمر بخصم درجات المواظبة والتقييم والاختبارات الشهرية، مع مطابقة  الدرجات مع دفتر 5 سلوك ومحاسبة من يخالف تلك التعليمات من أجل تحقيق التزام وانضباط العملية التعليمية بالمدارس.

جاء ذلك في إطار تفعيل المتابعة الميدانية  وفقا للتوجيهات الوزارية لـ محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم،  حيث فاجئ مدير تعليم قنا وبرفقته محمد نصر الدين مدير إدارة المراجعة الداخلية والحوكمة مدارس حاجر جبل هو الابتدائية والشهيد عمر حسن احمد حسين الإعدادية واللغات الابتدائية بالالومنيوم واللغات الإعدادية التابعين لإدارة نجع حمادي التعليمية.

 شهد الصابر طابور الصباح وفقرة الإذاعة المدرسية وتحية العلم  بمدرسة حاجر جبل هو  الإبتدائية، وتأكد من تواجد معلم الحصة الأولى أمام كل فصل وانتظام تحرك التلاميذ إلى الفصول والالتزام بالزي المدرسي.

وفي سياق مرور الصابر على الفصول لمراجعة المستوى العلمي للطلاب والشكل المهندم واللائق  للطلاب ونسبة الغياب من واقع سجلات المدرسة ودفاتر درجات المعلمين،  نبه  على استكمال التقييمات الشهرية  وتصحيحها من قبل المعلمين بشكل دوري وأداء الواجبات، كما وجه في مروره إلى تكثيف أعمال النظافة وتنفيذ أعمال التشجير بالتنسيق مع الوحدة المحلية ومجالس الأمناء والأباء والمعلمين.

وأكد مدير تعليم قنا أن تسجيل الدرجات الفعلية للتقييمات بدقة ودون محاباة أو مجاملة يحقق التزام الطلاب بالمدارس ويزيد من فاعلية المدرسة في الاضطلاع بدورها الأساسي كمنارة علمية وتربوية معينة لولي الأمر في تنشئة الأجيال القادمة لتحقيق رؤية المجتمع فيهم.

مقالات مشابهة

  • تعليم قنا: جولة مفاجأة لمراجعة نسب الغياب بمدارس نجع حمادي
  • المعدة والجهاز العصبي.. طبيبة أطفال: هذه الأطعمة والمشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
  • وكيل تعليم دمياط يتفقد مدارس رأس البر.. صور
  • مدارس الأزواج في النيجر.. تواجه أخطاء الزواج المبكر
  • أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
  • القصف مستمرّ على مناطق مختلفة.. هذا جديد الغارات (تغطية مستمرة)
  • مجموعة «عبد القادر سنكري وأبناؤه» تشارك في مشروع دعم استمرارية التعليم بلبنان
  • مدارس مصر الخير تحصد ميداليات المراكز الأولى
  • مجموعة “الدكتور عبد القادر سنكري وأبناؤه” تشارك بمشروع دعم برامج استمرارية التعليم في لبنان
  • مدارس وهمية.. عمليات نصب "تعليم السواقة" تهدد سكان الإسكندرية