تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية.. الأغنية السويدية التي اكتسحت ميادين العالم
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
من هناك، في شبه الجزيرة الإسكندنافية بشمال أوروبا، ومن مدينة غوتِنبِرغ السويدية الباردة، انطلقت الأغنية التي أشعلت قلوب الناس في شتى أنحاء أوروبا والولايات المتحدة بحماس لعلهم لم يعرفوه منذ عقود. إذ ردَّد المتظاهرون في مسيرات حاشدة عبر العديد من المدن الغربية أغنية "تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية" المعروفة بالسويدية باسم "Leve Palestina"، رفضا للاعتداءات الصهيونية الوحشية على قطاع غزة، التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 12 ألف شهيد وخلَّفت أكثر من 30 ألف جريح.
سرعان ما اجتاحت الأغنية بكلماتها الحماسية الرنانة مواقع التواصل الاجتماعي، فقد حصد أحد مقاطع تلك الأغنية على منصة "تيك توك" نحو مليونَيْ مشاهدة في أسبوع واحد فقط فضلا عن تكرارها في مئات المقاطع؛ ما جعل وسائل الإعلام الغربية وبعض المنصات الإعلامية تصف الأغنية بأنها "أيقونة الاحتجاجات الغربية الداعمة لفلسطين، ونشيد دولي جديد ضد الصهيونية" (1).
View this post on InstagramA post shared by Middle East Monitor (@middleeastmonitor)
في أحد مقاطع الأغنية التي تبدأ بصيحة "تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية"، وتروي قصة كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، تروي الأغنية كيف بدأ الفلسطينيون بإلقاء الحجارة أولا ثم أطلقوا الصواريخ على أعدائهم، فكل العالم يعرف كفاحهم لتحيا فلسطين حرة، على حد وصف الأغنية. ولذلك، عندما غنَّى متظاهرون من شباب الحزب الاشتراكي السويدي الأغنية في يوم العمال العالمي عام 2019، اتهمت الأغنية بأنها "معادية للسامية" لأنها تضمنت عبارة "تسقط الصهيونية"، حتى إن البرلمان السويدي عقد جلسة خاصة لمناقشة محتوى الأغنية. وحينها خرج مؤلف الأغنية "جورج توتاري" نافيا أن تكون أغنيته معادية للسامية، ومؤكدا أنها تدعو إلى حث العالم على "التخلص من نظام السيطرة على الآخرين بقوة السلاح"، مشيرا إلى أن رسالة الأغنية هي أن "للفلسطيني الحق في وطنه حتى لو عاش اليهود هناك، وليس تحت حكم دولة استعمارية كما هو الحال الآن".
ورغم منع الأغنية في السويد وأوروبا، ظلت تتردَّد تعبيرا عن تضامن السويديين مع القضية الفلسطينية، بل وتعبيرا أيضا عن رفض الاستعمار ونظام الفصل العنصري والإبادة وكل قضايا التحرر الوطني، ما جعلها تعود لساحة الموسيقى العالمية بعد نحو أربعة عقود من تأليفها. فمَن هو جورج توتاري الذي نشر القضية الفلسطينية في السويد؟ وما قصة تلك الأغنية؟
فلسطين بلدي
بعد مغادرته فلسطين إلى السويد أثناء حرب عام 1967، بدأ المؤلف والمغني جورج توتاري، الذي وُلد في الناصرة بفلسطين المحتلة، تأسيس شكل فني جديد يهدف إلى نقل حقيقة القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في أرضهم لجمهور "لم يكن يعرف شيئا عن الفلسطينيين، وفي وقت لم تكن السفارات العربية تفعل شيئا من أجل القضية الفلسطينية" حسب قوله. ولذلك، قرَّر توتاري برفقة زملائه اليساريين السويديين بالجامعة، الذين كانوا مهتمين بالقضية الفلسطينية، تشكيل فرقة موسيقية عام 1972 سمَّاها "كوفية" (KOFIA). وبين تأسيس الفرقة وحتى اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، أصدرت "كوفية" أربعة ألبومات، وثلاث أسطوانات، وشريطا واحدا، كلها بالتمويل الذاتي دون الاعتماد على شركة إنتاج كما روى توتاري في فيلم وثائقي.
في الألبوم الثاني لكوفية بعنوان "أرض وطني" الذي صدر عام 1978، خرجت لأول مرة أغنية "تحيا فلسطين"، التي أثارت جدلا واسعا في السويد حينها، قبل أن تكتسح بعد نحو 45 عاما منصات التواصل الاجتماعي وتصير أيقونة رفض الصهيونية في العالم. غير أن "تحيا فلسطين" لم تكن الأغنية الوحيدة التي غنَّتها "كوفية" بهذا الدعم الصريح للقضية الفلسطينية، فهناك أغنية غنَّتها الفرقة في ألبومها الأول "فلسطين هي أرضي" الصادر عام 1976، أظهرت رسالتها المقاوِمة الجريئة، إذ افتتحت "كوفية" مشوارها الفني بأغنية "نار على الصهاينة والإمبرياليين والرجعيين"، واستخدمت مزيجا موسيقيا وإيقاعيا حادا بين آلة العود وآلة "البوزوكي" اليونانية. وقد جاءت كلمات الأغنية باللغتين السويدية والعربية في تحدٍّ شجاع لكلٍّ من نظام الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه من الحكومات الأوروبية، بعد أن فرشت الحكومة السويدية السجادة الحمراء لرئيسة وزراء دولة الاحتلال "غولدا مائير".
على الإيقاع الموسيقي نفسه، جاءت الأغنية الثانية "المدفعية والدبابات" (Pansar Och Canoner)، وهي تحكي قصة امرأة انضم زوجها المُزارع إلى جماعات "الفدائيين" وقرر أن يحرر الأراضي المحتلة في "ثورة شعبية" في كل فلسطين يمكنك أن تسمع طبولها في خلفية الأغنية.
لا تتميز أغاني فرقة "كوفية" فقط بإيقاعها القوي الذي يدمج بين الموسيقى الشرقية العربية المستمدة من الفلكلور الفلسطيني وبين الآلات الموسيقية الغربية، بل تتميز كذلك بأسلوب الحكي الحماسي، فكل أغنية تحكي قصة وتقدم صورة ثقافية متكاملة وسياقا تاريخيا يضرب بجذوره في الأرض، ففي باقي أغاني الألبوم يسجل الإيقاع صوت امرأة فلسطينية لاجئة تعيش ظروف المجاعة في مخيمات اللاجئين بالأردن بعد نكبة 1948، ورغم المجاعة، تذكر "أم علي" على إيقاع الطبول والمزامير كيف شجعت أبناءها على مواجهة الإمبرياليين والصهاينة.
وفي أغانٍ أخرى، أحيت "كوفية" ذكرى مذبحة تل الزعتر التي وقعت في لبنان عام 1976 ضد مخيم اللاجئين الفلسطينيين ببيروت على يد حزب الكتائب الماروني المتحالف مع إسرائيل، وكذلك مذبحة كفر قاسم عام 1956. أما أغنية "المدفعية والدبابات" (Dom Dödar Våra Kamrater) السابق الإشارة إليها، فتحكي عن مقتل الرفاق وتفجير البيوت، ورغم ذلك يُقسِم المغني في أنشودته بأنه سيُجبر الأعداء على الاعتراف بشعب فلسطين، ثم يعزي نفسه قائلا: "أحب أرض وطني فلسطين.. وأتوق إلى الحجارة والجبال والوديان".
كان المشهد الأوروبي في غوتِنبِرغ مختلفا عن روح الموسيقى الشرقية التي أتى بها جورج توتاري وحاول دمجها مع الإيقاع الموسيقي الغربي، غير أن ثيمة "اليأس والخسارة" التي صبغت الفن الفلسطيني كله بعد النكبة أعادت تشكيل الفلكلور الفلسطيني وتحويله من أغاني الحب والغزل إلى أغانٍ وطنية ترثي الأرض والأحباب المفقودين. وقد ساعد هذا الحزن العميق في مزج الآلات والأصوات والنشاط النضالي، ما جعل لفرقة "كوفية" جمهورا يساريا واسعا في السويد، خاصة في المراكز الثقافية اليسارية التي أحيت فيها كوفية حفلاتها، حيث يتذكر عازف الفلوت "بِنغْت كارلسون" قائلا: "عندما أتينا إلى هذه الحفلات، كانوا يوفرون للناس آلات إيقاع ويقولون العبوا معنا، يمكن للناس المشاركة في الحفل، وهو أمر لطيف جدا" (2).
أضحى إشراك الجمهور في الغناء سمة مميزة لفرقة "كوفية" التي لغمت أغانيها بصيحات حماسية لا يمكن إزالتها من آذان الحاضرين بسهولة، مثلما يمكننا أن نسمع في أغنية "ابنة فلسطين" (Palestinas Dotter)، حيث تصرخ المغنية: "لا، لا، لا، لن نركع". وينتهي الألبوم بأغنية "وطني" (Baladi)، وهي أغنية تركز على حق العودة إلى فلسطين التاريخية: دير ياسين والجليل ويافا وحيفا وعكا، وهي خاتمة تستحضر الشعر الغنائي للفلكلور الثقافي لفلسطين.
أرض وطني
في الألبوم الثاني الصادر عام 1978، ركزت "كوفية" على الغناء عن المرأة الفلسطينية واللاجئات الصامدات والفدائيات المكافحات وخصوبة الأرض وبلدات فلسطين المحتلة، لكن الأغنية الأولى من الألبوم الذي صدر بعنوان "أرض وطني" جاءت عن مدينة الجليل ذات التربة الخصبة والخضرة والزيتون، وهي "Sång om Galiléen"، حيث حرصت فرقة كوفية على وضع القضية الفلسطينية في قلب النضال التحرري العالمي، مع شرح تفاصيل القضية الفلسطينية لشعب لم يكن يعرف شيئا عن فلسطين، ويشرح توتاري قائلا: "عشت في السويد وقررت أن واجبي مساعدة السويديين على فهم قضيتنا. كانت أغانينا تحكي قصص الأحداث التاريخية من أصوات الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن وبناتهن وكل شيء".
وفي أغنية "الناصرة" (Nasaret)، تضع "كوفية" كلمات فلسطيني من عام 1948 على موسيقى بالعود، مع استجابات جانبية من الناي لغناء جورج الذي يحكي عن قصة الشعب الفلسطيني أثناء النكبة، وقصته الشخصية عن المدينة التي تركها عام 1967، ثم ينتقل توتاري فجأة للحن حماسي كأنه انتبه بعد إغفاءة حزن، مغنيا: "وراح نجيك يا فلسطين بعرسك يوم التحرير". وينتهي الألبوم برسالة قوية تلخص قصة كفاح الشعب الفلسطيني كله، كأنهم يشرحون هدفهم بعد أن رووا قصتهم، فأتت أغنية "Leve Palestina" لتكون صيحة حماسية تعبر عن الكفاح الفلسطيني، وعنصرا أساسيا في كل الاحتجاجات اليسارية المؤيدة لفلسطين في السويد في نهاية القرن العشرين، قبل أن تعود للساحة مرة أخرى مع العدوان الصهيوني الحالي على غزة.
موال لعائلتي وأحبائيبينما كانت بيروت تحترق بقذائف ميليشيات "الكتائب" وحلفائهم ويتعرض الفلسطينيون في مخيمات اللجوء فيها للمجازر البشعة تحت رعاية الجيش الصهيوني في صبرا وشاتيلا، أصدرت "كوفية" ألبومها الثالث عام 1988 بعنوان "موال لعائلتي وأحبائي"، وكما هو واضح من العنوان يحكي الألبوم بالكامل عن حياة الفلسطيني وسط عائلته وأحبائه، وفرحته بأول المطر، ورقصته على الدبكة الفلسطينية الشهيرة، وعمل النساء في تطريز الأثواب الفلسطينية المعروفة.
في أغنية "صفق بيديك وارقص معي" (Klappa dina händer) يبني توتاري تلك الصور من حياة الفلسطيني، وإقباله على الحياة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وخلال الأغنية يرتفع تدريجيا صوت الكمان كأنه يُشكِّل القلب النابض لحياة الفلسطيني. تتشابه القصص التي تحكيها أغاني "كوفية" مع القصص التي كتبها الروائي والزعيم "غسان كنفاني"، ففي أغنية "لا تقصفوا" (Bomba inte mer)، يُصوِّر توتاري صبية يلعبون معا في سلام، ويبنون حياة ومنازل جديدة للأجيال القادمة، لكنهم يُقتلون تحت قصف وحشي اغتال أحلامهم.
ويعترف توتاري بذلك التشابه بين أغانيه وقصص كنفاني، حيث قال: "تعرفت على أعمال كنفاني عن كثب في مجلة الهدف. وبالطبع تأثرت بشدة بما قرأته وتفاعلت معه". ثم تظهر ظلال مذابح لبنان في ألبوم "كوفية" من خلال أغنية "سودة لبنان" التي تحكي عبر أصوات الفلسطينيين على جبهات القتال ما شاهدوه من مجازر وحشية: "جاءت القنابل من كل الاتجاهات، من الغرب من الشرق، يريدون حرق كل ما هو موجود، سنقاتل بكل شجاعتنا، سننتصر على الفاشية والصهيونية، سنقف ضد الشيطان وكل أعوانه".
صدر ألبوم كوفية الرابع والأخير عام 1988 أثناء الانتفاضة الأولى، وعلى عكس الألبومات السابقة سُجلت أغاني هذا الألبوم بكلمات عربية فقط، وكأنه جاء بطاقة بريدية لهؤلاء الذين ظلوا في فلسطين رغم كل المعاناة والقهر والإبادة التي يتعرضون لها يوميا. كما احتوى الألبوم على أغانٍ بمقاطع مخصصة لغزة والقدس والجليل، وأغانٍ حرضت على الكفاح والثورة الشعبية. ومن خلال الموسيقى والأغاني نجح جورج توتاري في نقل الروح القتالية للقضية الفلسطينية إلى قلب أوروبا، دون أن يتورط في جر قضيته إلى خطاب "نبذ العنف". وقد نجح توتاري في وضع قضيته في قلب قضايا التحرر الوطني، فقد ربط القضية الفلسطينية بالكفاح العالمي ضد الإمبريالية في فيتنام وإيران، والأهم أنه قدم تعريفا حقيقيا بالقضية الفلسطينية في مهجره بالسويد.
كتب توتري أكثر من 50 أغنية سويدية وعربية عن موطنه الناصرة ورام الله ودير ياسين، وبكلمات نابعة من جرح فلسطيني عميق، ورغم توقف توتاري عن إنتاج ألبومات جديدة منذ 35 عاما، فإن إنتاجه الفني وإنتاج فرقته "كوفية" لا يزال يصدح في ميادين العالم لتعبر أغانيه عن روح قضية فلسطين.
—————————————————————————–
المصادر Old Swedish Song ‘Leve Palestina’ Echoes Global Solidarity on TikTok. Leve Palestina”: Story of a Palestinian-Swedish Band Kofia. Kofia: A Revolution Through Music (full film)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة تحیا فلسطین فی السوید فی أغنیة Leve Palestina
إقرأ أيضاً:
الشرطة السويدية تحقق في أحتمالية ضلوع سفينة صينية في تخريب كابل بحري
نوفمبر 20, 2024آخر تحديث: نوفمبر 20, 2024
المستقلة/- قالت الشرطة السويدية التي تحقق في التخريب المزعوم لكابلين بحريين للألياف الضوئية في بحر البلطيق إن سفينة صينية قبالة سواحل الدنمارك “موضع اهتمام” حيث قال مسؤولون دنماركيون إن بحريتهم تراقب سفينة شحن مسجلة في الصين.
مرت السفينة التي حددتها الدنمارك – يي بينغ 3 – بالكابلين في نفس الوقت يومي الأحد والإثنين حيث يُعتقد أن كل منهما قد انقطع في هجوم مشتبه به. وقد راقبتها سفينة تابعة للبحرية الدنماركية منذ أن تم تحديد موقعها في المياه بين السويد والدنمارك.
وقالت قيادة الدفاع الدنماركية: “يمكن للدفاع الدنماركي أن يؤكد أننا موجودون في المنطقة بالقرب من السفينة الصينية يي بينغ 3. ليس لدى الدفاع الدنماركي حاليًا أي تعليقات أخرى”.
أكد المسؤولون السويديون أنهم مهتمون بالسفينة لكنهم لم يقدموا مزيدًا من التفاصيل.
كانت أطقم البحث السويدية المتخصصة تحت الماء في موقع الكابل الفنلندي الألماني يوم الأربعاء – أحد كابلي الألياف الضوئية تحت البحر اللذين تضررا – لجمع الأدلة للمحققين السويديين. كما تضرر كابل بين السويد وليتوانيا.
قالت الشرطة السويدية إن سفينة صينية قبالة سواحل الدنمارك كانت من بين السفن التي كانت تبحث عنها. وقال بير إنجستروم من إدارة العمليات الوطنية السويدية: “إنها جزء من مجال الاهتمام، ولكن قد يكون هناك المزيد”.
وقال إن خفر السواحل السويدي يساعد في “زيادة المراقبة حول المناطق ذات الصلة”.
وأضاف: “نحن مستعدون لاتخاذ تدابير تحقيقية للحصول على صورة أوضح لما قد يكون حدث”.
وقال لين جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: “لقد أوفت الصين بشكل ثابت وكامل بالتزاماتها كدولة علم وتتطلب من السفن الصينية الالتزام الصارم بالقوانين واللوائح ذات الصلة”.
وقالت البحرية السويدية في وقت سابق إنها حصلت على “تحديد بنسبة 100٪ تقريبًا” للسفن التي كانت في منطقة كسر الكابلين.
وبحسب بيانات تتبع فيسيلفيندر، فإن آخر مرة زارت فيها سفينة الشحن، المملوكة لشركة نينغبو ييبينغ للشحن، وهي شركة مسجلة في نينغبو، وكانت في 15 نوفمبر في أوست-لوجا في غرب روسيا، بالقرب من الحدود مع إستونيا.
توقفت طوال الليل من الثلاثاء إلى الأربعاء في مضيق كاتيغات بين الدنمارك والسويد.
وقال الطيار البحري الروسي ألكسندر ستيتشينتسيف، الذي صعد على متن السفينة لتوجيهها للخروج من الميناء، لصحيفة الغارديان إنه لم يكن هناك أي شيء غير عادي بشأن السفينة. وقال موظف هيئة ميناء أوست-لوجا إنه أخذ السفينة إلى عوامة استقبال تقع على بعد 11 ميلاً من الشاطئ قبل النزول. ووصف السفينة بأنها “ناقلة بضائع عادية بطول 225 مترًا” مع طاقم من المواطنين الصينيين.
وقال: “لم يكن هناك أي شيء غير عادي على الإطلاق بشأن السفينة”.
وتؤكد قاعدة بيانات بحرية روسية أنه غادر السفينة بعد ظهر يوم 15 نوفمبر.
ونفت روسيا أي تورط في حوادث الكابلات. وقال الكرملين يوم الأربعاء إن مثل هذه الاتهامات “سخيفة” وإن اتهام روسيا دون أدلة أمر سخيف.
وتجري السويد وفنلندا تحقيقات مشتركة في الحوادث باعتبارها تخريب محتمل، وتتولى السويد قيادة التحقيق.
وقال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون يوم الأربعاء: “نفترض أن هذا قد يكون تخريب لكننا لا نعرف شيئا حتى الآن. يجب التحقيق بعناية في الكابلات المدمرة، سواء من قبل الشرطة أو على المستوى الدولي.”
“لقد شهدنا أعمال تخريب في الماضي، لذلك نأخذها على محمل الجد”.
كان المحققون في السويد يحللون أي دور محتمل للسفينة الصينية لكن الحكومة السويدية لم تعلق على هذا.
في العام الماضي، تبين أن مرساة سفينة صينية أخرى، سفينة الحاويات نيو نيو بولار بير – قد ألحقت أضراراً بخط أنابيب الغاز بين فنلندا وإستونيا. ولم تذكر السلطات ما إذا كانت تعتقد أن الحادث كان متعمداً أم عرضياً.
خلال الليل، استخدمت البحرية السويدية غواصات بدون طيار يتم التحكم فيها عن بعد للتحقيق في الموقع الجنوبي للكابلين، لكنها حذرت من أن الأمر سيستغرق “عدة أيام” بسبب تحديات الطقس السيئ المتوقع واحتمال ضعف الرؤية.
وقال جيمي آدمسون، المتحدث باسم البحرية السويدية، إنه طُلب من البحرية دعم المدعي العام والشرطة السويديين في تحقيقاتهم وتم إرسال السفن على الفور. طُلب منهم جمع الأدلة في مواقع الانقطاعين – أحدهما بعمق 100-150 متر (كابل السويد – ليتوانيا) والآخر بعمق 20-40 متر (كابل فنلندا – ألمانيا). طُلب منهم أيضًا تجميع صورة للسفن التي كانت هناك، وفي أي وقت.
وقد قام طاقم البحرية، الذي تم تدريبه على البحث تحت الماء، بمهام مماثلة مرتين من قبل أثناء التحقيق في التخريب المشتبه به لخطوط أنابيب نورد ستريم في عام 2022.
وقال آدمسون: “أمس [الثلاثاء]، غادرت سفينتان تابعتان للبحرية الموانئ السويدية وذهبتا إلى أقصى نقطة جنوبية من الاثنتين. لقد عملوا طوال الليل حتى الصباح. كان هناك القليل من الطقس العاصف”.
في أي وقت، هناك حوالي 4000 سفينة كبيرة في بحر البلطيق تمر عبر شبكة من الكابلات تحت الماء تنقل البيانات والكهرباء والغاز عبر أوروبا.
وقالت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن إنها “لم تفاجأ” بإمكانية التخريب. وقالت: “إذا كان التقييم الفوري هو أنه تخريب ويأتي من الخارج، فمن الواضح أنه خطير. لست مندهشًا من إمكانية حدوثه”.
وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بالفعل إنه يفترض أن الفعل كان تخريبًا. وقال “لا أحد يعتقد أن الكابلات تعرضت للتلف عن طريق الخطأ”.
سارع وزير الدفاع المدني السويدي كارل أوسكار بوهلين إلى ربط حركة السفن بالكابلات المقطوعة. وقال “هناك تحركات للسفن تتوافق مع هذه الجريمة في المراقبة البحرية”.
وقال جهاز الاستخبارات الأمنية الفنلندي (سوبو) إنه “من السابق لأوانه تقييم سبب تلف الكابل” لكنه يدعم السلطات الأخرى بخبراته. وقال إن حوالي 200 كابل بحري يتعرض للكسر كل عام على مستوى العالم، والسبب الأكثر شيوعًا هو الأنشطة البشرية مثل الصيد أو الرسو.