حتى لو أنّ بعض الاستحقاقات الداخلية تفرض نفسها على "الأجندة" في الداخل اللبناني، كاستحقاق قيادة الجيش الذي تصدّر الاهتمام هذا الأسبوع، على وقع التسريبات حول التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي تنتهي ولايته مطلع العام المقبل، يبدو الأكيد أنّ "لا حديث" يعلو على حديث الحرب في لبنان، بل في المنطقة بأسرها، مع مرور أكثر من 40 يومًا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتجلياتها في جنوب لبنان.


 
فبين المجازر الإسرائيلية المروّعة العابرة لمناطق القطاع المحاصَر، والقصص الإنسانية المخيفة التي تنبثق عنها، أو تتكشّف فصولها بنتيجتها، والتوغل الإسرائيلي البري في غزة، مرورًا بالحرب على المستشفيات في غزة، بل اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لها، وتهديد الطواقم الصحية كما المرضى والنازحين على مرأى ومسمع العالم، تتمحور الاهتمامات هذه الأيام، ولو بدأ الكثيرون "يعتادون" على المأساة، وكأنها أمر روتينيّ.
 
ولعلّ من أراد أخذ "استراحة" من هذه القصص المأسوية والمروّعة، يجد نفسه في صلب النقاش حول احتمالات التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى، والحديث عن "هدنة إنسانية" قد لا تستمرّ سوى لأيام تقلّ عن أصابع اليد الواحدة وفق بعض التقديرات، ليبقى السؤال المركزيّ والمحوري وسط كلّ ذلك، عن "آفاق" هذه الحرب التي قد تكون "الأطوَل" في سياق الصراع، والتي يخشى كثيرون من "يومها التالي"، في ضوء السيناريوهات التي يروّجها البعض في الغرب.
 
اللبنانيون منقسمون
 
وسط كلّ هذا المشهد "السوداوي" الذي يهزّ العالم بأسره، يجد اللبنانيون أنفسهم مرّة أخرى "أسرى" انقساماتهم التي لا تنتهي، حتى في مقاربة حربٍ يفترض أن يكون تموضعهم فيها واضحًا وبديهيًا، وهي التي تُخاض ضدّ عدوٍ قد يكون لبنان خبيرًا أكثر بكثير من غيره بـ"خبثه ومكره"، وقد واجه احتلاله غير القانوني للأرض في الجنوب لسنواتٍ طوال، وقاومه حتى فرض عليه الانسحاب قبل أكثر من 23 عامًا.
 
هكذا، ينطلق الانقسام اللبناني الذي يجد خير تعبير عنه في منصّات التواصل الاجتماعي، من القراءة "الموضوعيّة" لمعطيات الحرب، فحتى لو كان هناك "إجماع" على الوقوف ضدّ إسرائيل وجرائمها وانتهاكاتها ومجازرها، ثمّة من يعترض على عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، والتي يعتبر البعض أنّها تسبّبت بالحرب الوحشيّة، وثمّة أيضًا من "يوازي" بين الجلاد والضحية، في تبنٍ لمعايير غربية لا تبدو عادلة بالمُطلَق.
 
ويصل الانقسام إلى "الذروة" بطبيعة الحال عند الحديث عن الانعكاسات اللبنانية للحرب على غزة، وقد يكون ذلك بديهيًا، في ظلّ اتهامات يوجّهها خصوم "حزب الله" له بمصادرة ما يصفونه بـ"قرار الحرب والسلم"، وسط مخاوف قد تكون "مشروعة" من انزلاق لبنان بكامله إلى المواجهة، فيما يردّ مناصروه بأنّ الحزب يقوم بواجبه في "مساندة" غزة، مذكّرين بأنّ الجنوب جزء لا يتجزأ من السيادة، وما يحصل فيه ليس أقلّ من "حرب".
 
انقسام يشمل "التفاصيل"!
 
لعلّ "المفارقة" الفاقعة والأكثر بروزًا عند الحديث عن الانقسام اللبناني، تتمثّل في بعض المواقف التي صدرت عن خصوم "حزب الله" تحديدًا، بعد خطابي أمينه العام السيد حسن نصر الله اللذين اتسما بـ"الهدوء"، فخرج بعدهما أصحاب منطق "لا للحرب"، للتصويب على الرجل لأنّه "لم يعلن الحرب"، ولاتهامه بـ"تهميش" القضية الفلسطينية، التي يفترض أن تكون أساس نضاله، فإذا به يكتفي ببعض الخطوات لـ"رفع العتب".
 
وإذا كان الانقسام حول "حزب الله" بديهيًا وطبيعيًا، ويندرج في إطار "المزايدات الداخلية"، ربطًا بمختلف الاستحقاقات التي يقف فيها حلفاء الحزب وخصومه على طرف نقيض، فإنّ الخلافات اللبنانية لا تقف عند هذا الحدّ، بل إنّها وصلت إلى حدّ الانقسام حول "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، بعد رفع صوره في بعض المناطق، ما أثار اعتراض البعض، ممّن ذهب لحدّ القول إنّه "لا يشبهنا"، في تعبير بدا "نافرًا" لكثيرين.
 
وعلى الطريقة نفسها، رُصِد على منصّات التواصل في الأيام الأخيرة خلاف آخر حول "المقاطعة"، التي رفع البعض لواءها بوصفها "سلاحًا فعّالاً" في مواجهة البروباغندا الغربية الداعمة لإسرائيل، ليبرز هنا أيضًا انقسام بين جزء مؤيد لمقاطعة منتجات بعض الشركات العالمية، وجزء آخر معارض يتّهم المقاطعين بالإضرار بعائلاتٍ لبنانيّة تعتاش من هذه الشركات، بل يصل لحدّ "الاستخفاف" بالبدائل المحلية المُتاحة.
 
هو الانقسام اللبناني العمودي إذًا، حتى في زمن الحرب وذروتها، والتي يفترض أن توحّد، لا أن تفرّق. من "أبو عبيدة" إلى "سلاح المقاطعة"، مرورًا بمبدأ الهجوم، ومغزى "طوفان الأقصى"، ثمّة من اللبنانيين من يهوى "الخلاف" على ما يبدو، أو ربما يعكس هذا الانقسام، الخلاف اللبناني المستمرّ، على خلفيّة استحقاقاتٍ "مفصليّة" لم تُحسَم بعد، وقد تتطلّب بعض "الشدّ والجذب" هنا أو هناك! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي يعلن عن 60 مليون يورو مساعدات للجيش اللبناني

سرايا - أعلن الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، عن مساعدة بقيمة 60 مليون يورو (62 مليون دولار) للجيش في لبنان، حيث تسعى الدولة إلى ضمان الامتثال لهدنة هشّة مع إسرائيل.

ويأتي هذا الدعم "في لحظة حرجة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل"، بحسب ما صرّحت كايا كالاس مفوّضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

وشدّدت المسؤولة على أن الجيش اللبناني يضطلع بـ"دور أساسي في الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والوطني ويستحقّ منّا كل الدعم في أداء مهمّته المحورية".

ويسري منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وقف لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وينصّ على انسحاب إسرائيل من مناطق دخلتها في جنوب لبنان، بحلول 26 كانون الثاني/يناير 2025.

ويتعيّن على حزب الله بموجب الاتفاق أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني، على بعد قرابة 30 كيلومترا من الحدود، وأن يفكك أي بنية تحتية عسكرية في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من النهر.

والسبت، قال الرئيس اللبناني المنتخب حديثا جوزاف عون إن "لبنان متمسك بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من أراضيه المحتلة في الجنوب ضمن المهلة التي حددها الاتفاق الذي تم التوصل إليه".

وقبل أيّام من حلول مهلة 26 كانون الثاني/يناير، لم تنجز بعد كلّ الترتيبات اللازمة للانسحاب.

والجمعة الماضي، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان بغية دعم القيادة الجديدة في البلد.

وأعلن عن انعقاد مؤتمر دولي مقبل في باريس للمساعدة في إعمار البلد بعد الحرب مع إسرائيل.

وتأتي المساعدة التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي لتضاف إلى تلك التي تعهّدت الولايات المتحدة بتقديمها الأسبوع الماضي والتي تتخطّى قيمتها 117 مليون دولار في مجال الأمن.





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 554  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 21-01-2025 06:33 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
حفيدة ترامب تخطف الأنظار في حفل تنصيبه مشهد هز المصريين .. حبسوا فتاة وقيدوها بسلاسل لـ6 سنوات! بعد مخاوف من تفشي "فيروس قاتل" .. بلد إفريقي يثير الجدل محاكمة جديدة تنطلق في لندن .. معركة بين الأمير هاري وصحف شعبية من المكتب مع هاشم الخالدي .. ليلة القبض على مستثمر... السجن 10 سنوات لمواطن اربعيني سرق خلوي من عامل... بينهم مدراء ورؤساء أقسام .. الأمانة تحيل 620... يثير قلق الضيوف .. ما قصة "الزر الأحمر"... أمانة عمان تطبق قرار الضمان الاجتماعي سموتريتش: سنستأنف الحرب على غزة فور استبدال القيادة...وزير الخارجية الامريكي: نأمل أن يصمد وقف إطلاق..."خدعتنا" .. ما سر العداء بين ترامب...عملية جنين .. حماس تدعو للتصعيد والأمن الفلسطيني...أبرز أخطاء تنصيب ترامب .. قبلة فاشلة ونسيان...وزير الخارجية الأمريكي: آمل أن يصمد وقف إطلاق النار...عون: لبنان متمسك بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة...ترامب عن نجله بارون: "لدي ابن طويل جدا"بعد اخفاق 7 اكتوبر .. هاليفي يعلن استقالته أحمد حلمي يستعد لتقديم مسرحيته الجديدة بني آدم عيد ميلاد رحمة رياض مختلف هذا العام لهذا السبب! بعد 22 عاماً .. محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم... نظرات متبادلة بين ياسمين صبري وباريش أردوتش تحدث بلبلة العبداللات يطلق "أدمنت صوتك" النائب المحارمة: "جاهز لقيادة الفيصلي بالتوافق ودون انتخابات .. وأول قرار لي دمج نادي شباب الأردن بالنسر الأزرق" شاكيرا دفعت مليون دولار لعاملتها المنزلية مكافأة لمساعدتها في كشف خيانة زوجها جماهير برشلونة تتوعد مدربًا .. وتهدده بالقتل منتخب النشامى يلاقي فريق زينيت الروسي .. اليوم يوفنتوس يسعى للاقتراب من ثمن النهائي .. وأتلتيكو يأمل الفوز على ليفركوزن أناقة بلا علامات تجارية .. سر و"سعر" إطلالة ميلانيا في حفل تنصيب ترامب 10 قتلى و32 جريحًا بحريق اندلع في فندق بتركيا العثور على 24 جثة في مقبرة جماعية في المكسيك بسبب قطتها .. صينية تخسر وظيفتها ومكافأتها السنوية ثروة 10 مليارديرات تزيد 100 مليون دولار يوميا هل يصنع المال السعادة؟ جريمة بشعة جديدة تهز تونس .. زوج يذبح زوجته وابنه بعد ما يقارب العام .. أي من زوجتي الرئيس السينغالي فازت بلقب السيدة الأولى؟ مئات الإيطاليين يتسابقون على "شراء أعمى" لطرود لم يتسلّمها أصحابها بسبب قطتها .. صينية تخسر وظيفتها ومكافأتها السنوية

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • ما تأثير اتفاق وقف إطلاق النار بغزة على المشهد اللبناني؟
  • السَكْرَة فى غزة.. والفكرة
  • الاتحاد الأوروبي يدعم الجيش اللبناني بـ 60 مليون يورو
  • موجة استنكار بعد تمرير البرلمان العراقي 3 قوانين مثيرة للجدل
  • البرلمان العراقي يصدق على 3 قوانين مثيرة للجدل بينها الأحول الشخصية وزواج القاصرات
  • الاتحاد الأوروبي يعلن عن 60 مليون يورو مساعدات للجيش اللبناني
  • العراق مستمرا في دعم حزب الله اللبناني بإيصال المساعدات المختلفة
  • عاجل - ترامب يقيد منح الجنسية الأمريكية بالولادة في خطوة مثيرة للجدل
  • عطوان :ماذا يعني تجاهل “أبو عبيدة” جميع القادة العرب باستثناء اليمن؟
  • الرئيس اللبناني يدعو إلى الإسراع بتشكيل الحكومة