من أبو عبيدة إلى المقاطعة.. انقسامات لبنانية مثيرة للجدل!
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
حتى لو أنّ بعض الاستحقاقات الداخلية تفرض نفسها على "الأجندة" في الداخل اللبناني، كاستحقاق قيادة الجيش الذي تصدّر الاهتمام هذا الأسبوع، على وقع التسريبات حول التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي تنتهي ولايته مطلع العام المقبل، يبدو الأكيد أنّ "لا حديث" يعلو على حديث الحرب في لبنان، بل في المنطقة بأسرها، مع مرور أكثر من 40 يومًا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتجلياتها في جنوب لبنان.
فبين المجازر الإسرائيلية المروّعة العابرة لمناطق القطاع المحاصَر، والقصص الإنسانية المخيفة التي تنبثق عنها، أو تتكشّف فصولها بنتيجتها، والتوغل الإسرائيلي البري في غزة، مرورًا بالحرب على المستشفيات في غزة، بل اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لها، وتهديد الطواقم الصحية كما المرضى والنازحين على مرأى ومسمع العالم، تتمحور الاهتمامات هذه الأيام، ولو بدأ الكثيرون "يعتادون" على المأساة، وكأنها أمر روتينيّ.
ولعلّ من أراد أخذ "استراحة" من هذه القصص المأسوية والمروّعة، يجد نفسه في صلب النقاش حول احتمالات التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى، والحديث عن "هدنة إنسانية" قد لا تستمرّ سوى لأيام تقلّ عن أصابع اليد الواحدة وفق بعض التقديرات، ليبقى السؤال المركزيّ والمحوري وسط كلّ ذلك، عن "آفاق" هذه الحرب التي قد تكون "الأطوَل" في سياق الصراع، والتي يخشى كثيرون من "يومها التالي"، في ضوء السيناريوهات التي يروّجها البعض في الغرب.
اللبنانيون منقسمون
وسط كلّ هذا المشهد "السوداوي" الذي يهزّ العالم بأسره، يجد اللبنانيون أنفسهم مرّة أخرى "أسرى" انقساماتهم التي لا تنتهي، حتى في مقاربة حربٍ يفترض أن يكون تموضعهم فيها واضحًا وبديهيًا، وهي التي تُخاض ضدّ عدوٍ قد يكون لبنان خبيرًا أكثر بكثير من غيره بـ"خبثه ومكره"، وقد واجه احتلاله غير القانوني للأرض في الجنوب لسنواتٍ طوال، وقاومه حتى فرض عليه الانسحاب قبل أكثر من 23 عامًا.
هكذا، ينطلق الانقسام اللبناني الذي يجد خير تعبير عنه في منصّات التواصل الاجتماعي، من القراءة "الموضوعيّة" لمعطيات الحرب، فحتى لو كان هناك "إجماع" على الوقوف ضدّ إسرائيل وجرائمها وانتهاكاتها ومجازرها، ثمّة من يعترض على عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، والتي يعتبر البعض أنّها تسبّبت بالحرب الوحشيّة، وثمّة أيضًا من "يوازي" بين الجلاد والضحية، في تبنٍ لمعايير غربية لا تبدو عادلة بالمُطلَق.
ويصل الانقسام إلى "الذروة" بطبيعة الحال عند الحديث عن الانعكاسات اللبنانية للحرب على غزة، وقد يكون ذلك بديهيًا، في ظلّ اتهامات يوجّهها خصوم "حزب الله" له بمصادرة ما يصفونه بـ"قرار الحرب والسلم"، وسط مخاوف قد تكون "مشروعة" من انزلاق لبنان بكامله إلى المواجهة، فيما يردّ مناصروه بأنّ الحزب يقوم بواجبه في "مساندة" غزة، مذكّرين بأنّ الجنوب جزء لا يتجزأ من السيادة، وما يحصل فيه ليس أقلّ من "حرب".
انقسام يشمل "التفاصيل"!
لعلّ "المفارقة" الفاقعة والأكثر بروزًا عند الحديث عن الانقسام اللبناني، تتمثّل في بعض المواقف التي صدرت عن خصوم "حزب الله" تحديدًا، بعد خطابي أمينه العام السيد حسن نصر الله اللذين اتسما بـ"الهدوء"، فخرج بعدهما أصحاب منطق "لا للحرب"، للتصويب على الرجل لأنّه "لم يعلن الحرب"، ولاتهامه بـ"تهميش" القضية الفلسطينية، التي يفترض أن تكون أساس نضاله، فإذا به يكتفي ببعض الخطوات لـ"رفع العتب".
وإذا كان الانقسام حول "حزب الله" بديهيًا وطبيعيًا، ويندرج في إطار "المزايدات الداخلية"، ربطًا بمختلف الاستحقاقات التي يقف فيها حلفاء الحزب وخصومه على طرف نقيض، فإنّ الخلافات اللبنانية لا تقف عند هذا الحدّ، بل إنّها وصلت إلى حدّ الانقسام حول "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، بعد رفع صوره في بعض المناطق، ما أثار اعتراض البعض، ممّن ذهب لحدّ القول إنّه "لا يشبهنا"، في تعبير بدا "نافرًا" لكثيرين.
وعلى الطريقة نفسها، رُصِد على منصّات التواصل في الأيام الأخيرة خلاف آخر حول "المقاطعة"، التي رفع البعض لواءها بوصفها "سلاحًا فعّالاً" في مواجهة البروباغندا الغربية الداعمة لإسرائيل، ليبرز هنا أيضًا انقسام بين جزء مؤيد لمقاطعة منتجات بعض الشركات العالمية، وجزء آخر معارض يتّهم المقاطعين بالإضرار بعائلاتٍ لبنانيّة تعتاش من هذه الشركات، بل يصل لحدّ "الاستخفاف" بالبدائل المحلية المُتاحة.
هو الانقسام اللبناني العمودي إذًا، حتى في زمن الحرب وذروتها، والتي يفترض أن توحّد، لا أن تفرّق. من "أبو عبيدة" إلى "سلاح المقاطعة"، مرورًا بمبدأ الهجوم، ومغزى "طوفان الأقصى"، ثمّة من اللبنانيين من يهوى "الخلاف" على ما يبدو، أو ربما يعكس هذا الانقسام، الخلاف اللبناني المستمرّ، على خلفيّة استحقاقاتٍ "مفصليّة" لم تُحسَم بعد، وقد تتطلّب بعض "الشدّ والجذب" هنا أو هناك! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الرئيس الفرنسي يستقبل نظيره اللبناني في باريس.. 28 مارس
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، أنه سيستقبل نظيره اللبناني جوزيف عون في باريس، يوم 28 مارس، في خطوة تعكس استمرار الاهتمام الفرنسي بالشأن اللبناني، ودعم الاستقرار والإصلاحات في البلاد.
وجاء الإعلان، عبر منشور لماكرون على منصة "إكس"، حيث تطرق إلى تفاصيل محادثة هاتفية أجراها مع رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، هنّأه خلالها على الجهود التي يبذلها مع حكومته لتعزيز وحدة لبنان وأمنه واستقراره، مؤكدًا أن فرنسا ملتزمة بدعم البلاد في هذه المرحلة الحساسة.
وقال ماكرون: "ناقشنا آفاق إعادة الإعمار والإصلاحات التي يتطلبها لبنان. هذا العمل ضروري ليس فقط للبنان، بل للمنطقة بأسرها".
وأضاف: "التزام فرنسا تجاه لبنان لا يزال كاملاً، من أجل تعافيه ومن أجل سيادته"، في إشارة إلى استمرار باريس في لعب دور محوري في دعم بيروت، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.
وكان الرئيس الفرنسي قد زار بيروت في 17 يناير، بعد 9 أيام فقط من تولي قائد الجيش السابق جوزيف عون منصب رئاسة الجمهورية، في خطوة أكدت رغبة فرنسا في كسر الجمود السياسي الذي عاشه لبنان لأكثر من عامين بسبب الفراغ الرئاسي.
وبعد أيام قليلة من هذه الزيارة، تم تكليف نواف سلام برئاسة الحكومة، ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي النسبي.
كما سبق لماكرون أن أعلن خلال زيارته الأخيرة للبنان، عزمه عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار البلاد، في ظل الأضرار التي لحقت به نتيجة الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والتي توقفت في 27 نوفمبر بعد دخول اتفاق لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
ويهدف هذا المؤتمر إلى حشد الدعم الدولي للبنان، خاصة في ما يتعلق بإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد المنهار.
وتسعى باريس إلى لعب دور رئيسي في مساعدة لبنان على الخروج من أزماته السياسية والاقتصادية، عبر الدفع نحو إصلاحات هيكلية، بالتوازي مع دعم الجهود الدولية لإعادة الإعمار، وهو ما يجعل لقاء ماكرون مع جوزيف عون في باريس، محطة مهمة في سياق العلاقات الفرنسية اللبنانية.