مفتي الجمهورية: 
- الجيش المصري يحرص على التدريب والاستعداد الجيد رغم شهادة النبي له بالخيرية
- الأخذ بالأسباب والتوكل على الله وحسن التخطيط والاستعداد والتضحية يؤدي إلى النصر
- الابتلاء ليس شرًّا يمكن أن ينقلب البلاء إلى نعمة وتنقلب المحنة إلى منحة
- الأخذ بالأسباب  جزء من العبادة ولا يتعارض مع القضاء والقدر
- من كان معزولًا عن الواقع فهمه للشرع سيكون منقوصًا 
 

 

قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الأخذ بالأسباب والتوكل على الله وحسن التخطيط والاستعداد والتضحية هو ما يؤدي إلى الفوز والنصر، وأن تحقيق النصر لا يكون أبدًا للكسالى، ولكن لمن تدربوا وخططوا وأخذوا بالأسباب، وعلينا جميعًا الأخذ بالأسباب كما فعلت السيدة مريم عليها السلام عندما أمرها الله عز وجل بهز جذع النخلة؛ فالعمل أو الأخذ بالأسباب هو جزء من العبادة ولا يتعارض مع القضاء والقدر.


جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن الإسلام حرص على ترتيب شئون الناس بما يحقِّق لهم المصلحةَ في العاجل والآجل، ويبتعد بهم عن كل ما يؤدي إلى الضرر والمفسدة؛ فأرشدهم إلى تحصيل أسباب القوة، وأمرهم بإتقان العمل، ونهاهم عن التسرع وعدم التَّروي في الأقوال والأعمال على غير علم وتَمَكُّنٍ وتَحَقُّقٍ، ودعاهم إلى ردِّ الأمور إلى أهل الخبرة ومراعاة التخصص؛ فهم أحق بها وأهلها؛ ولا شكَّ أنه في أزمنة الفتن وحالات الحروب وأوقات الأزمات تشتد الحاجةُ إلى أمرين؛ الأول: استبيان الأمر والتحقُّق منه قبل الخوض فيه والتكلم عنه. والثاني: رد الأمر لأهله الذين هم أعلم به.


وأشار فضيلة المفتي إلى أن الجيش المصري يأخذ بالأسباب؛ فهو يحرص دومًا على التدريب والاستعداد الجيد برغم شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا الجيش في خير وعافية إلى قيام الساعة؛ فخيرية الجيش المصري لم تأتِ من فراغ وإنما نتيجة إرادة صادقة لرجال أوفياء أصحاب أخلاق إنسانية لا يعرفون الغدر أو العدوان، أو الممارسات الوحشية والجرائم غير الإنسانية والأعمال البربرية، امتثالًا لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن حرق الشجر وقطع النخل وهدم المنازل، وذلك في عدة أحاديث ومواقف مشهورة، منها ما جاء في وصيته صلى الله عليه وسلم لأحد الجيوش: «لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدًا، أو امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا معتصمًا بصومعة، ولا تقربوا نخلًا، ولا تقطعوا شجرًا، ولا تهدموا بناءً».


وأشار فضيلة مفتي الجمهورية إلى أن المسلم إذا أحسن الظن بالله، وبذل الجهد في تحصيل الأسباب، وأتْبع ذلك بحسن التوكل على الله والاستعانة به مع الصبر على البلاء؛ هيأ الله عز وجل له من الأسباب التي لا تخطر له على بال ما يكون معينًا له على تحقيق النصر والفوز، على الرغم من ضعفه وقلة مؤنه في الحياة.


وشدد فضيلته على أن الابتلاء ليس وبالًا وشرًّا في جميع أحواله، بل يمكن أن يكون العكس هو الصحيح، وينقلب البلاء إلى نعمة، وتنقلب المحنة إلى منحة، مشيرًا للحديث الذي جاء عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابته سَرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» أخرجه مسلم.


واختتم فضيلته بالرد على من يحاول فهم النصوص الشرعية فهمًا مغلوطًا للتنبؤ ببعض الأمور قائلًا: إن تنزيل الأحكام الشرعية وتطبيقها على واقع الناس أمر دقيق، لا بد معه من إدراك الواقع، والإحاطة به، من خلال منظومة كاملة من العلوم المختلفة شرعية وغيرها، وكذلك تحرِّي الواقع الاجتماعي والفكري، ومعرفة عالم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار، وعلاقات تلك العوالم بعضها بالبعض، فمن كان معزولًا عن الواقع، أو لا يتابعه بشكل متكامل، أو يتابعه بصورة سطحية؛ فإن فهمه للشرع الشريف سيكون في المقابل منقوصًا ومشوَّهًا.


وتابع: إن الألم يعتصر الإنسان ويصيب القلب بالحزن، بل إن القلب ينزف ألمًا وحزنًا على مآسي حرب غزة، حيث تنقل الأنباء الصادقة والموثوقة واقعًا مريرًا يسكن الروح بثقله وقسوته.


وأضاف فضيلته أن بيانات المؤسسات الدينية المصرية الإسلامية والمسيحية تجاه أحداث غزة كالأزهر الشريف والأوقاف والكنيسة المصرية، فضلًا عن دار الإفتاء، كانت وما زالت مواكبة لهذا الوضع الشديد الخطورة، ومعبرة عن الواقع المرير، ومتسقة مع البيانات الرسمية لباقي مؤسسات الدولة المصرية التي عبرت جميعها عن صوت وضمير كل المصريين المتألمين للواقع المرير.


واستعرض فضيلة مفتي الجمهورية دور مؤتمر الإفتاء الأخير الذي عُقد الشهر الماضي بحضور ممثلين من أكثر من 100 دولة في الاهتمام بالقضية الفلسطينية التي كانت حاضرة بقوة في أعمال وفعاليات وتوصيات المؤتمر الذي مثَّل صرخة مبكرة لدعم القضية الفلسطينية ولإنقاذ أهل غزة، مثمنًا موقف الرئيس السيسي ووقوفه بكل صرامة أمام مخطط تصفية القضية الفلسطينية بتهجير شعبها خارج أراضيه.


وأشار فضيلة المفتي إلى تواصله الدائم مع مفتي القدس الشيخ محمد حسين بشأن القضية الفلسطينية -الذي اعتذر عن حضور مؤتمر الإفتاء الأخير لأسباب خارجة عن إرادته- مُثنيًا على دماثة خلقه ووعيه وإحاطته بكل جوانب وتفاصيل الصراع العربي الإسرائيلي.
كما ثمَّن فضيلة مفتي الجمهورية مشاركة الدكتور محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني في المؤتمر، حيث ألقى كلمة قوية ومعبرة أشاد فيها بقوة بموقف مصر المشرِّف وموقف الرئيس السيسي تجاه القضية الفلسطينية وفي إفشال المخطط الإسرائيلي في تهجير قطاع غزة، والذي أكَّد كذلك أن تهجير الفلسطينيين أمر مرفوض جملة وتفصيلًا ويدخل في عِداد جرائم الحرب.


وعن أهمية غوث وإعانة المنكوبين والمتضررين في غزة أكد فضيلته أن المشاركة الإنسانية الفاعلة في التطوع لأعمال الإغاثة الإنسانية عبر المؤسسات والجمعيات التي تعمل تحت مظلة الدولة والقانون، ووفق الأطر والإجراءات التي نظمتها الدولة هو أمر حثت عليه كل الأديان؛ وقد حث الشرع الشريف على العمل التطوعي في شتى مناحي الحياة، ورغَّب فيه.


وشدَّد فضيلة مفتي الجمهورية على أن التكافل الاجتماعي الذي يُعد من المعالم الحضارية في الإسلام يوفر الحماية والرعاية والأمن والأمان النفسي للفرد في هذا المجتمع. والتكافل في الإسلام مظلة طمأنينة تشمل المجتمع كله؛ ذلك أن الإنسان كائن مدني بطبعه، لا يستطيع أن يحيا فردًا ولا تستقيم له حياة إلا في جماعة متعاونة متكافلة تحافظ على كرامة هذا الإنسان أيًّا كان دينه أو انتماؤه.


وأشار فضيلة المفتي إلى أن الشرع الشريف لم يكتفِ بفرض الزكاة، وإنما وسَّع وجوه الإنفاق ونوَّع أبواب التكافل والتعاون على الخير والبر، فحث على التبرعات ورغَّب في الهدايا والصلات والصدقات، حتى يتمَّ الاكتفاء المجتمعي وتوفير صور الدعم والعون في الأزمات؛ تحقيقًا للتوجيه النبوي بأن يكون المؤمنون جميعًا كالجسدِ الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الأعضاء بالسهر والحُمَّى.


كما أثنى فضيلته على موقف وزير الأوقاف أ.د. مختار جمعة تجاه أحداث غزة، وكذلك موقف شيخ الأزهر أ.د. أحمد الطيب الذي تحمَّل الإساءات بصبر وحكمة متمسكًا بموقفه الداعم لغزة، ومعبرًا عن مبادئ العدالة والسلام الإنسانية.


وأكد فضيلة المفتي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قائد مصري شجاع وحكيم عفيف اللسان، يواجه العديد من التحديات والمؤامرات التي تستهدف أمن واستقرار مصر والمنطقة العربية؛ حيث إنه يعمل بجد وإخلاص لتحقيق التنمية والرخاء للشعب المصري، ويحافظ على السيادة والكرامة الوطنية. فضلًا عن كونه يتمتع بثقة واحترام الشعب المصري والقادة العرب والدوليين، ويعتبر رمزًا للسلام والتعاون والحوار، بل يتحلى بالتحمل والصبر والحكمة، ويتعامل مع الأحداث الجسام بمنتهى الرقي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتى الجمهورية الجيش المصري الأخذ بالأسباب فضیلة مفتی الجمهوریة القضیة الفلسطینیة الأخذ بالأسباب صلى الله علیه فضیلة المفتی الجیش المصری

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها

استضاف مركز عبد الله بن ماجد في سفارة سلطنة عمان بالقاهرة احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، بحضور الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، والدكتور عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، والدكتور عبد الحميد مرعي، رئيس مجمع اللغة العربية. وقد شهدت الاحتفالية حضور العديد من الشخصيات الثقافية والدبلوماسية، حيث تم التأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية باعتبارها جزءًا أساسيًّا من الهُويَّة الثقافية والدينية للعالم العربي.

مفتي الجمهورية: الرقابة ليست مجرد إجراءات إدارية بل هي التزام ديني المفتي يحذر من ظاهرة "السنجل مزر": تهدد استقرار الأسر

في بداية الاحتفال، رحَّب السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عمان في القاهرة، بفضيلة المفتي وبالحضور، مشيدًا بِدَور اللغة العربية في ربط الشعوب العربية بحضارتها ودينها. كما أشار إلى أن اللغة العربية، التي تمثل هوية مشتركة للأمة العربية، تعتبر وسيلة للحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي للأمة.

ثم ألقى فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، كلمة أكد خلالها على أهمية اللغة العربية في فهم الدين، مشيرًا إلى أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل فحسب، بل هي أداة لفهم القرآن الكريم ومقاصده. وقال فضيلته:
"إن الله سبحانه وتعالى اختار اللغة العربية ليتنزل بها القرآن الكريم، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن يغيرها. فاللغة العربية هي أداة لفهم وتفسير القرآن الكريم، ولا يمكن لأي شخص أن يفهم الإسلام بشكل كامل دون أن يتقن اللغة العربية. من هنا، فإن تعلم اللغة العربية ليس فقط ضرورة دينية، بل هو شرف لا يدانيه شرف."

وأضاف فضيلته: "فهم القرآن الكريم ومعرفة مضامينه والوقوف على أسراره، من أهم مقاصد تعلم اللغة العربية. إنها ليست فقط وسيلة لفهم النصوص الدينية، بل هي أيضًا أداة لحسن العبادة ولعرض الدين بشكل صحيح. اللغة العربية كانت ولا تزال هي التي استعان بها العلماء لفهم ما يشار إليه في القرآن والسنة."

وتابع: "وفي وقتنا الحالي، تتزايد الأصوات التي تنادي بطمس اللغة العربية والقضاء عليها، وهو أمر يتطلب منا التصدي له بكل قوة. إن العناية باللغة العربية هي عناية بالحضارة الإسلامية نفسها. فهذه اللغة تشجع على الحضارة والتمدن، وهي وسيلة لفهم الدين والحفاظ على الهوية الثقافية."

وأردف فضيلته: "في الوقت الذي نجد فيه تحولًا عالميًّا كبيرًا في النظرة إلى اللغة العربية، إذ تُعتبر لغة فكر مرنة ومتجددة بما يواكب العصر، نلاحظ أن اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها، والتشبع بغيرها من اللغات، وهو ما يجعل من الضروري أن نواصل العناية بها وحمايتها من التهميش."

وأشار فضيلته إلى أن اللغة العربية كانت ولا تزال هي اللغة التي استعان بها العلماء في فهم القرآن وتفسيره، لافتًا النظر إلى أن العلماء الأوائل كان لهم دَور عظيم في الحفاظ على اللغة العربية ورفع مكانتها في العالم الإسلامي. وأوضح أن الدين الإسلامي قد انتشر في مختلف أنحاء العالم بفضل اللغة العربية، وأن هذه اللغة لا تقتصر على المسلمين فقط، بل هي لغة ثقافية وعلمية لكل من يهتم بالعلوم والفنون.

كما أضاف فضيلته: "اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي جزء من هويتنا وحضارتنا. فخلال التاريخ، كانت اللغة العربية هي أداة الفهم والانتقال للمعرفة في جميع المجالات، من العلوم والفلسفة إلى الفنون والأدب."

وفي إطار التأكيد على دَور القرآن الكريم في الحفاظ على اللغة العربية، قال فضيلة المفتي: "إن القرآن الكريم كان له دور كبير في الحفاظ على اللغة العربية، فقد ساعد في تعزيز مكانة اللغة عبر العصور. فلم يكن القرآن مجرد نص ديني فقط، بل كان مرجعية لغوية أساسية حافظت على اللغة العربية من الاندثار، وساهمت في إبرازها في مختلف مجالات الفكر والعلم، مما جعلها أداة قوية للتواصل في جميع الأزمنة."

من جانبه، أكد الدكتور عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، أهميةَ الحفاظ على اللغة العربية في مواجهة اللغات الأخرى التي تحاول أن تحل محلها في مجالات الإعلام والتعليم. وقال: "إن اللغة العربية هي جزء أساسي من هويتنا، وهي الرابط القوي بيننا وبين ديننا وثقافتنا. من الضروري أن نواصل العمل على إحياء اللغة وتعزيز حضورها في جميع المجالات." وأضاف أن الدول التي تحترم لغتها، مثل فرنسا، تفرض استخدامها في كافة المجالات مما يعكس التزامها العميق بهويتها الثقافية.

وفي مداخلة له، تحدث الدكتور عبد الحميد مرعي، رئيس مجمع اللغة العربية، عن إنجازات المجمع في الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها. وأشار إلى أن المجمع أصدر معجمًا شاملًا للغة العربية يضم المعارف الإسلامية والعلوم التي تم تعريبها على مر العصور. وأضاف أن المجمع قام بمراجعة العديد من المصطلحات العلمية وتحديثها لتواكب التطورات الحديثة، مؤكدًا على ضرورة إحياء اللغة العربية في جميع المجالات، بما في ذلك الوثائق والمحافل الرسمية والإعلانات والمكاتبات.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بليبيا
  • العدوان على الزرق – جرس الانذار المبكر.!!
  • حكم الصلاة عند الحاجة لقضاء البول أو الريح.. دار الإفتاء توضح
  • مفتي الجمهورية: اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها
  • مفتي الجمهورية: الحكم على الدين من خلال تصرفات المنتسبين إليه ظلم بيِّن
  • مفتي الجمهورية يوجه رسالة لـ الرئيس السيسي: سِر على بركة الله
  • مفتي الجمهورية: الوسائل الحديثة من أهم نعم الله على الناس
  • مفتي الجمهورية: حب الوطن جزء من الدين والانتماء إليه واجب
  • مفتي الجمهورية: هناك دول وجماعات تستثمر مليارات الدولارات في نشر الشائعات
  • مفتي الجمهورية: الفتوى في الإسلام ليست من حق أي شخص ولها أدوات معينة.. فيديو