بوتين يدعم غزة ويرى في الحرب مصلحة له.. وتهديدات إسرائيلية بدفع الثمن
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
انتظر الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين، ثلاثة أيام قبل أن يصدر عنه أي تعليق على هجوم حركة "حماس" على إسرائيل، الذي وصف بالمذبحة، ووقعَ يوم عيد ميلاد الرئيس الروسي الحادي والسبعين.
وعندما صدر عنه تعليق، ألقى بالمسؤولية فيما حدث على الولايات المتحدة، وليس على "حماس".
وقال بوتين، وقتها، لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني: "أعتقد أن كثيرين سيتفقون معي على أن هذا مثالٌ واضح على السياسة الفاشلة التي تنتهجها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والتي حاولت احتكار عملية التسوية".
ومرت 6 أيام أخرى، قبل أن يتحدث بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليقدم تعازيه في مقتل حوالي 1200 إسرائيلي.
وبعد ذلك بـ10 أيام، قالت روسيا إن وفداً من "حماس" موجود في موسكو لإجراء محادثات.
ويقول خبراء في السياسة في روسيا والغرب إن بوتين يحاول استغلال حرب إسرائيل ضد "حماس" كفرصة لتصعيد ما وصفها بأنها معركة وجودية مع الغرب، من أجل فرض نظام عالمي جديد ينهي الهيمنة الأمريكية لصالح نظام متعدد الأطراف، يعتقد أنه يتشكل بالفعل.
اقرأ أيضاً
صحيفة عبرية تتهم روسيا بالوقوف ضد الغرب في حرب غزة
وكتب سيرجي ماركوف، المستشار السابق في الكرملين، في مدونته، موضحاً موقف بوتين، وحاجته ليميز نفسه على الساحة: "تدرك روسيا أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان إسرائيل بشكل كامل، لكنهما يجسدان الشر الآن، ولا يمكن أن يكونا على حق بأي شكل من الأشكال".
وأضاف: "لذلك، لن تكون روسيا في نفس المعسكر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. الحليف الرئيسي لإسرائيل هو الولايات المتحدة، العدو الرئيسي لروسيا في الوقت الحالي. وحليفة حماس هي إيران، حليفة روسيا".
وتتمتع روسيا بعلاقات تزداد قرباً مع إيران، التي تدعم "حماس"، وتتهمها الولايات المتحدة بتزويد روسيا بطائرات مسيرة لاستخدامها في حربها بأوكرانيا، التي تخوض حرب استنزاف طاحنة مع روسيا.
وعبّرت هانا نوت، خبيرة السياسة الخارجية الروسية، المقيمة في برلين، لمركز كارنيغي روسيا وأوراسيا، عن اعتقادها بأن موسكو تخلّت عن موقفها السابق الأكثر توازناً بشأن الشرق الأوسط، وتبنّت "موقفاً صريحاً مؤيداً للفلسطينيين".
وقالت: "تدرك روسيا جيداً أن بقيامها بكل هذا فهي تنحاز إلى جهات ودوائر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وحتى خارجه في جنوب العالم، في وجهات نظرهم المتعلقة بالمسألة الفلسطينية، وحيث تستمر القضية الفلسطينية حاضرة بقوة".
وهذه الجهات والدوائر هي تحديداً التي يسعى بوتين إلى كسبها في سعيه نحو تشكيل نظام عالمي جديد من شأنه أن يضعف نفوذ الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
معادلة روسيا وإسرائيل.. غزة توتِّر علاقتهما وإيران تمنع انهيارها
وأضافت نوت: "أهم طريقة ستستفيد منها روسيا في أزمة غزة هي تسجيل نقاط في محكمة الرأي العام العالمي".
وقارن ساسة روس بين ما يقولون إنه "التفويض المطلق" الذي منحته واشنطن لتل أبيب لقصف قطاع غزة، وبين رد واشنطن العقابي على الحرب التي تخوضها موسكو في كييف، وتقول إنها لا تستهدف المدنيين عمداً رغم مقتل آلاف المدنيين.
وقال السيناتور أليكسي بوشكوف، إن الغرب وقعَ في فخّ من صنعه، حين كشفَ عن المعايير المزدوجة التي يتعامل بها مع الدول المختلفة، بناء على تفضيلات سياسية مبنية على مصالح ذاتية.
وكتب بوشكوف على تطبيق "تليجرام": "دعم الولايات المتحدة والغرب المطلق لتصرفات إسرائيل وجّه ضربة قوية للسياسة الخارجية الغربية في نظر العالم العربي وجنوب العالم بأكمله".
وذكر ماركوف، مستشار الكرملين، أن روسيا تعتبر أزمة غزة فرصة لتعزّز نفوذها في الشرق الأوسط، من خلال تصوير نفسها كصانع سلام محتمل له علاقات مع جميع الأطراف.
وعرضت موسكو استضافة اجتماع إقليمي لوزراء الخارجية، وقال بوتين إن روسيا في وضع جيد يمكنها من المساعدة.
اقرأ أيضاً
روسيا تحذر من تداعيات تدمير غزة: سيخلق كارثة لعقود
وأضاف بوتين لقناة تلفزيونية عربية، في أكتوبر/تشرين الأول: "لدينا علاقات مستقرة جداً وعملية مع إسرائيل، ولدينا علاقات ودية مع فلسطين منذ عقود، وأصدقاؤنا يعرفون ذلك.. ويمكن لروسيا، من وجهة نظري، أن تقدم أيضاً مساهمتها الخاصة في عملية التسوية".
وقال ماركوف إن هناك فوائد اقتصادية محتملة أيضاً، بالإضافة إلى ميزة سحب الغرب الموارد المالية والعسكرية من أوكرانيا.
وأوضح قائلاً: "روسيا ستستفيد من زيادة أسعار النفط التي ستنجم عن هذه الحرب.. (و) ستستفيد روسيا من أي صراع ستخصص له الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي موارد، لأن ذلك يقلل من الموارد المخصصة للنظام المناهض لروسيا في أوكرانيا".
وعبّرَ أليكس جابويف، مدير مركز كارنيغي روسيا وأوراسيا، عن اعتقاده بأن موسكو عدّلت سياستها في الشرق الأوسط بسبب الحرب في أوكرانيا.
وقال: "تفسيري لذلك هو أن الحرب أصبحت المبدأ المنظم للسياسة الخارجية الروسية، و(بسبب) العلاقات مع إيران، التي تأتي بمسألة العتاد العسكري إلى المعادلة. فعلى سبيل المثال، يحظى الجهد الحربي الروسي المحوري بأهمية أكبر من العلاقات مع إسرائيل".
وأثار استقبال موسكو لوفد من "حماس"، بعد أقل من أسبوعين من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، غضب إسرائيل، ما دفعها إلى استدعاء السفير الروسي أناتولي فيكتوروف، لأنه بعث "برسالة تضفي الشرعية على الإرهاب".
اقرأ أيضاً
فشل قراراين أمريكي وروسي بمجلس الأمن حول غزة.. وهنية يشكر موسكو
وكان الاستياء متبادلاً، فاستدعت وزارة الخارجية الروسية السفير الإسرائيلي ألكسندر بن تسفي، مرتين على الأقل لإجراء محادثات.
وتراشق مبعوثا البلدين لدى الأمم المتحدة في حرب كلامية، بعد أن شكّك ممثل موسكو في نطاق تعريف حق تل أبيب في الدفاع عن نفسها.
وقال ميخائيل بوجدانوف أحد نواب وزير الخارجية الروسي، إن إسرائيل توقفت عن تحذير بلاده بشكل منتظم من ضربات جوية تنفذها داخل سوريا حليفة روسيا.
وعندما عبّر وزير إسرائيلي، وهو موقوف عن العمل منذ ذلك الحين، عن قبوله لفكرة توجيه إسرائيل لضربة نووية لقطاع غزة، قالت روسيا إن التصريحات تثير "عدداً كبيراً من الأسئلة"، وتساءلت عمّا إذا كانت تشكل اعترافاً رسمياً من إسرائيل بأنها تمتلك أسلحة نووية.
وقال أمير ويتمان عضو حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، إن إسرائيل ستعاقب روسيا في يوم من الأيام على موقفها.
وذكر ويتمان، في مقابلة مع قناة "آر تي" الروسية (رسمية)، في أكتوبر/تشرين الأول: "سننهي هذه الحرب (مع حماس).. وبعد ذلك، ستدفع روسيا الثمن".
وأضاف: "روسيا تدعم أعداء إسرائيل. وبعد ذلك لن ننسى ما تفعلونه.. سنأتي، وسنتأكد أن أوكرانيا ستنتصر".
اقرأ أيضاً
روسيا وأوكرانيا.. مواقف متباينة حيال العدوان الإسرائيلي على غزة
المصدر | رويترزالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: بوتين الحرب في غزة غزة إسرائيل أمريكا الحرب في أوكرانيا روسيا الولایات المتحدة الخارجیة الروسی الشرق الأوسط اقرأ أیضا روسیا فی
إقرأ أيضاً:
حماس تبدي مرونة في المفاوضات وتنتظر نتائج الوسطاء مع إسرائيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت حركة "حماس"، في بيانها الصادر يوم الاثنين، أنها تعاملت بمرونة مع جهود الوسطاء الدوليين، وعلى رأسهم مصر وقطر والولايات المتحدة، في إطار المباحثات الجارية مع إسرائيل. وترى الحركة أن هذه المفاوضات تتمحور حول ثلاثة محاور رئيسية: إنهاء الحرب، انسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة إعمار قطاع غزة.
ومع ذلك، حذّرت حماس من أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، مثل التهديد باستئناف القتال وقطع الكهرباء عن غزة، هي محاولات فاشلة تهدف إلى الضغط على الحركة، وقد تشكل تهديدًا مباشرًا للأسرى المحتجزين لدى المقاومة.
جولة جديدة من المفاوضات
بالتزامن مع موقف حماس، توجه وفد إسرائيلي إلى العاصمة القطرية، الدوحة، لإجراء جولة جديدة من المفاوضات بشأن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ويأتي هذا التحرك بعد إعلان إسرائيل قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع، في خطوة تهدف إلى تكثيف الضغوط على الحركة الفلسطينية.
اتفاق الهدنة
تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 19 ديسمبر 2023، بعد أكثر من عام من الحرب التي اندلعت إثر هجوم "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. لعبت كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر دورًا رئيسيًا في التوسط لإنجاح الاتفاق، الذي تم تقسيمه إلى مراحل:
المرحلة الأولى: امتدت ستة أسابيع وانتهت في مطلع مارس 2024.
المرحلة الثانية: تمثل نقطة الخلاف الأساسية، حيث تطالب "حماس" ببدء المفاوضات لإنهاء الحرب بشكل نهائي، في حين تسعى إسرائيل إلى تمديد المرحلة الأولى حتى منتصف أبريل، بناءً على مقترح أمريكي.
أدوات الضغط السياسي والعسكري
في ظل استمرار المفاوضات، لجأت إسرائيل إلى تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة في بداية الشهر، قبل أن تعلن يوم الأحد عن قطع إمدادات الكهرباء للقطاع. وقد صرّح وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، بأن تل أبيب "ستستخدم كل الأدوات المتاحة لاستعادة الرهائن وضمان عدم وجود حماس في غزة في اليوم التالي".
هل تتحرك المفاوضات نحو حل أم تصعيد؟
تعكس هذه التطورات حالة الجمود التي تواجهها المفاوضات، حيث تحاول إسرائيل فرض شروطها عبر الضغط الاقتصادي والعسكري، بينما تصر "حماس" على ضمان اتفاق نهائي ينهي الحرب ويضمن إعادة الإعمار.
في المقابل، تستمر جهود الوسطاء في محاولة تضييق الفجوة بين مطالب الطرفين. ومع استمرار الضغوط الإسرائيلية، قد تلجأ حماس إلى تصعيد ميداني إذا لم يتم تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات، مما يهدد بانهيار الهدنة وعودة المواجهات المسلحة، بينما يبقى السؤال الأهم: هل تنجح الدبلوماسية في تحقيق تقدم حقيقي، أم أن سيناريو التصعيد يظل الأكثر احتمالًا في المرحلة المقبلة؟.