شبكات تجسس إسرائيلية تستهدف الطلاب المؤيدين لفلسطين في الجامعات الأمريكية
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
في 11 أكتوبر/تشرين الأول، توقفت شاحنة بيضاء تشبه الصندوق أمام المدخل الرئيسي لجامعة هارفارد، وهو عبارة عن بوابة سوداء من الحديد المطاوع مزينة بإكليل أنيق من طراز النهضة الجورجية. كانت مثبتة على جوانب الشاحنة وظهرها ثلاث شاشات LED مبهرجة على شكل لوحات إعلانية تعرض صور عشرات الطلاب، وتحت وجوههم كانت هناك عبارة "أبرز معادي السامية في جامعة هارفارد".
يقول موقع "The Nation" إنه تمت رعاية الشاحنة الاستقصائية من قبل المجموعة اليمينية Accuracy in Media وكانت أهدافها الطلاب الذين وقعوا على رسالة برعاية لجنة التضامن مع فلسطين بجامعة هارفارد. وأضاف أن "أحداث اليوم لم تحدث من فراغ"، وعلى مدى العقدين الماضيين، أُجبر ملايين الفلسطينيين في غزة على العيش في سجن مفتوح. لقد وعد المسؤولون الإسرائيليون بـ"فتح أبواب الجحيم"، وقد بدأت المجازر في غزة بالفعل. بعد مغادرة هارفارد، بدأت الشاحنة في مهمة بحث وتدمير كارثية، حيث توجهت إلى منزل كل طالب لمعرفة مواقعهم وتدمير فرص عملهم المستقبلية. وقد تلقى بعض المستهدفين في وقت لاحق تهديدات بالقتل، بينما شعر آخرون بالقلق بشأن ما قد يحدث بعد ذلك، مع خسارة واحد على الأقل لعرض العمل.
قال أحد الطلاب المعنيين: "إن مسيرتي المهنية على المحك". وتجري العديد من أشكال المضايقات الأخرى التي تستهدف الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد. والسؤال هو ما إذا كانت المخابرات الإسرائيلية تقف وراء بعض منها، وفقا للمقال.
ذكر صاحب المقال أنه قام منذ شهر آذار/ مارس بتفصيل العديد من عمليات التجسس غير القانونية والعمليات السرية التي تقوم بها دولة الاحتلال والتي تستهدف الأمريكيين في الولايات المتحدة - كل ذلك دون أدنى تدخل من مكتب التحقيقات الفيدرالي، وفق قوله.
بعد عدة عمليات تجسس لصالح تل أبيب في أمريكا، حول نتنياهو، وفقا للمقال، اهتمامه سرا إلى الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ومجموعات الجامعات الأمريكية في الولايات المتحدة التي تناضل من أجل الحقوق الفلسطينية. وخوفا من الدعم المتزايد للقضية الفلسطينية في حرم الجامعات، أنشأ جبهة سرية للتجسس على هذه الجماعات ومضايقتها وترهيبها وتعطيلها.
ويضيف الموقع: ومن الأمور الحاسمة في هذا الجهد تحالف "إسرائيل من أجل الحرم الجامعي" (ICC) غير المعروف والذي يتخذ من واشنطن مقراً له. لسنوات عديدة، استخدمت المنظمة، التي لها صلات بكل من المخابرات الإسرائيلية وأيباك، مخبرين طلابيين ينتمون إلى منظمة جامعية يهودية ومؤيدة للاحتلال في الولايات المتحدة لجمع معلومات استخباراتية عن الطلاب والجماعات المؤيدة للفلسطينيين.
وفي مقره بواشنطن، تفاخر بايمي أمام كلاينفيلد بقدرة منظمته على مهاجمة الطلاب الأمريكيين الذين يدعمون الحقوق الفلسطينية سرا، وقال: "لقد قمنا ببناء هذه الحملة السياسية الوطنية الضخمة لسحقهم"، كما ورد في الموقع.
وأمام كاميرا كلاينفيلد الخفية، وصف بايمي المحكمة الجنائية الدولية بأنها في الأساس قيادة عسكرية إسرائيلية سرية. يتم تمرير موجز استخباراتي، الذي يحتوي على تفاصيل سرية حول الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الأمريكيين المستهدفين، إلى وزارة الشؤون الإستراتيجية لحكومة الاحتلال الإسرائيلية، وفقا لإيان هيرش، مدير عمليات المحكمة الجنائية الدولية آنذاك والذي أصبح الآن مدير العمليات فيها.
وتابع المقال: لقد كانت اكتشافات مذهلة، تشير إلى أن الاحتلال يدير بشكل غير قانوني عملية تجسس سرية في الحرم الجامعي على مستوى البلاد داخل الولايات المتحدة، في حين من المحتمل أن يكون بايمي وموظفيه يعملون كعملاء أجانب سريين لإسرائيل. وبمجرد نقل البيانات الخاصة بالطلاب المؤيدين للفلسطينيين إلى المخابرات الإسرائيلية، يمكن استخدامها في عمليات سرية "لسحقهم"، على حد تعبير بايم.
ويبين الموقع أنه في عام 2016، على سبيل المثال، أُطلقت مجموعة Psy-Group الإسرائيلية، وهي منظمة حرب نفسية مرتبطة بالموساد، مشروع الفراشة. تم تمويلها سرا من قبل مانحين يهود أثرياء في الولايات المتحدة، وكان من بين أهدافها استخدام معلومات زائفة لمهاجمة وتدمير سمعة المستهدفين ووصمهم بالإرهابيين.
وكان رام بن باراك، الذي كان حينها مسؤولا كبيرا في مجموعة Psy-Group ونائب مدير سابق للموساد، متحمسا بشأن المشروع وقال إن العملية كانت بمثابة "حرب"، بحسب الموقع.
ويوضح المقال أنه كان من بين الضحايا العديدين حاتم بازيان، المحاضر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي والقيادي في الحركة المؤيدة للفلسطينيين. في صباح أحد الأيام، بينما كان على وشك اصطحاب ابنته إلى المدرسة، اكتشف نشرة إعلانية على الزجاج الأمامي لسيارته وسيارات أخرى متوقفة على طول شارع حيه الهادئ في شمال بيركلي. ومما أثار رعبه أن المنشورات احتوت على صورته مع تعليق مكتوب بأحرف كبيرة عريض: "إنه يدعم الإرهاب".
كما تم تجميع ملف عن بازيان يتضمن بيانات كاذبة ومضللة بالإضافة إلى اتهامات زائفة بـ"معاداة السامية".
حتى الآن، دفعت المجموعة، وفقا للمقال، أكثر من مليون دولار لشركة استشارات سياسية رفيعة المستوى في واشنطن، FP1، للترويج لمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تهاجم الطلاب الذين يدعمون الحقوق الفلسطينية. تتمتع المحكمة الجنائية الدولية، المختبئة خلف جدارها الرقمي المبهم، بالحرية في التشهير، وتوجيه اتهامات زائفة وشائنة بمعاداة السامية والإرهاب - تمامًا مثل شاحنة الاستقصاء في جامعة هارفارد (على الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أن تلك كانت عملية تابعة للمحكمة الجنائية الدولية).
وأردف المقال: التخويف هو الهدف، وكل ذلك دون خوف من المحاسبة، أو الكشف عن صلاتهم المباشرة بالحكومة الإسرائيلية. ولذلك فإن السرية أمر بالغ الأهمية.
وبمجرد جمع المعلومات، تتدفق البيانات من شبكة جواسيس الحرم الجامعي ومعدات المراقبة الإسرائيلية عالية التقنية التابعة للمحكمة الجنائية الدولية إلى رابطة مكافحة التشهير، طبقا للموقع.
وتجدر الإشارة إلى أن رابطة مكافحة التشهير تعمل إلى حد كبير كمنظمة دعائية مؤيدة للاحتلال، حيث يقضي مديرها جوناثان غرينبلات معظم وقته في إجراء مقابلات إعلامية حول الطلاب والجماعات المعارضة للاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وانتهاكات حقوق الإنسان.
ثم تستخدم رابطة مكافحة التشهير المعلومات من عملية التجسس في الحرم الجامعي للمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب بيانات أخرى، لإنشاء تقرير سنوي: "النشاط المناهض لإسرائيل في الجامعات الأمريكية"، كما يوضح المقال.
وقال الموقع إن منظمي التظاهرة "المسيرة من أجل إسرائيل" هذا الأسبوع في واشنطن كانوا قلقين من أن عددا قليلا من الطلاب سيشاركون فيها، ولذلك عرضت المحكمة الجنائية الدولية دفع مبلغ 250 دولارا لأي طالب مؤيد للاحتلال من أجل الحضور.
جوليا ريفكيند، قادت مجموعة مؤيدة للاحتلال في جامعة كاليفورنيا في ديفيس قبل أن تنتقل لتصبح ناشطة في لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، وبعد تخرجها في عام 2016، تم تعيينها من قبل الاحتلال في سفارتها في واشنطن.
توضح ريكفيد طبيعة عملها وفقا للمقال، بأنها "تقوم بشكل أساسي بجمع المعلومات الاستخبارية وتقديم التقارير إلى إسرائيل. إذ أقدم تقريرا إلى وزارة الخارجية ووزارة الشؤون الاستراتيجية والتأكد من حصولهم على المعلومات الصحيحة".
وبيّنت أن من بين الطرق التي تتجسس بها على النشطاء المؤيدين للفلسطينيين والمؤيدين لحقوق الإنسان الفلسطيني هي حسابات فيسبوك المزيفة.
وقالت: "لديّ حساب فيسبوك مزيف أتابع فيه جميع حسابات SJP [طلاب من أجل العدالة في فلسطين]. لدي بعض الأسماء المزيفة، فاسمي جاي برنارد أو شيء من هذا القبيل".
وبحسب الموقع، فإنه بمجرد أن قامت ريفكيند بجمع المعلومات الاستخبارية عن أهدافها، تقوم بنقلها إلى رئيسها في السفارة، ثم يتم إرسالها إلى وزارة الشؤون الاستراتيجية والمكاتب الأخرى عبر نظام مشفر آمن يسمى الكابلات.
ويقول الموقع إنه منذ 7 اكتوبر الماضي، تعمل المحكمة الجنائية الدولية وشبكات التجسس التابعة لها والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها لوقت إضافي، بالتزامن مع تدخل ضئيل من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وذكر الموقه أن هذا الموقف "أحبط حتى الرئيس السابق لقسم مكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفيدرالي، حينما سأله صاحب المقال لماذا لا يتحدث أحد عن التجسس الإسرائيلي الضخم في الولايات المتحدة، قام بهز رأسه ببساطة، وقال إن لا أحد يستطيع أن يفعل أي شيء.".
وأكد، وفقا لصاحب المقال، أنه رفع قضايا إلى وزارة العدل بشأن الاحتلال، لكن تلك الملفات لم تفتح أبدا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية فلسطين التجسس الاحتلال امريكا فلسطين الاحتلال تجسس سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الجنائیة الدولیة فی الولایات المتحدة الحرم الجامعی جامعة هارفارد إلى وزارة فی جامعة من أجل من قبل
إقرأ أيضاً:
أول حوار لمدعي عام «الجنائية الدولية» السابق: تعرضت للتهديدات وكنت على حق بمساءلة إسرائيل وفقا للقانون
قالت الدكتورة فاتو بنسودة، المدعى العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامى الجامبى لدى المملكة المتحدة حالياً، فى أول حوار لها فى وسائل الإعلام بعد انتهاء عملها فى المحكمة، إنها اتخذت القرار الصحيح بفتح تحقيقات عن الوضع فى فلسطين، مشيرة إلى أنها تعرضت لتهديدات من أمريكا وإسرائيل بسبب فتح قضية الجرائم الإسرائيلية بالأراضى الفلسطينية.
وأضافت، فى حوار لـ«الوطن»، أنها تعرضت للتهديدات هى وزوجها وأفراد عائلتها لترك القضية وعدم الاستمرار فيها، لكنها كانت واثقة بشكل كامل أنها على الطريق الصحيح ولم تلتفت للتهديدات، موضحة أن الجرائم الإسرائيلية خلال فترة عملها أوسع مما يحدث الآن، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء حكمه فرض عقوبات عليها وعلى زميل لها فى قسم الاختصاص، لكنها لم تتوقف لأنها كانت متأكدة أن ما تفعله هو الصواب.. وإلى نص الحوار:
أول حوار لمدعي عام «الجنائية الدولية» السابقمتى بدأ عملكِ فى المحكمة الجنائية الدولية؟
خدمت فى المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2004، وتم انتخابى نائباً للمدعى العام فى عام 2004، ثم عملت حتى عام 2011 مع المدعى العام حينها حتى أكمل فترة ولايته كاملة، ثم أُعيد انتخابى، وانتُخبت مرة أخرى كمدعٍ عام رئيسى، ومن هنا بدأت خدمتى فى عام 2012 حتى انتهيت فى عام 2021، وأمضيت ما يقرب من 18 عاماً فى المحكمة.
هل حاولت فلسطين رفع قضية ضد إسرائيل فى المحكمة من قبل؟
نعم، خلال عام 2009 حاولت فلسطين رفع قضية أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولكن فى ذلك الوقت لم تكن فلسطين دولة طرفاً فى نظام روما الأساسى، وهو النظام الذى بموجبه تعمل المحكمة، وإذا لم تكن دولة عضواً فإن «الجنائية الدولية» ليس لها ولاية قضائية على أراضيك، لذا عندما حاولوا القيام بذلك فى عام 2009، قرر المدعى العام السابق وجميعنا فى ذلك الوقت أننا لا نستطيع تولى القضية لأنهم لم يكونوا دولة طرفاً فى نظام روما، وكان علينا رفض القضية.
فلسطين حاولت رفع قضية أمام «الجنائية الدولية» خلال عام 2009ماذا حدث بعد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية؟
فى عام 2015 انضمت فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسى، وقدمت إلى الأمين العام للأمم المتحدة طلباً بانضمامها مصحوباً بإعلان مخصص تقبل بموجبه الدولة ولاية المحكمة على الأحداث هناك، وقدموا صكوك التصديق الخاصة بهم لدى الأمين العام لأن هذا هو الإجراء الذى يجب اتباعه، وحينها أصبحت دولة عضواً، وفى الوقت نفسه أصدروا إعلاناً بقبول اختصاص المحكمة.
كيف تعاملت مع انضمام فلسطين إلى الجنائية الدولية؟
لقد اتخذت القرار فى عام 2015 بفتح تحقيقات فى الوضع بفلسطين، وكان ذلك أول فحص وتحقيق بدأته، حينها كان هناك الكثير من المناقشات والجدال حول ما إذا كان بإمكانى أو لا ينبغى لى القيام بذلك، لأن فلسطين لم تكن دولة، لكننى أخبرتهم، وجادلت بأننى لست هناك لتحديد دولة فلسطين، لكننى هناك لتحديد ما إذا كان من الممكن الآن ممارسة اختصاص المحكمة فى فلسطين، و2019 تقدمت بطلب إلى القضاة أطلب منهم السماح لى بفتح تحقيق فى فلسطين، كنت أرغب فى ذلك بشكل كبير، وقررت التواصل مع القضاة حتى يتمكنوا من إعطائى الإذن أو إخبارى بأن الطريق الذى أسير فيه هو الطريق الصحيح، وقم تم بالفعل.
بنسودة: كنت على حق بمساءلة إسرائيل وفقاً للقانون والأدلةهل تعرضتِ لضغوطات من داخل المحكمة أو الولايات المتحدة للعدول عن قرارك؟
بالفعل خلق تحركى بشأن فلسطين والتحقيقات فى الأوضاع هناك الكثير من الجدل، وانضمت العديد من الدول وقالت إنه لا يمكننى القيام بذلك، وقال لى البعض إننى لا أستطيع أن أفعل ذلك، وهناك من دعمنى، وهناك من لم يدعمنى، لكننى كنت واثقة بشكل كامل أننى على الطريق الصحيح، واستمررت فى القضية حتى عام 2020، وواجهت ضغوطات كما واجه مكتبى الضغوطات نفسها وقالوا إنه لا يجب أن أفتح القضية فى فلسطين، وهددونى بأنهم سيعاقبوننى إذا مضيت قُدماً فى القضية، لكننى واصلت ولم ألتفت لكل هذه الأمور، لأننى أعتقد أن هذا هو الشىء الصحيح الذى يجب القيام به، لذلك فرض الرئيس الأمريكى وقتها دونالد ترامب عقوبات علىَّ وعلى زميل آخر لى فى قسم الاختصاص، لكن كل ذلك لم يوقفنى لأننى أعلم أن ما أفعله هو الصواب، لقد كنت على حق وفقاً للقانون، ووفقاً للأدلة.
بنسودة: فُرضت عليّ عقوبات بسبب فتح قضية فلسطين أمام المحكمةكيف بدأت التحقيق بشأن الأوضاع والانتهاكات الإسرائيلية فى فلسطين؟
بعد وصول الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى السلطة، رفعوا العقوبات عنى وعن زميلى، وقرر القضاة إعطائى السلطة القضائية لفتح الوضع فى فلسطين، وقبل مغادرتى فتحت القضية لأنه يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تتدخل للتحقيق فيها، وأعتقد أن هذا مهّد الطريق لخليفتى المدعى العام الحالى ليكون قادراً على التحقيق فى الوضع وتوجيه الاتهامات، ومع مرور الوقت والتطورات الحالية وجَّه خليفتى اتهامات ضد نتنياهو وجالانت وآخرين، وأعتقد أن القضية مستمرة ولن تنتهى، ربما يكون أحد التحديات التى سنواجهها هى الاعتقالات، ولكن على الأقل كانت القضية مفتوحة وتم إصدار أوامر.
بنسودة: ما حدث في فلسطين خلال فترة ولايتي أفظع مما يحدث اليومما هى الاتهامات التى تم توجيهها لإسرائيل أثناء عملك كمدعٍ عام للمحكمة؟
ما يحدث فى غزة وفلسطين أمر فظيع ولا يمكن القبول به، ويتم ارتكاب العديد من الجرائم فى هذه الحرب، الوضع هناك لا يطاق، لكن خلال ولايتى كانت الجرائم التى طلبت توجيه اتهامات بسببها أوسع بكثير مما تم توجيه الاتهامات بسببه خلال الأحداث الجارية، لأننى فى ذلك الوقت طلبت التحقيق فى قضية المستوطنات الإسرائيلية التى كانت تحدث وجرائم أخرى، ولكن فى القضية المرفوعة حالياً، أعتقد أنها تقتصر على الجرائم التى حدثت منذ السابع من أكتوبر فقط، لذا هذا هو الفرق بينى وبين خليفتى، ربما يتم توجيه اتهامات أخرى فى المستقبل لكننى أدرك أن ما أردت أن أبحث فيه فى ذلك الوقت كان أوسع مما هو متهم به الآن.
تعرضت للتهديدات هي وأسرتها لإسقاط القضيةهل تعرضت للتهديدات من الولايات المتحدة وإسرائيل؟
نعم تعرضت لتهديدات عديدة، وليس أنا وحدى، بل وأسرتى، لقد كان وقتاً صعباً وعصيباً جداً بالنسبة لى، كانت هذه التهديدات فقط من أجل إسقاط القضية، وبالإضافة إلى العقوبات التى فُرضت ضدى، تم حظر حسابى المصرفى، وتأشيرتى إلى الولايات المتحدة، رغم أننى كانت لدىّ التزامات وكنت أريد إبلاغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما يحدث معى ولكن تم إلغاء تأشيرتى وبالطبع هناك بعض الأشخاص أو بعض الدول التى دعمت ذلك، وحاولت إسرائيل بطريقة ما التأثير علىَّ لعدم الاستمرار فى القضية، لكننى لم أتعامل مع كل ذلك على محمل الجد، أعلم أنه كان لدىَّ واجب ومسئولية للقيام بما كان من المفترض أن أفعله بصفتى المدعى العام الرئيسى فى هذا الموقف، لذلك مضيت قُدماً وقمت بعملى، وكان الأمر صعباً، وأثناء عملى كان من الصعب تكليف موظفىّ، وخاصة أولئك الذين هم من أمريكا، لأنهم سيتأثرون بشكل مباشر بالعقوبات التى فرضتها حكومة دونالد ترامب علىّ فى ذلك الوقت، وظلت العقوبات حتى جاء جو بايدن.
نشرت صحيفة جارديان منذ أشهر عن التهديدات التى تعرضت لها.. هل ما نُشر عنك حقيقى؟
أعتقد أن الصحفيين فى «جارديان» أجروا الكثير من الأبحاث خاصة فى مدينة لاهاى بهولندا، وهو مقر المحكمة، لأننى عندما تلقيت التهديدات أبلغت مكتبى وأفراد الأمن فى مكتبى وأبلغنا السلطات الهولندية بهذا الأمر، فكل ما نُشر وما قيل صحيح وأؤكد أنه صحيح، لقد تعرضت لهذه التهديدات وكذلك أفراد عائلتى، وحاولوا العثور على أدلة ضدى ربما أكون قد فعلت شيئاً ما أو أن زوجى فعل شيئاً وكانوا سيستخدمونه ضدى، والسبب الرئيسى وراء كل ما حدث هو ترك القضية وعدم الاستمرار فيها، وأشكر الله أننى تمكنت من المضى قدماً والاستمرار على الرغم من كل التهديدات التى وُجهت لى.
كيف تعلقين على التهديدات التى تطال المحكمة بعد قرار اعتقال نتنياهو وجالانت؟
لا ينبغى لنا إطلاقاً السماح لأى حسابات سياسية بالتأثير على المحكمة وعلى صنع القرار، ويجب على جميع الدول الموقعة على نظام روما الأساسى أن تتعاون وتحمى المحكمة من الضغوطات والتهديدات والتلاعب بقراراتها، ويجب أن نحمى المحكمة والعاملين بها للقيام بوظائفهم دون أى ضغوطات سياسية.
بنسودة: هناك أفريقيا إيجابية.. وأخرى سلبيةكيف ترين مستقبل أفريقيا فى ظل الصراعات المتنامية والداخلية؟
أفريقيا تنقسم لنصفين، أحدهما إيجابى والآخر سلبى، وما يتعلق بالسلبى، أنه ما زالت هناك الصراعات السيئة للغاية، وكل هذه الصراعات تؤثر على الأفارقة ويكون الضحايا دائماً من المدنيين، ويكفى ما يحدث فى السودان الآن وتيجراى وأماكن أخرى، وهذا ليس إيجابياً، وأعتقد أنه بصفتنا أفارقة، يتعين علينا إيجاد طريقة لمعرفة السبب الجذرى وراء كل هذه الصراعات ونحاول التعامل معها، لكن على الجانب الآخر هناك بعض الأشياء الإيجابية التى تحدث، على سبيل المثال، فيما يتعلق بالانتخابات، معظم الأحيان تندلع الصراعات بعد الانتخابات أو محاولة الحصول على السلطة أو محاولة الاحتفاظ بالسلطة، وإذا نظرت إلى بوتسوانا مثلاً والطريقة التى تحولت بها السلطة بشكل سلمى فهذا أمر جيد، وغانا أيضاً هى مثال آخر، أعتقد أنه منذ أيام فقط فقط كانت السلطة تتغير دون قتال ثم تجد الرئيس المنتهية ولايته والرئيس القادم يجلسان ويتناقشان، وأعتقد أننا يجب أن نحاول كأفارقة قدر الإمكان محاكاة هذا النوع من الأمثلة حتى نتمكن من تجنب الصراعات التى تحدث.
هل سيؤدى التعاون بين أفريقيا وأوروبا إلى التنمية المستقبلية والنمو الاقتصادى للقارة؟
بالطبع سيحدث ذلك، لكن فى أفريقيا نحن بحاجة إلى إعادة ضبط العلاقات التى لدينا، يجب علينا دائماً أن نحاول الوصول إلى وضع مربح للجانبين، فلا ينبغى لنا أن نتعرض للظلم من أجل مصلحة الآخرين، ولأننا كأفارقة لدينا الكثير لنقدمه من حيث الموارد، سواء الموارد البشرية أو موارد أخرى، وهذه القارة لديها ما يكفى بالفعل لتقدمه، نحن بحاجة للبدء فى إقامة تعاون أفضل بين بلدان الجنوب، وأعتقد أن هذا أمر بالغ الأهمية، وعندما نتعامل مع الخارج، أو مع الغرب، فلنتأكد من أننا فى وضع لا نخسر فيه، فنحن يجب ألا نكون فى وضع غير مناسب أو يستفيد فيه شركاؤنا ونحن نخسر، هذا ما يجب على أفريقيا أن تفعله.
السعى للسلطة.. أبرز أسباب الصراعات في القارة السمراءما هو السبب الرئيسى وراء الصراعات فى أفريقيا؟
هناك العديد من الأسباب، ولكن بشكل أساسى السبب محاولة اكتساب السلطة أو محاولة الاحتفاظ بالسلطة، وهناك أسباب أخرى، على سبيل المثال هناك أسباب اقتصادية، ومن المؤسف أن هناك أحياناً أسباباً قبلية وراء حدوث الصراعات، وفى أغلب الأحيان يكون الهدف هو السيطرة ومحاولة فرضها، سواء كان ذلك على الأراضى، أو الموارد، أو السلطة، أو عدم فقدان السلطة، وهذا هو المصدر الرئيسى للعديد من الصراعات التى نشهدها فى أفريقيا، والتى تتلخص فى القتال على الأراضى أو التنافس على منصب الرئيس.
كيف كان شعورك حين أعلنت مجلة فوربس أنك ضمن الأكثر تأثيراً فى العالم؟
كان خبراً ساراً بالفعل، أعتقد أنه شرف كبير أن أجد نفسى جديرة بالوجود فى القائمة، لكننى أريد أن أذكّرك أنها ليست المرة الأولى، ففى 2015 أدرجتنى مجلة تايم ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة فى العالم فى عددها السنوى، وذلك بسبب دورى باعتبارى صوتاً رائداً يضغط على الحكومات لدعم السعى لتحقيق العدالة.