كيف يشعر المحاصرون داخل مجمع الشفاء الطبي؟.. مختص نفسي يجيب
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
يستمر القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وتتعرض كل الأماكن إلى الاستهداف المباشر وغير المباشر بصواريخ الاحتلال، دون وجود استثناء لأماكن يتواجد فيها الأبرياء والنساء والأطفال، أو لدور العبادة التي لها حرمتها، أو حتى للمستشفيات التي تحوي مئات الجرحى والمصابين إثر هذه الحرب.
ومع استمرار العدوان على القطاع خرجت العديد من المستشفيات عن الخدمة بسبب القصف المستمر لمرافقها، أو بسبب ما يسمى بالأحزمة النارية التي تطلقها الطائرات الحربية الإسرائيلية على هذه المستشفيات.
والقصف العنيف المستمر للمباني والوحدات السكنية أدى إلى قطع الطرق المؤدية إلى المشافي، مما سبب وفاة بعض الجرحى لعدم تمكّن الطواقم الطبية من الوصول إليهم.
قال الدكتور أحمد عبد الخالق اختصاصي الأمراض النفسية وعضو الهيئة الإدارية لجمعية أطباء الأمراض النفسية الأردنية: "أعتقد أن القوات الإسرائيلية بقصفها للمستشفيات تريد أن توصل رسالة للشعب الفلسطيني بأنه لا مكان آمن لأي شخص على أرض غزة، ولتجبرهم على التهجير القسري من أماكن تواجدهم إلى مناطق أخرى خارج غزة".
وأضاف عبد الخالق في حواره لـ"عربي21" أن "المستشفيات في غزة مليئة بالمرضى والنازحين الذين لجأوا إلى المشافي التي لها حرمتها ولاعتقادهم بأنها أماكن محمية بموجب القانون الدولي، فهي مرافق صحية ولا وجود لرجال المقاومة فيها، ولكن حتى المستشفيات لم تسلَم من هذا الاحتلال الذي استهدف كل الأماكن التي من المفترض أنها آمنة".
حصار محكم يعيشه الشفاء
حاصر الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي فمنع الخروج والدخول إلى المستشفى، وقصف المنازل القريبة منه، واستمر الاحتلال بإطلاق النار على كل ما يتحرك قرب المشفى أو داخل ساحاته لأيام، وقام بقصف العديد من مبانيه، كما قطع الاحتلال كل مقومات الحياة عن المتواجدين فيه، فقصف مولدات الكهرباء، ومحطات الأكسجين، فضلا عن قطع المياه والوقود الذي هو المحرّك الأساسي لأغلب احتياجات المرضى، مما أدى إلى توقف الخدمات الطبية والعمليات الجراحية بكل أشكالها، ووفاة بعض المرضى والجرحى فيه، وبيّن المدير العام للمستشفيات في غزة بأنه لا وجود لأي مكان آمن يمكن إجلاء المرضى والأطفال إليه، والوضع الطبي كارثي ويزداد كارثية يوما بعد يوم.
وبعد أيام من الحصار المحكم على مستشفى الشفاء، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باقتحامه بجيشها المدجج بالدبابات وبأحدث الآليات والأسلحة.
وبيّن الاختصاصي النفسي أن "غالبية المحاصرين داخل المشفى يعانون من تعب جسدي جراء الجروح الناجمة عن القصف، ناهيك عن الشعور المسيطر عليهم وهو الخوف من إنهاء حياتهم بأي لحظة، وليس من السهل أن يسمع الإنسان أصواتا مرعبة كأصوات السلاح والقصف، وهو مصاب ويصعب عليه التحرك، فمن يتمتع بصحة كافية، يبقى على أمل بأنه يستطيع تجنب هذا التهديد في حال تمكن من الهرب، ولكن الجريح المتواجد داخل المشفى فهو يفقد الآلية الوحيدة التي يمكنه أن ينجو بحياته من خلالها، فقد يعاني من انهيار عصبي وذعر شديد وخوف وهو ينتظر حكم إعدامه في أي لحظة".
وفي ظل هذه الأحداث المرعبة، والتصعيدات المستمرة والقريبة جغرافيًا من المرضى، قد يساهم وجود اختصاصي الطب النفسي داخل مجمع الشفاء في تخفيف خوفهم وقلقهم، ومن جهته أوضح د. عبد الخالق لـ"عربي21" أن "في حالات الحروب، يتمحور دور الطبيب النفسي حول التلطيف وليس العلاج، أي أنه يقدم الدعم النفسي، وأي علاج سيقدم في هذه الأوقات سيكون مهدئا لا أكثر، أما العلاج النفسي فلا يملك الأخصائي النفسي قدرة على ذلك تحت القصف والتهديد".
وأردف: "أعتقد بأن الدعم النفسي المتواجد في غزة حاليا هو دعم نفسي روحاني إيماني أكثر من كونه دعم نفسي طبي، وأعتقد أن أي طريقة للعلاج النفسي أو السلوكي داخل المشفى ستكون هذه الطريقة".
معللا ذلك بأنها "الطريقة الأسرع كفاعلية، حيث أن الأخصائي لا يملك فرصة للعلاج الدوائي بسبب نقص الأدوية، ولا للعلاج السلوكي للحاجة إلى وجود طمأنينة للشخص حتى يستطيع تلقي الجلسات السلوكية".
أطفال غزة
بينما يعيش الطفل في العالم وهو ينتظر عطلته المدرسية، يعيش الطفل الفلسطيني معظم حياته في مدرسته بعد أن فقد منزله، وبينما يلعب الطفل كرة القدم في حيّه، هناك طفل آخر هُدم حلمه بأن يكون ميسي أو رونالدو الصغير، وبينما يتناول أحد الأطفال وجبته المفضلة ويخلد للنوم، هناك طفل آخر يتنافس مع أفواهٍ كثيرة على كأس من حساء العدس الساخن وسط حرب تجويع يمارسها الاحتلال الإسرائيلي عليهم.
في فلسطين لا يوجد هناك محتوى لا يناسب الأطفال، ولا يوجد عرض دعائي قبل المجزرة يكتب عليه (لا يناسب من هم دون سن الـ 18)، بل يعيش الطفل الفلسطيني كل فصول الألم وهو يعلمها ويُعلّمها، ويعيشها ويتعايش معها.
ويقول عبد الخالق: "هناك دراسة تنص على أن 30% من الأطفال الذين شاهدوا مشاهد العنف عبر التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي، سوف يصابون بأعراض القلق والاكتئاب، وهذا على صعيد المشاهدة فقط"
وتابع: "بالتأكيد أطفال غزة الذين عاشوا هذه المشاهد وهذا العنف سيعانون بعد الحرب من قلق أو اكتئاب أو متلازمة ما بعد الصدمة".
وردًا على سؤال "عربي21" عن الحالة النفسية للأطباء داخل المشفى وهم عاجزون عن تلبية احتياجات مرضاهم، أجاب الاختصاصي النفسي بأن "هناك منظومة طبية يتبعها الأطباء في حالات الحرب وتنص على أن العلاج يقدم للأولى فالأولى، فيضطر الطبيب أحيانا للمفاضلة بين المرضى، وهذا أمر يشكل ضغطا نفسيًا شديدا على الطبيب مقدم الخدمة والعلاج".
وواصل "قد تؤدي هذه الظروف إلى انهيارات في المنظومة الطبية داخل المستشفى بين الأطباء، وبالعادة الأمراض النفسية تظهر جلية بأغلب القطاعات الطبية بعد هدوء الأوضاع وانتهاء الحرب بشهر أو أكثر، وقد تعيش فترة طويلة جدا مع الكوادر الطبية أو المدنيين، وقد تستمر مع المريض مدى الحياة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الشفاء طب غزة صحة نفسية الشفاء طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد الخالق
إقرأ أيضاً:
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
على مدار العصور كان قطاع غزة بوابة آسيا ومدخل أفريقيا ومركزا مهما للعالم، ونقطة التقاء للعديد من الحضارات المختلفة، ومهدا للديانات والتعايش بين أتباعها.
وتعكس المعابد والكنائس والمساجد التاريخية في غزة غنى وعُمق الهوية الفلسطينية، حيث كان القطاع مركزا للحياة الدينية والثقافية وقِبلة للسلام، قبل أن تحوّله إسرائيل إلى مسرح لإبادة جماعية طوال أكثر من 15 شهرا.
ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي أبشع أنواع القصف والتدمير في غزة، مستهدفا المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المساجد والكنائس العريقة التي كانت ولا تزال تحمل في طياتها جزءا من ذاكرة وتاريخ الشعب الفلسطيني.
وخلال فترة الإبادة لم ينجُ مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من هجمات جيش الاحتلال، وكانت تلك الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة.
ولم تكتفِ القوات الإسرائيلية بالاعتداء على المباني الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد.
738 مسجدا سُويت بالأرضويقول المتحدث باسم وزارة الأوقاف في قطاع غزة إكرامي المدلل إن "صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجدا بالأرض، ودمرتها تدميرا كاملا من أصل نحو 1244 مسجدا في قطاع غزة، بما نسبته 79%".
إعلانوأضاف "تضرر 189 مسجدا بأضرار جزئية، ووصل إجرام الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلين الآمنين، كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائس تدميرا كليا جميعها موجودة في مدينة غزة".
وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضا 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميرا كليا و18 جزئيا.
وأوضح أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب".
كما أكد المدلل أن "استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حربه الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية".
وأضاف "يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر".
ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين.
وتاليا أبرز المساجد التي طالتها آلة الدمار والعدوان الإسرائيلية:
المسجد العمري الكبيريُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
ويضم 38 عمودا من الرخام المتين، مما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، ويعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريما للخليفة عمر بن الخطاب.
وفي تاريخه الطويل، تحوّل الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني، كما تعرض للدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقا في العام 1925.
إعلان مسجد السيد هاشميقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه بمدينة "غزة هاشم".
تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في 7 ديسمبر/كانون الأول 2023.
مسجد كاتب ولايةيشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتُقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.
يرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي 1341 و1309 ميلادية.
تعرض لقصف مدفعي إسرائيلي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 متسببا في أضرار جسيمة.
المسجد العمري في جباليايعد مسجد جباليا أحد أقدم المعالم التاريخية في البلدة ويُطلق عليه سكان المنطقة "الجامع الكبير"، ويتميز بطرازه المعماري المملوكي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات، آخرها في حربي 2008 و2014، ورغم ذلك بقي رمزا مهما للمنطقة.
كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية اليونانية المتضررة بعد غارة جوية في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الأوروبية) وتاليا أبرز الكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي بقطاع غزة: كنيسة القديس برفيريوسأقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الخامس الميلادي، وهي تقع في حي الزيتون، وسُميت نسبة إلى القديس برفيريوس، حيث تحتضن قبره.
وتعرضت للاستهداف المباشر أكثر من مرة، الأولى كانت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما تسبب بدمار كبير، والثاني في 19 من الشهر ذاته، ما تسبب بانهيار مبنى وكلاء الكنيسة بالكامل، ووقوع عدد من الشهداء والجرحى من النازحين الذين تواجدوا بداخلها.
كنيسة العائلة المقدسةتعد كنيسة العائلة المقدسة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في مدينة غزة، وكانت مأوى للمسيحيين والمسلمين خلال فترة الإبادة، وتعرضت للقصف الإسرائيلي مما أسفر عن أضرار جسيمة.
تم تأسيس الكنيسة في أوائل القرن العشرين، على يد الرهبان الفرنسيسكان، وبنيت الكنيسة على الطراز المعماري الكاثوليكي التقليدي.
إعلانوتُعد الكنيسة مكانا مهما للمسيحيين في غزة، حيث تُستخدم لأغراض العبادة وتقديم الدعم الروحي للمجتمع المسيحي الفلسطيني.
كما كانت مركزا ثقافيا ومجتمعيا يوفر العديد من الأنشطة الدينية والاجتماعية للمجتمع المسيحي في المنطقة.
كنيسة المعمدانيتتبع الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية في القدس، حيث تم تأسيسها عام 1882 ميلادية على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا.
وارتبط اسمها خلال الحرب بمجزرة مروعة، حيث تعرضت ساحة المستشفى المعمداني، وهي جزء من مباني الكنيسة، لقصف إسرائيلي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر عن استشهاد نحو 500 فلسطيني من المرضى والنازحين الذين كانوا متواجدين في المستشفى.