يستمر القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وتتعرض كل الأماكن إلى الاستهداف ‏المباشر وغير المباشر بصواريخ الاحتلال، دون وجود استثناء لأماكن يتواجد فيها الأبرياء ‏والنساء والأطفال، أو لدور العبادة التي لها حرمتها، أو حتى للمستشفيات التي تحوي مئات ‏الجرحى والمصابين إثر هذه الحرب. ‏

ومع استمرار العدوان على القطاع خرجت العديد من المستشفيات عن الخدمة بسبب القصف ‏المستمر لمرافقها، أو بسبب ما يسمى بالأحزمة النارية التي تطلقها الطائرات الحربية ‏الإسرائيلية على هذه المستشفيات.



والقصف العنيف المستمر للمباني والوحدات السكنية أدى إلى قطع الطرق المؤدية إلى المشافي، ‏مما سبب وفاة بعض الجرحى لعدم تمكّن الطواقم الطبية من الوصول إليهم.‏



قال الدكتور أحمد عبد الخالق اختصاصي الأمراض النفسية وعضو الهيئة الإدارية لجمعية ‏أطباء الأمراض النفسية الأردنية: "أعتقد أن القوات الإسرائيلية بقصفها للمستشفيات تريد أن ‏توصل رسالة للشعب الفلسطيني بأنه لا مكان آمن لأي شخص على أرض غزة، ولتجبرهم على ‏التهجير القسري من أماكن تواجدهم إلى مناطق أخرى خارج غزة".‏

وأضاف عبد الخالق في حواره لـ"عربي21" أن "المستشفيات في غزة مليئة بالمرضى ‏والنازحين الذين لجأوا إلى المشافي التي لها حرمتها ولاعتقادهم بأنها أماكن محمية بموجب ‏القانون الدولي، فهي مرافق صحية ولا وجود لرجال المقاومة فيها، ولكن حتى المستشفيات لم ‏تسلَم من هذا الاحتلال الذي استهدف كل الأماكن التي من المفترض أنها آمنة". ‏

حصار محكم يعيشه الشفاء

حاصر الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي فمنع الخروج والدخول إلى المستشفى، ‏وقصف المنازل القريبة منه، واستمر الاحتلال بإطلاق النار على كل ما يتحرك قرب المشفى ‏أو داخل ساحاته لأيام، وقام بقصف العديد من مبانيه، كما قطع الاحتلال كل مقومات الحياة عن ‏المتواجدين فيه، فقصف مولدات الكهرباء، ومحطات الأكسجين، فضلا عن قطع المياه والوقود ‏الذي هو المحرّك الأساسي لأغلب احتياجات المرضى، مما أدى إلى توقف الخدمات الطبية ‏والعمليات الجراحية بكل أشكالها، ووفاة بعض المرضى والجرحى فيه، وبيّن المدير العام ‏للمستشفيات في غزة بأنه لا وجود لأي مكان آمن يمكن إجلاء المرضى والأطفال إليه، والوضع ‏الطبي كارثي ويزداد كارثية يوما بعد يوم. ‏

وبعد أيام من الحصار المحكم على مستشفى الشفاء، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باقتحامه ‏بجيشها المدجج بالدبابات وبأحدث الآليات والأسلحة. ‏

وبيّن الاختصاصي النفسي أن "غالبية المحاصرين داخل المشفى يعانون من تعب جسدي جراء ‏الجروح الناجمة عن القصف، ناهيك عن الشعور المسيطر عليهم وهو الخوف من إنهاء حياتهم ‏بأي لحظة، وليس من السهل أن يسمع الإنسان أصواتا مرعبة كأصوات السلاح والقصف، وهو ‏مصاب ويصعب عليه التحرك، فمن يتمتع بصحة كافية، يبقى على أمل بأنه يستطيع تجنب هذا ‏التهديد في حال تمكن من الهرب، ولكن الجريح المتواجد داخل المشفى فهو يفقد الآلية الوحيدة ‏التي يمكنه أن ينجو بحياته من خلالها، فقد يعاني من انهيار عصبي وذعر شديد وخوف وهو ‏ينتظر حكم إعدامه في أي لحظة".‏

وفي ظل هذه الأحداث المرعبة، والتصعيدات المستمرة والقريبة جغرافيًا من المرضى، قد ‏يساهم وجود اختصاصي الطب النفسي داخل مجمع الشفاء في تخفيف خوفهم وقلقهم، ومن جهته ‏أوضح د. عبد الخالق لـ"عربي21" أن "في حالات الحروب، يتمحور دور الطبيب النفسي ‏حول التلطيف وليس العلاج، أي أنه يقدم الدعم النفسي، وأي علاج سيقدم في هذه الأوقات ‏سيكون مهدئا لا أكثر، أما العلاج النفسي فلا يملك الأخصائي النفسي قدرة على ذلك تحت ‏القصف والتهديد"‏.

وأردف: "أعتقد بأن الدعم النفسي المتواجد في غزة حاليا هو دعم نفسي روحاني إيماني أكثر ‏من كونه دعم نفسي طبي، وأعتقد أن أي طريقة للعلاج النفسي أو السلوكي داخل المشفى ‏ستكون هذه الطريقة"‏.

معللا ذلك بأنها "الطريقة الأسرع كفاعلية، حيث أن الأخصائي لا يملك فرصة للعلاج الدوائي ‏بسبب نقص الأدوية، ولا للعلاج السلوكي للحاجة إلى وجود طمأنينة للشخص حتى يستطيع ‏تلقي الجلسات السلوكية"‏.

أطفال غزة

بينما يعيش الطفل في العالم وهو ينتظر عطلته المدرسية، يعيش الطفل الفلسطيني معظم حياته ‏في مدرسته بعد أن فقد منزله، وبينما يلعب الطفل كرة القدم في حيّه، هناك طفل آخر هُدم حلمه ‏بأن يكون ميسي أو رونالدو الصغير، وبينما يتناول أحد الأطفال وجبته المفضلة ويخلد للنوم، ‏هناك طفل آخر يتنافس مع أفواهٍ كثيرة على كأس من حساء العدس الساخن وسط حرب تجويع ‏يمارسها الاحتلال الإسرائيلي عليهم. ‏

في فلسطين لا يوجد هناك محتوى لا يناسب الأطفال، ولا يوجد عرض دعائي قبل المجزرة ‏يكتب عليه (لا يناسب من هم دون سن الـ 18)، بل يعيش الطفل الفلسطيني كل فصول الألم ‏وهو يعلمها ويُعلّمها، ويعيشها ويتعايش معها. ‏



ويقول عبد الخالق: "هناك دراسة تنص على أن 30% من الأطفال الذين شاهدوا مشاهد العنف ‏عبر التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي، سوف يصابون بأعراض القلق والاكتئاب، وهذا ‏على صعيد المشاهدة فقط"‏

وتابع: "بالتأكيد أطفال غزة الذين عاشوا هذه المشاهد وهذا العنف سيعانون بعد الحرب من قلق ‏أو اكتئاب أو متلازمة ما بعد الصدمة".

وردًا على سؤال "عربي21" عن الحالة النفسية للأطباء داخل المشفى وهم عاجزون عن تلبية ‏احتياجات مرضاهم، أجاب الاختصاصي النفسي بأن "هناك منظومة طبية يتبعها الأطباء في حالات ‏الحرب وتنص على أن العلاج يقدم للأولى فالأولى، فيضطر الطبيب أحيانا للمفاضلة بين ‏المرضى، وهذا أمر يشكل ضغطا نفسيًا شديدا على الطبيب مقدم الخدمة والعلاج"‏.

وواصل "قد تؤدي هذه الظروف إلى انهيارات في المنظومة الطبية داخل المستشفى بين ‏الأطباء، وبالعادة الأمراض النفسية تظهر جلية بأغلب القطاعات الطبية بعد هدوء الأوضاع ‏وانتهاء الحرب بشهر أو أكثر، وقد تعيش فترة طويلة جدا مع الكوادر الطبية أو المدنيين، وقد ‏تستمر مع المريض مدى الحياة"‏.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الشفاء طب غزة صحة نفسية الشفاء طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد الخالق

إقرأ أيضاً:

الصراع النفسي يهدد المستقبل الكروي لمبابي

قالت صحيفة أونز مونديال الفرنسية، اليوم الثلاثاء، إن محيط النجم الفرنسي كيليان مبابي كشف عن وجود مشكلة حقيقية تؤثر على أدائه في الملاعب.

وذكرت الصحيفة أن مبابي استبعد من قائمة المنتخب الفرنسي في تجمع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، حيث أوضح المدرب ديديه ديشامب أنه اتخذ هذا القرار بمفرده، لكن محيط مبابي رد على ذلك بشكل مباشر، مؤكدين أن "هذه نسخة غير دقيقة أو غير كاملة من الحقيقة، والأمر أكثر تعقيداً، إذ أن النجم الفرنسي ليس سعيداً في الوقت الحالي".

????️ La confidence inquiétante d'un proche de Mbappé concernant son état mental...

➡️ https://t.co/k7r7F6YCKd pic.twitter.com/vH7DZzIDiq

— Onze Mondial (@OnzeMondial) November 12, 2024

ووفقاً للمصدر ذاته، أفاد بعض المتخصصين الذين يعملون معه بشكل يومي بأن "مبابي يعاني من مشكلات نفسية منذ عدة أشهر، وأن هذه الأمور لا تُحل بسهولة، بل تحتاج إلى وقت وعلاج".


كما أشار مقربون إلى أن الضغوط من المحيطين به قد زادت من صعوبة حالته، حيث قال أحدهم: "عندما كان والديه يهتمون به بشكل أساسي، كانت الأمور تسير بسلاسة، أما الآن، ومع تدخل الكثيرين في حياته، تأثير ذلك كان سلبياً عليه".

مقالات مشابهة

  • نجم الأهليالسابق: لابد من التعامل مع إمام عاشور بشكل نفسي مختلف داخل الأهلي
  • مختص سياسات بيئية: قمة COP29 تنعقد في وقت تتصاعد فيه الأزمات العالمية
  • الصراع النفسي يهدد المستقبل الكروي لمبابي
  • مجمع ناصر الطبي يبدأ صرف الأدوية الأساسية للمرضى في خان يونس
  • دفاع ضحية إمام عاشور: موكلي يشعر بالقهر وتحول من مجني عليه لمتهم.. فيديو
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في لبنان
  • توقيف 3 مواطنين لتورطهم في إشكال داخل إحدى المدارس التي تؤوي نازحين
  • باحث فلسطيني: هناك تحول في الرأي العام الدولي تجاه دولة الاحتلال
  • وزيرة التضامن: الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي يساهم في الشفاء بنسبة 90%
  • الشرقية.. تدريب 100 مختص على أمراض التمثيل الغذائي