تهدد عرش نتنياهو.. حرب غزة تؤجج الصراع الداخلي في إسرائيل
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
القدس المحتلة – مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أسبوعها السابع، يخوض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صراعات خفية بشأن مستقبله السياسي، وسط استمرار تراجع شعبيته وانهيار القوة الانتخابية لحزب الليكود الذي يتزعمه، ومواصلة إغلاق الدائرة من حوله، وتعزيز الأدلة التي تتهمه بالفشل والإخفاق في منع معركة "طوفان الأقصى".
وفي معركة أخرى تعكس ملامح الصراعات الداخلية التي يخوضها نتنياهو، تؤكد استطلاعات الرأي مؤخرا استمرار تعاظم شعبية رئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس، وتعاظم القوة الانتخابية لأحزاب المعارضة التي تمنحها استطلاعات الرأي تشكيل الحكومة المقبلة إذا أجريت انتخابات مبكرة للكنيست.
ووفقا لنتائج الاستطلاع، فإن الفجوة بين أحزاب المعارضة والائتلاف تتسع منذ بدء الحرب على غزة، إذ حصلت أحزاب المعارضة مع "المعسكر الوطني" على 78 مقعدا، في حين حصلت أحزاب ائتلاف حكومة نتنياهو -التي لديها 64 مقعدا- على 42 مقعدا.
وخلافا لما كان سائدا قبل الحرب على غزة، حيث كان يلقب نتنياهو بـ"ملك إسرائيل" ويحظى بأغلبية ساحقة في استطلاعات الرأي التي تؤيد توليه منصب رئاسة الوزراء، أظهر الاستطلاع الجديد أن 29% فقط ممن شاركوا فيه يعتقدون أن نتنياهو هو الأنسب لتولي المنصب.
ويزاحم نتنياهو في الاستطلاع غانتس بحصوله على تأييد 50% ممن شاركوا في الاستطلاع، إذ قالوا إنه الأنسب لتولي منصب رئاسة الوزراء، في حين قال 21% إنهم لا يعرفون من الأنسب لهذا المنصب.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الحكومة بيني غانتس (الفرنسية) تحديات وصراعاتوبجانب التحديات التي يواجها نتنياهو في إدارة الحرب على غزة على عكس الآخرين، فهو لديه تضارب في المصالح التي تتعلق بسير الحرب وأهدافها، سواء بتقويض حكم حماس أو تحرير المحتجزين الإسرائيليين، ومستقبله السياسي، والبقاء على كرسي رئاسة الوزراء، وإلغاء محاكمته بملفات فساد، حيث تذهب معظم التحليلات داخل إسرائيل إلى أن نتنياهو منحاز لكرسي رئاسة الوزراء.
يبدو أن الصراع الجديد الذي سيخوضه نتنياهو سيكون في ملف الفشل والإخفاق الاستخباراتي بمنع حصول "طوفان الأقصى"، فقد علمت صحيفة "هآرتس" أن أحد كبار أعضاء الليكود يحاول جمع مواد من شأنها أن تلقي ضوءا سلبيا على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون حاليفا.
ولا تتوقف صراعات نتنياهو الداخلية عند قادة الاستخبارات العسكرية، بل إن رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي ورئيس جهاز الشاباك رونين بار في دائرة الاستهداف أيضا.
مسؤولية وتنصلوتعليقا على ذلك، يعتقد الصحفي غادي فايتس أن نتنياهو يعتزم أن يفعل برؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية ما فعله بالمحققين والمدعين العامين في ملفات الفساد التي يحاكم بها، حيث شكك في مهنتيهم وقدراتهم، وحمّلهم مسؤولية تقديمه للمحاكمة لدوافع سياسية، لكنه في أحداث "طوفان الأقصى" سيواجه صعوبة في تحميل القادة العسكريين والأمنيين مسؤولية الفشل والإخفاق.
وكشف فايتس الذي يشغل منصب رئيس قسم التحقيقات والتقارير الاستقصائية في صحيفة "هآرتس"، في تقرير له أن نتنياهو وفريقا من مقربيه، وسعيا منه للتنصل من مسؤولية الإخفاق في منع أحداث "السبت الأسود" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شرعوا في جمع المواد والوثائق التي من شأنها أن تسلط ضوءا سلبيا على قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، وتحملهم مسؤولية الفشل والإخفاق، والتأكد من إبراء ذمة نتنياهو.
رئيس الأركان هرتسي هاليفي (وسط) خلال اجتماع لقادة هيئة الأركان في الجيش لإدارة المعارك البرية بغزة (الجزيرة)وأوضح الصحفي الإسرائيلي أن نتنياهو، على عكس أسلافه، يواصل محاولة شق طريق للتنصل من المسؤولية والهروب من أي اتهامات قد توجه له مستقبلا من لجنة التحقيق، وذلك عبر التخزين القسري لوثائق أمنية وعسكرية سرية.
أمني وجنائيوفي مؤشر لنهج نتنياهو التنصل من المسؤولية ودحرجتها إلى جهات أمنية وعسكرية أخرى، لفت فايتس إلى أن ديوان رئيس الوزراء نتنياهو اضطر قبل أيام إلى إعادة محاضر اجتماعات سرية للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) والتي تم إرسالها إليه خلافا للإجراءات.
ونقل فايتس عن أحد كبار القانونيين الإسرائيليين قوله إن "ما نراه من نتنياهو هو استمرار لفساده من بين الكثير من القضايا، فهذه المرة هو الفساد العام في قضايا تتعلق بأمن الدولة وليس الفساد الجنائي الإجرامي في قضايا مدنية، لكن المحرك الذي نشطه في كلا الحادثين هو نفسه: الحفاظ على السلطة وتحصين ذاته في منصب رئاسة الوزراء".
لكن هذه المرة، يقول فايتس "يواجه رئيس الوزراء وأتباعه معركة أصعب من تلك التي خاضوها ضد المحققين والمدعين العامين. فلا يزال رؤساء الأجهزة الأمنية، رغم أحداث أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يتمتعون بالتعاطف من الجمهور الإسرائيلي، وحتى داخل الليكود هناك شرائح واسعة باتت لا تطيق عهد نتنياهو، وتعارض الهجوم على قوات الأمن بالذات في فترة الحرب".
فساد وإخفاقووسط هذا الحراك الخفي لنتنياهو والمقربين منه وانتقاداته لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية ونهجه المراوغ في الحرب على غزة، لا يستبعد محلل الشؤون الإستراتيجية والأمنية في موقع "واللا" الإلكتروني أمير أورن أن تستمر الحرب أكتوبر/تشرين الأول الماضي على غزة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024، إذا لم تتم إقالة نتنياهو والإطاحة به.
ولفت أورن إلى أن نتنياهو مرتاح لاستمرار الكابوس الأمني، فقد يستغل إطالة أمد الحرب على غزة والمعارك بهذه الوتيرة للبقاء على كرسي رئاسة الوزراء، وبغية أن يكون طوق نجاة له من ملفات الفساد التي تلاحقه، وأيضا للتنصل من مسؤولية الفشل والإخفاق الاستخباراتي بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضح المحلل ذاته أنه مع استمرار الحرب، ستتأخر شهادة نتنياهو في محاكمته بملفات فساد، وفي حالة الطوارئ الدائمة، سيمنحه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عفوا، أو يشرع بالكنيست قانونا لمنح العفو لنتنياهو.
كما أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيضطر، وفقا لمحلل الشؤون الإستراتيجية والأمنية، إلى التعامل مع الحرب بأوكرانيا والانتخابات الرئاسية، في حين سيواصل نتنياهو البحث عن مجموعات من الجنود بالجيش الإسرائيلي لالتقاط الصور القسرية لكن من دون خراطيش.
صراع خفي بين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي (الجزيرة) نتنياهو والليكودوفي ظل استمرار التراجع في شعبية نتنياهو وحزب الليكود، قدر الكاتب الإسرائيلي موشيه نستلباوم أن رئيس الموساد السابق يحلم بأن يكون رئيسا للوزراء، وقد يستغل الحرب للتنافس في الليكود وإعادة شعبيته بين الجمهور الإسرائيلي، وفي المقابل يسعى نتنياهو إلى إحباط مساعي كوهين الذي يشكل خطرا حقيقيا عليه.
وأوضح نستلباوم، في مقال له في صحيفة "معاريف"، أن نتنياهو لا يحب الورثة السياسيين، لافتا إلى أن وزراء الليكود الذين تجرؤوا على الحلم بصوت عال بمنصب رئيس الوزراء أدركوا بسرعة الخطأ الذي ارتكبوه.
ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى أن الحلم بمنصب رئيس الوزراء أصبح حقيقة قاتمة للوزراء يسرائيل كاتس ونير بركات وآفي ديختر، الذين استوعبوا بسرعة عبارة "العجلة من الشيطان" ووضعوا أحلامهم على الرف خوفا من نتنياهو.
وأشار نستلباوم إلى أن نتنياهو لا يثق في من حوله ودائما لديه شكوك في المقربين، فالولاء في السياسة ليس هو اسم اللعبة بالنسبة لنتنياهو، ومن الواضح له أن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم داخل حزب الليكود خلفاء له ينفد صبرهم.
ويخلص الكاتب الإسرائيلي لكون "الصراعات الخفية داخل حزب الليكود واستمرار تراجع شعبيته بصفوف الناخبين الإسرائيليين تلزم إحضار شخصية من خارج الحزب لتقوده وتعيد تأهيله، وربما كوهين هو هذا الشخص".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول الماضی رئاسة الوزراء الحرب على غزة رئیس الوزراء أن نتنیاهو إلى أن
إقرأ أيضاً:
المحكمة الإسرائيلية ترفض طلبا جديدا قدمه نتنياهو لتأجيل الإدلاء بشهادته في قضايا الفساد
رفض مكتب المدعي العام الإسرائيلي للمحكمة المركزية في القدس اليوم الإثنين، طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأجيل بدء شهادته في مرافعة الدفاع في محاكمته لمدة 15 يوما أخرى.
وسيتعين على القضاة الآن أن يقرروا ما إذا كانوا سيعقدون جلسة استماع بشأن مواقف الأطراف أو ما إذا كانوا سيقررون طلب الفصل دون جلسة استماع.
وقال مكتب المدعي العام "في ضوء المصلحة العامة الواضحة في إنهاء المحاكمة في أسرع وقت ممكن ومنع التأخير، وفي غياب الأسباب الحقيقية لتغيير الظروف منذ قرار المحكمة، يعارض المتهِم الطلب".
بالإضافة إلى ذلك، قالوا إنه لا ينبغي أن تكون هناك مشكلة أمنية أيضا: "بعد التوضيح من قبل المستشار القضائي للحكومة بشأن الشاباك، ظهر أن هناك عددا من الخطوط العريضة المحتملة على جدول الأعمال التي يمكن اقتراحها من أجل ضمان سير المحاكمة بشكل صحيح ومستمر، مع مراعاة الاحتياجات الأمنية لرئيس الوزراء".
وزعم نتنياهو في طلب التأجيل أن الدفاع غير مستعد وأن المحاكمة تأتي بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي اعتقاله.
ومن المقرر أن تبدأ شهادة نتنياهو في آلاف القضايا يوم الاثنين المقبل، 2 ديسمبر. وقد قدم فريق الدفاع عن رئيس الوزراء طلبا إلى المحكمة في 11 نوفمبر الجاري، لتأجيل بدء الشهادة لمدة شهرين ونصف بسبب "عبء الحرب"، ولكن بعد يومين رفضت منطقة القدس الطلب، قائلة: "لسنا مقتنعين بأن هناك تغييرا جوهريا يمكن أن يبرر تغيير تاريخ الشهادة".
وفي قرار المحكمة برفض طلب نتنياهو، قال القضاة إنه في قرارهم الصادر في 9 يوليو الماضي، عندما ناقشوا طلب محامي نتنياهو تأجيل شهادته إلى مارس 2025، "كنا قد درسنا بالفعل جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك حالة الحرب. وعلى الرغم من أن الأحداث وقعت خلال الحرب، بعضها تم تفصيله في الطلب المعروض علينا، وبعضها كان معروفا وقت اتخاذ القرار".
وقد انعقدت أولى جلسات محاكمة نتنياهو يوم 24 مايو 2020. ووفقا للقانون الإسرائيلي، لا تتطلب المحاكمة استقالة نتنياهو من منصبه إلا إذا أدانته المحكمة العليا، وهو قرار قد يستغرق تبنيه شهورا طويلة.
ويواجه نتنياهو اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الثقة، إلا أنه ينفي ذلك. ويتهم قادة في المعارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالإصرار على مواصلة الحرب على غزة، وفتح جبهة حرب على لبنان، بهدف التهرب من محاكمته، ومحاولة تحقيق نصر ربما ينقذه من المحاكمة، فيحافظ على منصبه رغم إخفاقاته منذ 7 أكتوبر 2023.