أحد صناع الأحداث الخطيرة والمثيرة للجدل في تاريخ مصر الحديث، وصف قلما يصدق إلا على عدد محدود من المسؤولين، ومن بينهم حسين الشافعي، عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، ونائب رئيس الجمهورية لأكثر من 12 عامًا في عهد الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر، ومحمد أنور السادات، والذي تحل اليوم الذكرى الـ18 لوفاته.

«الشافعي»، ولد يوم 8 فبراير عام 1918، في مدينة طنطا، والتحق للدراسة في الكلية الحربية يوم 6 أكتوبر 1936، ليتخرج فيها خلال شهر يناير 1938، ليلتحق بسلاح «الفرسان»، أي «المدرعات» حاليًا، وكان أحد العناصر الفاعلين، والمشاركين الأساسيين في ثورة 23 يوليو 1952.

حسين الشافعي.. ذكرى رحيل رجل المهام الخاصة 

عرف عن حسين الشافعي، قربه من عدد كبير من القادة وصناع القرار المؤثرين في أعقاب قيام ثورة 23 يوليو 1952، ليشارك عن قرب في صناعة كل الأحداث التي نشأت منذ هذا التاريخ، وحتى يوم 14 إبريل 1975، حين ترك السلطة رسميًا في منصب نائب رئيس الجمهورية، دون أن يصدر قرار بإقالته، أو أن يتقدم باستقالة.

«الشافعي»، كان الصديق المقرب لـ«أمير الشهداء»، الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، خلال فترة الدراسة في الكلية الحربية، وكان من دفعته في الكلية كلاً من أنور السادات، وزكريا محيى الدين، والتحق بالدراسة في «الكلية» بعدهم بـ 6 أشهر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لكن لم تتوطد علاقته به خلال فترة الدراسة، ولكن أثناء الخدمة في القوات المسلحة.

ويروي «الشافعي»، في لقاءات إعلامية سابقة له، أن معرفته بـ«عبدالناصر» تعمقت خلال أداء الخدمة العسكرية في الصحراء الغربية، وفي أعقاب ما حدث في حرب فلسطين عام 1948، أدت تلك الأحداث إلى نشأة تنظيم «الضباط الأحرار».

وخلال لقاء بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر، في إحدى المنشآت قبيل الثورة، تحدث معه عن ضرورة سرعة التحرك للقيام بالثورة، والعمل على تحسين شئون البلاد، ولم يكن يعلم أنه قائد تنظيم الضباط الأحرار، وكان يظنه منتمي له فقط، مثلما كان حاله، وجائه الرد يومها من مقربين منه، بمسئوليته عن قيادة سلاح الفرسان، أي قوات المدرعات حاليًا، بما يمتلكه من مدرعات ودبابات وسيارات مدرعة لحساب الثورة، ليبدأ في ضم أفراد جدد للتنظيم. 

تحديد موعد ثورة 23 يوليو 1952

وكان لـ«حسين الشافعي»، دور هام في تحديد موعد ثورة 23 يوليو 1952، حينما جاءته معلومة، هو وصديقه الدكتور ثروت عكاشة، عضو «الضباط الأحرار» أيضًا، حينما استقبل «عكاشة» اتصال هاتفي يوم 20 يوليو 1952، من الكاتب الصحفي أحمد أبو الفتح، وكان يشغل حينها منصب رئيس تحرير جريدة «المصري»، وتحدث معه عن تعديل وزاري مرتقب، وأن حسين سري عامر، مدير سلاح الحدود حينها، تم الاستقرار عليه ليصبح وزيرًا للحربية، وكان معروف بعدائه الشديد لتنظيم الضباط الأحرار، ليتركوا الطعام ويتوجهوا لمنزل «عبدالناصر» في كوبري القبة، ليرد قائلاً: «هما ابتدوا يتحركوا ولازم نتغدى بهم قبل ما يتعشوا بينا».

ويروي «الشافعي»، في لقاءات إعلامية سابقة له قبل رحيله، أن «عبدالناصر»، أخذ المعلومة منه، ومن الدكتور ثروت عكاشة، ليناقش مع أعضاء اللجنة التأسيسية لتنظيم الضباط الأحرار، موقفهم، وهم كلاً من عبدالحكيم عامر، وكمال الدين حسين، وصلاح سالم، وجمال سالم، وحسن إبراهيم، وخالد محيي الدين، وأنور السادات، ليتقرر أن يكون موعد الثورة يوم 21 يوليو 1952، مشيرًا إلى أن موعد الثورة تأجل ليوم 22 يوليو، مساءًا، أي ليلة 23 يوليو 1952، لعدم تمكن «السادات» من قطع الاتصالات في القاهرة لمنع أي تحركات مضادة للثورة، ولم يتم قطع الاتصالات أيضًا يوم 22 يوليو، ليتم الاجتماع يوم 23 يوليو 1952، في اجتماع مطول لمناقشة خطة التحرك بكل أبعادها، حتى انتهى الاجتماع الساعة 4:30 عصرًا، ليتوجه كل فرد لتنفيذ المهمة المطلوبة منه.

محاصرة الملك فاروق

وشارك حسين الشافعي، بفعالة في خطة ثورة 23 يوليو، حتى كلف بمحاصرة قصر رأس التين في الإسكندرية، باعتبار أن الملك فاروق، متواجد بداخله في هذا التوقيت، ليتم الدفع بكتيبته، وعناصر أخرى إلى القصر، يوم 25 يوليو 1952، كما ذهب بالطائرة يوم 24 يوليو 1952، وبصحبته محمد نجيب، وزكريا محيى الدين، وأنور السادات، وجمال سالم، وكان باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة في القاهرة.

لكن قبيل توجه القوات، تحت قيادته، لمحاصرة قصر «رأس التين»، خرج الملك ليلاً خلسة، وتوجه إلى قصر المنتزه، ليتم إرسال كتيبة أخرى لحصار القصر، ثم طُلب من الملك ترك البلاد، وتوجه بصحبة «محمد نجيب»، وعدد أخر من قيادات الثورة لتوديع الملك. 

وزير الحربية في عهد جمال عبدالناصر

وقرر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، تعيين «الشافعي» وزيرًا للحربية في أول حكومة شكلها، في وقت قال إن الوزارة هي «البداية الصحيحة للثورة»، للعمل في فلكها، بعيدًا عن توجهات تنظيمات أخرى كانت متواجدة على الساحة وقتها، مثل جماعة الإخوان الإرهابية.

ويتحدث حسين الشافعي، عن العدوان الثلاثي على مصر، ويقول إن إسرائيل هاجمت مصر، ثم جاء إنذار «فرنسي – بريطاني»، طالبًا إلغاء قرار تأميم قناة السويس، لكن مجلس قيادة الثورة اجتمع في مقر القيادة المشتركة في مصر الجديدة، وتم الاستقرار على رفض ما طلبه الاستعمار، ليتم دخولهم فيما عُرف بـ«العدوان الثلاثي».

وكان «الشافعي»، أحد المرافقين الأساسيين لجمال عبدالناصر، في خطبته الشهير في الجامع الأزهر حينها، والتي طالب خلالها الشعب المصري بالتصدي إلى جانب قواته المسلحة للعدوان الثلاثي، ليتم توزيع 500 ألف قطعة سلاح وقتها، ليقاتل الشعب مع جيشه، حتى تيقن الأمريكان والسوفيت من قدرة الشعب المصري على الصمود، ليدينوا العدوان، خصوصًا أن فرنسا وانجلترا بدأوا الحرب دون علم «واشنطن» و«موسكو». 

جهود اجتماعية وتنظيمية قضائية هامة

وعمل «الشافعي» وزيرًا للشئون الاجتماعية للبلاد، ليعاون «عبدالناصر» في تحقيق المطالب الاجتماعية للثورة، ومن بينها نظام التأمين الاجتماعي والمعاشات، كما تم في عهده إطلاق عدة مبادرات لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، مثل «معونة الشتاء»، التي تحدث عنها من قبل، كما عمل وزيرًا للتخطيط، ووزيرًا لشئون الأزهر الشريف، كما كان عضوًا في المحكمة التي حاكمت سيد قطب، زعيم جماعة الإخوان الإرهابية، كما رأس «محكمة الثورة». 

نائب رئيس الجمهورية لأكثر من 12 عامًا 

وعينه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، نائبًا لرئيس الجمهورية في عام 1963، واستمر في هذا المنصب إلى جواره طوال فترة رئاسته، كما ظل نائبًا لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حتى عام 1975.

وشارك «الشافعي» في صنع القرار في أحداث كثيرة في عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لكنه أرسل له خطابًا طلب منه عدم اعتبار المشير عبدالحكيم عامر «عبدالناصر»، بحكم أنه كان يعتبره «نفسه»، وهو الخطاب الذي وُجد في خزينة جمال عبدالناصر الشخصية عقب وفاته.

كما اصطدم حسين الشافعي مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات في مواقف كثيرة له، حتى وصفه بأنه كان ضد ثورة 23 يوليو في كل تصرفاته واتجاهاته، مشيرًا إلى أن «السادات» تجاهل دوره في عهده، حتى أنه أخفى عنه توقيت حرب أكتوبر المجيدة، رغم كونه نائبًا لرئيس الجمهورية.

وبعد خلافات طويلة، أبلغه «السادات»، عبر وسيط، أنه يعتزم تعيين نائبًا جديدًا لرئيس الجمهورية، ليقرر ترك المنصب رسميًا يوم 14 إبريل 1975، دون صدور قرار رسمي بإقالته، أو تقديمه استقالة.

وتوفي «الشافعي»، والذي خاض «مهام خاصة» كثيرة في حياته سواء قبيل أو أثناء أو بعد ثورة 23 يوليو 1952، عن عمر ناهز 87 عامًا، يوم 18 نوفمبر 2005، قبل 18 عامًا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حسين الشافعي ثورة 23 يوليو مجلس قيادة الثورة العدوان الثلاثي حرب أكتوبر الزعیم الراحل جمال عبدالناصر ا لرئیس الجمهوریة الضباط الأحرار رئیس الجمهوریة أنور السادات حسین الشافعی نائب ا فی عهد وزیر ا

إقرأ أيضاً:

عصر جديد لهذا النوع من الكمبيوتر .. الذكاء الاصطناعي هيخلي اللابتوب أقوى بكتير

يشهد العالم تحولًا كبيرًا في طبيعة العمل مع التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الوظائف المكتبية التقليدية. 

يعتمد الصحفيون، المحاسبون، المبرمجون، وغيرهم على أجهزة الابتوب في أداء مهامهم اليومية، أصبحوا اليوم في مواجهة واقع جديد حيث يهدد الذكاء الاصطناعي بفرض تغييرات جذرية على سوق العمل.

صعود الذكاء الاصطناعي: تهديد للوظائف الرقمية؟

الوظائف التي تعتمد على الابتوب لطالما تميزت بالمرونة، سواء من حيث إمكانية العمل عن بُعد أو تجنب التنقل والالتزام بالزي الرسمي. ومع ذلك، فإن هذه الامتيازات قد تكون في خطر مع التطورات السريعة في نماذج الذكاء الاصطناعي التي بدأت تُظهر كفاءة عالية في أداء المهام التي كانت تتطلب في السابق تدخلًا بشريًا.

على سبيل المثال، النماذج الحديثة مثل "GPT-4" من شركة "OpenAI" وصلت لمستويات أداء تقارب أو حتى تتجاوز الأداء البشري في مهام البرمجة. 

كما أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل "DALL·E" و"Sora" تنافس الفنانين البصريين والمصممين، مما أدى بالفعل إلى انخفاض الطلب على خدمات التصميم المستقل.

حتى في المجالات البحثية، بدأت خدمات مثل "Deep Research" من OpenAI في إظهار كفاءة عالية في إجراء الأبحاث عبر الإنترنت، بينما تُظهر النماذج "الوكيلة" مثل "Operator" قدرة متزايدة على تنسيق المهام المعقدة بطريقة تشبه أداء المديرين البشريين.

الكشف عن مولد الفيديو الجديد بالذكاء الاصطناعي في Gemini من جوجلجوجل تطلق نماذج ذكاء اصطناعي متطورة لتعزيز قدرات الروبوتاتعلي بابا تكشف عن ذكاء اصطناعي قادر على تعرف المشاعر البشريةتفاصيل أحدث برنامج ذكاء اصطناعي صيني.. هل ينافس شات جي بي تي؟سوني تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي مع ألعاب PS5 بطريقة مذهلةOpenAI تكشف عن أدوات جديدة لإنشاء وكلاء الذكاء الاصطناعيلماذا يتقدم الذكاء الاصطناعي أسرع من الروبوتات؟

على الرغم من التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي، لا تزال الروبوتات تعاني من صعوبات كبيرة في تنفيذ المهام الفيزيائية المعقدة. 

يعزى هذا التفاوت إلى ما يُعرف بـ"مفارقة مورافيك"، والتي تشير إلى أن المهام التي تبدو سهلة بالنسبة للبشر، مثل المشي أو التقاط الأشياء، تتطلب قدرًا هائلًا من التعقيد بالنسبة للآلات.

السبب الرئيسي وراء ذلك هو نقص البيانات الواقعية اللازمة لتعليم الروبوتات كيفية التفاعل مع العالم المادي. 

في المقابل، تُدرّب نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية على كميات هائلة من النصوص الرقمية، ما يتيح لها التعلم بشكل أسرع بكثير مقارنة بالروبوتات التي يجب أن تتعلم من خلال التجربة الحسية المباشرة.

 هل نحن على أعتاب تغيير جذري؟

وفقًا لدراسة أجرتها "Epoch AI"، يُمكن أن تحل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة محل حوالي 13% من الوظائف الحالية، خاصة تلك التي تعتمد بشكل أساسي على المهام الرقمية عن بُعد مثل البرمجة، والمحاسبة، والصحافة الرقمية.

ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن هذا التحول قد لا يؤدي بالضرورة إلى فقدان شامل للوظائف، بل ربما يعيد تشكيل سوق العمل، بحيث يتحول العاملون إلى وظائف يصعب أتمتتها، مثل التمريض، أو الحرف اليدوية، أو الأعمال التي تتطلب تفاعلًا إنسانيًا مباشرًا.

التكيف مع المستقبل

في ظل هذا الواقع الجديد، قد يكون الحل الأمثل هو تبني المرونة وتطوير المهارات التي يصعب على الذكاء الاصطناعي تقليدها، مثل الإبداع والمهارات الاجتماعية.

 وبينما يواصل الذكاء الاصطناعي تقدمه السريع في المجالات الرقمية، تظل الوظائف التي تتطلب تدخلًا بشريًا مباشرًا في مأمن نسبي، على الأقل في الوقت الحالي.

 ليس بالضرورة الذكاء الاصطناعي عدوًا للعمالة، بل قد يصبح أداة لتعزيز الإنتاجية، بشرط أن يتمكن البشر من التكيف مع التغيرات واستغلال هذه التقنيات لتحقيق أقصى فائدة ممكنة.

مقالات مشابهة

  • استشاري: الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات على بعض الوظائف التقليدية
  • (60) عامًا على وفاة الملك فاروق
  • بن حبتور يشارك في فعالية إحياء ذكرى رحيل شيخ الإنشاد محمد حسين عامر
  • أحكي لكم عن.. "قطايف" جمال بدوي و"لطايف" سامح حسين
  • تأمين طبي إلزامي في جميع المرافق الصحية الحكومية بدءًا من يوليو
  • عاجل - تأمين طبي إلزامي في جميع المرافق الصحية الحكومية بدءًا من يوليو
  • رحيل الكاتب النرويجي داغ سولستاد عن 83 سنة
  • عصر جديد لهذا النوع من الكمبيوتر .. الذكاء الاصطناعي هيخلي اللابتوب أقوى بكتير
  • مسلسل كامل العدد الحلقة15.. ميمي جمال تقبل الزواج من حسين فهمي بعد غيرتها من يسرا
  • وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية أسعد الشيباني: الشعب السوري عانى مثلنا من سياسات حزب البعث وكان في نضال مستمر للتخلص من النظام الشمولي ونظام الفرد الواحد