عربي21:
2024-10-05@05:15:29 GMT

الإعلام الغربي أمام أخطر امتحاناته

تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT

لم تعد إسرائيل تكتفي باتهام الإعلام العربي، وخصوصا قناة الجزيرة، بالتحيز وترويج المزاعم المغرضة. بل إن من عناصر الجدة والمفاجأة التي واكبت العدوان الهمجي على شعب غزة أن إسرائيل صارت تتهم الجميع شرقا وغربا وتطلق النار في كل اتجاه وعلى كل هدف إعلامي. إذ لم تبق اليوم وسيلة إعلام غربية كبرى إلا خاصمتها حكومة الكيان الاستيطاني الصهيوني واتهمتها بالتحيز ضدها.

القائمة تطول: وكالة رويترز، وكالة الصحافة الفرنسية، النيويورك تايمز، قناة تي. في. 5 الفرنسية، بل وحتى السي. ان. ان التي يشهد لها الكون كله بالانحياز لإسرائيل!

وقد كانت البي. بي. سي أول أهداف القنص الإسرائيلي ضد وسائل الإعلام الغربية. ليس لأن البي. بي. سي قررت هذه المرة عدم استخدام نعت «الإرهاب» الذي تعوّد الإعلام الغربي أن يلصقه آليا بحماس، بل لأنها متهمة على الدوام في أوساط الجالية اليهودية في بريطانيا بأنها يسارية الهوى ومتحاملة، بالطبع والسليقة، على دولة إسرائيل. ومثلما جرت العادة، اضطلعت جريدة جويش كرونيكول بشن الموجة الأولى من الاتهامات.

والغريب أن رئيس تحريرها جايك واليس سايمنز قد وجد مجالا رحبا لترداد اتهاماته الشاذة في شططها عند صحافي مرموق هو رئيس التحرير السابق لجريدة الغارديان، ورئيس التحرير الحالي للشهرية الفكرية «بروسبكت» آلن راسبريدجر في بودكاسته الأسبوعي المخصص لشؤون الإعلام وشجونه.

وقد كان من نتائج الهجمة الإسرائيلية على كبريات وسائل الإعلام الغربية أن عادت إلى دائرة النقاش قضايا أخلاقيات العمل الصحافي، والحياد في نقل الأحداث، والتفريق الصارم بين وظيفة الأخبار والإعلام ووظيفة التعليق والتحليل. وقد استرعى انتباهي في خضم هذا النقاش الواسع نصان. الأول مقال نشره مدير وكالة فرانس-برس فابريس فريس في لوموند يرد فيه على الاتهامات الإسرائيلية بأنها صارت «وكالة فرانس-فلسطين» (ولو أنه لم يذكر إسرائيل بالاسم، وآثر الحديث بالتعميم والتنكير عن «اتهامات بالانحياز») من خلال التذكير بالمبادئ المهنية التي تلتزمها الوكالة منذ عقود طويلة.

أما النص الثاني فهو مجمل التصريحات التي أدلت بها الباحثة جيرالدين مولمان بمناسبة صدور كتابها «دفاعا عن الوقائع» الذي تحاول فيه الانتصار للصحافة الإخبارية ضد «الغزو الثقافي» الجارف المتمثل في تفشي التحيز والتزييف. ترى مولمان أن الصحافة تعاني اليوم أخطر الأزمات في تاريخها على الإطلاق بسبب اندثار «الوقائعية» (أي الالتزام بنقل الوقائع والأحداث كما هي) وسطوة الآراء (غير المستندة على معطيات يمكن التحقق منها) وغلبة الأهواء (التي هي نقيض الحق والحقيقة لأنها لا تأتي إلا ترجمة لتحيزات أو خدمة لأغراض). وتذكر مولمان أن انتشار أخبار زائفة بعيد 7 أكتوبر، مثل زعم إسرائيل أن حماس قتلت أربعين رضيعا إسرائيليا، هو من آثار ما تسميه «تحويل العالم إلى واقع افتراضي» بحيث يتم التخلص مما يسميه ماكس فيبر «الوقائع المزعجة» أي الوقائع التي من شأنها أن تفند الآراء أو الأوهام أو الأباطيل التي تتمسك بها إحدى الجماعات تمسكا مطلقا بصرف النظر عن مدى تطابقها مع أحداث العالم الحسي الملموس.

وقد تبين أن حنا آرندت كانت محقّة عندما بكّرت منذ الستينيات بالتعبير عن القلق على ما سمته «المادة الوقائعية». ذلك أن الأكاذيب غالبة اليوم على الوقائع في وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الغلبة هي من آثار غلبة الخطابات على السرديات. والخطاب، في تعريف جيرار جينيت، هو حديث الذاتية والمشاعر والأهواء، أما السردية فهي الحديث الذي يتوخى الموضوعية لأنه يسعى إلى إحراز القبول لدى الجميع. وقد اكتشفت الصحافة أن الحاجة الاجتماعية إلى السرديات عنصر مهم في الحياة الديمقراطية: حيث أدرك أرباب الصحف الأمريكية في أواخر القرن 19 أن الوصول إلى الجمهور العريض، أي إلى أفراد ليسوا بالضرورة متفقين، يقتضي تقديم سرديات تروي أحداثا ووقائع، لا خطابات تعرض آراء تبعث بالضرورة على الانقسام.

وهكذا تسنّى للصحافة أن تضمن الاتفاق حول الوقائع قبل أن تضمن حرية الاختلاف في الآراء. أي أن السرديات الصحافية قد كانت طيلة قرن ونصف هي القاعدة المشتركة التي وفرت شرط التدافع الديمقراطي. وترى مولمان أن ضامن الوقائعية وجنديّها هو المراسل الصحافي الموجود في الميدان وجودا فعليا، «شاهدا وسفيرا». كما تؤكد أن الحياد مثال ينبغي الطموح إليه، مذكّرة بأن فيلسوف التنوير الأسكتلندي آدم سميث هو الذي أسس نموذج «المشاهد المحايد» في كتابه «نظرية المشاعر الأخلاقية».
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين فلسطين الولايات المتحدة غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

من هو النصف الآخر للسنوار الذي أعلنت إسرائيل مقتله؟

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه "قضى" على روحي مشتهى "رئيس حكومة حركة حماس" في قطاع غزة، إلى جانب مسؤولين أمنيين في الحركة وهما سامح السراج الذي تولى الملف الأمني في المكتب السياسي لحماس ورئيس آلية الأمن العام لحماس سامي عودة.

وصف الجيش الإسرائيلي مشتهى بأنه "رئيس الوزراء الفعلي" لحركة حماس في قطاع غزة وقد جرى استهدافه مع الآخرين عبر ضربة جوية حصلت قبل ثلاثة أشهر في شمالي غزة واستهدفت نفقا كان الثلاثة يختبئون فيه.

وقال الجيش الإسرائيلي إن النفق هو عبارة عن مجمع تحت الأرض محصن ومجهز، وكان يعمل كمركز قيادة وتحكم لحماس ويمكّن كبار العناصر من البقاء بداخله لفترات طويلة من الزمن.

من هو مشتهى؟

وفقا للجيش الإسرائيلي، فقد كان روحي مقربا جدا من زعيم الحركة يحيى السنوار، حيث أسسا معا قوة الأمن الداخلي لحركة حماس، وأمضيا فترة من الزمن في سجن إسرائيلي.

كانت مهمة هذه القوة المعروفة باسم "قوة المجد" هي تعقب المتعاونين من السكان المحليين مع إسرائيل.

أكد بيان الجيش الإسرائيلي أن "روحي مشتهى كان لغاية اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر أعلى شخصية في المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة، وخلال فترة الحرب قاد الأنشطة الحكومية لحركة حماس."

في نوفمبر الماضي وصف رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب مايكل ميلشتاين مشتهى بأنه بمثابة "النصف الآخر لسنوار".

وُلد مشتهى في حي الشجاعية في غزة، وهو ابن لعائلة لاجئة فلسطينية من مدينة بئر السبع الواقعة في جنوب إسرائيل.

تلقى مشتهى تعليمه في مدارس حي الشجاعية وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في سن مبكرة، وأصبح نشطا في مؤسساتها، وفقا لصحيفة "هآرتس".

في عام 1988، وبالتحديد بعد نهاية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، اعتقل مشتهى أثناء وجوده في مستشفى بغزة، حيث أصيب أثناء محاولته تجميع أو تركيب قنبلة، مما أدى إلى كسر في أصابعه، بحسب الصحيفة.

اعتقل بعدها وجرت محاكمته في إسرائيل وصدرت عليه سبعة أحكام بالسجن المؤبد.

خلال فترة سجنه، شغل مشتهى منصب "كبير السجناء" في حماس، حيث كان مسؤولا عن قيادة المفاوضات مع ممثلي إدارة السجون الإسرائيلية بشأن ظروف السجناء، وشارك في تنظيم إضرابات عن الطعام.

أطلق سراح  الرجل مع السنوار في أكتوبر 2011 كجزء من صفقة تبادل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، لينتخب بعدها عضو في المكتب السياسي لحماس في عام 2013. ومنذ ذلك الحين، ظل عضوا، حيث أعيد انتخابه مرتين في عامي 2017 و2021.

خلال عمله في المكتب السياسي، كان مسؤولا عن علاقة حماس مع مصر، وأدار المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من خلال الوسطاء المصريين.

يعتبر مشتهى واحدا من أقوى الشخصيات في حماس، وفي عام 2014، نجا من محاولة اغتيال عندما جرى قصف منزله.

في 2015 أدرجت وزارة الخارجية الأميركية مشتهى على لائحتها السوداء "للإرهابيين الدوليين" واعتبرته من مؤسسي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس. 

مقالات مشابهة

  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • (وكالة).. دول الخليج سعت لطمأنة طهران عن حيادها بشأن الصراع مع “إسرائيل”
  • أحمد أبو زيد: انتصارات 6 أكتوبر تثبت من الوقائع ما لا يقبل الضد
  • من هو النصف الآخر للسنوار الذي أعلنت إسرائيل مقتله؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • وكالة بيت مال القدس تستعرض مشاريعها في المدينة
  • من هو جعفر قصير الذي اغتالته إسرائيل؟.. صهر حسن نصر الله
  • وكالة الأنباء الفرنسية: ألمانيا تستدعي السفير الإيراني بسبب الهجوم على إسرائيل
  • الجاسر: ميتروفيتش مظلوم بإلغاء الهدف الذي سجله أمام الرياض .. فيديو
  • وكالة موديز ترسم صورة متشائمة عن اقتصاد إسرائيل