ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم التبرع لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة هذه الأيام؟ وهل هو واجب؟ وهل إخراج زكاة المال لهم أولى من غيرهم؟

حكم الزكاة في مال الميراث قبل استلامه.. الإفتاء تجيب مفتي الجمهورية : يجوز التبرع ونقل الزكاة لأهل غزة بـ القنوات الرسمية المعتمدة .. وأقول لهم لا تتركوا أرضكم

وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن الجهاد في سبيل الله تعالى شعيرةٌ ماضيةٌ إلى يوم القيامة، وهو حق كَفَلته القوانين الأرضية أيضًا؛ دفعًا للصائل وردعًا للمعتدي، وحفاظًا على العِرض والنفس والمال.

وذكرت أن الجهاد -في اللغة- هو: استفراغ ما في الوُسع والطاقة مِن قول أو فعل، منوهة أن الشرع الشريف لم يجعله قاصرًا على الجهاد بالنفس فقط، فهناك جهاد الكلمة وجهاد المال.

وأشارت إلى أن النصوص الشرعية العامة في الجهاد تنطلق على كل ما يكون في طَوق المكلف وقدرته، وليس مقصورًا على الجهاد بالسِّنان فقط، وبعضها يُصَرِّح بذلك فعلا؛ فيقول الله تعالى عن القرآن الكريم: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 52].

وعن الجهاد بالمال يقول سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: 10-11].

وأكدت أنه إنَّ كلَّ مَن وجد نفسَه عاجزًا بنفسه عن دفع المعتدي الصائل على الأرض والعِرض مِن المسلمين فإنه مُطالَب شرعًا ببذل ما يستطيع بماله عينًا أو نَقدًا لصَدِّ العدوان وتسلية المُعتَدَى عليهم مِن المستضعفين مِن الرجال والنساء والولدان.

وذكرت أن زكاة المال لها مصارف ثمانية مذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

وأشارت إلى أن زكاة المال يُشرَع دَفعُها لأبناء الشعب الفلسطيني في غَزَّة من سَهم: "في سبيل الله"؛ لأنَّ دَفع العدو في حقهم مُتَعَيِّنٌ عليهم من باب جهاد الدَّفع. وكلُّ ما يُعِينُهم على البقاء ومقاتلة العدو وصَدِّ العُدوان هو مِن جُملة آلات الجهاد، سواء أكان مالًا أم طعامًا أم دواءً، وليست آلة الجهاد مُنحَصرة في السِّلاح فقط، بل هي شاملة لما ذُكِر أيضًا.

وقد قَرَّر الفقهاء أنه يُشرع دفعُ الزكاة للمجاهد في سبيل الله وإن كان غنيًّا؛ قال العلامة الخِرَقي الحنبلي عند كلامه على مصارف الزكاة: [وسَهم في سبيل الله، وهم الغُزاة، يُعطَون ما يشترون به الدواب والسلاح وما يتقوَّون به على العدو، وإن كانوا أغنياء] اهـ، قال شارحه الإمام ابن قدامة: [وبهذا قال مالك والشافعي وإسحاق وأبو ثَور وأبو عبيد وابن المنذر] اهـ. "المغني" (6/ 333، ط. دار إحياء التراث العربي).

ومُستَنَد ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم -فيما رواه الإمام مالك في "المُوَطَّأ"-: «لا تَحِلُّ الصدَقةُ لغَنِيٍّ إلا لخَمسة» اهـ، وعَدَّ منهم: الغازي في سبيل الله.

وأما فقراؤهم ومساكينهم -وما أكثرهم- فإنهم يأخذون من هذا المَصرَف ومِن مَصرَف الفقراء والمساكين؛ لأنهم قد جمعوا وصفَ الفقر والمسكنة مع وصف الجهاد.

وعليه: فأبناء الأرض المحتلة الآن لهم أولوية في الجملة في استحقاق أموال الزكاة؛ نظرًا لشدة ظروفهم وحاجتهم المتعينة إلى الغوث -لا سِيَّما في قِطاع غَزَّة- ممَّا يعلمه القاصي والداني.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الشعب الفلسطيني التبرع زكاة زكاة المال فی سبیل الله زکاة المال

إقرأ أيضاً:

هل يجوز الذهاب لعرفات مباشرة وترك المبيت يوم التروية؟.. الإفتاء تجيب

أكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الانتقال المباشر من مكة إلى عرفات دون المبيت في منى ليلة التاسع لا يُنقص من أجر الحاج ولا يترتب عليه أي إثم، مشددًا على أن التيسير في أداء المناسك هو من منهج النبي محمد ﷺ، خاصة إذا كان هناك زحام شديد أو ظروف صحية أو تنظيمية تستدعي ذلك.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: "في الحج عندنا ثلاث درجات: ركن لا بديل عنه، وواجب يمكن جبره، وسُنة مرتبطة بالظروف وأحوال الناس، والانتقال من مكة مباشرة إلى عرفات في حال الزحام لا حرج فيه شرعًا، ولا يُعد خطأ، ولا يستوجب فدية، ولا ينتقص من ثواب الحج".

وأوضح: "الحج الذي فعله سيدنا النبي ﷺ قائم على التيسير، ولم يكن فيه تعنت أو مشقة زائدة، بل كان يراعي أحوال الناس، وبالتالي، من لم يتمكن من المبيت في منى بسبب الزحام، ثم صعد إلى عرفات مباشرة، فحجه صحيح وثوابه كامل بإذن الله".

وتابع: "النية الطيبة والرغبة في الاقتداء بالنبي ﷺ تُحتسب، حتى لو الظروف منعتك من أداء بعض السنن، فالثواب محفوظ، لأنك تركتها بعذر.. وما دمت تحج بمنهج النبي، القائم على الرحمة والتيسير، فكل خطوة لك مأجورة، والطمأنينة في قلب الحاج أهم من التشدد في التفاصيل، والتيسير لا يعني التقصير، بل هو التزام بهدي النبي ﷺ، الذي قال: (يسروا ولا تعسروا)".

هل يُستجاب دعاء غير الحاج في يوم عرفة؟.. أمين الفتوى يكشفحكم أداء الحج والعُمرة عن الغير بمقابل مادي .. عمرو الورداني يجيب | فيديوأول أيام ذو الحجة 2025 وموعد رؤية الهلال.. اعرف موعد وتواريخ وقفة عرفات وعيد الأضحىمتمتع وقارن ومفرد.. الإفتاء توضح الفرق بين أنواع الحج وكيفية أدائها

كيف تغتنم يوم عرفة؟

قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن يوم عرفة هو الركن الأعظم في الحج، وإن الحضور في هذا اليوم الفضيل داخل حدود عرفة يحقق المقصود الشرعي من الوقوف، حتى وإن كان الشخص جالسًا أو مريضًا أو غير قادر على الصعود أو الحركة.

وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء: "يوم 9 من ذي الحجة هو يوم الحج الأكبر كما جاء في الحديث عن سيدنا رسول الله ﷺ، الركن ده بيتحقق عند جماهير الفقهاء بالحضور في عرفات بعد الزوال، يعني من بعد الظهر، حتى لو الشخص موجود من يوم 8، فوجوده في اليوم التالي بيدخل في الوقوف ويجزئه تمامًا".

وأوضح أن البعض يظن أن الوقوف بعرفة يعني التواجد على الجبل أو الصعود إليه، وهو اعتقاد غير دقيق، قائلاً: "الوقوف هنا معناه الحضور، مش لازم أكون واقف فعليًا ولا لازم أطلع الجبل، لأن عرفة كلها موقف. حتى لو الشخص مريض أو نايم أو قاعد في المخيم، مدام داخل حدود عرفات، فقد تحقّق له الركن الأعظم".

وقال: "يوم 9 يوم عظيم… الناس بتبدأ اليوم بترقب وفرح، وفيه روحانية كبيرة، زي العيد بالضبط، ويمكن أعظم، لأن ده الأصل والعيد فرع.. الناس بتتواجد في المخيمات، واللي يقدر يروح يصلي في مسجد نمرة بيروح، وفيه اللي بيتأمل ويتأثر برؤية الحجاج والزحام".

وتابع: "من بعد الظهر لحد غروب الشمس، ماعندناش غير الدعاء، والذكر، والثناء على الله. ده يوم الغفران، ويوم الرجاء، ويوم ربنا بيباهي بنا ملائكته، فالمطلوب من الحاج إنه يكون حاضر بقلبه وعقله قبل جسمه، وربنا بيفتح لنا أبواب الرحمة والمغفرة يوم عرفة، واللي بيحج أو حتى بيصوم في بيته، لازم يكون مستشعر عظمة اليوم ده، ويستغله في الدعاء لنفسه ولأهله ولأمته".

مقالات مشابهة

  • في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني.. الجهاد تجدد العهد بتمسك المقاومة بتحرير الأسرى من سجون العدوّ
  • هل يجوز دفن المسلم في مقابر غير المسلمين؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الزواج مع وجود نية الطلاق؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الذهاب لعرفات مباشرة وترك المبيت يوم التروية؟.. الإفتاء تجيب
  • مفتي تعز يحذّرُ المرتزِقةَ من الانخراط في قتال اليمنيين المساندين للشعب الفلسطيني
  • هل يجوز الكذب لجبر الخواطر وإرضاء الوالدين؟ .. اعرف رد الإفتاء
  • هل يجوز صرف أموال الزكاة في إصلاح أسقف بيوت الفقراء؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يكفي قول دعاء الاستخارة بدون صلاة ركعتين؟.. الإفتاء: يجوز بشروط
  • البرلمان العربي يدعو إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني
  • هل المال المدخر للزواج وشراء مسكن الزوجية عليه زكاة؟.. الإفتاء تجيب