هل حديث «الجنة تحت أقدام الأمهات» صحيح؟
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
يسأل الكثير من الناس عن هل حديث «الجنة تحت أقدام الأمهات» صحيح؟ اجابت دار الافتاء المصرية وقالت حديث: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات»؛ رواه ابن عدي في "الكامل" من طريق موسى بن محمد المقدسي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات؛ مَن شِئن أَدْخَلْن، ومَنْ شِئن أَخْرَجْن».
كما ورد الشطر الأول من هذا الحديث: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ» من حديث أنس رضي الله عنه، برواية أبي بكر الشافعي في "الرباعيات"، وأبي الشيخ في "الفوائد"، والقضاعي، والدولابي، عن منصور بن المهاجر عن أبي النظر الأبار عن أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا به، ومن هذا الوجه رواه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"، وذكره السيوطي في "الجامع الصغير".
وقال الإمام المناوي في "فيض القدير بشرح الجامع الصغير" (3/ 361، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [قال ابن طاهر: منصور وأبو النظر لا يعرفان، والحديث منكر] اهـ.
وهذا الحديث وإن كان لفظه ضعيفًا إلا أنه ورد بمعناه حديثٌ آخر صحيح؛ رواه الإمام أحمد في "مسنده"، والنسائي -واللفظ له- وابن ماجه في "سننهما"، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسناد حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، من حديث معاوية بن جاهمة: أنه جَاءَ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ، وَقَدْ جِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَالْزَمْهَا؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلِهَا».
والمعنى أن التواضع للأمهات وإطاعتهن في خدمتهن وعدم مخالفتهن إلا فيما حظره الشرع سببٌ لدخول الجنة؛ قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (3/ 361): [الأمهات يُلتمس رضاهن المبلغ إلى الجنة بالتواضع لهن، وإلقاء النفس تحت أقدامهن والتذلل لهن] اهـ.
والخلاصة: أنَّ حديث: «الجنة تحت أقدام الأمهات» وردت فيه رواياتٌ كثيرة؛ منها ما هو صحيحٌ، ومنها ما هو ضعيفٌ؛ فيقوي بعضُها بعضًا، وهو صريحٌ في الحض على بر الأم والتواضع لها.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
بعيون الجواء
خلال زيارة سريعة لمنطقة القصيم، تشرفت بزيارة محافظة عيون الجواء، تلك المحافظة التي سمعت كثيرًا عن جمالها وروعتها، فما إن وطأت قدمي أرضها في يومٍ ممطر، حتى شعرت بالراحة والسكينة تغمرني في تلك المحافظة المباركة، بينما كنت في طريقي، لفت نظري منارات جامع تلوح في الأفق بأناقتها وطرازها المعماري الفريد وإضاءتها، فتراها من كل زوايا المحافظة في أعلى التل، منظر خلاب يعكس جمال ذلك الجامع الذي يُعتبر تحفة معمارية ترتفع بفخر فوق تلك الأراضي.
أسرني هذا المنظر الرائع، وبادرني الشوق للصلاة في الجامع، وما إن وصلتُ إليه، إلا وازدادت دهشتي بجمال وروعة المكان، تنقلت بين أروقته، مدهوشًا بتفاصيل تصميمه المعماري المبدع، وكأنني أقطن في رحاب الحرم المدني،فالأبواب تُشبه أبواب الحرم، والسقف، والأقواس، والأعمدة، والإضاءة الرائعة تتناغم في انسيابية جميلة، لا يُمكنني وصف جمالية هذا المكان في بضعة أسطر، فهو متجاوز في روعة تفاصيله، مما يجعل القلم عاجزًا عن التعبير عن إعجابي.
إن ذلك الجامع الضخم له مكانة بارزة في هذه المحافظة المباركة، فجزا الله خير من أسهم في بنائه، وأجزل الله له الأجر والثواب، وتذكرت الأحاديث في بناء المساجد أمر تتحدث عنه العديد من الأحاديث النبوية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من بنى مسجدًا لله، بنى الله له مثله في الجنة ” (رواه البخاري ومسلم) ،هذا الحديث يُظهر أهمية بناء المساجد كأماكن للعبادة والقرب من الله، ويُبرز فضل هذا العمل وأثره العظيم.
لقد شاهدنا العديد من المساجد المعمرة التي انشُئت في عصور سابقة، وما زالت تقاوم الزمن، مرتادَة من المصلين والمعتكفين وأصحاب الحاجات، إن إنفاق الإنسان ماله في سبيل الخير هو أغلى ما يمكن أن يحتفظ به بعد رحيله، فالإنفاق في أوجه الخير، وخاصةً في الأعمال الخيرية المستدامة، هو أمل كل مسلم.
ليست خسارة أن ينفق العبد ماله في سبيل الله عز وجل، يقول الله عز وجل: “مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۗ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ۖ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ” فهذه الآية تدل على فضل الإنفاق في سبيل الله، حيث يُعتبر منح الصدقة أو المشاركة في الأعمال الخيرية كقرض يرده الله لفاعله مع مضاعفته ،فالله يَعِدُ بمضاعفة هذه القروض إلى أضعاف كثيرة، مما يعكس سعة رحمة الله وكرمه ،من نحن كبشر لنقرض الغني القادر ذو القوة المتين؟ نتسابق دوماً وراء التجارة والمساهمات الدنيوية، ولكن الحكيم هو من يتسابق في أعمال الخير طامعًا في الأجر والثواب، كل شيء سيفنى، ولن يبقى إلا ما قدمه الإنسان من أعمال صالحة.
وفي الختام، أتقدم بعبارات الشكر والامتنان لأهل عيون الجواء على جمال محافظتهم، والشكر موصول لكل من ساهم في بناء هذا الجامع الجميل، الذي لم أرَ مثله في مملكتنا الحبيبة، عدا الحرمين الشريفين ،أسأل الله أن يبارك فيمن بناه، وفي القائمين على إدارته، وأن يصلح لهم أهليهم وذريتهم، وأن يبارك في أعمالهم وأموالهم.