تعرف على وفادة الجن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامهم
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
بُعِثَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الثقلين: الإنس، والجن. والجن كائنات مستترة عن أنظار البشر لهم قدرة على التجسد والظهور بأشكال مختلفة.
و قالت دار الافتاء المصرية كان إسلام الجنِّ ووفادتهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كوفادة الإنس فوجًا بعد فوج وقبيلة بعد قبيلة وحدث ذلك أكثر من مرة سواء بمكة وبعد الهجرة في المدينة المنورة.
وروي أنه في طريق عودته صلى الله عليه وآله وسلم من الطائف، أقام أيامًّا في وادي نخلة القريب من مكة، وخلال فترة إقامته هذه بعث الله إليه نفرًا من الجن استمعوا إلى القرآن الكريم، وأسلموا، وعادوا إلى قومهم مُنْذرين ومبشرين؛ كما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ۞ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ۞ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأحقاف: 29-31] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ۞ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ [الجن: 1-2].
قال الحافظ ابن كثير وابن حجر: وقول من قال: إن وفودهم كان بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الطائف ليس صريحًا في أولية قدوم بعضهم، والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء عن استراق السمع؛ دالٌّ على أن ذلك كان بعد المبعث وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا عن ذلك إلى أن وقفوا على السبب فرجعوا إلى قومهم. ولما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم قدموا فسمعوا فأسلموا، وكان ذلك بين الهجرتين، ثم تعدّد مجيئهم حتى في المدينة. انتهى.
وروى محمد بن عمر الأسلمي، وأبو نعيم، عن أبي جعفر رضي الله عنه وعن آبائه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الجنُّ في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة.
قال ابن إسحاق وابن سعد وغيرهما: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما انصرف من الطائف راجعًا إلى مكة حين يئس من خير ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلّي، فمر به النفر من الجن الذين ذكّرهم الله تعالى.
قال ابن إسحاق: وهم فيما ذُكِرَ لي سبعةُ نفرٍ من جن أهل نصيبين، فاستمعوا له، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا. فقصّ اللهُ تعالى خبرهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (وَاذكر إِذْ صَرَفْنا) أملنا إِلَيْكَ (نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ) جن نصيبين أو جن نينوى، وكانوا سبعة أو تسعة، وكان صلى الله عليه وآله وسلّم ببطن نخلة يصلي بأصحابه الفجر. رواه الشيخان.
وروى الشيخان عن مسروق قال: قلت لابن مسعود: مَن آذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ قال: آذَنَتْهُ بهم شجرة، وفي لفظ: سمرة. "صحيح البخاري بشرح فتح الباري" (7/ 171)، و"صحيح مسلم بشرح النووي" (4/ 171).
وفي روايةٍ عن أبي عبيدة أن مسروقًا قال له: أبوك أخبرنا: أن شجرةً أنذرَت النبيَّ عليه السلام بالجن. أخرجه الحميدي في "مسنده".
وروى الإمام أحمد ومسلم والترمذي عن علقمة قال: قلت لابن مسعود: هل صحب النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ليلةَ الجنّ منكم أحدٌ. قال: ما صحبه منا أحدٌ، ولكنا فقدناه ذات ليلة، فقلنا: استطير أو اغتيل، فبتنا بشرِّ ليلةٍ باتها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاءٍ مِن قِبَلِ حراء، فقلنا: يا رسول الله، إنا فقدناك، فطلبناك فلم نجدك، فبِتْنَا بشرِّ ليلةٍ بات بها قوم. فقال: «إنه أتاني داعي الجنّ، فذهبت معهم، فقرأت عليهم القرآن». فانطلق، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. "صحيح مسلم بشرح النووي" (4/ 168-170).
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي وأبو نعيم من طريق أبي عثمان الخزاعي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه وهو بمكة: «مَن أَحَبّ منكم أن يحضر الليلة أمر الجن فليفعل»، فلم يحضر أحدٌ غيري، فانطلقنا، حتى إذا كنا بأعلى مكة خَطَّ لي برجله خَطًّا، ثم أمرني أن أجلس فيه، ثم انطلق حتى قام، فافتتح القرآن، فغشيته أسودةٌ كثيرةٌ حالت بيني وبينه، حتى ما أسمع صوته، ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين حتى بقي منهم رهطٌ. وفرغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم مع الفجر. ثم سأل ابنَ مسعود فقال: «ما فعل الرهط؟» قلت: هم أولئك يا رسول الله، فأخذ عظمًا وروثًا فأعطاهم إياه، ثم نهى أن يستطيب أحدٌ بعظم أو روث.
وروى ابن سيد الناس بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني قد أُمِرْتُ أن أقرأ على إخوانكم من الجن، فليقم معي رجلٌ منكم، ولا يقم رجلٌ في قلبه مثقال حبةِ خردلٍ مِن كِبْر»، فقمت معه، وأخذت إداوةً فيها نبيذٌ -أي نقيع تمرٍ غير متخمر-، فانطلقت معه، فلما برز خط لي خطًّا وقال لي: «لا تخرج منه، فإنك إن خرجت لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة» قال: ثم انطلق، فتوارى عني حتى لم أره، فلما سطع الفجر أقبل، فقال لي: «أراك قائمًا»، فقلت: ما قعدت، فقال: «ما عليك لو فعلت»، قلت: خشيت أن أخرج منه، فقال: «أما إنك لو خرجت منه لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة، هل معك وضوءٌ؟» قلت: لا، فقال: «ما هذه الإداوة؟» قلت: فيها نبيذ، قال: «تمرةٌ طيبةٌ وماءٌ طهورٌ». فتوضأ وأقام الصلاة، فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع، فقال: «ألم آمر لكما ولقومكما بما يصلحكما؟» قالا: بلى، ولكن أحببنا أن يشهد بعضنا معك الصلاة، فقال: «ممن أنتما؟» قالا: من أهل نصيبين، فقال: «أفلح هذان، وأفلح قومهما»، وأمر لهما بالروث والعظم طعامًا ولحمًا، ونهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يُستنجى بعظمٍ أو روثة. "عيون الأثر" لابن سيد الناس (1/ 159).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ب ع ث النبي صلى الله عليه
إقرأ أيضاً:
حكم عدم الوفاء بالنذر وكفارته.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء لمصرية برئاسة الدكتور نظير عياد، عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين، عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، جاء مضمونه كالتالي: أنا سيدة متزوجة، وكنت قد نذرت قبل زواجي أن أصوم لله يومي الإثنين والخميس من شهرَي رجب وشعبان من كل عام، وقد وفيت بنذري طيلة سنوات ما قبل زواجي والحمد لله، ولكن بعد زواجي اضطررت أن أفطر بعض هذه الأيام في بعض الأحيان لظروف الحمل والرضاعة وعدم موافقة الزوج وأريد أن أعرف ما الحكم في ذلك؟ وما الحكم إذا كان زوجي يرفض هذا الصيام؟ هل أصوم وفاءً للنذر أو أطيع زوجي ولا أصوم؟.
بيان حكم عدم الوفاء بالنذرقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالوفاء بالنذر، وهى ما أمرتنا به الشريعة الإسلامية ونقلتها إلينا الأحادسث النبوية المطهرة وحثت عليها أيضًا.
وأضافت الإفتاء قائلة: أمر الله عز وجل بالوفاء بالنذر، فإذا ما نذر الإنسان شيئًا فقد ألزم نفسه به وعليه الوفاء بما نذر؛ لقول الحق عز وجل: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وتابعت: كما أمرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ»، وذلك إذا كان في مقدور الإنسان الوفاء بما نذر، وإلا فلا؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» رواه البيهقي وغيره.
كفارة النذر في الشريعة الإسلامية
وكفارة النذر هى كفارة يمين ، وهى عبارة عن إطعام 10 مساكين أو إخراج قيمتها ماليا، وإن لم يستطع ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام، والكفارة تلغى النذر ولا يكون عليه شيء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كفارة النذر كفارة يمين”.