قال القمص يوحنا زكريا، كاهن كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبوسيفين بإمارة الشارقة فى الإمارات، إن البابا تواضروس لم ينشغل عن عائلته، وكان دائم السؤال عن كل فرد على الرغم من أعباء مكانته، وأضاف أن ابن خاله الذى صار البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، شخص مميز على المستوى العائلى بحبه الظاهر للتصوير وتسجيل اللحظات الجميلة، وكذلك خطه المميز.

ووصف ابن عمة البابا تواضروس، شعوره عندما تم اختياره كخليفة للبابا شنودة الثالث، لافتاً إلى سعادته الغامرة بخير خلف لخير سلف، لكنه شعر بالخوف عليه من المسئوليات والأعباء المصاحبة للكرسى البابوى.

تجمعك مع البابا تواضروس علاقة قرابة، فكيف كان البابا على المستوى العائلى؟

- البابا تواضروس على المستوى العائلى هو شخص هادئ يركز مع الكل ويهتم بالجميع، خاصة فى اللحظات الصعبة، وأتذكر كيف اهتم بى عندما توفيت والدتى وكنت فى الخامسة عشرة من عمرى وهو يكبرنى بـ12 سنة، لكنه كان مهتماً بى على الرغم من صغر سنه، وكان يراسلنى من خلال الخطابات ويطمئن على أحوالى، ولقبه فى العائلة صانع سلام، ورجل الأزمات، حيث يتدخل ويحلها ويعطى كل شخص ما يريد، وعلى المستوى العائلى هو شخص مميز بحبه للتصوير وتسجيل اللحظات، كما أنه مميز بخطه الجميل، ومحب للعلم ويشجع الجميع على العلم ويدفع للاهتمام بالعلم ودائم السؤال عن دراستنا.

القمص يوحنا زكريا: أُشفق عليه من أعباء الكرسي البابوي وكنت أخشى أن يتعرض للظلم أو للمقارنة بسلفه 

حدثنا عن أبرز المواقف التى تجمعك مع البابا على مستوى القرابة خارج الكنيسة؟ وما ذكرياتك معه التى لا تنسى؟

- فى الحقيقة ذكرياتى مع البابا لا تنسى، وقد شملت مواقف عديدة بدأت منذ عام 2005 عندما دعانى للكهنوت فتحدثت معه فى اليوم الذى سيتم رسامتى فيه، ولم أنس تعليقه الطريف، حيث قال لى: أنت الوحيد الذى لا يرتدى اللون الأسود فى العائلة -يقصد زى الكهنة- سترتديه يوماً ما، ولكن المهم أن تكون سعيداً، غير أن الموقف الذى لم أنسه قد حمل فيه حكمة وعمق قداسة البابا عندما قال لى: يجب أن تكون زوجتك سعيدة، وأنت أيضاً يجب أن تكون سعيداً، لا تخطو خطوتك نحو الكهنوت إلا عندما تشعران بالسلام والفرح معاً، وحملت تلك الرسالة دعماً لى كبيراً فى تلك اللحظة، وبعد رسامتى كاهناً دعانا البابا تواضروس لقضاء يوم فى بيت الكرمة، ولكن حدثت بعض الظروف أعاقت خروجنا ولم نستطع الاتصال بالبابا لنخبره بتلك الظروف لكن البابا ظل يبحث عنا وقلقاً على سلامتنا حتى ساعة متأخرة من الليل، وجاء لنا ليطمئن علينا، كل هذه المواقف تجسدت فى شخصية البابا وحكمته، وتركت أثراً عميقاً فى قلبى.

هل كان البابا يهتم بالعائلة قبل رهبنته؟ وكيف ظهر ذلك الاهتمام؟

- كان يكتب لنا خطابات للاطمئنان على حالنا بعد وفاة والدتى منذ أكثر من 40 سنة بدءاً من 1980، وبالرغم من تنقلى المستمر من مكان إلى آخر على مدار حياتى، فإننى ما زلت أحتفظ بها، وهى خطابات تحمل قيمة كبيرة فى نفسى.

تمت ترقيتك إلى رتبة القمصية على يد البابا تواضروس، فكيف كان شعورك فى ذلك الوقت؟

- هذا اليوم كان مميزاً وكنت سعيداً بشكل كبير، حيث تمت رسامتى كاهناً فى عهد البابا شنودة، وتمت ترقيتى إلى رتبة القمصية فى عهد البابا تواضروس، وتحديداً فى عيد رهبنته، وتلك كانت فرصة رائعة لمشاركة هذه اللحظة الفريدة معه.

كيف كان شعور العائلة يوم وقع الاختيار على البابا ليكون بطريركاً للإسكندرية؟ وما الرسالة التى وجهتها له؟

- كنت أتابع القرعة الهيكلية لاختيار البابا تواضروس الثانى، وكنت أشعر بالفخر والسعادة، لكن كان هناك شىء ما بداخلى يجعلنى أشفق عليه من الأعباء الكثيرة التى تنتظره، كنت أقول لنفسى إن هذه مهمة صعبة جداً، وقد لا يقدرها الناس حق قدرها، كما كنت أخشى أن يتعرض للظلم أو للمقارنة بقداسة البابا شنودة الثالث.

أخشى أن أتسبب في أي ضرر أو إحراج له بسبب تهاوني أو تقصيري في خدمتي

باعتبار أنك ابن عمة البابا، صلة القرابة تلك هل تشعرك بالخوف أم الفخر؟

- أشعر بمشاعر مختلطة من الفخر والخوف تجاه البابا تواضروس، فأنا فخور بصلة القرابة تلك وأنه أصبح بطريركاً للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لكننى أخشى عليه من أى شىء قد يضر به أو يسبب له إزعاجاً، خوفى ليس من الظروف الخارجية التى قد تواجهه، مثل الضغوط السياسية أو الدينية، بل من تصرفاتى أنا شخصياً، فأنا أخشى أن أتسبب فى أى ضرر أو إحراج له بسبب تهاونى أو تقصيرى أو حتى مجرد قول شىء قد يساء تفسيره، ولهذا السبب، أحاول أن أقلل من زياراتى له، فأنا أعلم أنه من السهل علىّ الدخول إلى المقر البابوى، لكننى أفضل البقاء بعيداً حتى لا أتسبب فى أى مشكلة، وعلى الرغم من مشاعرى المختلطة، فإننى أدعم البابا وأصلى من أجله دائماً، فأنا أؤمن به وأؤمن بأنه يقود الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قيادة حكيمة.

علاقته بالعائلة

خلال اللقاءات التى تجمعنا، نتحدث دائماً عن العائلة، فهو يسأل عن كل فرد منا باهتمام وحنان، وفى إحدى المرات كنت فى الرعاية المركزة لمدة ثلاثة أسابيع، كنت أشعر أن حالتى تتدهور، فكتبت رسالة إلى البابا أطلب منه مساعدتى فى اختيار اثنين من المرشحين للكهنوت فى الكنيسة التى كنت أخدم فيها، وذلك عام 2016، وكان الوقت مبكراً، لكن رغم ذلك، رد على رسالتى فى نفس اليوم، وقال لى: أنت ستخرج من المستشفى وستكون بخير، أنت من ستقيم قداس رسامة الكهنة الجدد، وربنا يعطيك الصحة، لا تقلق ولا تخف.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تواضروس الثاني البابا تواضروس الكنيسة أخشى أن علیه من

إقرأ أيضاً:

البابا تواضروس يجيب على 6 أسئلة تشغل بال الأقباط

أجرت الإعلامية مارتا زابلوكا حوارًا صحفيًّا مع قداسة البابا تواضروس الثاني، لصالح وكالة الأنباء البولندية (P. A. P)، بينما قام الدكتور آدم حسين بالترجمة من العربية إلى البولندية.

الافتقاد 

أكد قداسة البابا خلال الحوار على أن الهدف من الزيارة هو افتقاد أبناء الكنيسة القبطية المقيمين في بولندا، مشيرًا إلى أنه توجد لنا كنيسة تخدم حوالي ٤٠٠ شخصًا، ما بين طلاب وعائلات عاملة. وهناك كاهن يخدمهم ضمن إيبارشية وسط أوروبا التي يشرف عليها نيافة الأنبا چيوڤاني، هذا إلى جانب لقاءات مع مسؤولين مصريين وبولنديين.

محبة للبابا فرنسيس 

وأكد قداسته على محبته الكبيرة للبابا فرنسيس بابا الڤاتيكان الراحل، لافتًا إلى أنهما التقيا كثيرًا، وبرحيله، فقدنا خادمًا حقيقيًا للإنسانية، ولكن في المقابل صار لنا صديقًا في السماء يصلي من أجل الإنسان والمسيحية.

واستعرض قداسته أبعاد علاقته الوثيقة بـ "البابا فرنسيس" واصفًا إياه بأنه كان علامة فارقة في تاريخ الكنيسة وتاريخ الشعوب.

وحول اللقاء الذي ترك أثرًا خاصًا، قال قداسة البابا: "كان اللقاء الأخير في مايو ٢٠٢٣ خلال زيارتي للڤاتيكان. كانت المحبة العميقة توثق علاقتنا. التقينا في ساحة القديس بطرس وأجرينا خطابات، كما تناولنا الطعام معًا في لقاء مميز تحدثنا فيه عن أخبار الكنيستين. 

وخلال اللقاء الرسمي قدمنا جزءًا من متعلقات شهداء ليبيا الأقباط، الذين استشهدوا عام ٢٠١٥، وقد بدا البابا فرنسيس متأثرًا جدًا، وأظهر مشاعر محبة عميقة، وقرر إقامة مذبح خاص على اسم هؤلاء الشهداء في الڤاتيكان".

الوحدة 

وعن رؤيته لتحقيق الوحدة بين المسيحيين، أوضح قداسة البابا تواضروس أن الطريق يتطلب عدة خطوات:
أولاً: إقامة علاقات محبة مع كل الكنائس. ثانيًا: إجراء دراسات متخصصة لفهم تاريخ وعقائد كل كنيسة. 
ثالثًا: السير في خطوات حوار لاهوتي معمق. 
وأخيرًا: أن نصلي من أجل تحقيق هذه الرغبة، لأن رغبة المسيح أن يكون الجميع واحدًا.

لقاء الأبناء مع أبيهم.. البابا يلتقي أقباط بولندا وأبناء الكنيسة الإثيوبية |صورترك فراغا كبيرا.. 3 مواقف للبابا تواضروس مع البابا فرنسيس لا تنسىالبابا تواضروس يستقبل عمدة بلدة برفينوف خلال زيارته الرعوية ببولنداالأنبا عمانوئيل يستقبل الآباء الرهبان لتقديم التعازي في انتقال البابا فرنسيس

وفيما يخص تحقيق الوحدة على أرض الواقع، أشار قداسته إلى أن هناك بالفعل خطوات حقيقية قائمة، وقال: هناك محبة متبادلة، وحوارات لاهوتية جادة، مثل الحوار القائم بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، والذي ساعدنا على فهم بعضنا البعض بشكل أعمق. ولا ننسى أن الانشقاق وقع عام ٤٥١ ميلاديًا، أي منذ خمسة عشر قرنًا، ولذلك فتصحيح المسار يحتاج إلى وقت طويل وجهد مستمر.

وعن كيفية تعميق الفهم بين الكنيستين، قال: "من الضروري أن تتعرف الكنيسة الكاثوليكية أكثر على عقائدنا وتقاليدنا. فلدينا تراث كبير وكنوز روحية من شروحات الآباء الأوائل، والكنيسة القبطية تسير في خط مستقيم منذ أيام المسيح وحتى اليوم. وأضاف: "لدينا أكثر من ٢٠٠ يوم مخصصة للأصوام كل عام، ولدينا ألحان كنسية عظيمة باللغة القبطية، وفنون الأيقونات المقدسة، وزيارة أديرتنا والتعرف على حياتنا الرهبانية يشكل خطوة مهمة للتقارب"

وحول زيارته لبولندا، أوضح أن هذه هي الزيارة الأولى لقداسته لها، وقال: “قرأت كثيرًا عن بولندا منذ وقت قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، البولندي الأصل، كما تعرفت على مدينة كراكوف والرئيس البولندي الشهير ليخ ڤاونسا. وازدادت رغبتي في زيارتها بعد زيارة الرئيس البولندي الحالي وقرينته إلى مصر، واستقبلناهما في كاتدرائية مار مرقس بالعباسية، والتقيا كذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وعن عدد الأقباط في أوروبا وخارج مصر، قال قداسته: "يبلغ عدد الأقباط خارج مصر حوالي ٣ ملايين، من أصل ٩ ملايين مصري مقيمين بالخارج. الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا تضم أكبر عدد من الأقباط. ولدينا كنائس وأديرة هناك، تخدمهم" ومسؤولية الكنيسة أن ترعى كل إنسان حتى لو كان في بلد لا يوجد به سوى ثلاثة أو أربعة أفراد، حيث يزورهم الكاهن كل ستة أشهر".

تحدث قداسة البابا عن أبرز المشكلات التي تواجه الأسر المسيحية في حياتهم بصفة عامة، فأشار إلى أن: "أول مشكلة هي المشكلات الاقتصادية، ولا سيما لدى الأسر المحتاجة منهم. ثانيًا التعليم، حيث أن التعليم الجيد مكلف للغاية. ثالثًا تأثير الإعلام الرقمي، الذي أثر على فكر وأخلاقيات الشباب، وهو أمر لا يتماشى مع ثقافتنا الشرقية. وهنا يأتي دور الكنيسة أن تحافظ على نقاوة الفكر وتحصين أبنائها من هذه المؤثرات".

محبه وتلاحم 

كما أكد أن مصر رغم التحديات، لا تعاني من اضطهاد ديني بين المسلمين والمسيحيين، قائلاً: "نعيش في محبة وتلاحم منذ قرون. نعمل ونتعلم ونتعالج معًا. التقارير التي تصدر عن حقوق الإنسان كثيرًا ما تكون مسيسة. أدعوكم لزيارة مصر ورؤية الحقيقة بأنفسكم."

عن مصادر الدعم الروحي، قال: "الدعم الحقيقي يأتي من الله وحده، ومن الكنائس والأديرة. الله محب لكل البشر، صانع للخير، وضابط للكل. لذلك، نحيا في طمأنينة وسلام، ونكرر كل يوم: يا ملك السلام، أعطنا سلامك."

وحول من يعايشون أزمات إيمانية أو الشك، أضاف البابا: “الابتعاد عن الله يدخل الإنسان في دائرة الشك واليأس، مما يؤدي إلى مشكلات خطيرة مثل الإلحاد والانتحار. العالم اليوم بحاجة إلى المزيد من الحب، فالجوع الحقيقي في العالم ليس للمادة بل للمحبة."

وفي ختام حديثه، شدد قداسة البابا على أهمية المحبة والخدمة في دور الكنيسة لمساعدة كل إنسان.

طباعة شارك البابا تواضروس البابا تواضروس الثاني وكالة الأنباء البولندية قداسة البابا

مقالات مشابهة

  • قداسة البابا يلتقي أبناء الكنائس الأرثوذكسية والموارنة برومانيا | صور
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية لتقديم التعازي في انتقال البابا فرنسيس
  • كرادلة الكنيسة الكاثوليكية يجتمعون في روما لانتخاب خليفة للبابا فرنسيس
  • مفيش أصوام.. الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بأيام الخمسين المقدسة| تعرف عليها
  • البابا تواضروس: أزمة العالم ليست اقتصادية.. بل في نقص المحبة
  • لقاء الأبناء مع أبيهم.. البابا تواضروس يلتقي أقباط بولندا وأبناء الكنيسة الإثيوبية
  • البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تسير في خط مستقيم منذ أيام المسيح
  • البابا تواضروس يجيب على 6 أسئلة تشغل بال الأقباط
  • لقاء الأبناء مع أبيهم.. البابا يلتقي أقباط بولندا وأبناء الكنيسة الإثيوبية |صور
  • وداع البابا فرانسيس.. مشهد جنائزي تاريخي لرجل غيّر وجه الكنيسة الكاثوليكية