فى بداية تقلده مهام الكنيسة، أكد البابا تواضروس الثانى أن الكنيسة ليست حزباً ولا دخل لها فى الشأن السياسى، ولكنها مؤسسة وطنية لا تنفصل عن الوطن فى أى وقت عصيب مر عليها، ليبدأ عمله بدور حكيم فى صالح الوطن والكنيسة بعد أحداث 2011، ولم تكن علاقة الكنيسة بالدولة خلال عام توليه المهام الكنسية فى أفضل حال، بل كان هناك سوء تفاهم متبادل، إذ خرج البطريرك الـ118، بعد يومين من توليه منصبه، معترضاً على مسودة الدستور الذى طرحته حكومة الإخوان عام 2012، قائلاً: «الدستور يجب أن يكون شاملاً ويعبر عن كل المصريين».

وخلال الفترة التالية استُهدفت الكنائس بالحرق ومحاولات الهدم، واعتدت جماعة الإخوان على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والمقر البابوى، ونالت بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013 من أكثر من 65 كنيسة فى 15 محافظة، بالإضافة إلى محاولات زرع الفتنة الطائفية، ليرد البابا تواضروس الثانى على تلك الأحداث بمقولته التاريخية «إن أحرقوا كنائسنا سنصلى فى المساجد، وإن أحرقوا المساجد سنصلى فى الشوارع. وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن»، ليؤكد بتلك العبارة أن الوحدة والتضامن أهم بكثير من أى اعتداءات تتعرض لها المؤسسات الدينية، كما دعا إلى الحفاظ على وحدة الوطن وضمان حرية ممارسة العبادة لجميع المواطنين دون تمييز أو عنصرية.

وأظهرت تصريحات البابا تواضروس، عقب ثورة الثلاثين من يونيو، تمسكه بوحدة وسيادة مصر، حيث عبّر عن رفضه التدخل الأجنبى فى الشئون المصرية، ورفض لقاء الوفود الأجنبية، ومنح تلك المسئولية للأنبا موسى، أسقف الشباب، الذى كان يشترك معه فى الرؤية الوطنية، كما شارك البابا بعد أشهر من توليه منصبه فى إقرار خارطة الطريق وعزل الرئيس محمد مرسى، فى لحظة فارقة فى تاريخ الوطن.

وبعد مرور 11 عاماً على تولى البابا تواضروس الثانى كرسى البابوية، استمر فى دوره الوطنى الذى بدأه منذ اليوم الأول، حيث أصدر توجيهاته بضرورة مشاركة الكنيسة فى العمل المجتمعى من خلال أسقفية الخدمات العامة ودعم مبادرة «حياة كريمة» التى ساهمت فى تحسين أوضاع المحتاجين فى العشوائيات، كما أكد أهمية المشاركة الوطنية فى بناء مصر والفخر بالإنجازات التى تحققت فى تلك الفترة.

وطالب البطريرك الـ 118، فى تصريحات له، المصريين بالمشاركة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة من أجل رسم صورة لمصر أمام العالم كله، مؤكداً أن المشاركة واجب وضرورة لاستكمال مسيرة التنمية وصنع المستقبل الأفضل الذى نتطلع إليه، كما أعرب عن دعمه للرئيس فيما يتعلق بالأوضاع داخل غزة ورفض نقل الفلسطينيين إلى سيناء، وحث الأقباط على المشاركة فى تقديم المساعدات للفلسطينيين.

«كريم»: دوره الوطني بارز

وقال كريم كمال، الكاتب والباحث فى الشأن القبطى، إن البابا تواضروس الثانى تولى المسئولية فى ظل ظروف سياسية صعبة للغاية، حيث كانت مصر تحت حكم الجماعة المحظورة التى كانت تقود البلد فى ذلك الوقت نحو الهاوية، ونجح البابا تواضروس فى التعامل معهم من خلال تأكيده أن الكنيسة القبطية تؤمن بأن مصر وطن للجميع يقوم على أسس المواطنة، وقد حاولت الجماعة المحظورة جر الكنيسة أكثر من مرة إلى صراعات عديدة، ولكن البابا تعامل معها بكل حكمة.

وأضاف، لـ«الوطن»، أنه عندما خرج الشعب المصرى إلى الميادين فى 30 يونيو، انحاز البابا تواضروس إلى الشعب وساند ثورته من خلال مواقف وطنية سوف يذكرها التاريخ بكل فخر، وأثناء ذلك تم حرق عدد من الكنائس فى محاولة لإثارة الأقباط، ولكن كان رد البابا «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، مشيراً إلى أنه خلال 11 عاماً قاد البابا تواضروس الكنيسة بكل حكمة، محافظاً على الدور الوطنى للكنيسة الممتد منذ تأسيس الكرسى المرقسى، واستكمل الدور الوطنى فى العصر الحديث الممتد من عهد البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث، وحافظ على هذا الدور الذى يقوم على أهمية المواطنة والحفاظ على الوطن والدفاع عنه فى جميع المحافل الدولية، وهو دور محل تقدير الأقباط وكل المصريين.

«رامي»: مؤمن بأن الكنيسة وطنية حتى النخاع

وأشار الدكتور رامى عطا، أستاذ الصحافة بأكاديمية الشروق، إلى أن البابا تواضروس جاء خلفاً للبابا شنودة الثالث، ليؤكد أنه يسير على خطى الآباء البطاركة الذين سبقوه فى تأكيد وطنية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ودورها فى خدمة المجتمع، وهو ما أوضحه فى عظاته وكتاباته وحواراته التليفزيونية والصحفية، بالإضافة إلى مواقفه، فهو يؤمن بأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة وطنية حتى النخاع، موضحاً أن البابا تواضروس حدد دور الكنيسة بقوله: «الكنيسة معنية بالشأن الروحى أولاً وأخيراً للإنسان المسيحى، وخادمة لكل إنسان فى المجتمع، كما أنها معنية بهموم الوطن؛ بأفراحه وأحزانه، ولا تتأخر عن مشاركة المجتمع بالصلاة والعمل والخدمة والمساعدة من أجل تحقيق السلام الداخلى والسلام الاجتماعى والانسجام الشعبى بالفكر والقول والفعل فى مجتمع بلادنا العزيزة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تواضروس الثاني البابا تواضروس الكنيسة البابا تواضروس الثانى

إقرأ أيضاً:

البابا تواضروس يستقبل وفدا من الرهبان الفرنسيسكان

استقبل البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة، ظهر اليوم، الأب ريمون جرجس الزائر العام للرهبان الفرنسيسكان، والأب مراد مجلع الرئيس الإقليمي للرهبان الفرنسيسكان بمصر، والأب باخوم عويضة سكرتير الزائر العام، يرافقهم الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكي للسينما.

تفاصيل لقاء البابا والرهبان

ونقل الأب ريمون لقداسة البابا في بداية اللقاء تحيات غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وتناول اللقاء حوارًا حول الدور الهام لمدارس الفرنسيسكان في المجتمع المصري.

وأشار الوفد إلى احتفال الفرنسيسكان بمرور 800 سنة على القديس فرانسيس الأسيزي، وهو أحد قديسي الكنيسة الكاثوليكية، ومؤسس الرهبنة الفرنسيسكانية.

البابا يستقبل وفدًا من كنائس جنوب إفريقيا

كما التقى البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة، صباح اليوم، وفدًا من كنائس جنوب إفريقيا ومنظمة كنائس من أجل السلام في الشرق الأوسط والكنائس اللوثرية الأمريكية، يرافقهم الدكتور القس أندريا زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر.

وأعرب أعضاء الوفد خلال اللقاء عن اهتمامهم بدعم جهود السلام في الشرق الأوسط، وخصوصًا في قطاع غزة، مشيرين إلى أن مؤسسة كنائس من أجل السلام تعمل مع رؤساء الكنائس من أجل الوصول إلى هذه الغاية.

وقدّم البابا للوفد نبذة عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وانتشارها الحالي حول العالم، مشيرًا إلى علاقة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الطيبة مع الحكومة المصرية والأزهر الشريف وكافة الكنائس. 

كما عبر البابا عن تقديره لجهود الوفد في تعزيز السلام في المنطقة، مشددًا في الوقت ذاته على أهمية الحكمة في القيادة والمسؤولية لتحقيق نتائج مستدامة.

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس يعيد الدعوة لشراء "الكرازة" و"وطني"
  • البابا تواضروس يدعو لشراء مجلة الكرازة ووطني
  • وفد الرهبنة الفرنسيسكانية يزور البابا تواضروس الثاني
  • بث مباشر| البابا تواضروس يلقي عظته الأسبوعية من مدينة نصر
  • البابا تواضروس يستقبل وفدا من الرهبان الفرنسيسكان
  • البابا تواضروس يستقبل وفد كنائس جنوب إفريقيا ومنظمة "كنائس من أجل السلام" والكنائس اللوثرية الأمريكية
  • رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد كنائس جنوب إفريقيا يلتقون البابا تواضروس
  • اليوم.. البابا تواضروس الثاني يستقبل وفدًا من مجلسي كنائس جنوب إفريقيا وأمريكا
  • الأنبا مارك يشارك في احتفالات الكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية بتكريس زيت الميرون
  • الكنيسة الكاثوليكية تحتفل باليوم العالمي الـ110 للمهاجرين واللاجئين في القدس