قال القمص أنطونيوس باقى، وكيل المقر البابوى لمنطقة شمال كاليفورنيا وغرب الولايات المتحدة الأمريكية، إن البابا تواضروس استطاع قيادة الكنيسة بحكمة فى وقت مرت مصر فيه بمفترق الطرق -وقت الثورة وحكم الإخوان- كما وضع العديد من اللوائح والأنظمة التى أصبحت جزءاً أساسياً من حياة الكنيسة، وأضاف «باقى»، وهو ابن عم البابا تواضروس، خلال حواره لـ«الوطن»، أن العائلة كانت سعيدة بالمكانة التى وصل إليها البابا، موضحاً أنه شارك فى التصويت بالقرعة الهيكلية.

البابا أول من سلك طريق الكهنوت فى العائلة، فهل يمكنك أن تشاركنا ببعض الذكريات الشخصية التى تربطك بالبابا وكيف هى علاقته بالعائلة؟

- كان البابا وما زال شخصاً محباً ومبالغاً فى لطفه على المستوى العائلى، فكانت علاقته مع أسرته رائعة، خاصة علاقته مع والدته، كان دائماً يُعامل والدته بكل حب واحترام، وكانت هناك علاقة وثيقة بينه وبين أخته الكبيرة أيضاً، كنا دائماً نتجمع كعائلة كبيرة فى المناسبات المختلفة على الرغم من أنه كان يعيش مع عائلة والدته فى دمنهور وأنا مقيم فى الزقازيق، لكنه كان حريصاً على الحضور، كما كان فى صغره يسبق الآخرين فى الفكر والتفكير والعطاء على الرغم من صغره.

هل تذكر أى مواقف مشتركة مع البابا تود مشاركتها مع الناس؟

- ذكريات كثيرة وجميلة جداً تتعاقب فى ذهنى، ولكن فى أحد الأيام عندما زرت البابا فى دمنهور، كنت صغيراً جداً فى تلك الفترة، والبابا كان فى العشرينات من عمره وقدم لى درساً جميلاً قبل النوم، حيث طلب منى أن أقوم برسم الصليب على الأربع جهات: على رأسى وعلى قدمى وعلى يدى اليمنى واليسرى، وقال لى إن ذلك سيكون تذكيراً دائماً بالصليب وسيحفظك طوال الليل، وحقاً، لا يزال هذا التدريب جزءاً من حياتى حتى اليوم، وهو شىء تعلمته من البابا.

ما القيم التى تعلمتها من البابا؟ وكيف أثرت على حياتك؟

- كان البابا ولا يزال شخصاً محباً وطيباً يمارس حياته بتلقائية شديدة، وخدمته أهم ما عنده وكان أميناً فى حياته وعمله.

لماذا لم يختر البابا ممارسة مهنة الصيدلة؟

- تخرج البابا فى الصيدلة وكان بإمكانه العمل فى الصيدليات أو حتى فى شركات الدعاية الخاصة بالدواء، وكان لديه فهم عميق للسوق وسياسته، إلا أنه رفض العمل لأنه كان يعلم أن بعض الفقراء لا يستطيعون الحصول على الدواء، ودائماً ما كان يعتقد أن الإنسان يجب أن يحصل على الدواء الذى يحتاجه دون معوقات، لذا رفض العمل الذى يحمل فى فكرته احتمال الشك أو عدم الأمانة فى تقديم الخدمة، ولهذا السبب رفض فكرة العمل فى شركة أدوية بسبب المواعيد المحددة التى تؤثر على وقته فى خدمته، وبدلاً من ذلك، انتقل للعمل فى مجال مختلف مرتبط بالصيدلة واكتسب خبرة قيمة فى صناعة الأدوية، وبقى وفياً لخدمته.

القمص أنطونيوس باقى: توجه للدير في ظروف صعبة

حدثنا عن كواليس دخوله الدير وموقف الأسرة من هذا القرار؟

- بعد وفاة زوج شقيقته الكبرى هدى، كانت الوفاة فى الإسكندرية، وكنت أعلم بأن البابا تواضروس كان يفكر فى الذهاب إلى الدير بعد وفاة زوج أخته لكنه كان يتردد بسبب التزامه بالعائلة، وسألته عما يخطط لفعله، وكان مرتبكاً جداً، وحائراً بين شوقه للعيش فى الدير والتفرغ للحياة الرهبانية، والتزامه بأسرته، وكانت هذه قرارات صعبة بالنسبة إليه، والفضل فى تشجيعه لاتخاذ القرار يعود إلى الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، الذى شجعه على الانتقال إلى الدير مطمئناً إياه بأنه سيهتم بأسرته، وكانت هذه الفترة صعبة بالنسبة له، ولكنه اتخذ القرار بفضل اشتياقه للحياة الرهبانية، وكان يفكر فيها باستمرار، ومع ذلك كان أيضاً خادماً مخلصاً جداً لأسرته ومجتمعه، فحينما دخل الدير استمر فى خدمة الله والناس بنفس الشغف والاجتهاد.

الأنبا باخوميوس شجعه بعد قطعه وعدا للاهتمام بعائلته

خرج البابا من عائلة كهنوتية، فكيف كانت مشاعر العائلة حينما تم إعلانه بطريركاً للكرازة المرقسية؟

- الحقيقة كانت العائلة سعيدة بمثل هذه المكانة التى وصل إليها البابا، حتى إننى شاركت فى التصويت فى الانتخابات البابوية بنفسى، ومنذ اللحظة التى تم فيها الاختيار وسمعت اسمه أثناء القرعة الهيكلية، بدأت دموع الفرح تتساقط، وكانت الفرحة حيث كان من الجميل أن أكون أحد أفراد عائلة البطريرك، وأما عن مشاعر والدته سامية التى كانت فى المستشفى، فى ذلك اليوم، على الرغم من فرحتها الكبيرة لأن ابنها اختير ليكون البابا البطريرك، كانت تشعر فى الوقت نفسه بالقلق والمسئولية، وكانت تخشى عبء المسئولية الكبيرة التى ستكون على عاتقه، وكانت تعلم أن الخدمة ستكون صعبة وأن الناس لن يتركوه فى سلام، وكانت عاقلة ومتزنة جداً فى تعبيرها عن هذه المشاعر، والحقيقة أن مشاعرها تشبه بعض الشىء ما شعرت به العذراء مريم عندما شاهدت ابنها يصلب على الصليب.

المتفانى

يمكننى القول إن البابا تواضروس وضع العديد من اللوائح والأنظمة التى أصبحت جزءاً أساسياً من حياة الكنيسة، وسيتم الاعتماد عليها حتى لو تم إجراء بعض التعديلات عليها، وفى الحقيقة يتميز البابا تواضروس بشخصية منظمة للغاية، سواء فى إدارة الأمور الكنسية بمصر والإسكندرية أو فى الجوانب الإدارية الأخرى المتعلقة بالكنيسة، وهذه السمات تعكس مهارته فى الإدارة والقيادة، وتظهر تفانيه فى خدمة الكنيسة والمجتمع.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تواضروس الثاني البابا تواضروس الكنيسة البابا تواضروس

إقرأ أيضاً:

البابا تواضروس يصلي قداس وتجنيز نيافة الأنبا باخوميوس بالبحيرة | صور

صلى قداسة البابا تواضروس الثاني صباح اليوم قداس يوم الاثنين من الأسبوع السادس من الصوم الأربعيني المقدس في كنيسة القديس مار مرقس الرسول بدمنهور، بحضور جثمان مثلث الرحمات الأنبا باخوميوس مطران إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية ورئيس دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، وشيخ مطارنة الكنيسة القبطية، الذي رقد في الرب أمس.

مدرسة في الخدمة

وشارك قداسة البابا في القداس إلى جانب نيافة الأنبا بولا مطران طنطا، والنائب البابوي لإيبارشية البحيرة، عدد من الآباء المطارنة والأساقفة ومجمعي كهنة الإيبارشية ورهبان الدير.

وألقى نيافة الأنبا بولا كلمة في القداس قدم خلالها التعزية لقداسة البابا ولمجمع كهنة وشمامسة وخدام وشعب الإيبارشية في نياحة نيافة الأنبا باخوميوس، واصفًا المطران المتنيح بأنه كان مدرسة في الخدمة تتلمذ فيها كثيرون.

واستعرض نيافته رحلة خدمة نيافة الأنبا باخوميوس خلال مراحل حياته الممتدة والبلاد التي خدم فيها شماسًا وراهبًا وأسقفًا.

وكشف نيافته عن تفاصيل مهمة خلال إدارة نيافة الأنبا باخوميوس لعملية انتخاب البطريرك عام ٢٠١٢، لافتًا بصفته شاهد عيان على تلك الفترة، إلى حسن التدبير والرؤية الحكيمة والتدقيق في كافة التفاصيل والشفافية الكاملة والأمانة التي جرت بها الانتخابات انتهاءً بالقرعة الهيكلية.

وقال نيافته موجهًا كلامه لقداسة البابا: "بالأمس ودعته بكل اتضاع كابن، وبالأمس القريب تتذكر كيف أنه في تجليسكم انحنى أمامكم كابن مطيع!. لقد قدمتم قداستكم ونيافته صورة أكثر من رائعة لعظمة الكنيسة القبطية من خلال هذه العلاقة السامية، نشارككم مشاعركم النبيلة في توديع هذا الحبر العظيم".

وعقب انتهاء القداس بدأت صلوات التجنيز التي انضم إليها عدد آخر من الآباء المطارنة والأساقفة ووفود من كهنة ورهبان بعض الإيبارشيات والأديرة.

حضر التجنيز محافظ البحيرة الدكتورة چاكلين عازر ومدير أمن البحيرة وقيادات المحافظة الأمنية والتنفيذية ونواب البرلمان، وممثلو الأزهر والأوقاف وعدد من الطوائف المسيحية، وشكرهم نيافة الأنبا  بولا مثمنًا حرصهم على المشاركة وتقديم العزاء رغم ارتباطهم بعيد الفطر المبارك الذي يحل اليوم.

قامة روحية وكنسية ووطنية

وألقى قداسة البابا العظة، وقال في بدايتها: "نجتمع اليوم لنودع ليس مجرد شخص وإنما قامة روحية وكنسية ووطنية تُكتَب أعمالها في تاريخ الكنيسة وتاريخ الوطن" مشيرًا إلى أن نيافته على مدار أكثر من نصف قرن جاء لتأسيس إيبارشية البحيرة التي لم يكن لها وجود، ولكنه بدأ في العمل فيها بقوة وإيمان واجتهاد وأمانة، عمل فيها بوصفها جزء من الوطن.

ولفت قداسة البابا إلى أن نيافة الأنبا باخوميوس أحب شعبه، وشعبه أحبه كذلك، وأن الحب كان العلامة المميزة لكل ما صنعه في الإيبارشية، وأنه خلال عمله فيها خدم في مناطق حضرية وريفية وصحراوية وساحلية وعمالية ومع كل هذا التنوع في البيئات نجح فيها كلها وعمل عملاً جادًا.

وحدد قداسته ثلاثة مقومات عبر من خلالها نيافة الأنبا باخوميوس بشكل عملي عن محبته لكل من في البحيرة سواء مسلمين أو مسيحيين، وهي:
١- الأبوة: كان يتسم بالحب منذ مطلع شبابه، وهي سمة لازمته طوال حياته وفي كل الأماكن التي خدم فيها، لقد كانت الأبوة هي المفتاح، فهي التي جذبتنا إلى شخصيته المباركة، كان أبًا للكبير والصغير، وكنا نراه في محبته للأطفال وجعل من أحد الشعانين عيدًا للطفولة، وقدم أبوة للشباب والخدام والخادمات والأسر والشمامسة والرهبان. وهكذا كانت علاقته أيضًا مع الآباء المطارنة والأساقفة.

٢- التعليم: فهو عمل وعلم كثيرًا وكان التعليم جزءًا أسياسيًّا من خدمته، فأسس الكلية الإكليريكية وفروعها، ومعاهد للكتاب المقدس والألحان والموسيقى.

وروى قداسته أنه منذ أربعين حينما كان قداسته خادمًا في كنيسة الملاك بدمنهور اقترح على نيافة الأنبا باخوميوس عمل معرض للكتاب المسيحي، فشجع نيافته الفكرة، وجاء خصيصًا وافتتح المعرض واشترى كتابًا وقدم تبرعًا لدعم المعرض.

وروى قداسة البابا موقفًا آخرًا، حدث في بداية خدمة نيافة الأنبا باخوميوس في الإيبارشية حينما زار إحدى القرى فوجد مجموعة من أطفال القرية لا يرتدون أحذية، فانزعج واشترى على الفور مجموعة كبيرة من الأحذية، وأعطى اهتمامًا كبيرًا لتعليم أهل القرية كيفية السلوك بشكل صحيح، فهو كانت لديه قناعة أن التعليم من أجل تغيير السلوك، من منطلق أن الكنيسة تبني المجتمع وتعد المواطن الصالح وهذا دور أساسي لها. وكذلك كنا نراه يلقي كلمات قوية في المناسبات الوطنية، تكشف عن محبته للوطن وحرصه الدائم على سلام المجتمع.

الذين نحبهم لا يموتون

٣- الخدمة: 
لقد وضع نيافة الأنبا باخوميوس عشرة مبادئ لخدمة التنمية، قامت عليها الخدمة في هذا المجال، وكانت له العديد من الأعمال والخدمات في الخفاء داخل مصر وخارجها، وخدم الوطن بكل إخلاص، حتى أن بعض المسؤولين وصفوه بأنه رجل دولة نظرًا لحرصه الدائم على حفظ سلام المجتمع والوطن.

ترتيب صلوات الثالث واستقبال المعزين في نياحة مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوسالبابا تواضروس يتقدم موكب استقبال جثمان نيافة الأنبا باخوميوس في دمنهور.. صورالبطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يشارك في صلوات تجنيز نيافة الأنبا باخوميوسصلوات تجنيز مثلث الرحمات الأنبا باخوميوس بالكاتدرائية.. صور

واختتم قداسته قائلاً: "نيافة الأنبا باخوميوس سطر بحياته صفحة ناصعة البياض في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وإن كنا نودعه، فإننا نثق أنه لن يفارقنا، فالذين نحبهم لا يموتون إذ يعيشون فينا بما تعلمناه منهم".

وقدم قداسة البابا التهنئة بعيد الفطر المبارك للأخوة المسلمين الحاضرين متمنيًا لهم السلام والخير.

ثم حمل جثمان الأب المطران الجليل المتنيح إلى دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، حيث تم وضعه في المقبرة التي أعدها لنفسه هناك إلى جوار مقبرة مثلث الرحمات نيافة الأنبا إيساك الأسقف العام.

وتقدم قداسة البابا موكب الجثمان إلى الدير، حتى إتمام عملية وضع جثمان الأب والمعلم في المقبرة.

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس الثاني يصلي قداس وتجنيز الأنبا باخوميوس بالبحيرة
  • البابا تواضروس يصلي قداس وتجنيز نيافة الأنبا باخوميوس بالبحيرة | صور
  • تفاصيل|صلوات تجنيز الأنبا باخوميوس برئاسة البابا تواضروس بالكاتدرائية
  • وزير الشباب ينعى الأنبا باخوميوس
  • شيخ الأزهر يعزي البابا تواضروس في وفاة الأنبا باخوميوس
  • البابا تواضروس الثاني عن الأنبا باخوميوس: كان نموذجًا في الوداعة والمحبة
  • البابا تواضروس الثاني ناعيًا الأنبا باخوميوس: كرس حياته إلى لله والكنيسة
  • القس رفعت فكري يعزي البابا تواضروس في نياحة الأنبا باخوميوس
  • ماذا قال شيخ المطارنة في تجليس البابا تواضروس؟
  • صور.. بدء صلوات تجنيز الأنبا باخوميوس في الكاتدرائية المرقسية