يرى محللون أن عدم تطبيق قرارات القمة العربية والإسلامية الأخيرة، وخاصة ما يتعلق بكسر الحصار وفرض إدخال المساعدات، يرتبط بغياب الإرادة السياسية والخوف من أن يفعل بهم الاحتلال الإسرائيلي ما يفعله بأهل قطاع غزة.

وكان زعماء الدول العربية والإسلامية دعوا -في البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المشتركة التي انعقدت في العاصمة السعودية يوم الـ11 من الشهر الجاري- إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وإلى كسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع.

وقال المحلل في الشؤون الدولية حسام شاكر إن الغطاء الجماعي المشترك بين العرب والمسلمين يفترض أن يوفر مظلة كافية لأي خطوة عربية باتجاه إدخال قوافل إنسانية إلى قطاع غزة، ويمكن أن تنضم لهذا الموقف دول أخرى من أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.

غير أن القمة العربية والإسلامية التي انعقدت مؤخرا في الرياض، تفتقد إلى الإرادة السياسية، مرجحا أن يكون العجز العربي في حالة غزة يعود للخوف من الاحتلال الإسرائيلي الذي قال إنه يرعب الإقليم بما يفعله بالفلسطينيين في غزة، حيث إن ما يجري هو رسالة للعواصم "من يرفع رأسه سنفعل به هكذا.. سنلقي عليه القنبلة الذرية"، التي هدد بها غزة أحد وزراء حكومة بنيامين نتنياهو.

ورغم حالة العجز العربي والإقليمي، فإن شاكر يرى أن ضغطا شعبيا عربيا واضحا ومباشرا وسريعا يمكن أن يساعد في تقوية الموقف الرسمي، وذلك بأن تطالب الشعوب بتطبيق قرارات القمة الأخيرة بشأن قطاع غزة.

وأشار في السياق نفسه إلى أن الإقليم العربي استطاع أن يقاوم الإرادة الأميركية في موضوع "أوبك بلوس" مثلا وتحكّم في أسعار النفط، كما استطاع أن يتغلب على الإرادة الأميركية والغربية بخصوص العقوبات على روسيا.

وخلص المحلل -الذي كان يتحدث ضمن الوقفة التحليلية على قناة الجزيرة "غزة.. ماذا بعد؟"- إلى أن العرب والمسلمين هم الآن أمام صراع إرادات: إما إرادة القمة التي عقدوها مؤخرا، وإما إرادة نتنياهو وجيشه في أن يمنعوا أي قافلة إنسانية من دخول غزة.

و"لو خسر العرب والمسلمون هذه المعركة، فمعنى ذلك أن اللعبة انتهت وأنهم لم يستوعبوا درس السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي"، كما أوضح المحلل.

أما الدكتور حسن أيوب، وهو أستاذ السياسة الدولية والسياسات المقارنة في جامعة النجاح الوطنية، فقال إن أحد مفاتيح إنهاء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق سكان قطاع غزة هو وجود موقف عربي وإسلامي فعلي وعملي، وليس مجرد شعارات وبيانات تنديد.

وأشار إلى أن الجامعة العربية لم تعد ميدانا لصنع السياسات العربية أو التعبير عن المواقف المشتركة أو تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، أو للحديث عن منظومة عربية موحدة لمواجهة العدوان الإسرائيلي، مؤكدا وجود تباينات شديدة واستقطابات حادة بعد ثورات الربيع العربي والسياسات الأميركية التي عمدت إلى إنشاء أحلاف ومحاور عربية وإقليمية أثرت على وحدة الموقف العربي.

وقال إن آخر مرة اتخذ فيها قرار سياسي عربي موحد كان عام 2002 عندما تم تبني مباردة السلام العربية، وذلك تحت ضغط الانتفاضة الثانية.

وركز أيوب على موقف الدول المحيطة بفلسطين المحتلة وخاصة مصر والأردن بخصوص ما يحدث في قطاع غزة من عدوان وإبادة جماعية، وقال إن الدولتين وصلتا إلى استنتاج بأن الولايات المتحدة -وهي حليفتهما- يمكن جدا أن "تبيعهما" في أي لحظة نزولا عند المصالح الإسرائيلية، مشيرا إلى أن واشنطن منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة حاولت -وما زالت- أن تلقي بعبء التهجير والتطهير العرقي على عاتق مصر والأردن.

وقال إن الأردن ومصر، وفي ظل أوضاعهما الداخلية والضغوط الشديدة التي يتعرضان لها من قبل الأميركيين والإسرائيليين، لا يملكان ما يكفي من أوراق القوة، لكن هناك بعض الدول يمكنها أن تمارس ضغوطا فعلية مثل السعودية.

غطاء أميركي أوروبي

وبشأن الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة، والتدمير الذي يطال المستشفيات والمباني السكنية وغيرها، أكد أستاذ السياسة الدولية والسياسات المقارنة أن ذلك جزء من هدف إستراتيجي إسرائيلي لتحويل القطاع إلى منطقة غير قابلة للحياة، وجعله يخضع للسيطرة الأمينة والسياسية والعسكرية الإسرائيلية، وهو ما أشار إليه نتنياهو.

وأضاف أن الهدف التالي لقوات الاحتلال هو محاولة دخول مدينة غزة على نطاق واسع لتعزيز فصل شمال غزة لتحويله إلى منطقة عازلة وربما إلى مناطق استيطانية، وهو الهدف الذي يصطدم -يضيف المتحدث- بمقاومة فلسطينية.

كما أكد المحلل في الشؤون الدولية أن للقيادة الحربية الإسرائيلة هدفا معلنا وهو إحداث "نكبة غزة 2023″، وأن الإسرائيليين يتحدثون عن تطهير عرقي وإبادة جماعية، و"لكن هذا يحدث بغطاء أميركي وأوروبي لتنفيذ المجزرة والإبادة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة"، وأعطى مثالا بالإدارة الأميركية ووزراة دفاعها (البنتاغون) حيث أصدرتا تصريحات قبل اقتحام قوات الاحتلال مجمع الشفاء توفر الغطاء لهذا الاقتحام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

نداء إلى أصقاع المعمورة.. في غزة الجوع يتفشى ورغيف الخبز مفقود

الثورة /وكالات

“شعرت بالجوع، فقمت وتناولت رغيف خبز حاف، ومعه كاسة من الشاي بدون سكر”، هذه الكلمات تحدث بها الشاب يوسف ثابت، واصفًا حالًا مزريًّا حلّ في مناطق جنوب قطاع غزة، حيث المجاعة باتت أمرًا واقعًا، وحالًا معاشًا.

ثابت صاحب الثلاثين عامًا وهو رب عائلة مكونة من 4 أطفال يشير بيده إلى المطبخ، يؤكد لمراسلنا أن لا شيء يؤكل سوى خبز أكل منه “الدود” و”السوس” ما أكل، يقول: حتى الدقيق المسوس والفاسد ثمنه باهض جدًا.

ومنذ أسابيع قليلة تأخذ المجاعة حصتها في أجساد الغزيين جنوبي القطاع، كما شمال القطاع، وأضحت عنوانًا للحرب، حيث تحولت إلى نقاش إعلامي وسياسي، وبات المشهد أكثر قتامة وسوداوية وأصبح الحصول على رغيف خبز معركة يومية يخوضها المواطنون في غزة، معركة البقاء في خضم مواجهة واقع مؤلم وقاس.

الفلسطينيون في شمال غزة يعانون منذ أشهر من الجوع والقتل، وبات مصير سكان جنوب القطاع والنازحين فيه مشابهًا حيث الجوع أمرا معاشًا، والقصف والمجازر في كل مكان.

يتزامن هذا التجويع مع قرار صدر عن وزير خارجية الاحتلال بإلغاء اتفاقية تشغيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” المعمول بها منذ 1967م، جاء بعد قرار صدر عن الكنيست الإسرائيلي بإلغاء أنشطة الوكالة التي تعد العمود الأساسي في توزيع المساعدات في قطاع غزة القابع تحت نار الإبادة الجماعية.

وتتحدث التقارير الإعلامية الإسرائيلية عن شكل حصار غزة، ووفق تلك التقارير يدور الآن حول 3 دوائر حصار في قطاع غزة، وتطبق عليها كافة أنواع القيود. أولًا، القطاع بأكمله محاصر، فلا يدخله أو يخرج منه أحد إلا بقرار من جيش الاحتلال.

ويفرض حصار آخر على كامل شمال قطاع غزة، من منطقة وادي غزة إلى الشمال، بما في ذلك مدينة غزة.

وفرض جيش الاحتلال مطلع الشهر الماضي حصارًا آخر وأشد شمال قطاع غزة، في محيط مدن جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا. ووصفه أحد مسؤولي الأمم المتحدة بأنه “حصار داخل حصار داخل حصار”.

ننام جوعى

في خيمتها البالية والتي أنشأتها على شاطئ بحر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تجلس الحاجة الأرملة أم حسين العسولي والتي دمر الاحتلال منزلها إبان الهجوم الكبير على خان يونس تقول لمراسلنا: “والله بتحير شو بدي أطعمي الأيتام، الخبز مفقود، الخضروات والفواكه مفقودة، شو نعمل، والله بنجوع وبنام بدون أكل”.

تتابع أم حسين وعيونها تئن بالحسرة والألم، نأكل يوميًّا المعلبات، فاصولياء، وبازيلاء، وكلها تحتوي على مواد حافظة، وقد تكون فسدت بسبب طول مدة التخزين، في الأسواق وفي المعابر.

تناشد أم حسين العالم وأحراره، بالتدخل وإنقاذ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من وحل المجاعة والإبادة، فإسرائيل تقتلنا بالصواريخ والقنابل ليل نهار، وبالجوع والتعطيش.

مراسلنا أكد أن أسعار المعلبات باتت في ارتفاع مضطرد حيث بلغ سعر العلبة الواحدة منها زهاء 10 شواقل (الدولار = 3.75 شيقل)، ولا يقوى الفلسطينيون على شراءها بفعل تآكل القدرة الشرائية وانعدام السيولة، وفقدان الأعمال والوظائف.

وخلال أكتوبر، أغلق الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم وشدد القيود عليه، وتوقف دخول الشاحنات الإغاثية والتجارية، لما لذلك من انعكاسات على واقع الغزيين، حتى فرغت الأسواق من السلع والبضائع، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني.

وينقل مراسلنا أن سعر كيس الدقيق 25 كيلو جراماً، 50 دولارًا أمريكيًّا، وكيلو اللحوم بلغ كذلك 50 دولارًا، في حين بلغ كيلو الباذنجان 4 دولارات، في حين ينعدم وجود الطماطم والبيض واللحوم الحمراء والبيضاء، في حين تقدر المصادر المحلية أن زهاء 90% من البضائع الأساسية مفقودة في الأسواق، والباقي إن توفر فهو باهض جدًا.

محرومون من كل شيء

أما المواطن محمود الحداد يقول لمراسلنا وعيناه تدمعان أن أطفاله لا يتناولون سوى الخبز والقليل من الزعتر يوميًّا، يتابع: محرمون من الطعام، والفواكه والخضروات، والحلويات، والعصائر، محرمون من كل شيء.

طفله أسامة يجلس بجواره، ينادي على والدته بأن تصنع له شيئًّا لأكله، وكان جاوبها حاضرًا بأن لا شيء سوى الخبز القليل مع رشة من الدقة أو الزعتر.

سلاح الجوع

وفي النصف الشمالي من القطاع، تبدو الصورة هناك أشد قسوة وأكثر قتامة، حيث لا شيء يؤكل وإن توفر فهي قليل من المعلبات والخبز بأسعار خيالية.

المواطن محمد مقداد والذي يقطن في منزله المدمر في معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة يقول لمراسلنا: فقدنا أوزاننا نحن منذ أشهر طويلة لا نتناول سوى المعلبات القليلة، بتنا لا نقوى على الوقوف.

وتستخدم إسرائيل الجوع في شمال قطاع غزة في إطار خطة الجنرالات الرامية لتفريغ الشمال من سكانه، وإعلانه منطقة عسكرية مغلقة، وتفيد تقارير إعلامية بأن الشاحنات المحملة بالمساعدات والخضروات تدخل بشكل مقنن جدًا بما لا يؤدي لانفراجة غذائية لدى السكان.

مقداد يقول لمراسلنا منذ أشهر طويلة لم نتناول الدجاج ولا اللحوم ولا الفواكه، “بالكاد نحصل على الدقيق، وما يقينا من الموت”.

ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع يواجه عراقيل كبيرة، خاصة بالنسبة لوصولها لشمال القطاع.

وبحسب أوتشا فإن “هناك حاجة ماسة إلى فتح ممرات آمنة ومستدامة للوصول إلى شمال غزة والمناطق الأخرى في القطاع”، مشددًا على أن “المعابر المحدودة وغير الموثوقة تعيق عمليات الإغاثة الإنسانية، وتجعلها غير فعالة”.

في تحديث “أوتشا” الأخير، قيل إنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2024، فقد برنامج الأغذية العالمي، مثله كمثل الشركاء الآخرين، إمكانية الوصول إلى مواقع التغذية السبعة التي كانت نشطة في محافظة شمال غزة بين 1 و7 أكتوبر/تشرين الأول/، ولم يتم توزيع حصص طارئة من المكملات الغذائية القائمة على الدهون.

واعتبارًا من 28 تشرين الأول/أكتوبر، ظل 12 مخبزًا من أصل 19 مخبزًا يدعمها برنامج الأغذية العالمي يعمل في القطاع، أربعة في مدينة غزة، وسبعة في دير البلح وواحد في خانيونس. ولا يزال مخبزان في محافظة شمال غزة وخمسة في رفح مغلقين بسبب الحرب.

وفي تقرير حديث لها تقول أونروا: “يعاني أكثر من مليون و800 ألف شخص في جميع أنحاء القطاع من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، المصنف في المرحلة الثالثة من التصنيف أزمة أو أعلى”، وتشير إلى أن “سوء التغذية الحاد أعلى بعشر مرات؛ مما كان عليه قبل الحرب”.

تقليص المساعدات

وقلص الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الأخيرة حجم المساعدات الواردة للقطاع بشكل لافت حيث بدأت تظهر مظاهر المجاعة بوضوح في مناطق جنوب ووسط القطاع بشكل مماثل لما يجري في مدينة غزة وشمالي القطاع.

ويتحكم الاحتلال الإسرائيلي في حركة الصادرات والواردات للقطاع من خلال السيطرة على المعابر الحدودية، حيث يمنع وصول السلع والمواد الغذائية ويستخدم ورقة التجويع أداةً سياسية للضغط على المقاومة الفلسطينية في ما يتعلق بمفاوضات صفقة التبادل الخاصة بالأسرى الإسرائيليين في غزة.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة كان القطاع يدخل إليه يومياً ما نسبته 500 إلى 800 شاحنة عبر المعابر المختلفة تتنوع ما بين مواد غذائية ومواد البناء والإعمار بالإضافة إلى المحروقات وغاز الطهي والأدوية والمستلزمات الطبية، فيما لا تتجاوز أعداد الشاحنات المسموح لها حالياً بالدخول بضع عشرات.

وبحسب تقرير حديث للأمم المتحدة، سيستمر خطر المجاعة في أنحاء غزة خلال فصل الشتاء ما لم يتوقف القتال ويصل مزيد من المساعدات الإنسانية إلى الأسر، وذلك وفق تقييم حديث للأمن الغذائي في القطاع توقع أن 1.95 مليون شخص في غزة (91% من السكان) سيواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي.

وذكر التقرير أن الحرب الممتدة لأكثر من عام في غزة أدت إلى تدمير سبل العيش، وخفض إنتاج الغذاء، وتقييد خطوط الإمداد التجارية والإنسانية بشكل كبير.

مقالات مشابهة

  • نداء إلى أصقاع المعمورة.. في غزة الجوع يتفشى ورغيف الخبز مفقود
  • نتائج ميشيغان.. هكذا عاقب العرب والمسلمون كامالا هاريس
  • الحرب الاقتصادية على غزة
  • الحكومة الفلسطينية: الاحتلال يمنع دخول 5 آلاف شاحنة مساعدات لغزة
  • العرب والمسلمون مستقطبون في الساعات الأخيرة من سباق هاريس وترامب إلى البيت الأبيض (فيديو)
  • الخارجية الأمريكية: بلينكن أكد لنظيره الإسرائيلي أهمية إدخال مساعدات إنسانية لغزة
  • بلينكن يحث إسرائيل على زيادة المساعدات لغزة
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. العرب والمسلمون مستقطبون في الساعات الأخيرة من سباق البيت الأبيض
  • هيئة فلسطين للإغاثة تناشد الدول العربية والإسلامية التحرك لإنقاذ أهالي غزة
  • ‏إعلام فلسطيني: 1800 قتيل و400 ألف شخص بلا طعام بعد شهر من الحصار الإسرائيلي لشمالي قطاع غزة