عُمان.. في يوم مجدها وسؤددها
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
لا تستذكر سلطنة عمان اليوم وهي تحتفل بعيدها الوطني المجيد الماضيَ العريق والتاريخ العظيم فقط، رغم أنه تاريخ مشرّف ومليء بالبناء والمنجزات الحضارية في السياق العماني والسياق الإنساني، ولكنها ترنو إلى المستقبل الذي تسير نحوه بكثير من الاطمئنان أنه سيكون مستقبلا مشرقا بعد أن بذل الآباء والأجداد وكل الأجيال الماضية جهودا كبيرة في تمهيد الطُرُق نحوه.
إن ذلك ليس مجرد حلم يبالغ به شعب في يوم عيده الوطني، رغم أن الأحلام مشروعة، ولكنه يقين وإيمان حتى قبل أن يكون طموحا.. وعندما تؤمن الشعوب بأحلامها وبقدرتها على تحقيقها تبدع إبداعات خالدة تصبح ضمن أمجاد الدول ومفاخر الشعوب.
ومن يعُد إلى تاريخ عُمان يجد الكثير من النماذج التي يمكن القياس عليها، كيف استطاع العمانيون في الكثير من مراحل التاريخ الحالكة أن يعبروا بشجاعة وصلابة المسافة الفاصلة بين الخوف والرجاء، وأن ينتصروا على التحديات مهما بدت مستحيلة.. وآخر التحديات الصعبة التي عبرها العمانيون كانت بقيادة سلطان البلاد المفدى ـ أعزّه الله ـ عندما مرت عُمان، والكثير من بلاد العالم، بأزمة مالية ناتجة عن الجائحة الصحية الأخطر التي عاشتها البشرية. لقد شارك العمانيون جميعا بقيادة جلالة السلطان في عبور ذلك التحدي الصعب إلى المرحلة الآمنة التي نعيشها اليوم.. وخرجت عُمان مثل كل مرة أكثر قوة وأكثر خبرة وأكثر يقينا بقيادتها وقوة أبنائها. وسيأتي اليوم الذي ننظر أو تنظر فيه أجيال عُمان القادمة إلى تلك المرحلة باعتبارها مرحلة فاصلة في تاريخ عُمان عبرها العمانيون بالعزيمة نفسها التي عبر فيها أجدادهم مراحل تاريخية مماثلة.
واليوم الذي تحتفل فيه سلطنة عمان بعيدها الوطني، الذي هو رمز عزتها ومبعث من مباعث فخرها، تجد نفسها تسير وفق رؤية واضحة صاغتها القيادة، بتوافق شعبي، لتكون خارطة طريق نحو المستقبل. وفي خطابه أمام مجلس عُمان هذا الأسبوع قال جلالته ـ حفظه الله: «لن نتوانى عن بذل كل ما هو متاح لتحقيق ما رسمناه من أهداف وتطلعات رؤية عمان 2040» وقد أسهمت هذه الخطة بعد قرابة ثلاث سنوات على بدء تطبيقها في تعزيز المكانة المالية لسلطنة عمان وتقدمها في الكثير من المؤشرات العالمية وتحقيق درجات من الحماية الاجتماعية للفئات التي تحتاجها. رغم أنها كانت سنوات صعبة جدا نظرا لما أحاط بها من ظروف اقتصادية ومالية وصحية ومتغيرات سياسة عالمية.
لكنّ هذه اللحظة التاريخية التي نمتلئ فيها يقينا وإيمانا بمستقبلنا كما نمتلئ فيها فخرا واعتزازا بتاريخنا وحاضرنا عليها أن لا تنسينا كل التضحيات التي بذلت من أجل ما نحن فيه طوال التاريخ، وأن علينا أن نعمل بجد مضاعف، كما عمل من قبلنا، حتى نحافظ على كل ما تحقق في مسيرة بناء هذا الوطن.. والمستقبل الذي نريده وننشده يحتاج منّا إلى عمل مقرون بعلم ومعرفة وبوعي كبير « فالعالم لا يتغير بذاته.. إنما الوعي هو الذي يغير العالم» كما يقول الفيلسوف هيجل.. ولذلك فإن الوعي شرط أساسي من شروط التغيير.
إن دعوة جلالة السلطان المفدى خلال خطابه أمام مجلس عُمان إلى أهمية الحفاظ على منظومة المجتمع الأخلاقية والثقافية والتمسك بالسمت العماني دليل واضح على أهمية بناء الوعي بكل ما يحيط بنا من قضايا وتحديات كبرى؛ فالعالم يمر بتحولات تفقده الكثير من مبادئه وقيمه لصالح اعتناق أفكار جديدة لا تتناسب مع قيم الدين الإسلامي الحنيف التي يعتنقها المجتمع العماني ويؤمن بها. وقد ارتبطت قوة العمانيين وصلابتهم عبر التاريخ بقوة تمسكهم بمبادئهم وقيمهم وأخلاقهم.. ولذلك فإننا لا نستطيع في عُمان أن نتقدم نحو المستقبل دون قيم ومبادئ سواء كانت قيما اجتماعية أو سياسية، وقد عرف العالم عنّا ذلك واحترمنا على أساسه وسنبقى على مبادئنا وسمتنا الرفيع.
وكل عام وعُمان كيانا حضاريا عظيما وخالدا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکثیر من
إقرأ أيضاً:
حفريات محيرة في الصين قد تعيد كتابة التاريخ البشري.. ما القصة؟
على مدار عقود، كانت مجموعة من الحفريات الغامضة التي تم العثور عليها في الصين محط تساؤلات بين العلماء، حيث أثارت الكثير من الجدل حول نوعها وتصنيفها.
ووفقا لشبكة "سي ان ان" الأمريكية، فإن بقايا الجمجمة والأسنان والفكين التي اكتُشفت في مواقع مختلفة في البلاد، تمثل أشباه بشر قديمة عاشت بين 300,000 و100,000 عام. لكن السؤال الذي ظل معلقًا: إلى أي نوع تنتمي هذه الحفريات، وأين تقع في شجرة العائلة البشرية المعقدة؟
كريستوفر باي، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة هاواي، وزميله وو شيوجي، أستاذ علم الحفريات في بكين، يقترحان الآن أن هذه الحفريات قد تمثل نوعًا جديدًا من البشر القدماء لم يكن معروفًا من قبل.
وأطلق العلماء على هذا النوع الجديد اسم *Homo juluensis*، وهو إشارة إلى "ju lu"، التي تعني "رأس ضخم" باللغة الصينية، وذلك بسبب حجم الدماغ الكبير الذي عُثر عليه في بقايا الجمجمة.
حجم الدماغما يميز هذا النوع عن غيره هو حجم دماغه الكبير، الذي يتجاوز حجم دماغ الإنسان العاقل، النوع الوحيد الباقي من البشر. وفقًا للباحثين، تتراوح سعة الجمجمة المكتشفة بين 1700 إلى 1800 سنتيمتر مكعب، في حين أن دماغ الإنسان العاقل متوسط سعته حوالي 1450 سنتيمترًا مكعبًا.
ورغم أن الفرق في الحجم ليس ضخمًا، إلا أن قوة الدماغ المكتشف تختلف بشكل ملحوظ، مما يفتح الباب لفهم جديد حول التطور العقلي للبشر القدماء.
حفريات قديمةالجدل حول تصنيف هذه الحفريات يعود إلى تاريخ اكتشافها في سبعينيات القرن الماضي. فقد تم العثور على العديد من العينات، مثل تلك الموجودة في موقع *Xujiayao* في شمال الصين.
ويُعتقد أن أصحابها عاشوا قبل نحو 160,000 عام. لكن في ذلك الوقت، كانت نظريات أصل الإنسان مختلفة عما نعرفه اليوم. فقد كان العديد من العلماء يعتقدون أن الإنسان العاقل تطور إقليميًا من أنواع بشرية مختلفة حول العالم، وهو ما كان يتناسب مع نظريات "التعددية الإقليمية".
ومع ذلك، فإن الأدلة الوراثية الحديثة تدعم نظرية "الخروج من أفريقيا"، التي تقترح أن أسلاف البشر العاقلين في جميع أنحاء العالم هاجروا من أفريقيا قبل حوالي 50,000 إلى 60,000 عام. هذا التحول في الفهم قد يدفع العلماء إلى إعادة النظر في الحفريات التي كانت تعتبر مجرد أنواع وسيطة بين البشر البدائيين والبشر المعاصرين.
حلقة مفقودةإذا صحت فرضيات باي وو حول هذه الحفريات، فقد تمثل المفتاح لحل أحد أكبر ألغاز تطور الإنسان. فهذه الاكتشافات قد تكون الرابط المفقود بين الإنسان العاقل وأنواع بشرية أخرى لم تُكتشف بعد.
وبينما لا يزال الجدل قائمًا بين العلماء حول ما إذا كانت هذه الحفريات تمثل نوعًا جديدًا بالفعل، فإنها تشير إلى وجود تنوع أكبر في أسلاف البشر القدماء مما كان يُعتقد سابقًا.
وبالنظر إلى الاكتشافات السابقة التي شملت إنسان فلوريس وإنسان ناليدي، يمكن أن تكون الحفريات الصينية جزءًا من هذا اللغز التطوري المعقد.
كما قالت كاري مونجل، أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة ستوني بروك: "ما اكتشفناه في الخمسين عامًا الماضية يظهر أن البشر المعاصرين ليسوا السلالة الوحيدة التي عاشت على كوكب الأرض في أي وقت مضى".