د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والبحوث حول الصحراء

عيد الاستقلال، مناسبة تحتفل بها أغلب الشعوب بتاريخ استقلالها واستعادة حريتها من استعمار أجنبي أو وصاية خارجية، وتتخذ معظم الدول هذا اليوم عطلة رسمية وطنية، ومن هذه الدول بلادنا المغرب التي تحتفل يوم 18 نونبر من كل عام بعيد الاستقلال، والذي احتُفل به لأول مرة سنة 1956 تخليدا لذكرى عودة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه إلى المغرب، وذلك بعد أن كان منفيا في مدغشقر عندما كان المغرب يرزح تحت الحكم الفرنسي، حيث أعلن الملك الراحل بعد عودته من المنفى استقلال المملكة من الحكم الفرنسي والإسباني الذي دام مدة لـ44 سنة.

إن عيد الاستقلال احتفال بملحمة وطنية تتجدد كل يوم، تجسد مواقف ودروس بليغة وبطولات عظيمة وتضحيات جسام وأمجاد تاريخية خالدة صنعتها ثورة الملك والشعب، حيث خلد المغاربة أروع صور الوطنية والوفاء من أجل عزة الوطن وكرامته والدفاع عن مقدساته.

ومن المعلوم، وكما تذكر ذلك العديد من المصادر التاريخية، فإن من بين الأسباب الرئيسية لتعرض بلدنا المغرب للاستعمار الغاشم أنه ساند الأشقاء في الجزائر حيث أنه، وبعد أن دخل المستعمر الفرنسي الجزائر سنة 1830، لم تجد المقاومة الجزائرية بقيادة الأمير عبد القادر من سند إلا في أشقائهم بالمغرب وسلطانه الذي احتضنهم وأمدهم بالعتاد والمؤونة، الأمر الذي أثار عليه هجوم الفرنسيين في موقعة إيسلي، وتلك كانت بداية دخول الأجنبي إلى بلاد المغرب.

لقد ذكر الأمير عبد القادر أكثر من مرة في مراسلاته مع العاهل المغربي قيمة الإمدادات المتنوعة التي وردت إليه من فاس ونوه بها، بل كان في فاس مبعوث من الأمير عبد القادر يتولى دور السفير لدى المخزن السلطاني (تاريخ وجدة أنكاد في دوحة الأمجاد لصاحبه الدكتور عبد الحميد العلوي).

لقد بعث السلطان بمحلته، بقيادة ابنه محمد، متوجها إلى الشرق، معلنا الجهاد، كاتبا لولي عهده بالأمر: «فلتكتب لعمال الثغور وعمال القبائل الموالية لها بإظهار القوة الإسلامية والجيوش الإيمانية وعمارة السواحل بالخيل والرماة، فإن ذلك مما يقوي سواد المسلمين ويفت في أعضاء الكافرين». (المصدر: إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، عبد الرحمان بن زيدان).

في الوقت نفسه، اخترق القادة الفرنسيون الحدود المغربية لمطاردة المجاهدين الجزائريين على أراضيه، وبعث القائم بأعمال فرنسا في الجزائر الماريشال بيجو لعامل وجدة يخبره: «سيكون لي الحق في التدخل… لأقنع القبائل المهاجرة الجزائرية بأنها في قبضتي في كل مكان…». (المصدر: مراسلات خاصة ووثائق الماريشال بيجو).

وفي يوم 6 غشت 1844 راسل الماريشال بيجو الأمير المغربي، قائلا: «إنها المرة الأخيرة التي ألتمس فيها منك ردا شافيا وصريحا حول إبعاد عبد القادر من المنطقة، وإن لم أتوصل بالرد الشافي في ظرف أربعة أيام فسأتقدم بجيش لأطالب به». (المصدر: مراسلات خاصة ووثائق الماريشال بيجو).

وبالفعل، لم يرد الأمير المغربي على ذلك المطلب. وفي يوم 14 غشت 1844، تقدمت جيوش الماريشال بيجو في جنح الظلام نحو وجدة، معلنة بداية معركة انكسر فيها الجيش المغربي منهزما أمام تطور السلاح الفرنسي، وبعدها بأشهر وقّع المغرب مكرها معاهدة للامغنية التي مهدت للتوغل الأوروبي في البلاد إلى حين إعلان الحماية الفرنسية سنة 1912.

لقد جسد المغاربة ملحمة وطنية كبرى في المقاومة، حيث قاموا بأكبر التضحيات في التحام رائع بين العرش والشعب، ومن هذه البطولات معارك الهري وأنوال وبوغافر وجبل بادو وسيدي بوعثمان ووادي زم وانتفاضة قبائل آيت باعمران وانتفاضة الشيخ ماء العينين بالأقاليم الصحراوية الجنوبية وغيرها من المحطات التاريخية التي لقن فيها المجاهدون للقوات الاستعمارية دروسا بليغة في الصمود والمقاومة والتضحية. ومن تجليات النضال الوطني: إقدام صفوة من قادة الحركة الوطنية على تقديم وثيقة الاستقلال إلى سلطات الحماية يوم 11 يناير 1944 بتشاور وتنسيق مع المغفور له محمد الخامس، وما أعقب ذلك من ردود فعل عنيفة من السلطات الاستعمارية، حيث تم اعتقال بعض قادة وزعماء ورجال الحركة الوطنية والتنكيل بالمغاربة الذين عبروا عن دعمهم للوثيقة التاريخية، كما نفي ملك البلاد محمد الخامس طيب الله ثراه وأسرته إلى مدغشقر.

إن الاسثتناء المغربي تمثل في ثورة الملك والشعب حيث خلد المغاربة بمداد الفخر والاعتزاز أبهى وأجمل الملاحم في الدفاع عن الوطن وكرامته.

إن الاحتفال بعيد الاستقلال يذكرنا بأن الوطن هو الفضاء الذي نعيش فيه بأمان وحرية وكرامة، يحضن آمالنا وأحلامنا، ويحمي حقوقنا ويصون عرضنا وشرفنا، إنه الأرض التي نفترش ثراها، والروح التي تحوم حولنا، تشاركنا أحزاننا وأفراحنا وتغفر لنا أخطاءنا، إنه الراية التي ترفرف عاليا في السماء لتذكرنا بأننا ننتمي لوطن يحمينا ونستظل بظله، إنه الحضن الدافئ والبلسم الذي يداوي جراح الحياة، إنه يتباهى بنا فردا من أفراده وجنديا على حدوده، إنه الحب الحقيقي والهواء الذي نتنفسه والحرية التي من خلالها نمارس وجودنا كما نشاء… إنه رمز الهوية والتاريخ والعيش المشترك في إطار لحمة وطنية مقدسة، إنه شجرة تنتصب شامخة تكسر العواصف بعضا من أغصانها لتنبت بدلا عنها غابة من أشجار سامقة لا تأبه للرياح…

والوطن ليس كلمة تقال ولكنه ملحمة تعاش، إنه روح ووفاء وسمو وانتماء وولاء…

المصدر: مراكش الان

كلمات دلالية: عبد القادر

إقرأ أيضاً:

أحمد أمين: النُّص ملحمة صعاليك.. وأحلم بترك رصيد له قيمة| حوار

أسماء أبو اليزيد تشع طاقة تمثيل وأتوقع لها نقلة كبيرة في مشوارها أحتاج جهة إنتاج لا تخاف المغامرة لتقديم عمل رمضاني للأطفال تاريخ مصر مليء بالدراما والروعة وأنا مغرم بسيرة علي الزيبق 

أصبحت أعمال الفنان أحمد أمين وجبة رمضانية لها طابع خاص على سفرة المشاهدين كل عام، ويشارك هذا الموسم بمسلسه التاريخي "النُّص".

يقدم أحمد أمين في النُّص، شخصية نصاب تحول إلى بطل شعبي وانضم للمقاومة بشكل مختلف، وينتظر الجمهور منه الكثير هذا العام. 

وكشف أحمد أمين في حواره مع موقع صدى البلد، كواليس اختيار فكرة مسلسل النُّص، ورأية في الأبطال المشاركين، وأحلامه الفنية التي لم تتحقق بعد. 

وإلى نص الحوار.. 

- من الصفارة ل النص.. ماذا تغير في معايير اختيارات أحمد أمين للعمل الرمضاني؟ وبماذا يصف عمله الجديد للجمهور؟ 

لم يتغير شيء في معايير الاختيار وأحاول دائما اختيار عمل ذو قصة جيدة تترك أثر إيجابي عند المتلقي، وأحاول أن أكون ضمن فريق عمل مخلص يحب عمله.. أما اذا كان هناك وصف لمسلسل "النُّص" فهو ببساطة ملحمة صعاليك من وحي تاريخ مصر.

- النص عمل تاريخي عن حقبة قديمة.. كيف كانت التحضيرات لهذه المرحلة وكم كانت صعوبة اختيار الملابس المناسبة وطريقة الحديث والتعبيرات الملائمة للشخصية؟

لا شك أن الأعمال التاريخية أصعب وخصوصا إذا اتخذ صناع العمل قرار أن يقتربوا من الواقع وأن يقدموا الحقبة للأجيال الجديدة وللعالم بصورة واقعية يمكن تصديقها.. بالتالي الأساس في بداية التحضير للعمل كان البحث وجمع الصور والفيديوهات والمعلومات وقام بذلك كل أقسام المسلسل.. وبأمانة لقد اكتشفنا في تاريخنا مواقف وحقائق مدهشة أكثر من التي عرضت في المسلسل.. بصراحة تاريخ مصر مليء بالدراما والروعة.

- بم يتميز "النص" ما يؤهله ليبقى في ذاكرة الجمهور طوال رمضان وما بعده؟ 

لا أعرف.. على الجمهور أن يذكر ما هي مؤهلات الشخصية لتنجح ولكن بالنسبة لي أحببت الشخص الذي لديه حيلة وذكاء ويخفي ذلك بخفة الظل والصعلكة.. هو من المصريين جدا ولكن قرر أن يخرج من الحارة لعوالم أخطر.

- العمل مستوحى من كتاب "مذكرات نشال".. هل كان الكتاب اختيارك أم عرض عليك السيناريو جاهزا؟ وهل تدخلت في تفاصيل رسم الشخصية؟ 

منتج العمل هو شركتي أروما وشركة سينيجرام ولقد عرض علي الكتاب من صديقي المنتج محمد جبيلي صاحب شركة سينيجرام.. وعملنا على معالجة درامية لمدة ثلاث سنوات تقريبا.. واستوحينا من مذكرات "عبد العزيز النص" بعض التفاصيل واستخدمناها في صناعة دراما متكاملة وأبعاد لكل شخصية في العمل.

- كيف فكرت أثناء التحضير للتصوير؟ وهل تركز على عدم وجود أي تشابه في الشخصيات التي تقدمها مع الأعمال المتتابعة؟ 

أكثر ما يشغلني وقت التحضير هو كيف يمكنني أن أتطور وأقدم أفضل ما لدي سواء ككاتب أو ممثل.. ولا أبحث عن التنوع من أجل التنوع وحسب ولكن الاختلاف الكبير بين الشخصيات التي أقدمها يخلق لدي تحدي لأذاكر وأتمرن وأبحث وأصل إلى أفضل أداء يمكنني تقديمه.

- من هو البطل الشعبي المفضل للفنان أحمد أمين؟ وهل تؤمن بفكرتهم؟ 

طبعا هناك أبطال شعبيين كثيرين.. ولا أعرف من هو المفضل ولكني مغرم بسيرة على الزيبق تحديدا.. وبدون شك أحببت سيرة بني هلال.. أدهم الشرقاوي.. حسن ونعيمة وغيرهم.

- ظهرت كضيف شرف في أعمال متعددة خلال الفترة الماضية.. هل كنت محتاج لإجازة من ضغط القصص الكبيرة.. أم مشاركتك هذه رغبة منك في مساعدة زملائك؟ 

أنا استمتع بفكرة ضيف الشرف.. غالبا ما تكون مغامرة قصيرة وظهور خاص وأتمنى أن يكون كل ظهور قمت به أضاف شيئا ما للعمل.. والمسألة ليست مساعدة أو مجاملة أنا أشعر بسعادة عندما أشارك في عمل بالذات لو مع فنانين مميزين ولو بمشهد واحد وأرحب بالفكرة دوما.
 

- من الشخص الذي يمتن له أحمد أمين في مشواره الفني .. ومن تتمنى أن يأخذ فرصته من النجوم الصاعدين ويستحق الدعم؟ 

أنا ممتن لكل من أشار لي وأضاء طريق.. ولكل من جهني لأحد عيوبي.. بالتالي هم كثيرين جدا بداية من أسرتي ومدرسين لا أنسى أفضالهم وانتهاءا بزملاء وأصدقاء.. وبما أننا نتحدث عن مسلسل "النُّص" فهناك من أتمنى لهم التألق في القريب عاجل لأنهم يستحقون منهم عبدالرحمن محمد وميشيل ميلاد.

- هل فعلا اختفت فكرة المنافسة سواء في رمضان أو في السينما .. والأمر أصبح مجالا كبيرا  يتسع للجميع؟ 

هل اختفت فكرة المنافسة؟ لم أسمع عن ذلك.. أظن أن هناك منافسة على الأقل على مستوى شباك تذاكر السينما والإيرادات.. أو ربما على مستوى الاستفتاءات والجوائز.. ولكن نستطيع أن نقول أن هناك عدد كبير من الفنانين أصبح لا يضع المنافسة والتفوق التجاري معيار وحيد للنجاح وأنا منهم بصراحة.. أنا أحلم بتقديم أعمال جميلة وترك رصيد له قيمة ربما تنجح تجاريا وربما لا.. لقد قدمت برامج متخصصة جدا منها عن التربية ومنها عن الكوميديا وأنا أعلم جيدا أنه لن يستقطب إلا المتخصصين ولن ينافس بأي شكل ولكن أحببتهم جدا وسأستمر في تقديم ما يشبه ذلك دول تردد.

- برأيك هل أسماء أبو اليزيد موهبة كوميدية لم تأخذ حقها في هذا الجزء؟ وما رأيك في التعاون معها؟

أسماء ممثلة لديها قدرة أن تشع طاقة تمثيل في كل لقطة.. في كثير من المشاهد كنت أترك ما أقوم به وأتفرغ في مشاهدتها كيف تؤدي جملها.. ولديها الكثير لم يظهر بعد.. وهي مدركة وتبحث عن الجديد فأتوقع نقلة كبيرة في مشوارها قريبا.

- ما الذي تحتاجه لتقديم عمل رمضاني للأطفال على شاكلة عمو فؤاد وبوجي وطمطم .. وهكذا ؟

أحتاج جهة انتاج جيدة لا تخاف من المغامرة.. وأنا مستعد وأتمنى.

- مازال الجمهور ينتظر أول فيلم من بطولة  أحمد أمين .. ما سر التأجيل؟ وهل الدراما من منطقة أكثر أمانا للفنان؟ 

أسباب التأجيل ليست من طرفي كل شيء نصيب.. وأشعر أنها اقتربت جدا.. أظن ٢٠٢٥ سيكون عاما به سينما.

- ماهي خطوتك القادمة بعد النص؟

أتمنى نص تاني 

مقالات مشابهة

  • ملعب مولاي الحسن الجديد الذي سيحتضن مباريات الجزائر يقترب من الجاهزية
  • حدث في ثاني يوم رمضان.. اعرف أهم الأحداث التاريخية التي وقعت فيه
  • أحمد أمين: النُّص ملحمة صعاليك.. وأحلم بترك رصيد له قيمة| حوار
  • المغرب الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت الأحد أول أيام رمضان
  • بركة: بغينا ناكلو اللحم ديالنا ومانجيبوهش من إسبانيا وأستراليا
  • "ابن أصيلة".. رحيل وزير الخارجية المغربي الأسبق محمد بنعيسى
  • وفاة محمد بنعيسى وزير الخارجية المغربي الأسبق عن عمر 88 عامًا
  • الفتح يكتسح نهضة الزمامرة.. والرجاء البيضاوي يتعثر بالدوري المغربي
  • "فوكس" يسأل حكومة مدريد عن التعاون المغربي في التحقيقات بشأن "نفق الحشيش" في سبتة
  • الازدحامات التي تطول إلى ست ساعات تدفع مليلية إلى توسعة المعبر الحدودي من أجل "توفير ظروف كريمة" للعابرين إلى المغرب