محمد مصطفى أبوشامة يكتب.. سيناء و«الترانسفير» و«اللوع» الإسرائيلي
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
إن فلسطين قضيتنا، قضية المصريين الأولى بلا منازع، ولا يحق لأى إنسان فى العالم أن يزايد علينا فى محبة ومساندة ودعم الشعب الفلسطينى، فلن ينافسنا أحد فى حجم التضحيات التى قدمناها طوعاً من أجل «القضية»، وفى مواجهة الجشع الإسرائيلى المتنامى فى ابتلاع الأرض وسرقة ما تبقى من آمال وطموحات مشروعة فى إحلال السلام العادل.
مصر لم تقاتل يوماً هجوماً أو طمعاً بل كانت كل حروبنا دفاعية لاسترداد ما سُلب، وفى كل الأوقات كنا نقف بجانب الأشقاء فى الأراضى المحتلة وفق ثوابت واضحة أقرتها الدولة المصرية أبرزها: أن مصر وبما لا يمس أمنها القومى تدعم القضية الفلسطينية (ولا تدعم فصيلاً أو حركة)، وأن مرجعيات هذا الدعم هى اتفاقية السلام والقرارات الدولية والمبادرة العربية.
وإذا كانت إسرائيل قد اكتوت بنيران غزة، وتريد أن تتخلص منها ومن جحيمها المتكرر، عليها أن تفتش فى أخطائها التى لا تمل من السقوط فيها، كأنها ثور معصوب العينين استدرجه غروره فى الدوران فى دوائر مفرغة، ليخدع نفسه ويتخيل أنه يصل إلى هدفه، بينما هو يتحرك فى مكانه، هكذا كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تبالغ فى حصونها وتقسو فى عدوانها، حتى تستيقظ فى صباح كالسابع من أكتوبر 2023 على فشل جديد لنظرية الأمن الإسرائيلى، هذا الأمن الذى لن يتحقق إلا بأمان الشعب الفلسطينى واستعادته حقوقه المشروعة وفق المعاهدات والمواثيق الدولية.
ومنذ أن بدأت إسرائيل عمليتها العسكرية الأخيرة فى غزة، وهى تمارس «لوعاً» سياسياً صريحاً، تمهد فيه للمجتمع الدولى ولمحيطها الإقليمى مشروعها للتهجير القسرى والطوعى للفلسطينيين من القطاع إلى شمال سيناء.
بل إنها ومنذ اليوم التالى لعملية طوفان الأقصى، بثت رسائل مباشرة تحرض فيها الفلسطينيين على النزوح الجماعى إلى الجنوب فى اتجاه الحدود المصرية، لينجوا بأرواحهم من إبادة جماعية كانت تدبرها لهم ثأراً لكرامتها المبعثرة وانتقاماً لقتلاها وأسراها ومصابيها الذين سقطوا منذ السابع من أكتوبر الماضى.
وفطنت مصر مبكراً لهذا «اللوع» فأسرعت محذرة من خطورة الفكرة الشيطانية التى جعلت سيناء محل جدال عالمى، مؤكدة أن خطورة الأمر لا تخص مصر فقط لأن الأخطر هو تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائى.
وكانت فكرة توطين الفلسطينيين فى سيناء قد ظهرت للمرة الأولى بعد نكسة 1967، فيما سُمى وقتها بمشروع (إيجال ألون) وزير الخارجية الإسرائيلى الذى دعا إلى تنفيذ الفكرة ومشروعات توسعية أخرى استغلالاً لهزيمة العرب، وعادت الفكرة للظهور مجدداً سنة 2000 وطرحها (جيورا أيلاند) مستشار الأمن القومى الإسرائيلى الذى دعا إلى أن تتنازل مصر عن جزء من سيناء لتوطين الفلسطينيين مقابل جزء من صحراء النقب لصالح مصر ومنحها بعض المكاسب الاقتصادية، وعادت الفكرة من جديد عام 2013 فيما عرف بخطة (يوشع بن آريه)، وقتها التقطها الإخوان وتم الحديث عن دولة لحماس فى غزة وبعض أجزاء من سيناء، ثم كان الظهور الأخير للفكرة الذى عُرف بـ«صفقة القرن» مع ولاية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
وتجدد الحديث عن تهجير وتوطين أهل غزة، مع تزايد المشاهد المؤلمة للنزوح الجماعى للفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه خلال الأسبوع الماضى، فيما أسماه إسرائيليون بـ«نكبة غزة 2023» ووصف فلسطينياً بالنكبة الثانية.
ويلخص مقطع من رباعيات شاعرنا الراحل صلاح جاهين بعضاً من ملامح اللحظة على مستوى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وهى الرباعية التى دشنت مصطلح «علم اللوع» ومنحته شرعية الوجود فى قاموسنا اللغوى المصرى، قبل أن يجبرنا التحرش الإسرائيلى بسيناء من جديد على أن نمنحها شرف هذا الوصف الجاهينى، الذى يحمل بين طياته تحذيراً واضحاً لكل الملاوعين الملاعين.. لعلهم يفهمون: «علم اللوع أضخم كتاب فى الأرض.. لكن اللى يغلط فيه يجيبه الأرض».
وقد فتحت إسرائيل من جديد «كتاب اللوع» قبل أيام عبر نائبين بالكنيست، طرحا رؤية جديدة لمستقبل قطاع غزة تضمنت انتقالاً جماعياً للاجئين إلى دول توافق على استيعابهم.
وقد رحب وزير المالية سموتريتش بالفكرة بحسب التليفزيون الإسرائيلى، ووصف الإخلاء المقترح بأنه «هجرة طوعية»، وقال: «هذا هو الحل الإنسانى الصحيح لسكان غزة والمنطقة بأكملها بعد 75 عاماً من اللجوء والفقر والمخاطر»، وفى المقابل رفضت مصر هذه الفكرة التى تدعو إلى «الترانسفير» والتى عرضها نائبا الكنيست ونالت دعم المتطرف (سموتريتش)، وعلق وزير الخارجية المصرى سامح شكرى على هذه التصريحات مؤكداً أنها «مرفوضة تماماًَ، وتخالف القانون الدولى»، ليحسم مرة أخرى ولن تكون أخيرة مثل هذه الترهات الإسرائيلية التى لن تتوقف فى ظل تواطؤ دولى واضح، وغض طرف أمريكى لكل ما يحدث لغزة وأهلها، وعجز عربى عن إيقاف المخطط الصهيونى الهادف إلى تفريغ القطاع من الفلسطينيين.
فيما احتشد الشعب المصرى ليصطف خلف القيادة السياسية مسانداً لها فى رفض المشروع الإسرائيلى وقد ترجمت صوت مصر، المطربة الكبيرة أنغام فى أغنيتها الجديدة «حلفونا» مشاعر المصريين الذين أقسموا على كتاب حقيقى، كتاب مقدس، اقسموا شعباً وجيشاً، قائلة: «حلفونا.. حلفونا.. عمرنا ما نفرط فى سينا»، وهذا هو يقين أهل مصر وعهدهم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر سيناء فلسطين إسرائيل
إقرأ أيضاً:
محافظ أسوان والأزهر يبحثان سبل مكافحة تفشي الطلاق وحلوله
إلتقى اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، بالدكتور محمد الجندى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لبحث سبل تكثيف العمل الدعوى، وإستعراض الدور التوعوى الذى يقوم به وعاظ وواعظات الأزهر الشريف بمختلف مدن ومراكز المحافظة لتوعية المواطنين بالقضايا المجتمعية الهادفة المختلفة.
وخلال اللقاء الذى حضره الدكتور كامل جاهين عميد كلية الدراسات الإسلامية، والدكتور سيد حسن رئيس منطقة أسوان الأزهرية، والوفد المرافق له.
أشاد الدكتور إسماعيل كمال بالجهود المتميزة التى يقوم بها الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لأداء رسالته السامية، والمتمثلة فى نشر الوسطية والفكر الصحيح المعتدل الذى يرتكز على سمو الأخلاق وذلك فى إطار المنهج القرآنى، تواكباً مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى لدعواته المستمرة لتجديد الخطاب الدينى لخلق أجيال قادرة على تحمل المسئولية والنهوض بوطنهم، ولتظل بذلك أرض الكنانة وأزهرها الشريف دائماً قلعة الإسلام على مستوى العالم.
مؤكداً على التعاون المثمر بين محافظة أسوان والأزهر الشريف، والذى يتجسد فى تنظيم القوافل التوعوية المتنوعة، وإنشاء المعاهد الأزهرية فى القرى والنجوع ضمن المبادرة الرئاسية " حياة كريمة "، وهو الذى يتكامل مع البصمات والعلامات المضيئة التى حققها ويحققها مجمع البحوث الإسلامية لخدمة المجتمع.
فيما قدم الدكتور محمد الجندى شكره لمحافظ أسوان على حفاوة الإستقبال والترحيب، مؤكداً على أنه سيتم تنظيم ندوة عن " تفشى الطلاق " لعرض الحلول الإيجابية التى تساهم فى الحفاظ على الأسرة من التفكك.
وسيتم الآخذ بمقترح محافظ أسوان بأن يتم تناول ذلك على منابر خطبة الجمعة لهذا الأسبوع بالتنسيق مع الأوقاف، تكاملاً مع المبادرات الاجتماعية والأخلاقية العديدة التى يطلقها الأزهر الشريف لتنمية القيم والإرتقاء بها والحفاظ على كيان الأسرة والمجتمع.