محمود فوزي السيد يكتب.. Free Palestine درة التاج لأحرار الغناء في العالم
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
من بين مقاطع الفيديو الكثيرة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى للمشاهد المؤلمة، التى يعيشها أهالينا الكرام فى قطاع غزة تحت قصف جيش الاحتلال الصهيونى وما تصيب به القلوب من ألم لا يحتمل، لاحظت وجود عدد كبير من الفيديوهات التى تتصدر التريند وينشرها الآلاف، مصحوبة دائماً بكلمات تحمل الكثير من ملامح القوة والمقاومة، وهى المقاطع التى تظهر بعض أحرار الغناء فى الغرب المساندين للقضية الفلسطينية والداعمين لقرار وقف إطلاق النار فى غزة وهم مجتمعون على كلمة واحدةFree Palestine العبارة التى تحولت إلى درة التاج لحفلات عدد كبير من أحرار الغناء فى الغرب، آخرهم المغنية النرويجية هيلارى أليسون، التى ارتدت العلم الفلسطينى فى إحدى حفلاتها، مؤكدة موقفها الداعم للقضية ومطالبة العالم كله بالوقوف خلف غزة لإيقاف حرب الإبادة التى تعيشها، وفى نهاية كلمتها رددت الشعار Free Palestine.
وعندما يتحرك ضمير مطرب غربى لا تزيد حجم معلوماته عن القضية العربية الأسمى عن حجم معرفته باللغة العربية نفسها لكنه تابع وشاهد وتوجع واستنكر وقالها فى حفل أمام عشرات الآلاف Free Palestine، هنا يجب على كل مطرب عربى أن يلتزم بالوقوف نفس الموقف وهو الموجوع بالأحداث والمشاهد، والذى عايش كل تفاصيل القضية الفلسطينية طوال سنوات عمره.
كل يوم نشاهد مطربين مصريين وعرباً يعلنون عن حفلاتهم الجديدة، فلماذا لا نجعل من كلمة «فلسطين حرة» نداء واجباً على كل مطرب فى حفله أسوة بأحرار الغناء فى العالم.. لماذا لا تحمل حفلات النجوم العرب رسالة تضامن ودعم لشعب فلسطين وأهالى غزة، ليتم تحويل هذا الجزء البسيط من الحفل وهم يرددون «فلسطين حرة» لمقاطع صغيرة تتناقلها الشعوب حول العالم لإظهار دعم الملايين للقضية.
خلال ساعات يحيى الفنان المصرى «العالمى» عمرو دياب حفله فى دبى، الذى كان قد اتخذ قراراً بتأجيله من يوم 20 أكتوبر الماضى بسبب الأحداث، وتم الاتفاق النهائى على أن يقام يوم 18 نوفمبر الحالى، أتمنى -بل أنتظر- من الفنان الكبير أن يبدأ حفله بأغنيته المهمة «القدس ديه أرضنا» كلمات مجدى النجار ولحن عمرو دياب وتوزيع طارق مدكور، والتى صدرت منذ ما يقرب من 23 عاماً فى أحداث الانتفاضة التى اندلعت إثر استشهاد الطفل محمد الدرة، كرسالة دعم ومساندة للقضية التى ساندها هو طوال تلك السنوات، وهو الأمر نفسه الذى يجب على كل من يصعد خشبة مسرح فى عالمنا العربى خلال الفترة الحالية أن يقوم به، فليبدأ مطربونا الحفل بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح شهداء غزة، ولتكن دائماً أغنيتهم الأولى لفلسطين سواء لمن غنى منهم للقضية أو حتى الاستعانة بأغنية لزميل آخر.
تلك المقاطع الصغيرة ونجوم العالم العربى جميعاً يغنون لشهداء غزة وفى خلفيتهم علم فلسطين سيتداولها جمهور السوشيال ميديا بالتأكيد كما يفعل مع مقاطع المطربين الأجانب.
أعلم أن الأحداث التى نعيشها مع مشاهد استشهاد الأطفال والكبار فى غزة أصبحت أكبر من فكرة الغناء للقضية، فالألم أعظم حتى من الوقوف أمام الميكروفون لتسجيل أغنية جديدة، لكن يبقى الموقف فى النهاية أن على كل منا تحمل مسئوليته، وسلاح الفنان للتعبير عن رأيه هو فنه، وهنا فى تلك اللحظة بالتحديد عليه أن يحسن استخدامه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: انتهاكات إسرائيل صمود أهل غزة فلسطين على کل
إقرأ أيضاً:
هل عاد الزمن «العثمانلى»؟!
فى التسعينيات، خاضت تركيا وإيران أكبر عملية مزاحمة وتنافس فى تاريخهما الحديث. استغلت الدولتان سقوط الاتحاد السوفيتى، لاقتناص النفوذ وإعادة رسم خريطة تحالفات دول آسيا الوسطى وجنوب القوقاز المسلمة الجديدة ذات الامتداد الجغرافى والثقافى مع البلدين. وبينما ركزت طهران على السياسة ونشر المذهب الشيعى، لعبت أنقرة بورقة الاقتصاد. تدفق رجال الأعمال الأتراك بالأموال والمشروعات التى كانت تلك الدول فى أشد الحاجة إليها. خسرت إيران الجولة، وفازت تركيا بالنفوذ السياسى والاقتصادى، كما جرى اعتماد الصيغة التركية للأبجدية اللاتينية رسميا لدول آسيا الوسطى واستبعاد الأبجدية الإيرانية ذات الأحرف العربية.
التاريخ الإسلامى فى معظمه تنافس وصراعات وحروب بين تركيا وإيران على الغزو والنفوذ الإمبراطورى (العثمانى والفارسى)، لكن التاريخ الحديث شهد دفئًا فى العلاقات منذ قيام تركيا «الأتاتوركية» الحديثة. الدولتان كانتا عضوين فى حلف بغداد الذى ناهضته مصر الناصرية. ثم جاءت الثورة الإيرانية ١٩٧٩، لتعيد التنافس مجددا. لم تكن النتائج فوزا على طول الخط لأحدهما، بل أحيانا يكون هناك «اتفاق على التعادل». دعمت تركيا سرا صدام حسين فى حربه ضد إيران. وقف البلدان منذ التسعينيات على طرفى نقيض من النزاع الذى فجر حروبا عديدة بين أذربيجان وأرمينيا. قبل شهور، انتصرت أذربيجان ومعها تركيا، وخسرت أرمينيا وحليفتها إيران. بعد الغزو الأمريكى للعراق ٢٠٠٣، حصدت طهران النفوذ والقوة، وأصبحت «صانع الملوك» فى السياسة العراقية. عقب ثورات الربيع العربى ٢٠١١، اندفعت تركيا للتأثير وفرض النفوذ على الحكومات الجديدة. إيران اختارت الدفاع عن الأنظمة القائمة، خاصة فى سوريا، ثم شكلت محورا للمقاومة استثمرت فيه الكثير لبقاء الأنظمة ومناطحة إسرائيل وأمريكا. معهد «تشاتام هاوس» البريطانى للشؤون الدولية قدر أنها أنفقت على سوريا فقط منذ ٢٠١١، ما بين ٣٠ و٥٠ مليار دولار.
ورغم كل تلك الخلافات ظلت مصالح الدولتين متداخلة ومتقاربة. كلتاهما منزعجتان من الوجود الأمريكى بسوريا. أنقرة ترى أن دعم واشنطن للأكراد عقبة أمام جهودها لمنع فوزهم بالحكم الذاتى والانفصال. إيران لا تريد وجودا أمريكيا لا فى سوريا أو غيرها تطبيقا لشعارها: «طرد أمريكا من المنطقة». هناك اتفاق على رفض النظام العالمى الراهن. تركيا تقول إن العالم أكبر من خمسة، فى إشارة لأعضاء مجلس الأمن الدائمين، وإيران تدعو للتحول عن الهياكل الدولية القائمة وإقامة شراكة مع الصين.
لكن عالم ما بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، الذى نتج عن هجمات حماس على إسرائيل وما تلاه من عدوان وحشى إسرائيلى، قضى تقريبا على قوة حماس وشل إمكانات حزب الله، وتطور إلى انهيار النظام السورى، الأمر الذى خلق مشهدا جديدا تماما. بحسب جيمس جيفرى، نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق، فإن: «كل قطع الدومينو التى تمتلكها طهران سقطت. إسرائيل حطمت محور المقاومة لكن سقوط بشار نسف المحور». إيران تنظر للمستقبل بقلق وربما بخوف. أوراقها ذبُلت. إسرائيل، التى كانت تتردد فى مهاجمتها مباشرة، تجرأت عليها. صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت أن مساعدى ترامب يدرسون إمكانية شن ضربات جوية وقائية لمنعها من صنع سلاح نووى، بعد تقارير تقول إنها زادت خلال الفترة الأخيرة من معدلات تخصيب اليورانيوم المطلوب لإنتاج قنبلة نووية.
طهران فى موقف دفاعى حاليا بينما حظوظ وأوراق أنقرة فى صعود. تقريبا، حلت فى النفوذ بسوريا محل إيران أيام بشار. لكى تصل إلى ما وصلت إليه، عملت تركيا بدأب لتسليح وتجهيز المعارضة انتظارا للحظة الحسم. وزير الخارجية هاكان فيدان له تصريح لافت: «تركيا قد تتأخر فى فعل اللازم، لكنها تفعله بالنهاية». أهداف أردوغان إعادة اللاجئين، وأن تكون سوريا معبرا للتجارة التركية، وأن يحارب جيشها الجديد الأكراد المناوئين له. هذه الأوراق الجديدة ستساعده فى التعامل مع إدارة ترامب ولعب دور أكبر بالمنطقة. بعض القوميين الأتراك المتشددين المؤيدين لأردوغان لهم أطماع فى سوريا. دولت بهتشلى، رئيس حزب الحركة القومية، صرح، عقب دخول المعارضة السورية حلب قائلا: «حلب تركية مسلمة حتى النخاع. التاريخ والجغرافيا والحقيقة والأجداد يقولون ذلك، وأيضا العلم التركى الذى يرفرف فوق قلعة المدينة». هل يتبنى الرئيس التركى ذلك؟. المستقبل سيجيب.
ماذا تبقى من أوراق إيران؟ سانام فاكيل، الباحثة فى «تشاتام هاوس»، ترى أن طهران ستقوم بـ«إعادة انتشار» وهو مصطلح عسكرى يعنى الانسحاب المخطط، ومحاولة الحفاظ على ما بقى من محور المقاومة والاستثمار فى العلاقات الإقليمية من أجل النجاة من ضغوط ترامب المحتملة. أما تركيا، فهناك اندفاعة لملء الفراغ الذى تركته إيران، وهناك من يبالغ، ويقول إنه القرن التركى الجديد.
عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم