من بين مقاطع الفيديو الكثيرة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى للمشاهد المؤلمة، التى يعيشها أهالينا الكرام فى قطاع غزة تحت قصف جيش الاحتلال الصهيونى وما تصيب به القلوب من ألم لا يحتمل، لاحظت وجود عدد كبير من الفيديوهات التى تتصدر التريند وينشرها الآلاف، مصحوبة دائماً بكلمات تحمل الكثير من ملامح القوة والمقاومة، وهى المقاطع التى تظهر بعض أحرار الغناء فى الغرب المساندين للقضية الفلسطينية والداعمين لقرار وقف إطلاق النار فى غزة وهم مجتمعون على كلمة واحدةFree Palestine العبارة التى تحولت إلى درة التاج لحفلات عدد كبير من أحرار الغناء فى الغرب، آخرهم المغنية النرويجية هيلارى أليسون، التى ارتدت العلم الفلسطينى فى إحدى حفلاتها، مؤكدة موقفها الداعم للقضية ومطالبة العالم كله بالوقوف خلف غزة لإيقاف حرب الإبادة التى تعيشها، وفى نهاية كلمتها رددت الشعار Free Palestine.

. هيلارى ليست الأولى ولا الأخيرة فى مسلسل الرعب الذى تبثه تلك الكلمة البسيطة فى قلوب المحتل، ففى مقطع آخر قصير شاهدت المطربة العالمية «أديل» وهى تغنى وسط جمهور ممسكة بيدها علم فلسطين، فى مقطع حقق انتشاراً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعى، وسبقها مطربو «راب» فى أمريكا وغيرها من دول العالم، وهو نفس الموقف الذى وقفه المغنى المصرى «الراجل الجدع» ويجز فى إحدى حفلاته فى جولة أمريكية منذ أيام قليلة، عندما طلب من الجمهور أن يرددوا خلفه هذا الشعار الوطنى العظيم والذى استقبله الجمهور بحب وفخر.

وعندما يتحرك ضمير مطرب غربى لا تزيد حجم معلوماته عن القضية العربية الأسمى عن حجم معرفته باللغة العربية نفسها لكنه تابع وشاهد وتوجع واستنكر وقالها فى حفل أمام عشرات الآلاف Free Palestine، هنا يجب على كل مطرب عربى أن يلتزم بالوقوف نفس الموقف وهو الموجوع بالأحداث والمشاهد، والذى عايش كل تفاصيل القضية الفلسطينية طوال سنوات عمره.

كل يوم نشاهد مطربين مصريين وعرباً يعلنون عن حفلاتهم الجديدة، فلماذا لا نجعل من كلمة «فلسطين حرة» نداء واجباً على كل مطرب فى حفله أسوة بأحرار الغناء فى العالم.. لماذا لا تحمل حفلات النجوم العرب رسالة تضامن ودعم لشعب فلسطين وأهالى غزة، ليتم تحويل هذا الجزء البسيط من الحفل وهم يرددون «فلسطين حرة» لمقاطع صغيرة تتناقلها الشعوب حول العالم لإظهار دعم الملايين للقضية.

خلال ساعات يحيى الفنان المصرى «العالمى» عمرو دياب حفله فى دبى، الذى كان قد اتخذ قراراً بتأجيله من يوم 20 أكتوبر الماضى بسبب الأحداث، وتم الاتفاق النهائى على أن يقام يوم 18 نوفمبر الحالى، أتمنى -بل أنتظر- من الفنان الكبير أن يبدأ حفله بأغنيته المهمة «القدس ديه أرضنا» كلمات مجدى النجار ولحن عمرو دياب وتوزيع طارق مدكور، والتى صدرت منذ ما يقرب من 23 عاماً فى أحداث الانتفاضة التى اندلعت إثر استشهاد الطفل محمد الدرة، كرسالة دعم ومساندة للقضية التى ساندها هو طوال تلك السنوات، وهو الأمر نفسه الذى يجب على كل من يصعد خشبة مسرح فى عالمنا العربى خلال الفترة الحالية أن يقوم به، فليبدأ مطربونا الحفل بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح شهداء غزة، ولتكن دائماً أغنيتهم الأولى لفلسطين سواء لمن غنى منهم للقضية أو حتى الاستعانة بأغنية لزميل آخر.

تلك المقاطع الصغيرة ونجوم العالم العربى جميعاً يغنون لشهداء غزة وفى خلفيتهم علم فلسطين سيتداولها جمهور السوشيال ميديا بالتأكيد كما يفعل مع مقاطع المطربين الأجانب.

أعلم أن الأحداث التى نعيشها مع مشاهد استشهاد الأطفال والكبار فى غزة أصبحت أكبر من فكرة الغناء للقضية، فالألم أعظم حتى من الوقوف أمام الميكروفون لتسجيل أغنية جديدة، لكن يبقى الموقف فى النهاية أن على كل منا تحمل مسئوليته، وسلاح الفنان للتعبير عن رأيه هو فنه، وهنا فى تلك اللحظة بالتحديد عليه أن يحسن استخدامه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: انتهاكات إسرائيل صمود أهل غزة فلسطين على کل

إقرأ أيضاً:

من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ

أول ما تفكر الحروب في استهدافه هو الحقيقة، ومنذ زمن بعيد أدرك صناع الحروب أن إسكات الكلمة وقتل الصحفيين هو السبيل الأنجح لطمس الجرائم ومحو آثارها من الذاكرة الجماعية. فالصحفي في مثل هذه الحالة، هو العدو الأخطر لمن يريد أن يروي الحرب كما يشتهي، لا كما حدثت.

ولم يعد قتل الصحفيين في الحرب الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حادثا عرضيا أو خطأ غير متعمد ولكن، دون أدنى شك، سياسة ممنهجة لطمس الأدلة وإخضاع الوعي العالمي لسرديات المحتل الزائفة.

لكنّ الطموح الإسرائيلي المبني على الإيمان المطلق بالسردية الذاتية، يبدو أنه يتلاشى تمامًا بعد أكثر من 19 شهرا على بدء مجازر الاحتلال في قطاع غزة والذي راح ضحيته أكثر بكثير من 52 ألف فلسطيني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ولكل منهم قصته وحلمه وطموحه ومساره في هذا العالم.. فما زال صوت الحقيقة، ولو عبر ثقوب صغيرة جدا، يتسرب إلى العالم ويملك قوة تهشيم السردية الإسرائيلية، وصناعة الدهشة، وتحريك الضمائر الحرة في كل أنحاء العالم.

واغتالت يد الغدر الإسرائيلية منذ بدء الحرب أكثر من211 صحفيا، بعضهم تم استهدافه على الهواء مباشرة، وبعضهم رآه العالم وهو يحترق في خيمة الصحفيين حتى الموت، وهو عدد ضخم جدا في حرب واحدة لم تكمل بعد العامين. ولكل صحفي من هؤلاء حكايته التي لا نعرفها، وهو منشغل بنقل حكايات الآخرين من ضحايا الحرب، وله حلمه الذي ينتظر لحظة أن تضع الحرب أوزارها ليذهب نحو تحقيقه.. وكل جرائم هؤلاء أنهم اختاروا أن يكونوا شهودًا على الحقيقة، لا صامتين على الجريمة.

لم تكن الرواية يومًا كما يدعي الإسرائيليون، لكن الأمر كان، منذ الصحفي الأول الذي سقط ضحية للحقيقة، ممنهجا في سبيل احتكار الاحتلال للرواية، ليكتب الحرب وحده دون صور تُوثق أو أقلام تسائل ما يحدث أمام سطوة التاريخ التي لن ترحم في يوم من الأيام.. ويريد أن يحرق الحقيقة كما حرق أجساد الصحفيين، وأن يُطفئ العدسات كما يُُطفئ الحياة في عيون الأطفال.. تماما كما يستهدف المسعفين، ويدمر المستشفيات، ويقصف المدارس والجامعات.. إنه يستهدف، وفي كل مرة، شهود الجريمة أنفسهم.

وهذا ليس صادما لمن يفهم الاحتلال الإسرائيلي؛ فهو ينطلق دائمًا من مبدأ نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وعقدة الاستثناء التاريخي من القوانين والأخلاقيات والمبادئ، وفصل جرائمه ضد الفلسطينيين، عن التقييم الأخلاقي والقانوني. ولذلك لا غرابة أن يعمد الاحتلال الصهيوني إلى اغتيال الحقيقة وإطفاء الأضواء في زمن الظلام؛ فالعمل الصحفي في نظره فعل مقاومة لأنه يعمل على كشف حقيقة ما يقوم به وفضح سردياته الملطخة بدماء الأبرياء.

رغم ذلك ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإسكات الحقيقة عبر اغتيال أبطالها وحرقهم بالنار تبقى «الحقيقة» آخر جدار للصمود، ويبقى الصحفيون في غزة هم حراس هذا الجدار، يكتبون بالدم ويصورون بالألم وصراخهم صدى لآلاف الضحايا الذين قضوا دون أن نسمع لهم صوتا أو أنينا. ولن تستطيع إسرائيل أن تصدّر سردياتها للعالم فقد كشف أمرها تماما، ومن يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ.

مقالات مشابهة

  • محمود فوزي : ملف الطاقة من الملفات المرتبطة بالأمن القومي بشكل مباشر
  • محمود فوزي: مشروع قانون الثروة المعدنية نموذجًا للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
  • من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ
  • محمود فوزي: مشروع قانون الثروة المعدنية سيحدث نقلة كبيرة
  • محمود فوزي: مشروع قانون الثروة المعدنية نموذج للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ماتحت أرض الخرطوم ٢٠١٧— ٢٠١٩)
  • فوزي: لن يتحمل المواطنون أعباء مالية بعد تطبيق قانون الرقم القومي للعقارات
  • اختيار السيد فوزي لقجع نائبا أول لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم
  • عُرف بمناصرته للقضية ورفض التهجير.. «الكوفية الفلسطينية» حاضرة في جنازة البابا فرانسيس