غير آبهة بما يلقاه الأبرياء في غزة من ويلات على مدار الساعة بأيادي قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يدفع تعداد الضحايا دفعا نحو الازدياد يوميا بشكل جنوني، في حصيلة تشكل ثلثاها من النساء والأطفال، تسعى الإدارة الأمريكية بشكل غير معلن لزيادة دعمها للكيان المحتل على المستوى العسكري، إلا أن عدم الاكتراث هذا يواجهه تيار داخل الولايات المتحدة، انعكس على صورته تراجع ملحوظ في الشارع الأمريكي وحتى من قلب البيت الأبيض بشأن تأييد هذا الدعم لم يعد يتمتع بـ "شرعية إنسانية" وسط هذا الكم من الضحايا.


وأفادت تقارير وسائل الإعلام الأمريكية الأربعاء الماضي، بأن الولايات المتحدة قررت رفع سقف مساعداتها العسكرية لإسرائيل، في ظل الدعوات التي أطلقتها واشنطن لتفادي سقوط ضحايا من المدنيين في قطاع غزة.
وقالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية إن "البنتاجون زاد بشكل هادئ مساعداته العسكرية لإسرائيل، استجابةً للطلبات التي تشمل زيادة الصواريخ الموجهة بالليزر المستخدمة في طائرات الأباتشي الهجومية، إلى جانب طلقات عيار ١٥٥ ملم وتعزيز النظارات الليلية وتوريد القنابل الخارقة للتحصينات وتوفير مركبات عسكرية جديدة".
وأشارت الوكالة إلى "توتر بين الحلفاء"، حيث تعبر واشنطن عن "خيبة أمل متزايدة" بشأن تصرفات إسرائيل تجاه حركة "حماس" الفلسطينية، إضافة إلى تأكيد ممثلي البيت الأبيض على "إجراء محادثات معقدة بشكل متزايد" مع الجانب الإسرائيلي، ولكن دون أي اهتمام من قِبَل تل أبيب إلى هذه المحادثات، بحسب وصف الصحيفة.
ووفقًا للصحيفة، كثيرًا ما حذرت الولايات المتحدة إسرائيل بشكل متكرر من ضرورة حماية المدنيين، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى الآن يتجاهل المخاوف الأمريكية المتعلقة بالرهائن الأمريكيين الذين ما زالوا في غزة.
وقد مر أكثر من شهر على بدء عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس" على المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، والتي أسفرت عن احتجاز عدد من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.
وفي رد فعل على ذلك، بدأت إسرائيل عملية "السيوف الحديدية"، وشنت هجمات جوية عنيفة ضد قطاع غزة، مما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا المدنيين، ومعظمهم من الأطفال، إلى جانب قطع الكهرباء والمياه والوقود، وفرض قيود كبيرة على دخول المساعدات الإنسانية، مما تفاقم الأزمة في القطاع وجعله يعاني من أزمة إنسانية حادة.
رفض داخلي في البيت الأبيض
من جهة أخرى؛ يؤكد مقال نُشر في صحيفة "الجارديان" البريطانية، الأربعاء، أن هناك تحركًا داخليًا في البيت الأبيض سعيًا لكبح العنف الإسرائيلي في قطاع غزة لتجنب تصاعد الصراع، في الوقت الذي تواجه فيه الإدارة الأمريكية انتقادات داخلية متزايدة بسبب موقفها المؤيد لسياسات إسرائيل في المنطقة.
وبحسب المقال، فإن أكثر من ٥٠٠ موظف في البيت الأبيض وجهوا رسالة إلى الرئيس جو بايدن الثلاثاء، يعبرون فيها عن انتقادهم لموقفه المؤيد للعمليات الإسرائيلية وسياسات إسرائيل في قطاع غزة.
ويلاحظ المقال أن الإدارة الأمريكية تواجه انتقادات شديدة في الداخل بسبب سياساتها في الشرق الأوسط، حيث طالب موظفو البيت الأبيض الرئيس بايدن بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من ١١ ألف أكثر من ثلثيهم من النساء والأطفال.
وأضاف المقال أن موظفي البيت الأبيض طالبوا الرئيس الأمريكي بخفض التوتر في قطاع غزة، وضمان تلبية احتياجات السكان الأساسية من المياه والوقود والمساعدات الإنسانية، مع تأمين ممرات آمنة لوصول هذه المساعدات للمحتاجين في ظل التصعيد الحالي.
موقف الشارع الأمريكي
وأظهر استطلاع أجرته "رويترز/إبسوس"، ونُشر الأربعاء، أن غالبية الأمريكيين يدعمون الآن وقف إطلاق النار في النزاع الدائر في قطاع غزة، بالرغم من تصريحات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المؤيدة لإسرائيل في السياق الحالي.
وسلط الاستطلاع، الذي نُشرت نتائجه من قبل صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، الضوء على تراجه التأييد لسياسات إسرائيل بين المشاركين مقارنة بمراحل سابقة من النزاع، مع تغييرات في الآراء مع تصاعد الصراع ودخوله أسبوعه السادس.
وعبر نحو ٣٢٪ من المشاركين عن آراء تفيد بضرورة دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، وهو ما يشير إلى انخفاض مقارنة بنسبة ٤١٪ في منتصف أكتوبر، بعد بضعة أيام من اندلاع النزاع.
كما أفاد الاستطلاع بأن الكثيرين الآن يرون أن الولايات المتحدة يجب أن تتبوأ دور "وسيط محايد" في النزاع بدلًا من التحيز لأي طرف، حيث ارتفعت هذه الآراء إلى نسبة ٣٩٪ مقارنة بـ٢٧٪ قبل شهر.
وأبدى حوالي ١٥٪ من المشاركين رأيهم بضرورة دعم المصالح الفلسطينية في النزاع، وهو ما بقي ثابتًا بشكل كبير دون تغيير يذكر.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قوات الاحتلال الإسرائيلي الإدارة الأمريكية الولایات المتحدة فی البیت الأبیض فی قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

أمريكا اللاتينية تواجه ضغوطاً للاختيار بين الولايات المتحدة والصين

أصبحت أمريكا اللاتينية ساحة صراع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والصين، متعرضة لضغوط من واشنطن تدفعها لاختيار أحد الطرفين.

وحتى الآن، فضلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة العصا على الجزرة في استراتيجيتها لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، والذي تعتبره تهديداً للأمن القومي والاقتصاد الأمريكي.

美国还是中国?拉丁美洲面临选边站的压力 https://t.co/oMU5eN7wo3

— 美国之音中文网 (@VOAChinese) February 14, 2025

وهدّد  ترامب مراراً "باستعادة" قناة بنما التي شقّتها الولايات المتحدة، إذا لم تعمل بنما على الحد من النفوذ الصيني المفترض في هذا الممر المائي، الذي تمر عبره نحو 40% من حركة الحاويات الأمريكية.

وإلى ذلك تعد الصين هدفاً غير مباشر للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم من دول حليفة مثل المكسيك. ويؤكد البيت الأبيض أن المنتجين الصينيين يستغلون اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، من خلال شحن الألومنيوم إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك من دون رسوم جمركية.

وندّدت الصين بـ "عقلية الحرب الباردة" التي تعتنقها واشنطن، واتهمت الولايات المتحدة باستخدام "الضغط والإكراه لتقويض" استثماراتها في أمريكا اللاتينية.

Latin America has emerged as a key battleground in U.S. President Donald Trump's confrontation with China, and the region is coming under pressure from Washington to choose a side.https://t.co/ATbHdd1seo

— The China-Global South Project (@ChinaGSProject) February 14, 2025

وقال أرتورو ساروخان الذي شغل منصب سفير المكسيك لدى الولايات المتحدة من 2006 إلى  2013، إنه "ليس هناك شك في أن إدارة ترامب ترى في وجود الصين في الأمريكيتين تهديداً لأمنها القومي ومصالحها في السياسة الخارجية".

وأضاف أن "هذا يفسر بشكل أساسي الترهيب الدبلوماسي الذي يمارسه الرئيس ترامب على بنما، وسياسته التجارية القائمة على مبدأ أمريكا أولاً... وتهديداته بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية".

منافسة شرسة 

واعتبرت الولايات المتحدة خلال قرنين من الزمن، أن أمريكا اللاتينية جزء من دائرة نفوذها، لكن تمكنت الصين من تحقيق اختراقات فيها. وانضم ثلثا دول أمريكا اللاتينية إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية للبنى التحتية، وباتت الصين الشريك التجاري الأكبر للبرازيل والبيرو وتشيلي وعدة دول أخرى في المنطقة متقدّمة على الولايات المتحدة.

ويبدو أن الاهتمامات الفورية لإدارة ترامب تتركز على النفوذ الصيني في محيطها، وخصوصاً في بنما، وفي المكسيك أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.

وزادت الاستثمارات الصينية في المكسيك بشكل كبير منذ ولاية ترامب الرئاسية الأولى (2017-2021)، عندما نقلت شركات في قطاعات مستهدفة بالرسوم الجمركية الأمريكية أجزاء من سلاسل توريدها إلى المكسيك.

ورداً على إعلان واشنطن بأنها أقرت اتفاقية تجارة حرة "مع المكسيك، وليس الصين"، أعلنت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم عن خطط لتقليص الواردات الصينية مع تعزيز الإنتاج المحلي من السيارات والمنسوجات وغيرها من السلع.

كما تشارك الصين بشكل عميق في اقتصاد بنما، وتملك شركة من هونغ كونغ امتيازاً لإدارة اثنين من موانئ قناة بنما الـ 5 ما يثير مخاوف واشنطن. ورأى المدير الأول لمركز أمريكا اللاتينية التابع للمجلس الأطلسي في واشنطن، جيسون ماركزاك، أن أجزاء من البلاد "أغرقها الصينيون الذين يحلون محل رواد الأعمال البنميين المحليين".

وهنا أيضاً يبدو أن تكتيكات الضغط التي تنتهجها واشنطن تؤتي ثمارها: انسحبت بنما من مبادرة "طرق الحرير الجديدة" الصينية بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى البلاد.
ويتوقع الخبراء منافسة شرسة في أمريكا الجنوبية، حيث استثمرت الصين بكثافة في معادن استراتيجية مثل النحاس والليثيوم.

وقبل وصوله إلى السلطة في العام 2023، وعد الرئيس الأرجنتيني الليبرالي المتطرف خافيير ميلي الذي يتوق إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، بأنه "لن يتعامل تجارياً مع الصين أو مع أي (دولة) شيوعية". وبعد مرور عام واحد، أشاد ميلي بالصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، واصفاً إياها بأنها شريك تجاري "مثير للاهتمام جداً"، ولا يطلب أي شيء في المقابل.

US or China? Latin America under pressure to pick a side https://t.co/E4xeLk0dOb

— Inquirer (@inquirerdotnet) February 14, 2025 إلى أحضان بكين

ومن جانبها، تحافظ البرازيل على علاقات وثيقة مع كل من واشنطن وبكين. ورأى السفير المكسيكي السابق ساروخان أن تهديدات دونالد ترامب واستفزازاته لدول أمريكا الجنوبية "قد تدفعها أكثر إلى أحضان بكين".

وعلى سبيل المثال، أعلن الرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو عن خطط لتعزيز العلاقات مع الصين، بعدما هدّد ترامب بوغوتا بعقوبات ورسوم جمركية، عقب رد بيترو  في البداية طائرتين عسكريتين أمريكيتين تحملان مهاجرين تم ترحيلهم.

وقال ماركزاك "لا تريد أي دولة أن تكون في خضم معركة جيوستراتيجية عالمية من نوع (إما نحن أو هم)، ولكن عندما تُمنح الخيار، وبحكم التوافق مع القيم الأمريكية والغربية، فإن الاستثمار الأمريكي هو المفضل".

مقالات مشابهة

  • أثارا الجدل.. طفلان داخل البيت الأبيض آخرهما ابن ماسك| ماذا حدث؟
  • «1800 قنبلة من نوع MK-84».. أمريكا تسلم إسرائيل شحنة قنابل ثقيلة
  • عادل حمودة: البيت الأبيض شاهد على أشرس الصراعات السياسية الأمريكية
  • عادل حمودة: البيت الأبيض شاهد على أسرار كل رئيس أمريكي
  • البيت الأبيض .. من القصر التنفيذي إلى رمز الرئاسة الأمريكية
  • البيت الأبيض.. من «القصر التنفيذي» إلى رمز الرئاسة الأمريكية
  • البيت الأبيض يهدد المهاجرين في رسالة عيد الحب
  • أمريكا اللاتينية تواجه ضغوطاً للاختيار بين الولايات المتحدة والصين
  • الولايات المتحدة تحث أوروبا على زيادة إنفاقها العسكري
  • تيك توك يشهد زيادة كبرى بالتحميلات غير الرسمية في الولايات المتحدة