البوابة نيوز:
2024-11-14@04:26:01 GMT

نتنياهو.. في مستنقع غزة 

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

 لم يتوقع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن يتورط في هذا المأزق الذي أصبح مستنقعا، لن يخرج منه  سالما أبدا. أصبح قطاع غزة، بما شهده خلال أسابيع قليلة، نموذجا للإرادة والتحدي في وجه احتلال بغيض لايعرف القيم الإنسانية ولا المبادئ الأخلاقية التي يتعلمها العسكريون، ولا المواثيق الدولية، ولا اتفاقيات جنيف الأربع، التي تؤكد علي تفادي قتل او إصابة المدنيين العزل في زمن الحرب.

                   

 لم يحدث في تاريخ القضية الفلسطينية ما يشهده حاليا  قطاع غزة الفلسطيني من أحداث دموية واعتداءات وحشية على المواطنين العزل، كانت نتيجتها استشهاد ما يقرب من ١١٥٠٠ شهيد وإصابة أكثر من ٣٠ ألفا، حسب أخر الاحصائيات المعلنة من قبل وزارة الصحة الفلسطينية. ووفق الأرقام المعلنة، فإن أكثر من نصف الشهداء والمصابين، أطفال ونساء، تعرضوا لأبشع أنواع القصف الجوي الذي أدى لهدم المنشأت على رؤوس ساكنيها واختفاء المئات تحت الأنقاض، لم يتم العثور عليهم حتى الأن، واعتبروا في عداد المفقودين. وبلغ إجرام الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، حدًا، لم يخطر على بال أكبر عتاة الإجرام قديما وحديثا؛ فلم يحدث في تاريخ الحروب أن لجأ طرف يحارب طرفا آخر، إلى قصف المستشفيات ودور العبادة، والتهجير القسري لأكثر من مليون مواطن، تركوا ديارهم وكل مايمتلكون من متاع، هربًا من تلك الأعمال الوحشية والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ليل نهار.     

  والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ينجح نتنياهو في تنفيذ خطته بتفريغ قطاع غزة من سكانه وضمه إلى إسرائيل بالقوة المسلحة وإدارته عن طريق جيش الاحتلال؟ إن الإجابة على هذا السؤال ليست بالأمر الهين، خاصة أن المقترحات التي قدمتها دوائر الاستخبارات الإسرائيلية لصناع القرار في تل أبيب لم تلق قبولًا، فلا يزال الوقت مبكرًا، من وجهة نظر بنيامين نتنياهو لاتخاذ القرار النهائي بالنسبة لمستقبل الأوضاع في قطاع غزة؛ إذ هو يطمع إلى استئصال منظمة حماس من جذورها وتصفيتها تماما في القطاع، رغم إدراكه، ووزير دفاعه جالانت، أن الصراع يكلف إسرائيل عشرات القتلي والمصابين، إضافة إلى حالة الهلع التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر، بشكل لم يحدث له مثيل في تاريخ إسرائيل منذ نشأتها عام 1948.    لقد سقط نتنياهو في مستنقع لن يخرج منه سالمًا، إذ هو يواجه مقاومة شرسة من جانب أفراد يختفون كالأشباح، ولو كان جيش الاحتلال الإسرائيلي متمتعًا بأدنى المبادئ الأخلاقية للعمل العسكري، كما يدعى، لتفرغ للبحث عن القوة الخفية التي تحاربه، ولما تعرض أبدًا للمدنيين العزل، خاصة الأطفال والنساء.

   منذ أيام، تقدمت إحدى منظمات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية بدعوى أمام إحدى المحاكم الاتحادية، مدعمة بالوثائق التي تدين القيادة الأمريكية لدعمها الحكومة الإسرائيلية في ارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين من أهالي غزة الأبرياء. وليت منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي تتحرك لتوثيق هذه الجرائم لرفع دعوي أمام محكمة العدل الدولية، لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، الذي فاق في إجرامه، مافعله شارون ومناحم بيجن وموشي ديان وعصابات الهاجاناه، خلال أكثر من ٧٠ عامًا..  لقد سقط نتنياهو سقطة مدوية وسوف يتم محاكمته قريبًا داخل إسرائيل عن طريق لجنة، نتوقع أن يتم تشكيلها علي غرار لجنة اجرانات، التي حاكمت قادة اسرائيل عقب حرب أكتوبر. ولن يكون لأمثال هذا المجرم نتنياهو ووزير دفاعه وقادة جيشه، من مصير، إلا في مزبلة التاريخ.

* أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة بنها

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: بنيامين نتنياهو المأزق قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل: الوحش الذي صنعه الغرب ولم يعد يسيطر عليه؟

هل كانت بريطانيا تخطط عندما أصدرت وعد بلفور لإنشاء «وطن قومي لليهود المضطهدين» في أوروبا، وليس لهم مكان يلجؤون إليه، بأن هؤلاء اليهود الذين سيصلون إلى فلسطين كمهاجرين من أماكن مختلفة من المعمورة سيقيمون دولة، وهذه الدولة ستصبح سيدة العالم وتتحول إلى وحش تصعب السيطرة عليه بعد مئة عام من الوعد المشؤوم؟

وعد بلفور لليهود كان يتضارب بشكل كبير مع وعد مكماهون للشريف حسين بإقامة مملكة عربية من اليمن إلى سوريا، ولهذا كان وعد بريطانيا للعرب مجرد واسطة تبرر الغاية، وهي تحقيق المشروع الاستعماري الصهيوني الجديد في فلسطين بغطاء بريطاني، والاستعمار البريطاني الفرنسي لدول ستنشأ باتفاقية سايكس ـ بيكو في الشرق الأوسط بعد رفع غطاء السلطنة العثمانية المحتضرة عنها.

بل جعلوا العرب يرفعون بأنفسهم هذا الغطاء بتحالفهم مع الحلفاء في الحرب لإسقاط السلطنة. وهنا لا بد من القول إن العرب ساهموا بتسهيل المشاريع البريطانية الفرنسية في المنطقة بأكملها لأسباب متعددة.

وقد اكتشفوا ذلك بعد أن «أكلوا الطعم» وأصابتهم الندامة، فاليهود «المضطهدون» تكشفت نواياهم عندما شكلوا ميلشياتهم الإرهابية ليضطهدوا الفلسطينيين ويطردوهم من أراضيهم وديارهم بارتكاب المجازر (كما يحصل اليوم تماما في غزة، وهذا يعني أن المشروع الاستعماري مازال منذ مئة عام مستمرا) فهذا المجتمع «اليهودي الصهيوني» المختلط والمختلف فيما بينه، يتفق على مسألة واحدة وهي قتل الفلسطينيين وتهجيرهم والاستيلاء على أراضيهم، وتحقيق الحلم الصهيوني ببناء دولة كبيرة قوية على أشلاء دول الشرق الأوسط، بدأت بحرب النكبة، واستمرت بحرب النكسة، وما تبعها من حروب لا تنتهي مع الفلسطينيين في لبنان، والضفة، وغزة، ومع كل من وقف إلى جانبهم كما يحصل اليوم.

بعد عشر سنوات تقريبا من امتلاك أمريكا للقنبلة النووية واستخدامها في اليابان لإجبارها على الاستسلام، امتلكت إسرائيل أول مفاعل نووي في المنطقة تم بناؤه من قبل الحكومة الفرنسية في عهد غي موليه.

وعن طريقه امتلكت السلاح النووي (الذي لا تعترف به ولكن كل المؤشرات تؤكد ذلك من تصريحات وزراء وساسة إسرائيليين طلبوا استخدام السلاح النووي ضد الفلسطينيين في غزة، وآخر وثيقة تثبت ذلك وثيقة الاستخبارات الأمريكية التي جاء فيها بأن الضربات الإسرائيلية لإيران لن تستخدم فيها السلاح النووي).

وهذا السلاح أعطاها الثقة بأنها ستكون قوة عظمى في الشرق الأوسط، ولا يحق لأي دولة من دوله امتلاك هذا السلاح، وإذا حاولت أي دولة امتلاكه فستقوم بتدميره وهذا ما حصل مع المفاعل النووي العراقي الذي تم تدميره في 1981، والمفاعل السوري الذي تم تدميره 2007.

والآن تسعى لتدمير المفاعل النووي الإيراني الذي تخشى أن تصل إيران إلى امتلاك السلاح النووي وبالتالي تفقد خاصية الاستفراد بهذا السلاح، ويتحقق توازن الرعب في الشرق الأوسط، وتخشى استخدام هذا السلاح لو لزم الأمر فهي لا تتحمل تلقي ضربة نووية، بينما إيران يمكنها ذلك لاتساع مساحتها الجغرافية، وهذا سبب آخر للدولة العبرية في سعيها للتوسع جغرافيا على حساب الفلسطينيين، ودول الشرق الأوسط.

قامت الدول الغربية بشكل عام وعلى رأسها أمريكا باحتضان الدولة الوليدة كما يحضن الرضيع، فتم رفدها بالأموال، والخبرات، والسلاح، بل وحتى على المستوى المخابراتي، (وكان هذا جليا في العدوان على غزة). في الفترة التي كانت الأنظمة العربية ما زالت تقدم نفسها كدول همها الأول القضية الفلسطينية، وتحرير فلسطين من أولوياتها وهي تتجهز عسكريا لهذا الهدف، وفي الواقع فإن أربع دول فقط شاركت في الحروب (مصر، وسوريا، والأردن، والعراق) وباقي الأنظمة كانت في الصف الأول المخصص للمتفرجين.

وهذا ما استغلته دولة الاحتلال لتنادي في كل محفل، وكل زمان ومكان بأنها الدولة المهددة من 22 دولة عربية، ولا بد لها من الدفاع عن نفسها، ومواجهة جيوشها «الجرارة». فكانت دول الغرب تغدق عليها بكل أنواع الأسلحة، وآخر صيحات الطائرات المقاتلة حتى أصبح جيش الاحتلال أقوى جيش في المنطقة، ويمتلك كل وسائل القتل، والتدمير، والاغتيالات باستخدام أكبر الذخائر فتكا (وهذا ما شاهدناه عند استعمالها هذه الذخائر في اغتيالات قيادات حزب الله، وحماس بقنابل، وتدمير المباني والبنى التحتية والتي يصل وزنها لطن من المتفجرات) وتقوم باستخدامها، وتقوم بقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتدمر منازلهم، دون وازع أو رادع.

قدمت الصهيونية نفسها في بداياتها كحركة علمانية (أي هناك فصل كامل للدين عن الدولة، ولم تطرح مقولة يهودية الدولة) وقد مثل هذا التيار بشكل أساسي حزب العمل الإسرائيلي الذي حكم إسرائيل منذ إنشائها ولغاية العام 1977 والتي كانت مرحلة تأسيس الدولة وبناء مرافقها وجيشها واستقبال أكبر عدد من المهاجرين اليهود، ومحاولة السيطرة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، وضم الجولان المحتل، والسعي لإخراج مصر من منظومة المواجهة العربية لإسرائيل.

في الوقت نفسه تشكلت الكثير من الأحزاب اليمينية كحزب الليكود الذي تشكل في العام 1973. (وهو تكتل يميني من عدة أحزاب يؤمن بإسرائيل التاريخية في العهد التوراتي، وحرية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، ولا يعطي الحق للفلسطينيين ببناء دولتهم) وهزم الليكود حزب العمل لأول مرة في انتخابات 1977.

واستطاع أن يحكم إسرائيل لعقدين من الزمن في فترات مختلفة بقيادة زعيمه بنيامين نتنياهو الذي قاد معظم هذه الحكومات وآخرها الحكومة الحالية ولكن بتحالف جديد مع الأحزاب الدينية المتطرفة (حزب وزير العمل بتسليئي سموتريش البيت اليهودي، وحزب وزير الأمن إيتمار بن غفير الجبهة الوطنية اليهودية، وهما حزبان دينيان متطرفان يمثلان الصهيونية الدينية ويدعوان جهارا نهارا لإقامة إسرائيل اليهودية الكبرى) واليوم يدعوان للاستيطان في غزة والضفة الغربية وطرد الفلسطينيين إلى الأردن.

وقد صرح بن غفير بعد أن سلح المستوطنين الذين يروعون الفلسطينيين بقراهم: «سنشجع على الهجرة الطوعية لجميع مواطني غزة. وسنقدم لهم الفرصة للانتقال إلى بلدان أخرى لأن هذه الأرض ملك لنا» وبضغط من الصهيونية الدينية تتجه إسرائيل لجعل الكنيست (البرلمان) يقتصر على اليهود فقط، أي لم يعد للفلسطينيين أي حق في الترشح النيابي، وهذه خطوة أخرى نحو «يهودية الدولة» أو الصهيونية الدينية، وجاء ذلك بعد طرح النائب العربي أيمن عودة مشروع قانون بالاعتراف بدولة فلسطينية الذي أسقطته الكنيست، وتقوم دولة الاحتلال بالهجوم غير المسبوق على الأونروا لتحرم الفلسطينيين من أي مساعدة دولية من ناحية، وحرمانهم من حق العودة.

وقالت صحيفة «الغارديان» إن حظر الأونروا يضع إسرائيل على طريق الدولة المارقة، وقدمت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، تقريرا قالت إن ما يجري في غزة «جريمة إبادة جماعية كاملة الأركان.. ومخطط إسرائيل الكبرى يهدد بمحو الفلسطينيين من الوجود» وأكد عاموس شوكين صاحب صحيفة «هاآرتس» العبرية «إن إسرائيل تطبق نظام الفصل العنصري وتعتبر الفلسطينيين مخربين وإرهابيين بينما هم مقاتلون من أجل الحرية، مشدّدا على الواجب بفرض عقوبات دولية على حكومة الاحتلال وتحديدا على الوزيرين سموترش وبن غفير».

هناك في حمأة هذا الصمت العالمي من قال إن إسرائيل تقوم بأعمال «همجية» كالرئيس الفرنسي، وإن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بدعم من الولايات المتحدة، والقوى الغربية الأخرى، كما قال الكاتب اليهودي المناهض للصهيونية يواف ليتفين، واليهودي الأمريكي يوسي بلين الذي قال لليهود: «كذبوا عليكم فإن دولتكم ستكون الأكثر رعبا» ولا أحد يصغي.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • ما الذي نعرفه عن المقاتلات الأمريكية التي تقصف الحوثيين لأول مرة؟
  • نتنياهو يشن هجوما على أجهزة الأمن الإسرائيلية
  • ما حجم الخسائر التي تكبدها لبنان منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية؟
  • ‏جيروزاليم بوست: نتنياهو كان على علم بتسريب الوثيقة السرية التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني
  • نتنياهو: ينبغي إعادة إمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية
  • إسرائيل: الوحش الذي صنعه الغرب ولم يعد يسيطر عليه؟
  • هآرتس: هذه هي الادعاءات الجنائية التي تلاحق مكتب نتنياهو
  • كيف تستقطب جماعة الإخوان الإرهابية الشباب إلى مستنقع التحريض والتطرف؟
  • الوجه الآخر لإسرائيل الذي يتمنى نتنياهو إخفاءه بسبب غزة
  • المحكمة الإسرائيلية تبحث الأربعاء طلب نتنياهو تأجيل الإفادة بشهادته في قضايا الفساد الموجهة له