البوابة نيوز:
2025-03-18@09:41:33 GMT

ثقافة التبرير (1-2)

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

 

الشيطان والحسد، مبرران اجتماعيان مصريان جاهزان، لتبرير جزء كبير من مشاكلنا الاجتماعية، وجزء أكبر من قصورنا في أداء واجباتنا. مبرران جاهزان للهروب بعيدًا عن جذور مشاكلنا، بحثًا عن حلها، والتمسك بقشورها، التي لا تساعدنا على الحل، بقدر ما تساعد في التبرير، للحفاظ على ماء وجوهنا. ولأؤكد مدى عمق ذلك في الوعي الشعبي، سأحكي لكم حكاية "البغل الذي دخل الإبريق"، التي تحكي عن رجل وزوجته.

الرجل كان فلاحًا يكد في عمله، لإطعام زوجته، ذات الجمال الفائق، والتي كانت راضية وسعيدة مع زوجها الفلاح الفقير. كان الزوجان يعيشان في هناءة وسرور. يعمل الفلاح طوال اليوم، ليعود مساء لبيته، فيجد زوجته في انتظاره، بإبريق الماء ليغسل يديه وقدميه، ثم يتناول عشاءه، الذي قامت بإعداده خصيصًا له. ظل الزوجان على هذا الحال مدة من الزمن، لم ينغص أحد عليهما حياتهما، حتى اقتحم عمدة القرية حياتهما، الذي أعجبه جمال الزوجة، واستكثر على ذلك   الفلاح المعدم أن تكون له زوجة بمثل هذا الجمال. بدأ العمدة يتقرب من السيدة، ويتودد إليها، وما كان من الزوجة إلا أن قامت بصده أكثر من مرة. بدأ يزيد من إغرائه لها، قائلًا لها: "كيف بمثلك، ذات الجمال الفاتن، يقبل بالحياة مع مثل هذا الرجل الفقير؟ فأنت تستحقين من يجعلك أميرة". مثل هذا الكلام بدأ يترك أثره في نفس السيدة، مما انعكس على طريقة معاملتها لزوجها المسكين، فيعود مجهدًا ومرهقًا، فلا يجد إبريقًا ولا ماءً ولا طعامًا، بل لا يجد اهتمامًا به من زوجته، التي بدأت مرحلة من التمرد على حياتها معه، مدعية المرض تارة، وعدم القدرة على مواصلة العيش مع زوجها تارة أخرى. كان الزوج صبورًا في رد فعله، وفي تحمله لظروف زوجته، ظنًا منه في بداية الأمر أنها مريضة، ولما طال الأمر ورأى تمرد الزوجة على استكمال الحياة معه، فتذكر لها معاملتها الطيبة، وطلب منها الراحة، حتى فاجأته بطلبها الطلاق منه. حاول الزوج جاهدًا إثناءها عن قرارها، ولكنها أصرت،  وانتهى الأمر بطلاق الزوج لزوجته. في مساء أحد الأيام اجتمع أهل القرية، محاولين إثناء الزوج عن الطلاق، محاولة منهم للصلح بين الزوج وزوجته. حاول أحد الجالسين أن يبرر ما حدث، قائلا: "دي ساعة شيطان"، فانفجر الزوج قائلًا: لا تظلموا الشيطان، فهو برئ من هذه المشكلة، فالشيطان الحقيقي هو العمدة، الذي ظل يحاول مع زوجته حتى جعلها تتمرد على حياتهما الهادئة. بعد أن انصرف الحاضرون، خلد الزوج إلى النوم، فلما راح في نوم عميق، جاءه الشيطان في منامه، مرتديًا ثوبًا أبيض، على هيئة الملائكة، وقال للزوج: لقد برأتني مع أهل قريتك، وأعدك بأن أعيد زوجتك إليك.  ولكنني أطلب منك طلبًا، أنك في الصباح ستجدني بغلًا قويًا مربوطًا أمام منزلك، خذني إلى السوق، واعرضني للبيع، وكلما جاءك تاجر ارفع في سعري، حتى يأتيك هذا العمدة فقم ببيعي له. بالفعل فعل الفلاح الفقير ذلك، وباع البغل/ الشيطان له بسعر غالٍ جدا. عاد العمدة مختالًا وفرحًا، لأنه اشترى البغل الذي عجز التجار عن شرائه، وقرر أن يعد حفلًا لزواجه من تلك السيدة التي طلقها من زوجها، واحتفالًا بهذا البغل. دعا العمدة جمعًا كبيرًا من الناس، وصمم أن يخدمهم بنفسه، بأن يصب لهم الماء من الإبريق بعد تناولهم الطعام. في هذه اللحظة كان العمدة يربط البغل في مكان قريب من مقر الاحتفال. فجأة وجد العمدة البغل يصغر أمامه حتى صار صغيرًا جدًا، لدرجة أنه قفز في الإبريق، واختفى بداخله. هنا صاح العمدة قائلًا: البغل دخل الإبريق، فظنه الناس يمزح، فراح يكررها مرات عدة، فاعتقد الناس أنه فقد عقله وصار مجنونًا. أصر أبناؤه على إدخاله مستشفى الأمراض العقلية، فتراجعت الزوجة المتمردة عن قرارها في الزواج به. وعاد الشيطان إلى الفلاح ليلًا وأخبره أنه نفذ وعده له، لأنه الوحيد الذي رآه يتحدث بكلام طيب عنه. وفي النهاية عادت الزوجة إلى زوجها الأول، بعد أن أدركت خطأ بتمردها على حياتها. إلى هنا تنتهي هذه الحكاية الشعبية المصرية، ولكن ما علاقة هذه الحكاية، وما علاقة الشيطان، وكذلك الحسد، بموضوعنا "ثقافة التبرير؟".. هذا هو موضوع مقالنا المقبل بإذن الله.

* أستاذ الأدب الشعبى بكلية الآداب، جامعة القاهرة

 

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

حيثيات إلزام زوج برد قيمة ذهب طليقته الوارد بقائمة المنقولات

أودعت محكمة الأسرة بالقاهرة، حيثيات حكمها بإلزام زوج بأن يؤدي لزوجته السابقة مبلغ قدره 132 ألف و360 جنيه قيمة المصاغ الذهبي الخاص بها الثابت بقائمة المنقولات الزوجية.

العثور على جثة طفلة في مصرف مائي ببنى سويفمحكمة الأسرة.. سيدة تتقدم بدعوى للحصول على أجرة حلاق صغيرها من طليقهابعد حبسه وتغريمه.. فرصة جديدة أمام بلوجر شهير سب رضوى الشربينىمن السب للحبس.. القصة الكاملة لأزمة بلوجر شهير مع رضوى الشربيني

قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الزوجة المدعية طالبت في دعواها بعد التقدم بطلب لمكتب تسوية المنازعات الأسرية والذي لم تسفر جهوده عن إتمام الصلح بينها وبين زوجها، بقيمة المصوغات الذهبية المدرجة بأصل قائمة المنقولات في مع حفظ حق المدعية في المطالبة بالتعويض الجابر لها.

وأضافت الحيثيات أن المدعية زوجة للمعلن إليه بصحيح العقد الشرعي، وقد حصلت على حكم بتسليمها جميع المنقولات المدونة بالقائمة، وقامت بتنفيذ الحكم، ولم تتسلم المصاغ الذهبي، وهو ما حداها اللجوء لرفع دعواها، وقدمت الزوجة حافظة مستندات طويت على أصل عقد الزواج بينهما والصيغة التنفيذية بتسليم قائمة المنقولات الزوجية وصورة رسمية من المحضر بعدم تسلمها المصاغ الذهبي الخاص بها، وحضرت المدعية بشخصها وبوكيل عنها وتداولت الدعوى بالجلسات وقررت المحكمة حجز القضية للحكم.

وأكدت الحيثيات أنه عن موضوع الدعوى ، فقد نصت المادة 3 من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون ١٠ لسنة ٢٠٠٤ على إنه " تختص محاكم الأسرة دون غيرها ، بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية طبقا لأحكام القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ . 

وأوضحت أن هذا الأمر لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بارجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة " . رائه في خصوص جهاز الزوجية ( المنقولات الزوجية ) فإن المقرر شرعا عملا بالقول الراجح في المذهب الحنفي واجب التطبيق، أن المرأة لا تجبر على تجهيز نفسها من مهرها ولا يجبر ابنها منها أو من الزوج على تجهيزها من ماله ، فإذا زفت المرأة بأي جهاز فليس للزوج مطالبتها أو مطالبة أبيها بشيء ولا تنقيص شيء من مقدار المهر الذي تراضيا 

بما شرع الأب باختياره وجهز أبنته وسلمها الجهاز فليس له من بعد او لورثته استرداد شيء منه وإن لم يسلم الجهاز فلا حق للابنة فيه ، فإذا جيز ب الله اختيار من مهرها ويقي عنده شيء منه فاضلا عن تجهيزها فلها مطالبة به . مجال الزوجة حتى ولو كان من مهر الزوج هو ملك الزوجة وحدها ولا حق للزوج في شيء منه وليس له أن يجبرها على فرش أمتعتها له وإنما ل الانتفاع به زبائنها ولو اغتصب شيء منه حال قيام الزوجية أو بعدها فلها مطالبته به او بقيمته . 

وان اختلف الزوجان حال قيام الزواج أو بعد الطلاق أو وفاة أحدهما وورثة الآخر حول متاع في بيت الزوجية هو ملك للزوج أو الزوجة كان ما يصلح للنساء من حق الزوجة وما يصلح للرجال من حق الزوج إلا أن يقيم أيهما الدينة على ذلك فيكون له . 

مقالات مشابهة

  • مصرية تطلب الخلع بسبب قلاية هوائية
  • رجل يتخلص من زوجته بطريقة وحشية
  • حيثيات إلزام زوج برد قيمة ذهب طليقته الوارد بقائمة المنقولات
  • زوجة أمام محكمة الأسرة: أبن أخوه ومعندوش شخصية
  • تلاعبات سوق الجملة بالدارالبيضاء.. التجار يحملون العمدة مسؤولية تعثر التحقيق
  • أحداث مغلوطة.. أسرة عمدة جبل الطير بالمنيا تتخذ الاجراءات القانونية ضد "فهد البطل"
  • إعفاء قيادات بارزة من الإدارة الأهلية جنوب كردفان
  • اعتقال رئيس الفلبين السابق رودريغو دوتيرتي بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية
  • "مستقبل وطن المنيا" ينظم حفل الإفطار السنوي بالعدوة.. صور
  • تساؤلات حول تصريحات عمدة الرباط بشأن هدم مباني حي المحيط