عبد المنعم عمايري لـ «الراي»: أي عمل فني يسقط حتماً أمام ما يحصل في غزة
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
يعيش الممثل عبد المنعم عمايري أوقاتاً عصيبة منذ بداية «طوفان الأقصى» والجرائم التي ترتكبها اسرائيل في حق الشعب الفلسطيني الأعزل وشلالات الدم التي تسال يومياً.
عمايري الذي تعود جذوره لقرية الجاعونة في صفد تحدث لـ «الراي» عن موقفه مما يحصل في غزة والمشروع الذي يُعِدّ له من أجل قضية فلسطين.
• كفنان من أصول فلسطينية كيف تتفاعل مع الواقع التي تعيشه غزة منذ 7 أكتوبر؟
- أحضّر لمشروع مهم وعميق.
• وما هذا المشروع؟
- أنا أبكي كل يوم وأموت مئة مرة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً. لا يوجد لدي ما أفعله سوى متابعة الأخبار ومَن يموتون. والحقيقة أنه لا يوجد كلام يعبّر عن الواقع التي تعيشه غزة. كل الكلام تافه أمام ما يحصل في غزة. ما يَجري يحتاج الى عمل من نوع آخر وليس مجرد التنديد. نحن عاجزون عن فعل أي شيء. لست نشيطاً على السوشيال ميديا ولا أجيد التعامل معه، وأنا بصدد التحضير لملف أقدّمه للإعلام بشكل أو بآخَر مع مجموعة من الفلسطينيين في العالم العربي والمهجر. هذا هو المشروع الذي أعمال عليه.
• وماذا يتضمن؟
- يتضمن المواقف العملية وليس المواقف الشفوية التي تُقَدَّم من كل الناس كالتعاطف والتنديد. فحتى لو تعاطفتُ من اليوم وحتى مئة سنة، فلن يهتم الصهاينة، وسواء بكيتُ أو لم أبكِ هم لا يهتمون لي ولا لغيري. الموضوع الذي أحضّر له مختلف، فيه تفكير وعمق وبحْث. ولا يكفي البكاء ونحن جالسون أمام شاشات التلفزيون.
* وكيف يمكن أن يكون تأثير هذا الملف؟
- سأطلّ عبر الأعلام كي أسأل: كيف لنا أن نقدّم شيئاً يكون بمستوى ما يحصل، ولكن ليس من خلال البكاء والتنديد والاعتصام.
* وماذا يمكن أن نفعل؟
- هذا هو السؤال الذي أطرحه مع علامة استفهام وتعجُّب فظيعة. أنا لا أعتمد على الكلام لأنه لا يقدّم ولا يؤخّر. أنا أحضّر لملف له علاقة بالقضية الفلسطينية كما كنتُ أفعل دائماً سواء من خلال فيلم (القيامة) أو مسرحية (جان جنين) التي عرضتُها في بيروت وتناولتْ مجزرة صبرا وشاتيلا وجرائم العدوان الإسرائيلي. أنا فنان ولست سياسياً ولا أملك المال كي أدعم. ما يحصل موجع جداً والمشكلة أننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً. حتى دول العالم والأمم المتحدة عاجزة عن القيام أي شيء، فهل بإمكاني كممثل أن أفعل شيئاً؟ ولكنني أحاول. لسنا يائسين بل نحاول ما في وسعنا قدر المستطاع، ولكن ليس بالبكاء والكلام والتنديد والشعارات. كل شيء صار واضحاً في العالم وفي الغرب صاروا يعرفون الحقيقة، والمشكلة أن شلالات من الدماء تسيل يومياً أمامنا، فما نفع الكلام.
* إلى أي منطقة من فلسطين تعود جذورك؟
- أنا ولدت في دمشق ووالدي وُلد في فلسطين.
* في أي مدينة في فلسطين؟
- أبي أتى الى سورية عن طريق لبنان. هو من قرية اسمها (الجاعونة) وهي من القرى المنسية في صفد. والدي نزح عندما كان في عمر السابعة في أيام النكبة عام 1948 واستقر في الشام.
* هل ترى أن الفن ارتقى الى المستوى الذي تستحقه القضية الفلسطينية؟
- الفن لم يرتقِ على الإطلاق إلى المستوى الذي تستحقه القضية الفلسطينية ولا يوازي الصورة التي نشاهدها على الشاشات.
* لماذا؟
- لعدم وجود الإمكانات. وقد يكون مسلسل واحد هو (التغريبة الفلسطينية) قد نجح إلى حد ما في ملامسة القضية الفلسطينية، ولكن مقارنةً مع ما نراه على أرض الواقع لا يمكن لأي فنّ أن يوازي هذه الصورة التي نشاهدها بشكل مباشر بل هو يحتاج إلى إمكانات ومواد. نحن نشاهد الصور مباشرة وبينها تفجير البيوت وكتابة الناس لأسمائهم على أيديهم وأرجلهم، ولا يمكن لأي فن في العالم أن يوازي هذه الصور التي تُنقل إلينا مباشرة. وقد حاول إيليا سليمان من خلال أفلامه أن يلامس الصورة التي نراها أمامنا على شاشات التلفزة. لكن الفن له ضرورة، سواء الموسيقى أو الفن التشكيلي أو سواهما، وليس فقط فن التمثيل أو فن السينما، مع أنه سيَسقط حتماً أمام صور الموت التي تضجّ بها الشاشات. هناك صعوبة بالغة في تَناوُل ما يحصل في غزة.
* ومتى سيرى مشروعك النور؟
- الملف صحافي إعلامي ويتضمن وثائق، ويشارك فيه عدد من الممثلين بشخصياتهم الحقيقية وليس كممثلين، ولكنني أحتاج إلى التمويل، وأنا بصدد التعاون من أجل ذلك مع بعض الأشخاص المقربين. المشروع الذي أحضّر له إنساني بحت.
* وكيف تتوقّع أن يكون تأثيره وعلى ماذا تراهن في ذلك؟
- هو لن يؤثر ولن يفعل شيئاً ولكنها محاولة. لربما... مع أنني أعرف أنه لن يؤثر في شيء. نحن أمام آلة غربية تخطط لمليون سنة إلى الأمام بينما نحن انفعاليون لأن الحَدَث موجود منذ عام 1948 ومشكلتنا كعرب أننا نتأثر بحدَث لطالما كان موجوداً.
المصدر: الراي
كلمات دلالية: ما یحصل فی غزة
إقرأ أيضاً:
المخيمات الفلسطينية.. العقدة التي ظلت تؤرق الاحتلال وتحبط مخططاته
منذ توسع إسرائيل في احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، ظلت المخيمات الفلسطينية عقدة في طريق الجيش الإسرائيلي لفرض سيطرته الأمنية عليها، وهو ما يجري حاليا مع مخيمات الضفة وخاصة جنين شمالي الضفة.
وبحسب ما جاء في تقرير للجزيرة أعده "صهيب العصا" فإنه يوجد 30 مخيما للاجئين الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة، 22 منها في الضفة الغربية، و8 في قطاع غزة، وقد امتلأت هذه المخيمات بالفلسطينيين الفارين من جحيم العصابات الصهيونية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ظروف صعبة يعيشها العائدون إلى جباليا لكنهم يتمسكون ببيوتهمlist 2 of 2بالخريطة التفاعلية.. ما تفاصيل المعارك في الخرطوم؟end of listوكانت المخيمات هي المكان الذي شهد بمرور الوقت تشكل الفصائل الفلسطينية، وكانت هذه بداية تحول هذه البؤر السكانية للاجئين الفلسطينيين إلى أزمة أمنية للاحتلال الإسرائيلي.
ومقارنة بالمدن والقرى الفلسطينية تتميز المخيمات بخصيصتين أساسيتين تشكلتا مع الوقت، أولاهما الكثافة السكانية العالية، حيث يتوزع مليونان و800 ألف فلسطيني على 30 بقعة جغرافية صغيرة ومحصورة.
ففي مخيم جنين مثلا يعيش 16 ألف فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 1.4 كيلومتر مربع، وقد تحول المخيم مع الزمن إلى عائلة كبيرة يعرف الناس بعضهم بشكل وثيق.
ومع تطور مشهد الصراع والمواجهات مع الاحتلال، أعطى هذا الأمر ميزة للمقاومين للتنقل بين المنازل بحرية والتخفي بفضل الحاضنة الاجتماعية، بالإضافة إلى سهولة تنظيم مقاتلين جدد للفصائل عبر اللقاءات المباشرة والعفوية التي لا تلفت انتباه مخابرات الاحتلال الاسرائيلي.
إعلان
والخصيصة الثانية في المخيمات هي البنية التحتية التي تردت مع مرور الزمن، وتتسمُ مخيمات اللجوء عموما وفي الضفة خصوصا بضيق شوارعها وصغر أزقتها، مما أعطى المقاومين سهولة كبيرة في التنقل بين أسطح المنازل عبورا إلى أحياء المخيم بشكل سريع وسلس، ولأنهم أهل المكان يصبح التخفي والتنقل ميزة بيد هؤلاء الشباب يتفوقون بها ميدانيا على جنود الاحتلال.
وبسبب عجزه في فرض سيطرته عليها، اتبع الاحتلال الإسرائيلي أساليب جديدة في التعامل الأمني مع المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، تقوم على تغيير جغرافيا وديمغرافيا المخيمات، وهو ما تفعله الآن قوات الاحتلال في مخيم جنين مثلا وتوثقه الكثير من مقاطع الفيديو التي يتم تسريبها.
أما التغيير الديمغرافي في شكل المخيم، فتسعى قوات الاحتلال لتحقيقه من خلال عمليات التهجير، فمن يغادر منزله في المخيم سيعود ليجده مهدما وليجد مكانه شارعا، وبالتالي تتقلص فرصة إعادة البناء في المكان نفسه.
ويعتقد الاحتلال أنه بتغييره لجغرافيا المخيمات وتفريغها من سكانها فإنه ينجح بحرمان المقاومة الفلسطينية من هذه الحاضنة الاجتماعية المهمة.
ولكن وبحسب ما ذهب إليه تقرير الجزيرة، فإنه رغم مرور قرابة 80 عاما على تشكيل المخيمات الفلسطينية، فإن إسرائيل لا تزال تبحث عن طريق لوأد المقاومة هناك، وقد اكتشفت أن مئات عمليات الاجتياح التي نفذتها في مخيمات الضفة الغربية لم تمكنها من تغيير تجذر المقاومة في المخيمات.
ويذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت في 21 يناير/كانون الثاني الماضي عدوانا عسكريا على شمال الضفة استهلته بمدينة جنين ومخيمها وبلدات في محيطهما. ثم وسّع الاحتلال عدوانه إلى مدينة طولكرم ومخيمها، قبل أن يقتحم بلدة طمون ومخيم الفارعة في محافظة طوباس.