لابد من حماية المحكمة الجنائية الدولية لبدء محاكمة قادة الاحتلال
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
إن عجز المجتمع الدولى ومنظماته الدولية عن وقف إطلاق النار على الفلسطينيين بقطاع غزة الذى تجاوز الأربعين يومًا. خاصة الأطفال والشيوخ والنساء يجعل العقل البشرى فى حيرة عن أسرار عدم قدرة المجتمع الدولى لدفع جرائم الإبادة الجماعية التى يرتكبها الكيان المحتل ضد شعب فلسطين لإكراههم على التهجير القسرى بالمخالفة للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى.
وفى أحدث دراسة مهمة وملهمة للحق الفلسطينى والعربى للمفكر والمؤرخ القضائى المصرى القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المعروف بدراساته الوطنية والقومية بعنوان : «محاكمة قادة إسرائيل عن جرائم الإبادة الجماعية للمدنيين بغزة والإكراه على التهجير القسرى لسيناء أمام المحكمة الجنائية الدولية -- العقبات والحلول» يفتح فيها المفكر المصرى باباً منصفاً لتنوير الوعى العام العربى لمحاكمة المسئولين الإسرائيليين عن ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية فى محاكمة عادلة أمام المحكمة الدولية، ويوضح لدول العالم أجمع معلومات خطيرة عن العقبات المستحيلة التى وضعتها أمريكا وإسرائيل ضد المحكمة الجنائية ذاتها، وضد الشعب الوحيد على الأرض الذى يعيش تحت نير الإحتلال، ويرسم ملامح الحلول الدولية ببراعة للتغلب على تلك العقبات، نعرض لها فى ثلاثة أجزاء مهمة، ونعرض للجزء الثانى فى خمس نقاط بأدلة قوية للرد على مزاعم إسرائيل.
أولاً : إشكالية اكتساب فلسطين صفة «الدولة» وكيف تغلبت عليها من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012:
يقول الدكتور محمد خفاجى فى بادئ الأمر أودعت فلسطين إعلانها الأول للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية فى 22 يناير 2009 بركيزة من نص المادة 3/12 من نظام روما الأساسى التى ينص على أن قبول الدولة غير طرف لاختصاص المحكمة يتطلب أن تقوم بإيداع إعلان لدى مسجل المحكمة، وفى عام 2012 أعلن المدعى العام للمحكمة فتح دراسة أولية حول الحالة فى فلسطين، لكنه انتهى إلى عدم فتح أى تحقيق أولى نظراً إلى عدم وضوح شرط كون فلسطين «دولة» بموجب القانون الدولى، وتلك كانت إشكالية كبيرة تتعلق بمدى امتلاك فلسطين لصفة «دولة» حسب القوانين الدولية، وأوقفت المحكمة الجنائية الدولية عملها لحين استكمال هذه الصفة؟
ويضيف توجهت فلسطين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التغلب على تلك الإشكالية والإعتراف لها بصفة الدولة وبالفعل نجحت إرادة المجتمع الدولة ضد إرادة إسرائيل وإرادة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها الغرب، وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 67/19 بجلستها المنعقدة فى 29 نوفمبر 2012 بالإعتراف لفلسطين بصفة «دولة مراقب غير عضو « فى الأمم المتحدة وحثت فى ذات الوقت مجلس الأمن الدولى على التوجه نحو الإعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية لتوافر العناصر الثلاثة المكونة للدولة من إقليم وشعب وسلطة ذات سيادة.
ثانياً : 138 دولة اعترفت لفلسطين بصفة «دولة مراقب غير عضو» وإنضمت بهذه الصفة للمحكمة الجنائية الدولية:
ويذكر أن القرار رقم 67/19 الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بجلستها المنعقدة فى 29 نوفمبر 2012 بمنح فلسطين صفة «دولة مراقب غير عضو « فى الأمم المتحدة، هو الذى يرقى بمرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة مراقب غير عضو، وقد أيد القرار غالبية العالم 138 دولة، وعارضته 9 دول، وامتنع عن التصويت 41، وتغيبت خمس دول، وقد أتاحت الصفة الجديدة لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية ومارست فلسطين بالفعل حقها فى التصويت لأول مرة بموجب صلاحيتها الجديدة فى المنظمة الدولية فى 18 نوفمبر 2013، بالتصويت لانتخاب أحد قضاة محكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة.
ثالثاً : قصة إشكالية بسط اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الأراضى التى احتلتها إسرائيل منذ عام 1967 خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وكيف تغلبت عليها المحكمة؟:
ويضيف الدكتور محمد خفاجى بناء على الاعتراف لفلسطين بأنها «دولة مراقب غير عضو» تقدمت فلسطين بإعلانها الثانى للمحكمة الجنائية الدولية عام 2015 والذى ينص على قبولها لصلاحية المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم الدولية التى تم ارتكابها فى فلسطين منذ 13 يونيه 2014 ومن ثم تقدمت فلسطين بطلب الانضمام للمحكمة الجنائية، وبعد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ترتب على ذلك أن المدعية العامة للمحكمة «فاتو بنسودا» فتحت دراسة ثانية وتحقيق أولى فى فلسطين فى 16 يناير 2015 عن المدة من عام 2015 وحتى 2019 حول ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. وانتهت الدراسة الأولية إلى وقوع جرائم حرب فى الإقليم الفلسطينى.
ويشير الدكتور خفاجى إلى أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية «فاتو بنسودا»عمدت إلى وقف الدراسة الأولية محل التحقيق الأولى ورفعت طلباً للدائرة التمهيدية الأولى فى المحكمة الجنائية الدولية استنادا إلى المادة 3/19 من نظام روما الأساسى المنشئ للمحكمة طالبة من تلك الدائرة تقديم تأكيد حول كون الإقليم الذى تمارس عليه المحكمة الجنائية اختصاصها يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من عدمه؟
ويذكر بجلسة 5 فبراير 2021 انتهت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية إلى قرار قضائى يعد انتصاراً للعدالة الغائبة عن المجتمع الدولى مفاده أن «الاختصاص الإقليمى للمحكمة بالنسبة للحالة فى فلسطين، التى هى دولة طرف فى نظام روما الأساسى، هو اختصاص يشمل الأراضى التى تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 لا سيما غزة والضفة الغربية، وبما فى ذلك القدس الشرقية» وتبعا لهذا القرار التاريخى للدائرة التمهيدية أضحت المحكمة الجنائية الدولية صاحبة اختصاص أصيل لا مراء فيه فى النظر فى كافة الجرائم التى وقعت على الإقليم الفلسطينى منذ عام 2014.
ويوضح الدكتور خفاجى يترتب على ما تقدم، أنه وفقاً لقرار الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية فى بسط المحكمة ولايتها على جميع الأراضى التى تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 لا سيما غزة والضفة الغربية، وبما فى ذلك القدس الشرقية بات حقاً أصيلا لشعب لفلسطين فى محاكمة قادة إسرائيل عن جرائم الإبادة التى ارتكبتها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة بدءاً من أكتوبر ونوفمبر 2023 حتى اليوم وإكراههم على التهجير القسرى، وينبغى على فلسطين أن تتقدم إلى تلك المحكمة بطلب رسمى على الفور – إن لم تكن قد قدمته فعلاً - لبدء تحقيق رسمى مفتوح أمام المحكمة الجنائية الدولية خاصة فى ظل حالات القذف بالقنابل والصواريخ والأسلحة الفسفورية المحرمة دوليا، وقد أصبح لها الصلاحية الدولية لتقديم إدعائها الجنائى الدولى وهو السبيل القانونى القادر على مساءلة مجرمى الحرب الإسرائيليين عن الجرائم الإبادة بكل صورها المعروفة فى القانون الدولى وهو ما يعطى لفلسطين والعرب اَمال دولية فى ملاحقة مجرمى الحرب من قادة إسرائيل ومساءلتهم عن كافة جرائم الإبادة ضد المدنيين التى ارتكبوها ضد الفلسطينيين خاصة الأطفال والنساء والشيوخ فى حرب الإبادة التى شنتها على سكان غزة.
رابعاً : المحكمة الجنائية الدولية الملاذ الأخير لمعاقبة مجرى الحرب بإسرائيل ضد فلسطين وعلى الدول الأعضاء فى المحكمة أن تنهض لحماية استقلالها فى مواجهة الضغوط والعداء المستمر من أمريكا وإسرائيل :
خامساً : حق أصيل لشعب لفلسطين فى مقاضاة قادة إسرائيل بعد أن أخضعت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية 2021 الإقليم الفسطينى المحتل منذ عام 1967 لولايتها بما فيها غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية:
ويذكر الدكتور محمد خفاجى أنه بناء على طلب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية «فاتو بنسودا» بإحالة طلبها للدائرة التمهيدية الأولى La Chambre préliminaire فى المحكمة الجنائية الدولية استنادا إلى المادة 3/19 من نظام روما الأساسى المنشئ للمحكمة طالبة منها حول مدى جواز ممارسة اختصاص المحكمة على الإقليم الفلسطينى المحتل من إسرائيل الذى سوف تمارس عليه المحكمة الجنائية اختصاصها يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من عدمه؟
ويؤكد بجلسة 5 فبراير 2021 أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية قراراً قضائياً تاريخياً بشأن بسط اختصاصها على جميع الأراضى الفلسطينية التى احتلتها إسرائيل منذ عام 1967 خاصة غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وصدر القرار القضائى برئاسة القاضى مارك بيرين دى بريشامبو وعضوية القاضى بيتر كوفاكش والقاضية رين ألابيني-غانسو وهم القضاة الثلاثة فى الدائرة التمهيدية فى المحكمة الجنائية الدولية الذين كُلفوا بالنظر فى وضع فلسطين بسريان الاختصاص الإقليمى المتعلق بفلسطين باعتبارها دولة جزء من نظام روما الأساسى لينبسط على كل ما يقع فى الأراضى المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967،خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، مما يجعل الإقليم الفسطينى المحتل يخضع للاختصاص الإقليمى للمحكمة.
ويوضح أن الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية قد أشارت إلى المعنى العادى المعطى لمصطلحاتها فى السياق وفى ضوء موضوع النظام الأساسى والغرض منه، فإن الإشارة إلى «الدولة» التى حدث السلوك المعنى فى أراضيها متحقق بشأن فلسطين، وأن ما تتمتع به من وضع قانونى فيما يتعلق بالقانون الدولى العام، بأن انضمام فلسطين إلى النظام الأساسى سيترتب عليه الإجراء الصحيح بعد قبول فلسطين كدولة طرف فى نظام روما الأساسى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المحكمة الجنائية المجتمع الدولي الفلسطينيين للقانون الدولى شعب فلسطين الجمعیة العامة للأمم المتحدة للمحکمة الجنائیة الدولیة المحکمة الجنائیة الدولیة جرائم الإبادة الدکتور محمد قادة إسرائیل فى المحکمة فى فلسطین
إقرأ أيضاً:
كيف نظم القانون حصول اللاجئ على وثيقة سفر؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظم القانون 164 لسنة 2024 بإصدار قانون لجوء الأجانب، كافة الأمور الخاصة باللاجئين، بينها الخاصة بالسفر.
فأعطت المادة 12 للاجئد الحق في الحصول على وثيقة سفر، تصدرها الوزارة المختصة بعد موافقة اللجنة المختصة، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون ضوابط وإجراءات إصدارها، وتجديدها.
ويجوز للجنة المختصة لأسباب تتعلق بالأمن القومى أو النظام العام، أن تقرر عدم حصول اللاجئ على وثيقة السفر .
و حظرت المادة 13 رد اللاجئ أو إعادته قسريًا إلى الدولة التى يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة.
و عرّف القانون اللاجئ كل أجنبى وجد خارج الدولة التى يحمل جنسيتها أو خارج دولة إقامته المعتادة بسبب معقول مبنى على خوف جدى له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه، أو دينه، أو جنسيته، أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية، أو بسبب عدوان أو احتلال خارجى ، أو غيرها من الأحداث التى تهدد بشكل خطير الأمن العام فى الدولة التى يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف الجدى أن يستظل بحماية تلك الدولة.
وكل شخص ليست له جنسية وجد خارج دولة إقامته المعتادة نتيجة لأى من تلك الظروف ، ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف الجدى أن يعود إلى تلك الدولة، والتى أسبغت عليه اللجنة المختصة ذلك الوصف وفقًا لأحكام هذا القانون.