13 نوفمبر.. يوم يغير وجه التاريخ
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
يوم الأربعاء 13 نوفمبر 1918، كان يوماً تغير فيه وجه التاريخ فى مصر، أتى بحصول مصر على استقلالها فى عام 1922، ليبدأ عهد المملكة المصرية ذات السيادة، فى مثل هذا اليوم من عام 1918، قرر الزعيم سعد زغلول ورفيقاه على شعراوى وعبدالعزيز فهمى السفر إلى مؤتمر الصلح بباريس لتمثيل مصر وطلب الاستقلال عن بريطانيا، وتوجهوا إلى دار الحماية البريطانية لمقابلة المندوب السامى البريطانى، السير ريجنالد ونجت، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض، وقيل إنهم لا يمثلون سوى أنفسهم فقط، فهب الشعب المصرى بكل فئاته لجميع التوكيلات للزعيم سعد زغلول ورفيقيه لتفويضهم للسفر لتكون تلك هى النواة الأولى لثورة 1919 وتشكيل حزب الوفد، واعتبر 13 نوفمبر من كل عام عيداً للجهاد الوطنى، ويرمز إلى بدء مرحلة جديدة فى حياة المصريين، وظل هذا التاريخ عيداً قومياً تحتفل به مصر كل عام، ويقترن هذا العيد باسم الزعيم سعد زغلول وكان الشعب المصرى يتوجه فى هذا اليوم بكل طوائفه إلى ضريح سعد زغلول، حيث يخطب فيه الزعماء ويضعون الزهور ترحماً عليه، وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، قامت الثورة بإلغاء الاحتفال بهذا العيد، لكن داوم حزب الوفد من خلال قياداته على الاحتفال بعيد الجهاد الذى يعتبر صفحة وطنية من صفحات مصر المضيئة، ويؤكد مدى صلابة المصريين ووحدتهم فى وقت الشدائد والأزمات، ويمثل منعطفاً تاريخياً كبيراً، خاصة فى أول مواجهة حقيقية مع المستعمر البريطانى الغاشم، ما يدعونا إلى أن نطالب القيادة السياسية المصرية بإعادة الاحتفال به كعيد قومى لمصر كما كان قبل ثورة 23 يوليو فى عهد حكومات الوفد تقديراً لهذه الفترة من التاريخ التى توحد فيها المصريون على قلب رجل واحد بمختلف أطيافهم للدفاع عن حق مصر فى تقرير المصير، وأن تنال استقلالها، وكشف فيه المصريون عن المعنى الحقيقى للتضحية من أجل رفعة الوطن، حتى تحول حلم الاستقلال عن المستعمر إلى حقيقة بعد أن خرج الشعب المصرى عن بكرة أبيه خلف زعيم الأمة سعد زغلول، وجمعوا 3 ملايين توكيل، ولم يقف الأمر عن هذا فحسب، ولكن خرج الشعب المصرى فى ثورة 1919، التى أسست للدولة الديمقراطية من خلال دستور 1923 والذى يعتبر من أعظم الدساتير.
صفحات التاريخ كما قدمها الكاتب الكبير عباس العقاد عن صاحب عيد الجهاد الزعيم سعد زغلول، تتحدث بكل فخر عن ذلك الفلاح الصلب سعد زغلول الذى عمل بالقضاء وتعلم قيمة العدل ومرارة الظلم، أحسن بالقهر الواقع على بلاده من قبل احتلال غاشم، حيث كانت الأرض المصرية مباحة للمندوب السامى البريطانى ومستشاريه، يتحكمون فيها كأنهم أهل البلاد، فيمنعون خيرها عن أبنائها، فآلم ذلك قلبه ومضى يطرق ميادين الجهاد مطالباً بحق بلاده، فيطوف بدول أوروبا عارضاً القضية المصرية فى كل محفل، لا يضره من يخذله، مسترخصاً بذلك العمر، يرافقه باقى زملائه الشرفاء الذين فوضهم الشعب كوفد للحرية، ونجده كذلك يتنقل بين قرى مصر ومدنها ناشراً حلمه ببلد حر متقدم، مزكياً روح الوطنية فى صدور المصريين بخطبه النارية، ليوقد فى قلوبهم ثورة يتوحد فيها المصريون على قلب رجل واحد يبغون حرية وطنهم وكرامتهم.
زعامة سعد زغلول هى التى التقى حولها المصريون فعلموا أنهم أمة، وعلموا أنهم مسلمون ومسيحيون ولكنهم أمة، وأنهم رجال ونساء ولكنهم أمة، وأنهم شيب وشبان ولكنهم أمة، وأنهم حضريون وريفيون ولكنهم أمة، فانبعث للأمة حياة ماثلة إلى جانب حياة كل فرد وكل طبقة وكل طائفة وكل جنس وكل دين، لقد كانت الزعامة بداهة فيه، تقابلها التلبية البديهية من الجماهير.
سلام على زعيم الأمة سعد زغلول فى مرقده، بمناسبة عيد الجهاد وكل مصر بخير فى ظل زعامتها الحالية التى تبنى جمهورية جديدة لكل المصريين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: 13 نوفمبر حكاية وطن المملكة المصرية التاريخ فى مصر الزعيم سعد زغلول الشعب المصرى سعد زغلول
إقرأ أيضاً:
كتابٌ جديدٌ حول المدينة العُمانية في فضاءات التاريخ
"العُمانية": صدر للباحث العُماني الدكتور ناصر بن سيف السّعدي، أستاذ التاريخ والثقافة والتراث المساعد بكرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج بجامعة نزوى، كتاب جديد بعنوان " المدينة العُمانية في فضاءات التاريخ"، تقاطعات الجغرافيا والثقافة والسلطة عن دار الفلق للنشر، بالتعاون مع كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج بجامعة نزوى.
حول الكتاب يقول المؤلف "السّعدي": الكتاب محاولة لدراسة التفاعل بين الجغرافيا، والثقافة، والسلطة في تشكل هُوية المدينة العُمانية، التي هي ليست مجرد كيان مادي بل حصيلة تفاعلات اجتماعية وثقافية وجغرافية معقدة، تتأثر بعدة عوامل، منها الهجرات، والأعراف القبلية، والصراعات السياسية، والأحداث الطبيعية، وغيرها، وحاول هذا الكتاب التركيز عليها وطرح الأسئلة بشأنها.
ويشير إلى أن هذا التفاعل تجلى في عناوين فصول الكتاب ومباحثه ومتونه، حيث احتوى على ثلاثة فصول، وجاء الفصل الأول بعنوان "الفضاء الجغرافي، الأعراف القبلية وتحديات العمران"، وتكوّن من عدة دراسات. أولها: "الإطار الجغرافي لمسمى عُمان في نصوص التراث: فلسفة الأرض والانتماء"، وحاول من خلال هذا المحور ملامسة الصورة الذهنية للإطار الجغرافي لمسمى عُمان وتطوره، والعوامل التي أثرت في تشكيله، من خلال كتب الفقه، والتاريخ، والأدب، وناقش التفاعل بين الجغرافيا والفكر في التراث العُماني، حيث لم تكن حدود عُمان في النصوص التراثية تعبر عن الحدود الجغرافية فقط، بل حملت مفهوم الانتماء والولاء. وقد سعى الفقهاء إلى ربط الهُوية العُمانية بالفضاء الجغرافي، مما عكس تفكيرًا عميقًا لفهم كيفية تأثير المكان على الانتماء.
ويوضح أن الفصل الثاني محاولة أولية لمناقشة حركة المدينة العُمانية من حيث النشأة والتحديات الطبيعية والبشرية التي واجهتها، وتعرض هذا الفضاء الحضري في كثير من تاريخه لتحديات وتقلبات ناجمة عن الصراعات القبلية والنزاعات السياسية وسلوكيات ونزعات السلطة، فضلًا عن الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والسيول التي هددت باستمرار عمران المدينة العُمانية.
وفي هذا المحور، ركز على دور "الفلج" كنظام ومورد مائي أساسي، ليس فقط في بقاء المدينة، بل في تعزيز استقرارها الاجتماعي والاقتصادي. وكيف كان العمران في التاريخ العُماني عرضة أحيانًا لتأثيرات القوى الطبيعية والبشرية.
في حين تناول المحور الثالث "سنة المسحاب"، باعتبارها نموذجا للأعراف القبلية التي نظمت الحياة الاجتماعية والسياسية في عُمان، وإلى مدًى كان الدين والقبيلة والواقع المحاور الرئيسة للسنة، مبينًا تداخل الدين مع الأعراف القبلية في صياغة النظام الاجتماعي، هذا النظام الذي لم يكن جامدًا، بل تكيف مع الظروف السياسية والاجتماعية، و"سنة المسحاب" المقصودة هنا هي للشيخ حمد بن خميس السعدي الذي تطرق فيها إلى بعض المصطلحات القبلية مثل السنة والمسحاب.
ويضيف السّعدي أن الفصل الثالث عالج البحر وأبعاده في التراث الفقهي العُماني. فالبحر عنده ليس مجرد مصدر للرزق، بل هو فضاء واسع يحمل في طياته التفاعل بين البحر والمدينة العُمانية، وكيف يتشابك الاقتصاد والدّين في تنظيم الحياة اليومية.
وناقش إسهام الفقهاء في تنظيم استخدام هذا المورد وتحديد قواعد التعامل معه، ومن محاور هذا الفصل، تنظيم البحر وقواعده، والعشور في البنادر، والرباط في البحر، إضافة إلى أبعاده الاقتصادية والثقافية، وقد تم رصد حضور علاقات عُمان مع مدن وبلدان ضفاف المحيط الهندي في النصوص الفقهية، حيث برزت مناطق مثل الساحل العربي والفارسي، وساحل الزنج، بالإضافة إلى العلاقات مع الهند والصين.
ويشير السّعدي إلى أن الكتاب اعتمد في فصوله ومحاوره على جمع البيانات من مصادر أولية أصيلة، مثل كتب الفقه، والتاريخ، والأدب بشقيه: الشعر والنثر، سواء كانت مخطوطة أو مطبوعة.