مر أكثر من 40 يوما على بدء العدوان الصهيوني الغاشم على غزة الصامدة وأهلها الأبطال، الذين علموا الدنيا كلها معاني الشجاعة والصبر والعزيمة، أمام مجازر الاحتلال وأطنان القنابل والصواريخ التي تلقى عليهم، وفي ظل الحصار الكامل وانقطاع المياه والكهرباء والوقود، وعدم وجود أغذية أو أي مكان آمن.
ورغم أصوات الانفجارات التي لا تتوقف، ورغم رائحة الموت التي تعم كل الشوارع والمستشفيات، وتلال الركام المتناثرة في كل الأحياء من شمال القطاع لجنوبه، والألم الذي أصاب كل أسرة، ومسح عائلات بأكملها من السجل المدني، وبرغم من كل ما لا يمكن وصفه بالكلمات من مشاعر الألم والقهر، إلا أن غزة صامدة، ومتماسكة، ومجتمعها الذي صمد في وجه عشرات الحملات العسكرية يصمد اليوم من جديد وينهض كل يوم نافضًا غبار الدمار، ليبحث عن تمسكه بالحياة وبقضيته العادلة.
شوارع ومنازل غزة لا زالت ممتلئة بالصامدين المصممين على التمسك بأرضهم ومواجهة مصيرهم بشجاعة، رغم المحاولات المتكررة من جانب الاحتلال لتهجيرهم.
إن صمود أهل غزة وقوة إيمانهم وصبرهم، أبهر العالم كله، وخاصة الغربي، حين يشاهد مقاطع فيديو لفلسطينيين يقولون من وسط الدمار والقتل " الحمد لله".. ويتساءل البعض، أية قوة روحية ملأت قلوب هؤلاء البشر؟.. في أرض يخرج الأطفال من تحت ركام مبانيها، إن كتبت لهم النجاة، وهم يرددون " الله معنا".
صمودهم الراسخ يعكس إرادة من حديد لا تلين، وصبرهم الذي لا يعرف الحدود يثبت أن الأمل ما زال حيًا رغم الصعاب. ولكن ليس فقط ذلك، فحسن أخلاقهم وقدوتهم في التحدي والتضحية لم تتأثر. نجد في قلوبهم روح التسامح والرغبة في السلام، ولم نسمع منهم شكوى أو كلمة نابية تجاه العالم.
كما علّمتنا غزة وألهمتنا، فإنها كشفت لنا أيضا الكثير من الحقائق، وخاصة ما يتعلق بالقوانين والمواثيق الدولية والإعلام والكرامة.. الإنسانية كلها جلست أمام امتحان غزة، بعضها سقط بامتياز، وبعضها نجح بصعوبة، الدروس كثيرة ومزدحمة بصور مشرقة للإيمان والصمود، والدعم والتضحية، أما المرايا الكاشفة فمزدحمة أيضا، بصور مظلمة للتوحش والخنوع والخذلان، وإعلان وفاة الحضارة، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
وفي أحيان كثيرة يعجز المرء عن تفسير حالة الصمود التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ولكن عندما يستمع إلى قصص أهل المعاناة والتضحية، يدرك سر الصمود والاستعداد للتضحية، وهو الإيمان بالله وبعدالة القضية الفلسطينية.
وستبقى غزة بعون الله عصية على الانكسار والخضوع، وستستمر حاضنة الوطنية الفلسطينية، وجزءًا من الدولة الفلسطينية التي ستقوم لا محالة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قوات الاحتلال قطاع غزة اسرائيل الاحتلال الاسرائيلي حركة حماس الكيان الصهيوني شهداء فلسطين المقاومة الفلسطينية قصف غزة العدوان الاسرائيلي تهجير الفلسطينيين مخطط اسرائيل مجزرة جباليا غزة الصامدة
إقرأ أيضاً:
الهجرة الدولية تقدم مساعدات نقدية لتعزيز قدرة الآلاف على الصمود في اليمن
أعلنت منظمة الهجرة الدولية، تقديم مساعدات نقدية للآلاف من الأشخاص في اليمن، لتعزيز قدرتهم على الصمود بعدد من المحافظات اليمنية، في ظل الصراع المستمر في البلاد الغارقة بالحرب منذ أكثر من 10 سنوات.
وقالت الهجرة الدولية في بيان لها، إنها قدمت المساعدات النقدية متعددة الأغراض التي توفرها المنظمة كإغاثة عاجلة لآلاف الأسر المتضررة من الصراع، لتساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي.
وأوضحت أن المنظمة قدّمت بدعم من قطر الخيرية، مساعدات نقدية متعددة الأغراض لأكثر من 18,500 شخص خلال العامين الماضيين، متجاوزةً الهدف الأصلي للمشروع الذي كان حوالي 12,000 شخص، في ظل معاناة الملايين في اليمن من صعوبة تأمين الغذاء والمأوى والاحتياجات الأساسية الأخرى.
وقال عبد الستار عيسويف، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن: "تتيح المساعدات النقدية للأسر تحديد أولويات احتياجاتها بأكثر الطرق حفظاً للكرامة. في وقت تواجه فيه العديد من الأسر صعوبة في تأمين الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى، تمنحهم هذه المساعدات مرونة مالية لاتخاذ أفضل القرارات لأفراد أسرهم. وإلى جانب تلبية الاحتياجات العاجلة، يسهم هذا المشروع في دعم الأسواق المحلية وتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود".
وأوضح أن هذه المبادرة، التي تم تصميمها كاستجابةً عاجلةً للصراع والمخاطر الطبيعية وعدم الاستقرار الاقتصادي، تساعد النازحين والمجتمعات المستضيفة في بعض من أكثر المناطق تضرراً في اليمن، على تلبية احتياجاتهم الأساسية، مع دعم الأسواق المحلية أيضاً. ومن خلال منح العائلات مرونة مالية، تُمكّنها المساعدات من اتخاذ القرارات التي تناسب ظروفها، مما يقلل اعتمادها على المساعدات ويعزز الاستقرار الاقتصادي بشكل أوسع.
وبحسب بيان المنظمة، فإن 19 مليون ونصف المليون شخص في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية خلال العام 2025، وهو ارتفاع كبير مقارنة بالعام السابق، حيث فقدت العديد من الأسر، بما في ذلك الأسر النازحة بسبب الصراع، مصادر رزقها ولم تعد قادرة على تحمل تكاليف الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود.
واستهدف المشروع بعض أكثر المناطق ضعفاً في اليمن، بما في ذلك مأرب وشبوة وحضرموت، حيث جعل الصراع المستمر وعدم الاستقرار الاقتصادي تأمين متطلبات الحياة اليومية أكثر صعوبة. ومع محدودية فرص الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة، تُضطر العديد من الأسر إلى اتخاذ قرارات صعبة بين تأمين الغذاء والمأوى والاحتياجات الأساسية الأخرى.