بايتاس: المجتمع المدني شريك أساسي في تقديم حلول للإشكالات الاجتماعية
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
قال مصطفى بايتاس، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن جمعيات المجتمع المدني تعتبر “شريكا أساسيا للدولة لإيجاد حلول للإشكالات الاجتماعية وتحقيق الانتقال التنموي، وذلك إن توفرت لها الشروط والظروف الملائمة”.
وأضاف بايتاس، أثناء اللقاء التواصلي الذي عقدته وزارته مع جمعيات المجتمع المدني، لتقديم تقارير الشراكة بين الدولة والجمعيات، برسم سنوات 2019-2021-2022، اليوم الجمعة، أن العمل الدؤوب للمجتمع المدني جعل الوثيقة الدستورية ترتقي به كشريك للسلطات العمومية لتنزيل سياساتها التنموية.
وكشف الوزير، أن إرساء أسس الدولة الاجتماعية يفرض الإنصات لصوت المجتمع المدني، حيث يعتبر نسيج 2022/2026 مرجعا يعبر عن هذه الإرادة لترسيخ الديمقراطية التشاركية التي أكدت عليها الوثيقة الدستورية، مبينا أن الشراكات بين الدولة والجمعيات “ليست فقط آلية لتقسيم التدخلات أو إطارا لتقديم الدعم العمومي بل شراكة تراعي النتائج والأثر التنموي”.
وأضاف بايتاس، قائلا: “برامج الحكومة تعتمد المقاربة التشاركية والإنصات لمختلف المتدخلين في السياسات العمومية. النجاح بالنسبة للحكومة ليس مرتبطا بالأرقام وفقط، بل بشعور عام لدى المجتمع المدني بمشاركته في السياسات العمومية”.
ورجع بايتاس، للأحداث الأليمة التي خلفها الزلزال المدمر للثامن من شتنبر بالحوز والأقاليم المجاورة، التي عرفت “هبة المجتمع المدني في صور راقية”، مشددا على أنها ليست “أثرا عفويا، بل هي سلوك وثقافة متجذرة لهوية مغربية عريقة قائمة عبر قرون”.
“إنها قيم وطنية ودينية قائمة على الأسرة باعتبارها ضامن الأمان والنواة الطبيعية للاستقرار”، يقول بايتاس، منوها في الوقت نفسه، بـ “تدخلات الدولة الاستباقية والسريعة تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك، والتي كانت منذ ليلة الزلزال إلى ما بعده من خلال معالجة آثار هذه الفاجعة”. كلمات دلالية الديمقراطية التشاركية المجتمع المدني بايتاس
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المجتمع المدني بايتاس المجتمع المدنی
إقرأ أيضاً:
معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
في زمن تُقاس فيه التحوّلات بالتنمية المادية، وتُقاس فيه النجاحات بعدد المشروعات والمنجزات الملموسة، هناك ما يحدث في كثير من الهدوء وبعيدا عن الضجيج وعن المؤتمرات السياسية والاقتصادية وعن تفاصيل الإنجازات اليومية، لكنه أكثر رسوخا وأبعد أثرا.. إنه بناء الوعي.
ومن بين أكثر أدوات هذا البناء فاعلية وعمقا، يمكن الحديث عن معارض الكتب، الفضاءات التي تبدو ـ للوهلة الأولى ـ أسواقا أو دكاكين للبيع، ولكنها، في عمقها الحقيقي، مؤسسات للنهضة الصامتة، وجبهات مقاومة فكرية في مواجهة التفاهة، وهيمنة الاستهلاك، وتآكل الجوهر في هذا الزمن الرقمي.
ومعرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يفتح أبوابه اليوم في دورته التاسعة والعشرين، هو أحد تلك الحالات المجتمعية النادرة التي تراكم فيها الوعي العماني على امتداد أكثر من ثلاثة عقود، وارتسمت عبرها ملامح الأجيال التي قرأت وتناقشت واختلفت وتحاورت بين أروقته وفي قاعات فعالياته.
لقد تحول المعرض، عاما بعد عام، إلى مرآة غير مباشرة لأسئلة المجتمع الكبرى: ما الذي يشغل العمانيين؟ ما نوع المعرفة التي يبحث عنها الشباب؟ كيف تتغير اهتمامات الفئات العمرية المختلفة؟ وفي أي اتجاه تمضي أذواق المجتمع الثقافية؟ هذه الأسئلة لا تُجيب عنها استطلاعات الرأي، وهي غائبة أصلا، بقدر ما تجيب عنها عناوين الكتب التي تم بيعها، وخرائط الزحام أمام دور النشر، وحوارات الزوار في الزوايا والأجنحة.
لكن معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يفخر به العمانيون باعتباره أحد أهم معارض الكتب في العالم العربي وباعتباره الحالة الثقافية التي تعكس حقيقة وعمق المجتمع العماني ليس تظاهرة ثقافية آنية، إنه بكثير من المعاني مختبر مجتمعي لقياس الوعي والذائقة العامة، ورصد تحوّلاتها. وفي كل دورة كان المعرض يقدم، دون أن يصرح، مؤشرا سنويا لوعي المجتمع ومسارات الحرية الثقافية عبر مستويات البيع ومستويات التلقي للكتب الفكرية والروائية والأطروحات السياسية والفكر الديني والكتاب النقدي الذي يتجاوز القوالب الجاهزة، وكذلك عبر قياس مستوى تنوع فئات المجتمع الذين يرتادون المعرض.
وما بين عشرات الملايين من الكتب التي انتقلت من أرفف الدور إلى أيدي القرّاء، كانت تتشكل سلسلة ذهبية من الوعي: قارئ يطرح سؤالا، وناشر يستجيب، وكاتب يكتب، ومجتمع ينمو. وبهذه الطريقة تبنى النهضات الثقافية والفكرية الحقيقية والعميقة بعيدا عن الشعارات الكبيرة ولكن بتراكمات صغيرة بفعل القراءة، ثم التأمل، ثم النقد الحقيقي.
وكل من آمن بالكتاب ودافع عن مكانته، وشارك في صناعته أو نشره أو قراءته، كان يضع حجرا مكينا في مسيرة بناء وعي المجتمع العُماني، ذاك الوعي الذي لا يُرى لكنه يُشعر، ويُقاس بمدى قدرة المجتمع على طرح الأسئلة بدلا من استهلاك الأجوبة الجاهزة.
ولذلك فإن الذين سيحتفلون في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض صباح اليوم إنما يحتفلون بما صار يمثله المعرض في الوجدان الجمعي من كونه مركزا للمعرفة وساحة للحوار، وفضاء واسعا لأحلام الجميع.. وهذا الفعل أحد أهم أدوات المقاومة في زمن رقمي قاسٍ يستهلكنا أكثر مما يعلّمنا؛ ذلك أن أمة لا تحتفي بكلمة، لا تبني مستقبلا. ومعرض الكتاب ليس احتفالا بالورق، بل احتفاء بالعقل، وبما يجعلنا بشرا في عالم واسع يُصادر فينا إنسانيتنا كل يوم.