لا يختلف اثنان على ما خلفته الحرب في غزة من أزمة إنسانية خانقة، في ظل الحصار المفروض على القطاع، المحجوب منه الماء والوقود، ومع دخول مساعدات إنسانية تقول المنظمات الأممية إنها لا تلبي سوى نحو 10% من احتياجات السكان.

وفي تقرير لها على صحيفة "تايمز" البريطانية، تتناول أمل هليس الوضع الإنساني المتردي داخل القطاع.

وبحسب الصحيفة، بينما كان المطر يهطل على مجموعة الخيام، كان محمد شبير يجول في الشوارع حاملاً النقود في يده، بحثاً عن شيء ليشتريه.

وقال: "لدي أموال ولكن لا أستطيع العثور على أي شيء لأشتريه، ذهبت إلى السوبر ماركت لشراء بعض الفول أو العدس أو المعكرونة ولكن لم يكن هناك شيء". وقام شابير بإجلاء عائلته من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، بعد أن دمرت منازلهم في غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل 126 شخصاً.

A total of 5,000 displaced Gazan families recently received urgently needed food in a program funded by PCRF and implemented by the Palestine Red Crescent society. This urgent project aims to ensure that families and their children do not go without food following their… pic.twitter.com/VWBjzEWuLF

— The PCRF (Palestine Children's Relief Fund) (@ThePCRF) October 18, 2023

وأسقطت القوات الجوية الإسرائيلية منشورات على المنطقة تحذر الناس من التحرك جنوباً إلى بر الأمان، بينما كانت العملية البرية ضد حماس جارية.

أزمة في الشمال والجنوب

ومع ذلك، في الجنوب، انضم شبير وعائلته إلى مئات الآلاف من النازحين الآخرين في غزة في بحث يومي يائس عن الغذاء والماء والمأوى، وسط تحذيرات من وكالات الإغاثة من أن تفشي الجوع والمرض على نطاق واسع أمر "حتمي".

وتفاقمت ندرة السلع الأساسية بسبب غياب الأمان، بينما واصلت إسرائيل قصف جنوب غزة على الرغم من مطالبة المدنيين بالانتقال إلى هناك، ويدعي جيشها أنه يستهدف مواقع حماس في الجنوب.

وأسقطت إسرائيل منشورات على مدينة خان يونس الواقعة في الجنوب، تأمر فيها المدنيين بمغادرة 4 بلدات على الطرف الشرقي لمخيم للاجئين.  وجاء في المنشورات إن "أعمال جماعة حماس الإرهابية تتطلب من قوات الدفاع التحرك ضدها في مناطق سكنكم، لسلامتكم، عليكم إخلاء أماكن سكنكم فوراً والتوجه إلى مراكز الإيواء المعروفة".

سكان بلا مأوى

وتقول الأمم المتحدة إن حوالي ثلثي سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أصبحوا بلا مأوى، ولجأ معظمهم إلى بلدات في الجنوب، منذ أن شنت إسرائيل هجومها على القطاع رداً على هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ومنعت إسرائيل إمدادات الغذاء والماء والكهرباء والوقود إلى القطاع، مما دفع منظمة أوكسفام إلى اتهامها باستخدام المجاعة "كسلاح حرب".

ووفق تقرير "تايمز"، فمع دخول نسبة ضئيلة فقط من المساعدات المطلوبة إلى غزة عبر معبرها الحدودي مع مصر، فإن الأوضاع تزداد سوءاً.

Over 1 million people have been displaced, thousands on the roads & families in cramped conditions.

There is limited food & water. People add sugar to the salt water to be able to drink it.

The needs are immense. We need a regular flow of aid.

More from Hisham Mhanna, Gaza ???? pic.twitter.com/BdHtWighxB

— ICRC (@ICRC) November 9, 2023

وأجبرت الغارات الجوية وانعدام الكهرباء، المخابز في مختلف أنحاء قطاع غزة على إغلاق أبوابها. وبعد أن وجد أرفف السوبر ماركت فارغة، ذهب شابير للبحث عن مخبز ليعرض عليه شراء الدقيق وصنع الخبز بنفسه.

وقال "لقد أعطاني بعض الناس نصف كيس من الدقيق، ولكن لا يوجد غاز، لذا أحاول العثور على الحطب حتى أتمكن من صنع الخبز لإطعام العائلات"، وأشار إلى أن عددهم الإجمالي كان 40 شخصاً، ويعيشون معاً في مدينة خيام في خان يونس.

وكانت المساعدات الوحيدة التي وصلت إليهم حتى الآن هي بعض البسكويت من وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين. في نهاية المطاف أسفر بحثه عن بعض الخضروات. وأضاف "قال البائع إن الكمية ستنفد في الأيام المقبلة، لأن المزارعين غير قادرين على الذهاب إلى أراضيهم، وقد تعرضت العديد من المزارع للقصف". 

وتعني الكثافة السكانية في غزة أن الأراضي الصالحة للزراعة نادرة وثمينة، في حين يعتمد القطاع بشكل كبير على الأغذية المستوردة حتى في وقت السلم. كما أن مياه الشرب، ناهيك عن الغسيل، بدأت تنفد. وقال شبير: "من الصعب جداً علينا العثور على الماء، لا توجد كهرباء أو وقود، لذا لا يمكن تحلية المياه أو سحبها من الآبار. نحاول البحث عن شخص لديه طاقة شمسية لتحلية المياه، وننتظر أكثر من 3 ساعات حتى نتمكن من ملء زجاجة سعة 10 لترات بضعف السعر”.

المزيد من المعاناة

واضطرت حياة الروحي، 51 عاماً، إلى ترك ولديها خلفها في العناية المركزة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة عندما هربت جنوباً إلى خان يونس، بعد أن أصيبوا بجروح خطيرة عندما تم قصف منزلهم. وهي الآن لا تعرف حتى ما إذا كانوا سيبقون على قيد الحياة بعد نفاد الطاقة من المستشفى، الذي أصبح الآن محور عملية إسرائيلية بحثاً عن مركز قيادة حماس، وهي الآن تقضي أيامها في البحث عن الطعام لعائلتها.

وتقول حياة: "نذهب إلى المتاجر ولا يوجد شيء لنشتريه. لقد صدمت عندما ذهبت ووجدت أن الرفوف كانت فارغة تماماً"، مضيفة "كنا نبحث عن الأطعمة المعلبة والأرز، ولكن بعد ساعات من البحث لم أجد سوى الأرز. لعدة أيام، كنت أطبخ الأرز عن طريق حرق الحطب".

وأصبحت الأمور أكثر صعوبة عندما هطلت أمطار الشتاء الأولى هذا الأسبوع، مما أدى إلى غمر ساحة المدرسة التي كانوا يحتمون بها، وتابعت "كنا نجلس في الساحات دون خيم أو مكان مغلق، لقد غرقنا، وتبللت ملابسنا، ونحن نتجمد من البرد منذ ذلك الحين. ونأمل أن تنتهي هذه الحرب في أقرب وقت ممكن. إذا لم نموت من الحرب، فسوف نموت من البرد".

ونزح فوزي الحواجرة (59 عاماً) من منزله شرق خان يونس الشهر الماضي. ويقول: "قبل الحرب، كان الوضع الاقتصادي قد انهار بالفعل بشكل أساسي". وأوضح أن هناك نقصاً في المياه والكهرباء والخبز.

وأردف قائلاً "مع بداية الحرب، ساءت الأمور. ولم تعد هناك مخابز عاملة بسبب عدم توفر الوقود لتشغيلها، كما تعرضت المخابز للقصف والتدمير. منذ أكثر من أسبوع لم يكن لدينا خبز. أشعر بالخجل الشديد عندما يطلب مني ابني رغيف خبز، وأكذب عليه وأقول إن المخبز مغلق أو أن الخبز قد انتهى. أريد أن أحميه من الحقيقة، أنني أخشى أن نموت من الجوع إذا لم تنته الحرب".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی الجنوب خان یونس

إقرأ أيضاً:

ميقاتي: نحن في حالة حرب في الجنوب  

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، السبت، “نحن في حالة حرب، والتهديدات التي نتعرض لها ما هي إلا نوع من الحرب النفسية”.

وأضاف ميقاتي من مقرّ قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش اللبناني في مدينة صور ، “التهديدات التي نشهدها هي نوع من الحرب النفسية، والسؤال الذي يتردد على كل الألسن هل هناك حرب؟ نعم نحن في حالة حرب وهناك عدد كبير من الشهداء من مدنيين وغير مدنيين والعديد من القرى المدمّرة بسبب العدوان الاسرائيلي”.

وأكد ميقاتي أن السؤال البديهي، ” لو لم يكن الجيش موجوداً في الجنوب هل كان بالإمكان إجراء الامتحانات للطلاب”.

وأكمل قائلا: “في كل المحطات نجدد التأكيد ان الجيش هو السند وسياج الوطن بكل ما للكلمة من معنى”.

ومنذ السابع من أكتوبر يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر حدود لبنان الجنوبية بشكل شبه يومي، وتصاعدت حدّة التوترات بين الطرفين في الأيام الأخيرة مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب واسعة قد تشعل نزاعا إقليميا.

وأدّى القصف المتبادل منذ أكثر من ثمانية أشهر بين حزب الله والجيش الإسرائيلي إلى مقتل 482 شخصا على الأقل في لبنان، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة “فرانس برس”.

وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل ما لا يقل عن 15 عسكريا و11 مدنيا، بحسب السلطات الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • تقرير بريطاني: اقتصاد “إسرائيل” يواجه أكبر عجز مالي في تاريخه بسبب التوترات الإقليمية والحصار البحري لليمن
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: خنقنا حماس في غزة
  • خطة إسرائيلية لإعادة إعمار غزة بعد فشل القضاء على حكومة حماس
  • قصف إسرائيلي مكثف يستهدف أحياء الصبرة والتفاح والدرج شرقي غزة
  • آخر تطورات الحرب في غزة.. الأونروا: سكان القطاع فقدوا كل مقومات الحياة!
  • "الأونروا": سكان غزة فقدوا كل مقومات الحياة
  • «الأمم المتحدة»: الحياة في غزة «لا تطاق»
  • عبر جرافيتي ومنشورات ورقية.. سكان غزة يطالبون حماس وإسرائيل بإنهاء الحرب
  • جرافيتي ومنشورات ورقية.. أهل غزة يطالبون حماس وإسرائيل بإنهاء الحرب
  • ميقاتي: نحن في حالة حرب في الجنوب