دراسة.. جليد الأرض يواجه خطر الذوبان
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
حذرت دراسة أجرتها المبادرة الدولية للغلاف الجليدي والمناخ (منظمة غير حكومية) ونُشرت نتائجها أمس الخميس، من أن الارتفاع المحتمل لدرجات حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية – أي قبل منتصف القرن الثامن عشر – سيُفرز عواقب كارثية على القمم والأنهر الجليدية والبحار القطبية والتربة الصقيعية على الأرض.
ولفتت الدراسة إلى أن أبحاثا حديثة بينت أن انخفاضا كبيرا في انبعاثات غازات الدفيئة قادر وحده على منع تسجيل عواقب دائمة على “الغطاء الجليدي” العالمي، الذي يمثل أقساما من الأرض مغطاة بالجليد والثلوج لفترة من السنة أقله. وقالت: “نظرا لما توصلنا إليه عن الغطاء الجليدي منذ توقيع اتفاقية باريس 2015، يبدو أن حصر الاحترار بدرجة مئوية ونصف درجة ليست أفضل من حصره بدرجتين”.
بالتالي، دعت الدراسة المشاركين في المفاوضات العالمية المقبلة حول المناخ (التي تستضيفها دبي من 30 نوفمبر/تشرين الثاني لغاية 12 ديسمبر/كانون الأول)، إلى السعي جاهدين للحد من الاحترار العالمي عند مستوى 1,5 درجة مئوية مقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية – مع العلم أن أبرز أهداف اتفاق باريس للمناخ في العام 2015 كان إبقاء الاحترار العالمي أقل من درجتين مئويتين.
ووفقا لتحذيرات مُعدي الدراسة التي أنجزتها المبادرة الدولية للغلاف الجليدي والمناخ وكذلك علماء عالميون، فإن ذوبان القمم الجليدية سيؤدي، في حال ارتفاع درجات حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين، إلى “ارتفاع كبير وربما سريع ودائم في مستويات المحيطات”. وسيشهد العالم أيضا ذوبانا كبيرا في الأنهر الجليدية، مع احتمال “اختفاء بعضها بشكل نهائي”.
وقد يكون الجليد البحري الجزء الأكثر تضررا من الغطاء الجليدي، وقد يصبح المحيط المتجمد الشمالي خاليا من الجليد كل صيف. وستمتص مياه القطب الشمالي كمية أكبر من حرارة الشمس التي تسطع خلال الساعات الأربع والعشرين في الصيف، مما سيسرّع ذوبان التربة الصقيعية والغطاء الجليدي في غرينلاند.
وذوبان التربة الصقيعية هو خطر كبير آخر لأنه يطلق ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهي انبعاثات تساهم في الاحترار العالمي. وستتأثر البحار القطبية أيضا. فبحسب الدراسة، من شأن الكربون الذي تمتصه أن يولد “ظروف تحمض المحيطات المسببة للتآكل على مدار العام”. ومن شأن ذلك أن يعرض الحياة البحرية برمتها ومختلف السلاسل الغذائية التي تعتمد عليها للخطر.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
إقرأ أيضاً:
دراسة مصرية ترصد تجليات العبادة الشعبية في طيبة القديمة
القاهرة "د.ب.ا": تعددت الآلهة لدى قدماء المصريين الذين عرفوا مئات الربات والأرباب، وكان هناك "ملك الآلهة "وسيدة الآلهة"... وفى المسافة ما بين العاصمة الشمالية منف، وحتى أسوان، مرورا بطيبة مقر آمون "رب الأرباب" كانت الآلهة المصرية القديمة، تتجسد في صورة حيوانات متعددة مثل التماسيح والكباش والأبقار واللبؤات والكلاب والعجول والقردة والثيران والطيور... وذلك بحسب كتب علماء المصريات.
وبالطبع فقد فرَق الآثاريون بين الآلهة الكونية التي هي موضوعا للكثير من الأساطير، وهي التي قلما تظهر في المعتقدات الشعبية اليومية، وآلهة الأسرة الخاصة الشعبية، التي لا تذكرها الأساطير... ويقول الآثاريون وعلماء المصريات، أن كل مقاطعة ومدينة كان لها معبودها الخاص، فيما كانت بعض الآلهة مثل حورس وخنوم وتحوت، يُعبدون في الكثير من المدن بجميع أرجاء الدولة.
وقد جذب تعدد الآلهة والربات في مصر القديمة، اهتمام الكثير من الباحثين، الذين يواصلون البحث لكشف ما يحيط بالحضارة المصرية من سحر وغموض.
وفي دراسة أكاديمية، كشف الباحث المصري، الدكتور محمد إمام، أن الإنسان في مصر القديمة، اعتقد أن هناك عناصر كونية كثيرة تتحكم في حياته ومصائره بطريق مباشر أو غير مباشر، وهي تتكفل بها قدرة ربانية تستوجب التقرب لها وعبادتها، منها الفيضان الذي لعب دورا رئيسيا في حياة المصريين القدماء، فهو المتدفق من أوزير الذي يُنبِت الزرع لكي يحيا المعبودات والناس، ولهذا الارتباط أُطْلِقَ عليه سيد الغذاء، وأقيمت له مقصورة في الطريق إلى معبد بتاح في معابد الكرنك بمدينة الأقصر التاريخية جنوبي البلاد.
وبحسب الدراسة التي حملت عنوان "العبادة الشعبية بطيبة في العصر المتأخر"، فإنه مع أن المصري القديم لم ير هذه القوى، إلا أنه آمن بها وأعطاها أسماء وأشكالا حسبما تخيلها، جاعلا من بعضها أخيارا يساعدونه، ومن البعض الآخر أشرارا أعداء له. وبخطواته نحو التحضر أراد أن يجعل له معبودا، كلما فكر فيه سما بنفسه فوق ما ينتابه من اضطرابات ليكون في عونه.
ويقول الباحث محمد امام، في دراسته، ان المصري القديم عبَر في نصوصه الدينية والأدبية عن فكرة علاقته بالمعبود، التي تدرجت من الارتباط الوقتي نتيجة حدوث حدث معين له من الأمور المتعلقة بالحياة اليومية إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث العلاقة التي يأمل أن تكون دائمة وأبدية، فقد سيطرت العقيدة على حياته الدينية كما لم تسيطر قوة أخرى، وكان الوضع الديني إما عن رغبة أو رهبة صادرة عن تصوراته، ولم تتأثر الحياة بالدين فحسب بل امتزجت بمجموعة من الانطباعات الخارجية أدت الى ظهور مِزاج إنساني عَبَّر عن القوة الكامنة فيه، وخرج من ذلك كله بفكر تطور مع القوى الكامنة بداخله كان التعبد فيه بمثابة الرباط الذي يجمع بين الفرد العادي ومعبوده.
وتناول الفصل الأول من الدراسة العبادة الرسمية التي مارس طقوسها الملك والكهنة في المعبد، وتميزت بالصرامة الشديدة، ولم يشترك فيها أحد من العامة، فالمعبد يمثل النظام الكوني واشتراك غير المعنيين بحفظه قد يؤدى إلى تأثر العملية الكونية واختلالها.
وتعرضت هذه العبادة إلى صدمتين كبيرتين أثرتا على شكل ممارسه طقوس الدين آنذاك، الأولى الثورة الاجتماعية التي أسقطت فكرة التأليه المطلق للملك، وجعلت نصوص الأهرام مشاعا للجميع والتي تحولت إلى متون التوابيت...وجاءت الصدمة الثانية بحركة اخناتون الدينية، وبعد سقوطها أصبحت حرية ممارسة العبادة كبيرة إلى حد بعيد، فانتشرت ظاهرة العبادة الشعبية.
ورصد الفصل الثاني من الدراسة، بعض مظاهر العبادة الشعبية من خلال النصوص والقرابين النذرية التي تركها أصحابها من مختلف طبقات وفئات المجتمع في المعابد أو المنازل، ومع هذا – وبحسب الدراسة فإنه لا يمكن تلمس طقوسه بشكل واضح ودقيق مثل العبادة الرسمية، فالأول تميز بالحرية الشديدة ومارسه عامة الناس ما دون الملك، وحتى الكهنة على الرغم من ارتباطهم بالعبادة الرسمية، فنجد في بعض نصوصهم نغمة تشبه ما تقرب به العامة للمعبودات، فالعبادة الشعبية تعبر عن اعتقاد العامة في معبوداتهم.
وكان من مظاهر العبادة الشعبية استخدام العامة ساحات المعابد الخارجية أماكن للصلاة، ليتضرعون إلى المعبودات، ويتجمعون أمام بوابات المعبد في مواكب الأعياد ليستشيرون الوحي الإلهي الذي لعب دورا كبيرا في حياتهم خاصة في العصر المتأخر، فيكونون قريبين من المعبودات ليحصلوا على إجابات شكواهم وطلباتهم التي قدموها بالابتهالات والدعاء عن طريق كهنة الوحي الوسطاء بينهم وبين المعبودات.
وتشير الدراسة إلى أن العبادة الشعبية اتسمت بالمرونة، فتمنى الناس أن يتحولوا فى العالم الآخر إلى بعض الصفات الإلهية، فمنهم من تمنى أن يتحول إلى زهرة لوتس أو إلى أسد أو إوزة، ليس بمعنى التحول من إنسان إلى هيئة أخرى، بل الاتحاد مع معبودات أصحاب هذه الصفات مثل رع وأمون.
ورصد الفصل الثالث من الدراسة، تعبد العامة لعدة معبودات خلعوا عليها من الصفات والقدرات ما يلبى احتياجاتهم ورغباتهم، فتعبدوا إلى ثالوث طيبة فرادى ومجتمعين، فـ " آمون " المعبود الساهر القوى الذي ينقذ الفقراء وهو قاضيهم، الذي يلجأون إليه فى الشدائد، فهو يراهم وهو السامع لمن يدعوه... وتعبدوا إلى "موت" سيدة الصراخ التي تحيا به وفى نفس الوقت الرحيمة، والتي تداخلت عبادتها مع معبودات أخرى مثل موت وسخمت علاوة على ارتباطها بحتحور فقدم العامة قرابينهم النذرية لمعبودات الخصوبة فى نطاق معبدها بالكرنك.
وبحسب دراسة الباحث الدكتور محمد امام، فقد حظي خنسو بعبادة شعبية فهو حامى العوام، فبعد أن فرغوا من حجهم صعدوا على سطح معبده بالكرنك ونقشوا طبعات أقدامهم هناك طالبين منه إلحاق الأذى بمن يطمس هذه الطبعة.
وتناول الفصل الرابع انتشار عبادة أوزير الشعبية خارج النطاق الجنائزي، فأقيمت له المقاصير وقدم له العامة القرابين النذرية، وحاولوا الارتباط به فى الدنيا قبل الآخرة، فتسمى بعض العامة باسمه ليكونون فى معيته، فهو بحسب عقديتهم – آنذاك - واهب الحياة.
أما المعبود " بس " فقد انتشرت عبادته بشكل كبير فى العصر المتأخر، وهو "حامى السيدات عند ولادتهن وشافيهن".. كما ارتبط أيضا بالخصوبة.
وتعبد العامة إلى بتاح رب الصناعة والفنون ولم تنتشر عبادته بشكل كبير فى فترة العصر المتأخر.
فيما جاء فى الفصل الخامس، أن العصر المتأخر تميز بعبادة السلف ففي نطاق مدينة طيبة بجل العامة إيمحتب، وكذلك أمنحتب بن حابو الذي بدأت عبادته فى الظهور فى عصر الرعامسة واستمرت رفقة إيمحتب حتى نهاية العصرين اليوناني والروماني.